الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 مارس 2022

الطعنان 16247 لسنة 53 ق ، 34087 لسنة 56 ق جلسة 27 / 3 / 2013 إدارية عليا مكتب فني 58 ق 42 ص 520

جلسة 27 من مارس سنة 2013
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ علي محمد الششتاوي إبراهيم وصلاح أحمد السيد هلال ود. محمد عبدالرحمن القفطي وعبد الحميد عبد المجيد عبد الحميد الألفي. نواب رئيس مجلس الدولة

--------------------

(42)

الطعنان 16247 لسنة 53 ق ، 34087 لسنة 56 ق

(1) دعوى "طلبات في الدعوى"

الطلبات التي تتقيد بها المحكمة هي الطلبات الختامية- لا تتقيد المحكمة وهي تفصل في الدعوى إلا بالطلب الصريح الجازم، وبالسبب القانوني الذي أقيم عليه، كما لا تلتزم في بحثها لأوجه دفاع الخصوم إلا بالدفاع المؤَثِّرِ الذي يتسع له نطاق الدعوى ويتعلق بالمطلوب فيها.

(2) دعوى. "طلبات في الدعوى- تكييف الطلبات"

تكييف الطلبات هو من تصريف المحكمة؛ إذ عليها أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها، وأن تعطيِ الدعوى وصفَها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، وذلك بشرط ألا يصل ذلك إلى حدِّ تعديل طلبات الخصوم، بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به صراحةً، أو تحوير تلك الطلبات بما يُخرِجها عن حقيقة مقصود المدعين ونيتهم من وراء إبدائها.

(3) دعوى. "الطعن في الأحكام- الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا"

لا يجوز للطاعن أن يبني طعنه على سببٍ قانوني جديد لم يكن قد أبداه أو طرحه أمام محكمة الموضوع.

(4) دعوى. "الحكم في الدعوى"

إغفال المحكمة الفصل في أحد الطلبات الموضوعية لا يصلح سببًا للطعن على الحكم- لا تختص محكمة الطعن نوعيا بنظر هذا الطلب؛ إذ يبقى مُعلَّقًا أمام محكمة الموضوع، وعلاجُ هذا الإغفال يكون بالرجوع إلى المحكمة نفسها لتَستدرِك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجهٌ.

(5) قرار إداري. "رقابة مشروعيته"

الرقابة القضائية على مشروعية القرار المطعون فيه مقصورةٌ على وقتِ صدوره، والأسبابِ التي أدت إلى إصداره فقط، دون أن يتعدى ذلك إلى ما جدَّ بعد ذلك.

(6) جامعات. "لجنة معادلة الدرجات العلمية"

هي لجنة فنية متخصصة يُشكِّلها المجلس الأعلى للجامعات ويعتمِد توصياتها- أوسد إليها المشرعُ وحدها دون غيرها سلطةَ بحثِ وتقييم الدرجات الجامعية والدبلومات التي تمنحها الجامعات والمعاهد العلمية الأجنبية أو غيرها في مستويات الدراسة المختلفة، ومعادلتِها بالدرجات العلمية التي تمنحُها الجامعات المصرية- تتمتع اللجنة في إطار ممارستها لاختصاصها بسلطة تقديرية واسعة لا يَحدُّها سوى التزامها بالقواعد والضوابط التي يضعها المجلس الأعلى للجامعات، وعدم انحرافها عن جادة الصواب- ما يصدر عن هذه اللجنة هو مجرد توصيات، لا قرارات إدارية نهائية.

(7) جامعات. "معادلة الدرجات العلمية"

معادلة الشهادات التي تمنحها الكليات والمعاهد العسكرية- يُشترط لمعادلتها لدرجة الليسانس أو البكالوريوس التي تمنحها الجامعات المصرية أن تكون مدة الدراسة أربع سنوات- الدبلوم العالي للمعهد الفني للقوات المسلحة لا يُعادِل شهادةَ البكالوريوس الجامعي، ولا يحقُّ للحاصل عليه الالتحاق بالدراسات العليا بأي من الكليات بالجامعات المصرية التي تتطلب الحصول على درجة البكالوريوس.

(8) القوات المسلحة.

النقل من وظيفة عسكرية إلى وظيفة مدنية- لا يترتب على ذلك سوى تسكين المنقول في وظيفة مُعادِلة على وفق مؤهلِه وتخصصِه ورتبتِه العسكرية- لا يستلزم ذلك طلب مُعادَلة المؤهل الحاصل عليه علميا بأي مؤهلات عليا أيا كانت، ومن ثم فلا إلزام على الجهة الإدارية أن تتحمل المصروفات الدراسية المطلوبة لمعادلة مؤهلِه بمؤهلٍ آخر- إذا رغب ذو الشأن في إتمام هذه المعادلة العلمية، فعليه تحمل مصروفاتها.

(9) دعوى. "لجان التوفيق في بعض المنازعات- ما يُستثنى من العرض عليها"

طلبات التعويض المرتبِطة بطلبات الإلغاء ووقف التنفيذ عليها- يُطبَّق على طلب التعويض ما يُطبَّق على طلبي وقف التنفيذ والإلغاء، من حيث اللجوء إلى لجان التوفيق؛ حتى لا تتبعض المنازعة ولا تتجزأ.

--------------

الوقائع

في يوم الأحد الموافق 17/6/2007 أودع الأستاذ/... المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن، قيد بجدولها برقم 16247 لسنة 53 ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 29/4/2007 في الدعوى رقم 20291 لسنة 56ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعًا، وإلزام المدعي المصروفات.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بأحقيته بالمطالب المطعون على الحكم الصادر فيها، والمقدَّمة لمحكمة أول درجة بجلسة 11/2/2007 كمطالب ختامية.

وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.

وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.

وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون)، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت المحكمة إحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) حيث جرى نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وفيها قررت المحكمة نظر الطعن الماثل مع الطعن رقم 34087 لسنة 56ق.ع (المنظور أمام هيئة مفوضي الدولة) لوحدة الموضوع، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/2/2013، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وبجلسة اليوم أعيد الطعن للمرافعة، حيث قررت المحكمة ضمه للطعن رقم 34087 لسنة 56ق.ع؛ ليصدر فيهما حكم واحد لوحدة الموضوع.

- وفي يوم الثلاثاء الموافق 13/7/2010 أودع الأستاذ/... المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن تقريرًا بالطعن، أودع قلم كتاب هذه المحكمة، حيث قيد بجدولها برقم 34087 لسنة 56ق. عليا، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 23/5/2010 في الدعوى رقم 2029 لسنة 61ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا بالنسبة لطلب الإلغاء وبرفضها موضوعًا، وبالنسبة لطلب التعويض بعدم قبوله شكلا، مع إلزام المدعي المصروفات.

وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بأحقيته بالمطالب محل الطعن، والمطعون على الحكم الصادر فيها، والمقدَّمة لمحكمة أول درجة بجلسة 24/1/2010 كمطالب ختامية، وهي:

(أولا) إلغاء القرار السلبي الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات بعدم إعطائه شهادة معادلة باسمه موضحًا بها معادلة المؤهل الحاصل عليه من المعهد الفني للقوات المسلحة بالبكالوريوس الجامعي، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها صرف تعويض مادي عن الأضرار المادية والأدبية الناتجة عن تباطؤ إجراءات سير الدعوى.

(ثانيا) تحمل الطاعن المصاريف للمواد الدراسية الواردة بنص المادة (271) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وتعديلاته، والمطلوب اجتيازها لإتمام معادلة المؤهل الدراسي الحاصل عليه ببكالوريوس الهندسة.

واحتياطيا: تحمل الخصم الأول والثاني المصاريف الدراسية للمواد المطلوب اجتيازها لمعادلة مؤهلة الدراسي ببكالوريوس الهندسة، في ضوء قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 74 بتاريخ 26/6/2008.

وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت الدائرة السادسة (موضوع) الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة 27/2/2013، وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وبجلسة اليوم أعيد الطعن للمرافعة، حيث جرى ضمه للطعن رقم 16247 لسنة 53 ق.ع؛ ليصدر فيهما حكم واحد، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن واقعات الطعن رقم 16247 لسنة 53ق. عليا تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن سبق أن أقام الدعوى رقم 20291 لسنة 56ق، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 15/8/2002، مختصمًا فيها وزير الدفاع، طالبًا الحكم بسرعة حصوله على بيان المواد العلمية والتخصصية، بما يشمل عدد الساعات لكل مادة، قام بدراستها بالمعهد الفني للقوات المسلحة، من خلال المنهج التفصيلي للمواد العلمية، بما في ذلك الفرقة التطبيقية التي تُعقد بالمعهد الفني للقوات المسلحة.

وقال المدعي شرحًا للدعوى: إنه تخرج في المعهد الفني للقوات المسلحة في 1/7/1990، ورُقي إلى رتبة رائد، ثم نُقِل إلى وظيفة مدنية بوزارة الاتصالات والمعلومات من الدرجة الثانية في 1/9/2001، وتقدم للمجلس الأعلى للجامعات في 4/11/1999 لمعادلة الشهادة الحاصل عليها من المعهد الفني، وهي الدبلوم العالي للمعهد الفني للقوات المسلحة، ودبلومة البرمجة والتحليل والاتصالات الحاصل عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، ببكالوريوس الهندسة الذي تمنحه الجامعات المصرية، وصدر قرار المجلس رقم 100 في 27/10/1999 برفض المعادلة، ومن بين أسباب الرفض عدم تقديم القوات المسلحة أسماء المواد التي قام بدراستها ومحتواها العلمي، وعدد ساعات دراسة كل مادة وتقديرات النجاح، وهو ما حداه على إقامة هذه الدعوى.

ونظرت محكمة أول درجة الدعوى، على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وفيها قام المدعي باختصام وزير التعليم العالي، وطلب الحكم بإعادة عرض معادلة شهادته على لجان قطاع الهندسة بالمجلس الأعلى للجامعات لإعادة المعادلة، في ضوء البيانات المقدمة من وزارة الدفاع، ثم عدَّل المدعي طلباته باختصام رئيس جامعة عين شمس، وطلب الحكم بقيده بالدراسات العليا بكلية الحاسبات والمعلومات، وكذا كلية التجارة بدبلوم الحاسبات الآلية في المجالات التجارية.

وبتاريخ 6/1/2005 قدم المدعي صحيفةً مُعلَنة باختصام رئيس جامعة القاهرة، ونائب رئيس الجامعة للدراسات العليا، وعميد كلية الهندسة، وطلب الحكم بإلزام الجامعة قيده بالدراسات العليا بكلية الهندسة بعد الانتهاء من إجراء المعادلة، كما قدم صحيفةً أخرى مُعلَنة في 15/1/2005 باختصام وزير التعليم العالي، وأمين المجلس الأعلى للجامعات، ورئيس الإدارة المركزية للشئون التعليمية والمالية والإدارية، والمدير العام لشئون هيئة التدريس والطلاب والمعادلات، وقدم صحيفة أخرى في 6/2/2005 باختصام رئيس جامعة عين شمس، وعميد كلية الهندسة، بطلب إلزام الجامعة قيده بالدراسات العليا بكلية الهندسة بعد إجراء المعادلة له ببكالوريوس الهندسة الذي تمنحه الجامعات المصرية، كما قدم صحيفةً أخرى مُعلَنة باختصام رئيس جامعة حلوان، ونائب رئيس الجامعة للدراسات العليا، وعميد كلية الهندسة بها، بطلب قيده بالدراسات العليا بكلية الهندسة.

وبجلسة 11/2/2007 قدم المدعي -بناءً على طلب المحكمة- صحيفةً مُعلَنة في 4/2/2007 بتحديد طلباته، وتحديد المدعى عليهم، وحدَّد المدعي طلباته على النحو الآتي:

1- بالنسبة لوزير الدفاع: طلب الحكم بالحصول على بيان معتمَد من وزارة الدفاع بالمواد التي درسها بالمعهد الفني للقوات المسلحة، وكذا للفرق التطبيقية الحاصل عليها.

2- وبالنسبة لوزير التعليم العالي (بصفته رئيس المجلس الأعلى للجامعات): طلب الحكم بمعادلة الشهادة الحاصل عليها (وهي الدبلوم العالي للمعهد الفني للقوات المسلحة، ودبلوم البرمجة والتحليل والاتصالات من الولايات المتحدة الأمريكية، والدورات المتخصصة في ذات المجال) ببكالوريوس الهندسة الذي تمنحه الجامعات المصرية، واحتياطيا: إجراء المعادلة مع اشتراط نجاحه في المواد الآتية: (إدارة مشروعات- الأثر البيئي للمشروعات- الذكاء الاصطناعي)، وطلب على سبيل الاحتياط الكلي: تحديد جامعة حلوان للمواد المطلوب دراستها للمعادلة ببكالوريوس الهندسة.

3- بالنسبة لرئيس جامعة عين شمس: طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قيده بالدراسات العليا بدبلوم التجارة في الحاسبات الآلية في المجالات التجارية بكلية التجارة.

4- بالنسبة لرئيس جامعة القاهرة، ورئيس جامعة حلوان، وعميد كلية الهندسة جامعة عين شمس: طلب إلغاء القرار السلبي بامتناعهم عن قيده بالدراسات العليا بكلية الهندسة بأيٍّ من هذه الجامعات، بعد الحصول على شهادة المعادلة ببكالوريوس الهندسة الذي تمنحه الجامعات المصرية.

وبجلسة 29/4/2007 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه -بعد أن كيَّفت طلبات المدعي على أنها تستهدف الحكم بإلغاء القرار رقم 100 لسنة 1999 الصادر في 27/10/1999 بعدم معادلة الشهادة الحاصل عليها المدعي بدرجة بكالوريوس الهندسة الذي تمنحه الجامعات المصرية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها قيده بالدراسات العليا بإحدى الجامعات المطعون ضدها-، وشيَّدت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت نص المادة (6) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، على أن الثابت من الأوراق أن المدعي التحق بالمعهد الفني للقوات المسلحة في 3/10/1987، وتخرج فيه برتبة ملازم فني في 1/7/1990، بعد حصوله على دبلوم المعهد الفني للقوات المسلحة تخصص حاسب آلي بتقدير جيد جدًا، وأعقب ذلك بدراسة فرقة تطبيقية بالمعهد لمدة ستة أشهر انتهت في 20/12/1990، كما حصل على دورة تدريبية بقاعدة كيسلر الجوية بولاية مسيسبي بالولايات المتحدة الأمريكية، واتخذ المجلس الأعلى للجامعات إجراءات المعادلة بناءً على الطلب المقدم منه في هذا الشأن، وانتهت لجنة المعادلات بالمجلس إلى أن المؤهل الحاصل عليه المدعي لا يعادل درجة بكالوريوس الهندسة الذي تمنحه الجامعات المصرية؛ لأن المدعي غير مستوفٍ لجميع مواد التأهيل الهندسي المطلوبة للحصول على درجة البكالوريوس في الهندسة التي تمنحها الجامعات المصرية، كما أن الدراسة التي قام بها في الولايات المتحدة الأمريكية جاءت الأوراق خالية من أسماء المراجع العلمية التي درسها وأسماء مؤلفيها وما يفيد محتواها العلمي، وترتيبًا على ذلك أصدر المجلس الأعلى للجامعات قراره المطعون فيه رقم 100 لسنة 1999 في 27/10/1999، برفض معادلة الشهادات الحاصل عليها المدعي بدرجة بكالوريوس الهندسة.

وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسبابٍ حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأنه طلب إلغاء القرار رقم 239 الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات في 2/9/2004، وليس القرار رقم 100 لسنة 1999، وأنه قدم صحيفةً معلنة قانونًا بالطلبات الختامية، إلا أن المحكمة عدَّلت طلباته إلى طلب إلغاء القرار رقم 100 لسنة 1999 وما يترتب عليه من آثار، حيث إن حقيقة طلباته هي الحصول من وزير الدفاع على أصل معتمَد لبيان المواد الدراسية وعدد الساعات والتقديرات لكل مادة والتقدير النهائي؛ حتى يتسنى له تقديم هذا البيان لأية جهة تعليمية؛ حيث إن المؤهل الحاصل عليه هو مؤهل جامعي، وإن كان لا يعادل درجة البكالوريوس في الهندسة، وإن المجلس الأعلى للجامعات أصدر القرار رقم 384 لسنة 2000 بمعادلة مؤهله بدرجة البكالوريوس الذي تمنحه الجامعات المصرية، ليس هذا فحسب، وإنما عادل مؤهل خريجي الكليات والمعاهد العسكرية العليا بالمؤهل العالي المعادل لدرجة البكالوريوس الجامعي، كما أن امتناع وزير الدفاع عن منحه البيان المذكور أدى إلى امتناع كلية التجارة- قسم الدراسات العليا- بجامعة عين شمس عن قيده بالدراسات العليا.

وأضاف الطاعن قائلا: إن إلزام جامعة حلوان بإجراء المعادلة من قبل اللجان المتخصصة، على غرار ما قامت به جامعة عين شمس، يترتب عليه إلزام المجلس الأعلى للجامعات تعديل القرار رقم 239 لسنة 2004، ليصبح بالمعادلة ببكالوريوس الهندسة المشروط؛ خاصة أن دراسته أقرب إلى الدراسة المقررة بهندسة حلوان، منها إلى هندسة عين شمس.

وحيث إن واقعات الطعن رقم 34087 لسنة 56ق.ع تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن سبق أن أقام الدعوى رقم 2029 لسنة 61ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 28/10/2006 طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات بالامتناع عن إعطائه شهادة معادلة باسمه يُوَضَّح بها معادلة المؤهل الحاصل عليه بدرجة البكالوريوس التي تمنحها الجامعات المصرية، طبقًا للقرار رقم 384 الصادر في 20/8/2000، وما يترتب على ذلك من آثار، منها حفظ الحق في التعويض.

وقال شرحًا للدعوى إنه التحق بالمعهد الفني للقوات المسلحة في 3/10/1987، وحصل على شهادة إتمام الدراسة (دبلوم عالي المعهد الفني للقوات المسلحة) في 20/12/1990 بتقدير عام جيد جدًا تخصص حاسب آلي، وتم التنسيق بين وزارة الدفاع والمجلس الأعلى للجامعات بشأن الشهادات التي تمنحها الكليات والمعاهد العسكرية، حيث صدر قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 384 لسنة 2000، الذي جاء به أنه في مجال المقارنة يعد البكالوريوس الممنوح من الكليات والمعاهد العسكرية العالية معادلا للمؤهل الجامعي العالي، وبناءً على ذلك تقدم للمجلس الأعلى للجامعات للحصول على شهادة بالمعادلة باسمه، طبقًا للقرار رقم 384 لسنة 2000، إلا أن طلبه تم حفظه دون سبب أو مبرر.

ونظرت المحكمة الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 4/10/2009 قدم المدعي مذكرةً بتعديل طلباته، حيث أضاف طلباتٍ جديدة تتمثل في تحمله مصاريف دراسة المواد المقرَّرة المطلوب اجتيازها لمعادلة المؤهل الدراسي الحاصل عليه ببكالوريوس الهندسة، واحتياطيا بتحمل المدعى عليهم المصاريف الدراسية، إضافةً إلى طلب تعويض مادي عما أصابه من أضرار مادية ومعنوية نتيجة لتأخير إجراءات سير المعادلة، وبجلسة 24/1/2010 قدم المدعي صحيفةً مُعلَنة بطلباته النهائية في الدعوى، وهي: (أولا) إلغاء القرار السلبي الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات بعدم إعطائه شهادة معادلة لمؤهله بالبكالوريوس الجامعي، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها صرف تعويض مادي عن الأضرار المادية والأدبية الناتجة من تباطؤ وتأخير إجراءات المعادلة وإجراءات سير الدعوى، (ثانيا) تحمله مصاريف المواد الدراسية الواردة بنص المادة (271) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 والمطلوب اجتيازها لإتمام معادلة المؤهل الحاصل عليه ببكالوريوس الهندسة، واحتياطيا: تحمل الخصم الأول والثاني المصاريف الدراسية للمواد المطلوب اجتيازها لمعادلة مؤهله ببكالوريوس الهندسة في ضوء قرار المجلس الأعلى للجامعات.

وبجلسة 23/5/2010 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيَّدت قضاءها -بالنسبة لطلب معادلة شهادة المدعي بالبكالوريوس الجامعي، طبقًا لقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 384 الصادر في 20/8/2000- على أن القرار المذكور اشترط في مجال المقارنة بين المؤهل الذي تمنحه الكليات والمعاهد العسكرية والمؤهلات الجامعية العليا، أن تكون الشهادة الحاصل عليها الطالب من الكلية أو المعهد العسكري بمسمى البكالوريوس، ومدة الدراسة به أربع سنوات، في حين أن الشهادة الحاصل عليها المدعي هي دبلوم عالٍ، وليست بكالوريوس، كما أن مدة الدراسة بالمعهد المتخرج فيه ثلاث سنوات، ومن ثم لا يكون مؤهله معادلا لدرجة البكالوريوس التي تمنحها الجامعات المصرية.

وبالنسبة لطلبات المدعي الأخرى، والتي يتمثل أولها في طلب إلزامه مصروفات الدراسة للمواد التي يتعين عليه دراستها لمعادلة الشهادة الحاصل عليها من المعهد الفني للقوات المسلحة، والدورة التدريبية الحاصل عليها من قاعدة كسلر الجوية بالولايات المتحدة، فإن هذا لا يعد طلبًا في الدعوى يمكن للمحكمة أن تتعرض له، والمدعي وشأنه في ذلك بالنسبة لتحمله مصروفات الدراسة، مما يتعين معه على المحكمة أن تلتفت عن هذا الطلب.

وبالنسبة لطلب المدعي الثاني بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها مصروفات دراسته للمواد التي يتعين عليه دراستها لمعادلة الشهادة الحاصل عليها، فإنه لم يقدم سنده القانوني الذي يستند إليه في هذا الطلب، ومن ثم تقضي المحكمة برفضه.

وبالنسبة لطلب التعويض، فإن الأوراق خلت مما يفيد تقديم المدعي طلبًا للجنة التوفيق في المنازعات، طبقًا لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000، ومن ثم يكون طلب التعويض غير مقبول شكلا.

وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ لأن مدة الدراسة التي أمضاها بالمعهد هي أربع سنوات دراسية، خلال ما يزيد على ثلاث سنوات ميلادية، وهو ما أكدته اللجنة العلمية المشكلة من قسم الدراسات العليا بكلية الهندسة جامعة حلوان، كما أن الطاعن يُعامل بأحكام المادة (149) من القرار بقانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة، والتي تنص على أنه في مجال المقارنة يعد بكالوريوس الكليات والمعاهد العسكرية العالية معادلا للمؤهل الجامعي والعالي، وأنه بالنسبة للمصاريف الدراسية للمواد التي يتعين عليه دراستها لمعادلة شهادته، فإن جامعة عين شمس طالبته بسداد 1000 جنيه عن كل مادةٍ، بالمخالفة لنص المادة (271) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه، وأنه بالنسبة لطلب إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها تحمل المصاريف الدراسية للمواد المطلوبة لمعادلة مؤهله الدراسي ببكالوريوس الهندسة، في ضوء قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 74 الصادر في 6/6/2008، فإن سند ذلك أنه نُقِلَ من القوات المسلحة لدواعي المصلحة العامة بالقرار الجمهوري رقم 358 لسنة 2001 إلى وظيفة مدنية تخصصية، وبالتالي يُعامل بأحكام المادة (149) من القرار بقانون رقم 232 لسنة 1959 المشار إليه، وأن قرار النقل يتطلب إجراء معادلة لمؤهله لمساواته بالدرجة العلمية لقرينه بالتخرج، مما يتطلب دراسة مواد دراسية وتحمله أعباء مالية ونفسية لاكتمال شرط معادلة تخصصه ببكالوريوس الهندسة، تنفيذًا لقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 74 في 26/6/2008، الأمر الذي يتعين معه على الدولة تحمل نفقات دراسته لهذه المواد، وأيضًا مصاريف راتبه ومكافآته المقررة التي يُحرم منها جراء انشغاله بدراسة هذه المواد، لحين إتمام شرط المعادلة.

وبالنسبة لطلب التعويض، فإن المادة الرابعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 تقضي بعدم اللجوء إلى لجان التوفيق في المنازعات التي تكون وزارة الدفاع أو أي من أجهزتها طرفًا فيها.


أولا: الطعن رقم 16247 لسنة 53ق. عليا.

وحيث إنه من المقرر أن العبرة في الطلبات التي تتقيد بها المحكمة هي بالطلبات الختامية، لا بالطلبات السابقة عليها، وهي لا تتقيد وهي تفصل في الدعوى إلا بالطلب الصريح الجازم، وبالسبب القانوني الذي أقيم عليه، كما لا تلتزم في بحثها لأوجه دفاع الخصوم إلا بالدفاع المؤثر الذي يتسع له نطاق الدعوى، ويتعلق بالمطلوب فيها.

(راجع في هذا المعنى حكم محكمة النقض في الطعن رقم 1673 لسنة 48ق. بجلسة 23/12/1982)

وحيث إنه من المقرَّر أن تكييف الدعوى هو من تصريف المحكمة، إذ عليها بما لها من هيمنة على تكييف الخصوم لطلباتهم أن تتقصى هذه الطلبات وأن تستظهر مراميها، وما قصده الخصوم من وراء إبدائها، وأن تعطي الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، على هدي ما تستنبطه من واقع الحال فيها وملابساته، شريطة ألا يصل ذلك إلى حد تعديل طلبات الخصوم؛ بإضافة ما لم يطلبوا الحكم به صراحة، أو تحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصود المدعين ونيتهم من وراء إبدائها. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 2/12/2006 في الطعن رقم 8185 لسنة 46ق.ع- موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات للمستشار/ حمدي ياسين عكاشة- الكتاب الثالث- ص264، وبذات المعنى حكمها في الطعن رقم 243 لسنة 32ق.ع- بمجموعة السنة 33 ج/1- ص 374)

وحيث إن الثابت من الاطلاع على صحيفة تعديل الطلبات المقدَّمة من الطاعن في الدعوى رقم 20291 لسنة 56ق. أمام محكمة أول درجة بجلسة 11/2/2007 -بناءً على طلب المحكمة بتحديد طلباته وتحديد المدعى عليهم، وهي الطلبات الختامية التي أبداها الطاعن- أنه طلب صراحةً وكطلبٍ أساسي: تعديل القرار رقم 239 الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات في 2/9/2004 ليكون قرارًا بالمعادلة ببكالوريوس الهندسة الذي تمنحه الجامعات المصرية، واحتياطيا: أن يكون القرار المذكور بالمعادلة المشروطة في المواد الآتية: (إدارة مشروعات- الأثر البيئي للمشروعات- الذكاء الاصطناعي)، وعلى سبيل الاحتياط الكلي: أن يكون القرار المذكور بالمعادلة المشروطة على ضوء المواد التي تحددها كلية الهندسة جامعة حلوان، بالإضافة إلى الطلبات الأخرى التي أبداها بالصحيفة المذكورة، والتي تتمثل في الحصول على بيان معتمَد من وزارة الدفاع بالمواد التي درسها بالمعهد تفصيلا، وتمكنه من القيد بالدراسات العليا بإحدى كليات الهندسة بجامعة عين شمس أو القاهرة أو حلوان، وإلغاء القرار الصادر عن جامعة عين شمس بالامتناع عن قيده بالدراسات العليا بدبلوم التجارة بكلية التجارة.

وحيث إن المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن: "يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل الآتية:

(1) رسم السياسة العامة للتعليم الجامعي والبحث العلمي في الجامعات...

(2) التنسيق بين نظم الدراسة والامتحان والدرجات العلمية في الجامعات.

(3)...".

وتنص المادة رقم (6) من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 على أن: "يُشكِّل المجلسُ الأعلى للجامعات لجنةً لمعادلة الدرجات العلمية، تتولى بحثَ الدرجات الجامعية والدبلومات التي تمنحها الجامعات والمعاهد الأجنبية أو غيرها في مستويات الدراسة المختلفة، ومعادلتَها بالدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات في جمهورية مصر العربية. وتُعتمَدُ توصياتُ هذه اللجنة من المجلس الأعلى للجامعات".

وحيث إن مفاد ما تقدم أن لجنة معادلة الدرجات العلمية، والتي يُشكِّلها المجلس الأعلى للجامعات ويعتمِد توصياتها، تتمتع بسلطةٍ تقديرية واسعة باعتبارها لجنةً فنية وُكِلَ إليها بحث الدرجات الجامعية والدبلومات التي تمنحها الجامعات والمعاهد العلمية الأجنبية، أو غيرها من مستويات الدراسة المختلفة، ومعادلتها بالدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات المصرية.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن تقييم لجنة المعادلات للمؤهلات العلمية المشار إليها، ومعادلتها بما تمنحه الجامعات والمعاهد المصرية، هو من المسائل الفنية التي تمارسها اللجنة بما لها من سلطة تقديرية، لا يحدُّها سوى التزامها بالقواعد والضوابط التي يضعها المجلس الأعلى للجامعات، وبعدم انحرافها بسلطتها عن جادة الصواب، وإلا كان قرارها مشوبًا بعيب مخالفة القانون أو إساءة استعمال السلطة. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/3/2007 في الطعن رقم 14489 لسنة 50ق. عليا- مجموعة السنة 52 مكتب فني، ص584)

وحيث إن الثابت من الأوراق، أن الطاعن حصل على الثانوية العامة القسم العلمي شعبة علوم عام 1986 بمجموع 65,5%، ثم التحق بالمعهد الفني للقوات المسلحة اعتبارًا من 3/10/1987، حيث أمضى عامًا دراسيا بمركز تدريب المعهد الفني للتأهيل الفني والعسكري، ثم أمضى سنتين دراسيتين بالمعهد اعتبارًا من 1/7/1988، حتى تخرجه في 1/7/1990 برتبة ملازم فني، وأعقبها فرقة تطبيقية لمدة ستة أشهر، وحصل على دبلوم المعهد الفني للقوات المسلحة تخصص حاسب آلي بتقدير جيد جدًا في 20/12/1990، ثم حصل على دورة تدريبية بقاعدة كيسلر الجوية بولاية ميسيسبي بالولايات المتحدة الأمريكية في البرمجة والتحليل لنظم الاتصالات والحاسبات على مستوى الضباط، وطلب الطاعن معادلة شهادته بدرجة البكالوريوس في الهندسة التي تمنحها الجامعات المصرية، وأحالت لجنة المعادلات بأمانة المجلس الأعلى للجامعات ملف الطاعن إلى لجنة قطاع الدراسات الهندسية، التي أوصت بأن يُحوَّل الموضوع إلى لجنة علوم الحاسب الآلي، وقد تضمن تقرير اللجنة الفاحصة ما يلي:

1- جميع الأوراق المقدَّمة لا توَضِّحُ أن المتقدِّم قد استوفى متطلبات التعليم الهندسي بالجامعات المصرية، من حيث أسماء المقررات الواجب دراستها وعددها ومحتوياتها ومستوى أداء المتقدِّم في كل مقرر.

2- الأوراق الخاصة بمحتويات المقررات التي درسها الطالب ليست أوراقًا رسمية، بل هي مُعدَّة بطريقةٍ شخصية، ولا تتضمن أسماء المقررات أو محتوياتها أو عدد ساعات التدريس النظري والعملي.

3- الأوراق مكتوبةٌ بلغةٍ إنجليزية ركيكة وغير مفهومة ومليئة بالأخطاء اللغوية.

4- المراجع مذكورة بطريقة تدل على عدم الخبرة (لا يوجد اسم المؤلف أو اسم الناشر أو تاريخ النشر).

5- لا يوجد في الأوراق المقدمة ما يوَضِّح عددَ السنوات الدراسية التي أتمها المتقدِّم.

6- لا يوجد في الأوراق المقدَّمة ما يفيد حصول المتقدِّم على دبلوم معتمَد من جهاتٍ رسمية داخل الولايات المتحدة.

7- لا يوجد في الأوراق المقدَّمة ما يفيد حصول الطالب على شهادات من قاعدة راندولف الجوية بولاية تكساس، بعكس ما ورد في خطابات قسم التدريب بمركز التعاون العسكري بالسفارة الأمريكية.

وبعرض الموضوع على لجنة المعادلات وافقت على التوصية المذكورة، وبناءً عليه صدر قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 100 في 27/10/1999 بعدم معادلة دورة البرمجة والتحليل لنظم الاتصالات والحاسبات على مستوى الضباط من قاعدة كيسلر الجوية بالولايات المتحدة الأمريكية، والمسبوقة بالدبلوم الفني للقوات المسلحة تخصص حاسب آلي، الحاصل عليها الطاعن، بدرجة البكالوريوس في الهندسة التي تمنحها الجامعات المصرية.

وبتاريخ 25/9/2002 تقدم الطاعن بطلب إلى أمانة المجلس الأعلى للجامعات يطلب فيه النظر في تحويل أوراقه إلى لجنة علوم الحاسب؛ حتى يتمكن من الحصول على درجة بكالوريوس علوم الحاسب التي تمنحها الجامعات المصرية، وبتاريخ 29/10/2002 وبناءً على طلب الطاعن تمَّ إحالةُ أوراق الموضوع إلى لجنة علوم الحاسب؛ للنظر في معادلة ما حصل عليه الطالب من شهادات بدرجة البكالوريوس في تخصص علوم الحاسب الآلي، حيث قامت اللجنة الاستشارية لنظم المعادلات والاعتماد قطاع الهندسة بتكليف لجنةٍ ثلاثية من أساتذة قسم هندسة الحاسب والنظم بكلية الهندسة جامعة عين شمس بفحص الملف، وبتاريخ 19/7/2004 انتهت لجنة الفحص إلى أن دبلوم المعهد الفني للقوات المسلحة (تخصص حاسب آلي)، ثم الدورة التدريبية التي عُقِدَت في قاعدة راندولف الجوية بالولايات المتحدة الأمريكية، لا يُعادل درجة البكالوريوس في الهندسة (تخصص اتصالات وحاسبات) التي تمنحها كليات الهندسة بالجامعات المصرية، وبنت اللجنةُ الفاحصة قرارَها على الأسباب الآتية:

1- للحصول على درجة البكالوريوس في الهندسة عمومًا، وفي هندسة الحاسبات والاتصالات بصفة خاصة، لا بد أن يستوفى الطلاب تحصيل معلومات أكاديمية نظرية وعملية في خلال فترةٍ لا يجوز أن تقل عن خمس سنوات، أما الدراسة في المعهد الفني للقوات المسلحة فلا يستهدف منها تخريج مهندس قادر على التصميم والابتكار في المقام الأول، وإنما فني قادر على الفهم والتعامل مع ما بين يديه من أجهزة، لذا فإن مدة الدراسة تقل عن خمس سنوات، كما أن المواد تختلف بالتالي اختلافًا كبيرًا في محتواها.

2- قاعدة راندولف الجوية بالولايات المتحدة الأمريكية التي حصل طالب المعادلة على الدورة التدريبية فيها، لا تُعَدُّ معهدًا أكاديميا مُعترَفًا به.

3- الدورة المذكورة ولمدة ثلاثة فصول دراسية تستهدف إِطْلاعَ المتدربين على ما جَدَّ في مجال الحاسبات؛ حتى يمكنهم التعامل معها، وهو ما يختلف عن الدراسة الأكاديمية، من حيث الهدف من الدراسة، وبالتالي نوعية المواد التي تُدَرَّس.

وبناءً على ذلك أوصت لجنة المعادلات بجلستها رقم 239 بتاريخ 2/9/2004 باستمرار العمل بقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 100 لسنة 1999 الصادر في 27/10/1999 في هذا الشأن، والمتضمن عدم معادلة دورة البرمجة والتحليل لنظم الاتصالات والحاسبات على مستوى الضباط، من قاعدة كيسلر بالولايات المتحدة الأمريكية، والمسبوقة بالدبلوم الفني للقوات المسلحة (تخصص حاسب آلي)، الحاصل عليها/ ......، لدرجة البكالوريوس في الهندسة التي تمنحها الجامعات المصرية، ومن ثم يكون امتناع المجلس الأعلى للجامعات عن تعديل قراره رقم 100 لسنة 1999 الصادر في 27/10/1999 مُطابِقًا لصحيح القانون (وهو القرار المطعون فيه حقيقةً، على وفق طلبات الطاعن الختامية أمام محكمة أول درجة، وطبقًا للتكييف القانوني الصحيح؛ باعتبار أن ما يصدر عن لجنة المعادلات هو مجرد توصيات لا قرارات إدارية نهائية-؛ لصدوره على أسبابٍ صحيحة تبرِّره وتُنتِجه قانونًا، وبناءً على تقدير لجنةٍ فنية متخصصة أَوسَدَ إليها المشرع وحدها دون غيرها سلطةَ تقدير ذلك، وقد خلت الأوراق مما يُشير إلى وجود إساءةٍ في استعمال اللجنة لسلطتها أو الانحراف بها، خاصةً مع تواتر نتيجة اللجان الفاحصة بعدم معادلة شهادة الطاعن لدرجة بكالوريوس الهندسة.

ولا ينال مما تقدم أنه بناءً على طلب الطاعن المقدَّم للمجلس الأعلى للجامعات في 30/4/2007 برقم 118، لإعادة فحص معادلة شهادته الحاصل عليها بدرجة بكالوريوس الهندسة التي تمنحها الجامعات المصرية، أن المجلس أصدر قراره رقم 74 في 26/6/2008، المتضمِن تعديل البند 46 من قرار رئيس المجلس الأعلى للجامعات رقم 100 بتاريخ 27/10/1999، ليصبح على النحو التالي: "عدم معادلة دورة البرمجة والتحليل لنظم الاتصالات والحاسبات على مستوى الضباط، من قاعدة كيسلر الجوية بالولايات المتحدة، والمسبوقة بالدبلوم الفني للقوات المسلحة (تخصص حاسب آلي)، الحاصل عليها السيد/ .......، لدرجة البكالوريوس في الهندسة (هندسة حاسبات) التي تمنحها الجامعات المصرية الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 ولائحته التنفيذية، ولاستكمال معادلة الدرجة يتعيَّنُ على الطالب دراسةُ واجتياز -بنجاحٍ- الامتحان في المقررات الآتية: (حوالي 22 مقررًا في 100 ساعة معتمَدة) بإحدى الجامعات الخاضعة لهذا القانون"؛ وذلك لأن الرقابة القضائية مقصورة على وقت صدور القرار المطعون فيه، والأسباب التي أدت إلى صدوره فقط، دون أن يتعدى ذلك إلى ما جدَّ بعد ذلك، كما أن القرار رقم 74 الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات قد أكَّد أيضًا عدم معادلة الشهادة الحاصل عليها الطاعن لبكالوريوس الهندسة، أما ما ورد بعجز القرار من دراسة موادٍ معينة لاستكمال الدرجة، فهي مجرد اقتراحات تيسيرية لإمكان النظر في إجراء المعادلة إن استوفاها الطالب، دون أن يكون المجلس مُلْزَمًا بإصدارها قانونًا، والطالب وشأنه في استيفائها، تبعًا للقواعد والإجراءات المقرَّرة بكليات الهندسة إن قبلت التحاقه بها.

وترتيبًا على ما تقدم، فإنه لا يحقُّ للطاعن الالتحاق بالدراسات العليا بأي من كليات الهندسة بالجامعات المصرية؛ باعتبار أن مؤهله لا يُعادِل درجة البكالوريوس في الهندسة، كما أنه لا يُعادِل أيضًا درجة الليسانس أو البكالوريوس التي تمنحها الجامعات المصرية، على وفق أحكام القرار رقم 384 الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات في 20/8/2000، بشأن معادلةِ الشهاداتِ التي تمنحها الكليات العسكرية، وفرصِ الحاصلين عليها في مواصلة دراساتهم بالجامعات المصرية؛ لأن القرار المذكور اشترط أن تكون مدة الدراسة بالكليات والمعاهد العسكرية العليا أربع سنوات، وهو الأمر غير المتوَفر في شأن الطاعن، كما أن ما ورد بالمادة (149) من القرار بقانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة -والمعدَّلة بالقرار بقانون رقم 34 لسنة 1979- لا تنطبق على حالة المدعي؛ إذ يجري نصُّها على أنه: "... وفي مجال المقارنة يعتبر بكالوريوس الكليات أو المعاهد العسكرية العالية مُعادِلا للمؤهل الجامعي أو العالي..."( )، باعتبار أن الشهادة الحاصل عليها الطاعن هي دبلوم وليست بكالوريوس، وبالتالي لا محل للمعادلة أصلا، ومن ثم لا يحق له أيضًا الالتحاق بالدراسات العليا بكلية التجارة.

وحيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى النتيجة ذاتها -وإن كان ذلك على أسبابٍ مغايرة- فإنه يكون قد صادف صحيح أحكام القانون، مما يكون معه النعيُ عليه بالخطأ غيرَ سديدٍ.

- وحيث إنه بالنسبة لباقي طلبات الطاعن التي أبداها أمام محكمة أول درجة بجلسة 11/2/2007، بموجب الصحيفة المعلَنة في 4/2/2007، وأغفلت المحكمة التعرض لها في أسباب حكمها المطعون فيه: فإنه من المقرَّر أن المحكمة الإدارية العليا تختص بنظر الطعون التي تُرفَع إليها في أحوال بيَّنها القانون بيانَ حصرٍ، ترجع كلُّها -على ما يبين من نص المادة (23) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972- إما إلى مخالفة القانون، أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر فيه، أو صدور الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المقضي فيه، والمحكمة وهي تَقُوم بهذا الاختصاص تُقَوِّم ما يقع في الأحكام من خطأ في تطبيق القانون، وبهذه المثابة فإن ما يُعرَض عليها هو في الواقع مخاصمة للحكم النهائي الذي صدر فيها، ومفاد ذلك أن نطاق الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لا يُتصوَّر أن يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحةً أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يبني طعنه على الحكم الصادر في الدعوى على سببٍ قانوني جديد، لم يكن قد أبداه أو طرحه أمام محكمة الموضوع، كما أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد أغفلت الحكم في طلبٍ قُدِّم إليها لأول مرةٍ، ولم تتعرض له في أسبابها، فإن هذا الطلب يبقى مُعلَّقًا أمامها، وعلاجُ هذا الإغفال على وفق المادة (193) من قانون المرافعات يكون بالرجوع إلى المحكمة ذاتها؛ لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه، ومن ثم فهو لا يصلح سببًا للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/1/1993 في الطعن رقم 4083 لسنة 33ق.ع- الموسوعة الإدارية الحديثة ج33- ص 1081)، أي إن الطاعن وشأنه في سلوك هذا الطريق الذي رسمته المادة (193) المشار إليها. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 2/7/2008 في الطعن رقم 1091 لسنة 48ق.ع- مجموعة السنة 53، ج 2، المبدأ رقم194 ص1481)

ثانيا: الطعن رقم 34087 لسنة 56 ق. عليا.

وحيث إنه عن طلب الطاعن الحكم بإلغاء القرار السلبي الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات بالامتناع عن منحه شهادة معادلة باسمه مُوَضَّحًا بها معادلة مؤهله الحاصل عليه من المعهد الفني للقوات المسلحة بدرجة البكالوريوس الجامعي، طبقًا لقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 384 الصادر في 20/8/2000، فقد سبق أن تعرضت له المحكمة في الطعن رقم 16247 لسنة 53ق.ع المنضَم لهذا الطعن، وانتهت المحكمة إلى أن مؤهل الطاعن لا يُعادِل درجة البكالوريوس الجامعي، طبقًا لقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 384 لسنة 2000، ومن ثم تقضي المحكمة برفضه.

وحيث إنه عن طلب الطاعن تحمله المصاريف الدراسية للمواد المطلوبة لمعادلة مؤهله ببكالوريوس الهندسة، وذلك على وفق الرسوم الواردة بالمادة (271) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، فإن حقيقة طلباته في هذا الشأن هي إلزام كلية الهندسة جامعة عين شمس استئداء مصاريف المواد الدراسية اللازمة لمعادلة مؤهله ببكالوريوس الهندسة، على وفق أحكام المادة (271) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات المشار إليه.

وحيث إن الالتحاق بالجامعات المصرية يتمُّ على وفق القواعد المقرَّرة قانونًا عن طريق مكتب التنسيق للحاصلين على شهادة الثانوية العامة، كما يجوز قبولُ الحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس أو ما يعادلها في كليات أو معاهد أخرى بشروطٍ معينة، على النحو الذي نصت عليه المادة (77) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه، ولا يوجد أيُّ سندٍ قانوني يُلزم الجامعة قبول الحاصل على شهادة غير مُعادِلة للدرجة الجامعية لدراسة موادٍ معينة بها مطلوبة لإمكان مُعادَلة هذه الشهادة بدرجة البكالوريوس أو الليسانس التي تمنحها الجامعة.

ولما كان الثابت من الأوراق المودَعة حافظة مستندات الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 4/10/2009 أن الطاعن تقدَّم بطلب إلى كلية الهندسة بجامعة عين شمس لاستكمال الدراسة في المواد الدراسية لمعادَلة شهاداته الحاصل عليها، في ضوء قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 74 الصادر في 26/6/2008، الذي يتطلب دراسة 100 ساعة معتمَدة (حوالي 23 مقررًا)، وأنه تم إرسال الطلب إلى قسم هندسة الحاسبات والنظم، الذي وافق على تطبيق قرار المجلس الأعلى للجامعات، وأنه سيتم تنظيم حضوره مع الفرقة الثالثة حاسبات، وبتاريخ 13/10/2008 وافق مجلس كلية الهندسة على ذلك أسوة بما وافق عليه مجلس الكلية بتاريخ 11/7/2005 على حالة مشابهة، وعلى أن يتم تحصيل المبالغ المقرَّرة من الطالب، كما جاء بقرار مجلس الجامعة بجلسته بتاريخ 28/6/2004، وبالتالي يتعين على الطاعن الالتزام بالنظام الذي قررته الجامعة لقبوله، وعلى وفق المصروفات التي قررها مجلس الجامعة، ولا حق له في أن يُعامَل بمقتضى أحكام المادة (271) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات المشار إليه؛ لأنها خاصةٌ بالطلاب النظاميين فقط.

وحيث إنه عن طلب الطاعن الاحتياطي بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها تحمل المصروفات الدراسية للمواد المطلوبة لاجتياز معادلة مؤهله ببكالوريوس الهندسة، في ضوء القرار الصادر عن المجلس الأعلى للجامعات رقم 74 في 26/6/2008، فإنه لا يوجد أيُّ سندٍ قانوني للطاعن في ذلك، وأن صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 258 لسنة 2001 بنقل الطاعن إلى وظيفة مدنية تخصصية مُعادِلة، وكذلك قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1210 لسنة 2001 بنقل الطاعن إلى وظيفة مدنية تخصصية مُعادِلة بوزارة الاتصالات والمعلومات، لا يترتب عليهما سوى تسكينه في وظيفة مُعادِلة على وفق مؤهلِه وتخصصِه ورتبتِه العسكرية، ولا يستلزم ذلك البتة طلب مُعادَلة مؤهل الطاعن علميا بأية مؤهلات عليا أيا كانت، وبالتالي لا يوجد أيُّ سببٍ يبرِّر تحملَ الجهة الإدارية للمصروفات الدراسية المذكورة، لأن أحدًا لم يطالب الطاعن بهذه المعادَلة العلمية، وإنما هي محض رغبة مركوزة في نفسه.

وحيث إنه عن طلب الطاعن التعويض عن قرار المجلس الأعلى للجامعات السلبي بالامتناع عن مُعادَلة مؤهله بدرجة البكالوريوس الجامعي، ولما كان الطاعن سبق أن طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطلوب التعويض عنه، وقد قبلت المحكمة هذا الطلب شكلا، فإن طلب التعويض عن الأضرار الناتجة عن القرار ذاته يكون مقبولا بالتبعية؛ حتى لا تتبعض المنازعة وتتجزأ بما يتعارض مع وحدة الخصومة. (راجع في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا- دائرة توحيد المبادئ- بجلسة 1/1/2011 في الطعن رقم 23182 لسنة 51ق.ع)

وحيث إنه من المقرَّر أن مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية لا تقوم إلا إذا توفرت عناصر المسئولية الثلاثة؛ بأن يكون القرار مَعيبًا، وأن يترتب عليه ضررٌ، وأن تقوم علاقةُ السببية بين عدم مشروعية القرار (أي بين خطأ الإدارة) والضرر الذي أصاب الفرد، ويُشترط توفرُ هذه الأركان الثلاثة مجتمعةً حتى تنعقِد مسئولية الإدارة ويُقْضَىَ بالتعويض.

وحيث إن المحكمة سبق أن انتهت إلى مشروعية القرار المطلوب التعويض عنه، وبالتالي ينتفي ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية، وبانتفائه لا يكون هناك محل لقيام المسئولية الإدارية، الأمر الذي تقضي معه المحكمة برفض طلب التعويض.

وحيث إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى النتيجة ذاتها بالنسبة لطلبات الإلغاء، فإنه يكون صادف صحيح أحكام القانون، وبالنسبة لطلب التعويض، فإنه يتعيَّن إلغاؤه، وقبول الطلب شكلا، ورفضه موضوعًا.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بقبول الطعن رقم 16247 لسنة 53ق. عليا شكلا، ورفضه موضوعًا.
ثانيا: بالنسبة للطعن رقم 34087 لسنة 56ق. عليا بقبوله شكلا، ورفضه موضوعًا بالنسبة للقرارات المطعون فيها، وتعديل الحكم المطعون فيه بالنسبة لطلب التعويض، ليكون بقبول الطلب شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن مصروفات الطعنين.

الأحد، 20 مارس 2022

الطعنان 33272 ، 37114 لسنة 55 ق جلسة 7 / 7 / 2012 إدارية عليا مكتب فني 57 ج 2 ق 124 ص 1038

جلسة 7  من يوليو سنة 2012
السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1- محمد إبراهيم محمد قشطة 2- د. عبد الفتاح صبري أبو الليل
3- علي محمد الششتاوي إبراهيم 4- أحمد محمد صالح الشاذلي
5- فوزي عبد الراضي سليمان 6- أحمد عبد الراضي محمد حماد
7- مجدي محمود بدوي العجرودي

-------------

(124)

الطعنان 33272 ، 37114 لسنة 55 ق

(1) دعوى "الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا".

يجوز أن يقوم مستشار مساعد بهيئة قضايا الدولة بإيداع تقرير الطعن بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا( ).

(2) دعوى "لجان التوفيق في بعض المنازعات"

 إذا أقيمت الدعوى ابتداء بطلب يخضع لشرط اللجوء إلى تلك اللجان دون اللجوء إليها، فإن قيام المدعي بتعديل طلباته أثناء نظر الدعوى وقبل الفصل فيها بإضافة طلب بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى طلب إلغائه، يجعل الدعوى مقبولة.

(3) دعوى "دفوع في الدعوى"

 الدفع بعدم الدستورية- حَسْم مدى قبول هذا الدفع من عدمه لا يقف عند حد الفهم النظري لما أبداه الطاعن من أسباب تبرر الدفع، وإنما يكون في ضوء ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا.

(4) دستور "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع"

 مؤدى هذا المبدأ التزام السلطة التشريعية فيما تقرره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية– من المقرر أن كلَّ مَصدرٍ تُرَدُّ إليه النصوصُ التشريعيةُ أو يَكُونُ مَنْبَعَهَا يتعين بالضرورة أن يكون سابقا في وجوده على هذه النصوص نفسها– مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التي أقامها الدستور معيارا للقياس في مجال الشرعية الدستورية تفترض لزوما أن تكون النصوص التشريعية المدّعَى إخلالُها بمبادئ الشريعة الإسلامية صادرة بعد نفاذ التعديل الذي أُدخِل على المادة الثانية من الدستور– لا وجه للطعن بعدم دستورية الفقرتين (ثانيا) و(ثالثا) من المادة رقم (970) من القانون المدني استنادا إلى حكم المادة الثانية من الدستور.

(5) حقوق وحريات عامة

واجب احترام حقوق الأفراد وكرامتهم- كرامة الفرد هي انعكاس طبيعي لكرامة الوطن، وهي حجر الأساس الذي تقوم عليه الجماعة الوطنية، ولا مراء في أن حق المواطن في السكن والعمل على رأس الحقوق التي قررتها الدساتير المصرية، وألزمت الدولة كفالتها.

(6) حقوق وحريات عامة "الحق في المسكن"

 تدبير المسكن من مسئوليات الدولة– محاولة المواطن استئداء هذا الحق له ولأسرته وإعلان رغبته في توفيق أوضاعه على وفق القوانين والتشريعات المنظمة التي تحفظ للدولة حقها، وترسخ وشائج الانتماء القومي، يجب أن يلقى من القائمين على أمور البلاد الحرص والجد.

(7) أملاك الدولة الخاصة والعامة "واجب الحفاظ عليها".

أموال الدولة العامة والخاصة هي أموال مملوكة للشعب المصري، ويكون استعمالها أو التصرف فيها بما يحقق وجه المصلحة العامة- توسيع الرقعة السكانية وإقامة المجتمعات الجديدة لا يبرر الاعتداء على تلك الأموال؛ بحسبان أن ضبط حيازة الأرض المملوكة للدولة وتنظيم حق تملكها بالطرق التي رسمها القانون يحقق العدالة الاجتماعية وحسن الاستفادة من أموال الدولة.

(8) أملاك الدولة الخاصة والعامة "واجب الحفاظ عليها".

تقوم الدولة والهيئات العامة بإدارة وحماية أملاكها العامة والخاصة بوسائل مختلفة، منها اتخاذ إجراءات الضبط الإداري- هذه الإجراءات تخرج ابتداء عن مفهوم العقوبة المحظور توقيعها إلا بناء على حكم قضائي، فإزالة المخالفة بالطريق الإداري إجراء تتخذه الإدارة يكون تحت رقابة القضاء الذي يبسط رقابته على مشروعيته وملاءمته ومدى استهدافه وجه المصلحة العامة- أحاط قضاء المحكمة الإدارية العليا ذلك بسياج من الضمانات يحفظ حقوق الأفراد على درجة تتوازى مع حق الإدارة في حماية الأموال المملوكة لها، ملكية خاصة أو عامة- ضبط حيازة الأرض المملوكة للدولة وتنظيم حق تملكها بالطرق التي رسمها القانون يحقق العدالة الاجتماعية وحسن الاستفادة من أموال الدولة– لا وجه للطعن بعدم دستورية المادة رقم (26) من قانون نظام الإدارة المحلية، والمادتين رقمي (59) و(60) من قانون البناء.

(9) أملاك الدولة الخاصة والعامة "واجب الحفاظ عليها"

في إطار مباشرة الدولة لاختصاصها بالمحافظة على الأموال العامة والخاصة بما تصدره من قرارات أو تعليمات، فإنها تلتزم ليس فقط بأن يكون القرار متفقا وأحكام القانون ومنزها عن أي انحراف ومستهدفا المصلحة العامة بمعناها الواسع، بل بتخصيص هدفٍ معين يكون نطاقا للعمل الإداري، ويكون اختصاص الإدارة بشأنه مقيدا- القضاء الإداري حال بسط رقابته باستنباط الهدف من النصوص التشريعية لا يخرج عن رقابة المشروعية.

(10) أملاك الدولة الخاصة "التصرف فيها أو الترخيص في الانتفاع بها أو استغلالها بطريق الاتفاق المباشر مع واضع اليد" ضوابط ذلك–

قيام جهة الإدارة المالكة بتقنين وضع اليد على الأراضي المملوكة لها والتي لا تكون مخصصة للنفع العام يجب أن يتم بأداة قانونية صحيحة– تقف الرقابة القضائية عند حد إلزام جهة الإدارة اتخاذ إجراءات تقنين وضع اليد في إطار التحقق من شروط وضع اليد، والتي يكتفى فيها بوضع اليد والحيازة الظاهرة والهادئة والمستقرة.

(11) قرار إداري "رقابة المشروعية– مبدأ الموازنة بين المنافع والمضار"

لا محل لرقابة القضاء الإداري على الملاءمات التقديرية التي تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند إصدارها قراراتها، مادام أن ذلك كان في إطار الشرعية وسيادة القانون وتحقيق المصلحة العامة- هذا الأمر لا ينفصل عن أن السلطة القضائية، ومنها محاكم مجلس الدولة، معهود إليها إقامة العدالة وحماية الشرعية والمشروعية وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة، في إطار ما أوردته نصوص الدستور والقانون من أصول ومبادئ حاكمة لنظام الدولة والمجتمع وغايات المصلحة العامة وترتيب أولويات تلك الغايات على وفق مقتضيات السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية- تطبيق: كثرة عدد قرارات وحالات الإزالة تنبئ عن هدم مجتمع سكني نشأ تحت بصر جهة الإدارة مصدرة القرار، وهو أمر يجعل استهداف وجه المصلحة العامة بحماية أملاك الدولة فى وضع أدني بالرعاية من المصالح العامة الأعلى المتمثلة في المحافظة على السلام الاجتماعي والأمن القومي.

------------

الوقائع

في يوم الأربعاء الموافق 12/8/2009 أودع الأستاذ/... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة بصفته وكيلا عن الطاعنين بصفاتهم الطعن الماثل، وذلك طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) في الدعوى رقم 1253 لسنة 63ق بجلسة 5/7/2009 القاضي منطوقه:)أولا( بقبول طلبات المتدخلين إلى جانب المدعين في الدعوى، وبرفض طلب التدخل إلى جانب جهة الإدارة، وألزمت المتدخل مصروفات هذا التدخل.
(ثانيا) بقبول طلب إلغاء قرار رئيس مركز ومدينة أطفيح رقم 98 لسنة 2008 شكلا، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار بالنسبة للمدعين والمتدخلين معهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب.
(ثالثا) بعدم قبول طلبي إلغاء القرار السلبي والتعويض شكلا، وألزمت المدعين المصروفات الخاصة بهذين الطلبين.
وطلب الطاعنون بصفاتهم الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات عن درجتي التقاضي في أي من الحالات السابقة.
وفي يوم الخميس الموافق 3/9/2009 أودع الأستاذ/... المحامي بالنقض بصفته وكيلا عن الطاعنين والخصوم المتدخلين تقريرا بالطعن قيد برقم 37114 لسنة 55ق، وذلك طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الرابعة) في الدعوى رقم 1253 لسنة 63ق القاضي منطوقه:

(أولا) بقبول طلبات المتدخلين إلى جانب المدعين وبرفض طلب المتدخل إلى جانب الإدارة وألزمته مصروفات هذا التدخل.
(ثانيا) بقبول طلب إلغاء قرار رئيس مركز ومدينة أطفيح رقم 98 لسنة 2008 شكلا، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار بالنسبة للمدعين والخصوم المتدخلين، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب.
(ثالثا) بعدم قبول طلبي إلغاء القرار السلبي والتعويض شكلا، وألزمت المدعين المصروفات الخاصة بهذين الطلبين.
وطلب الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء ما جاء بالبند (ثالثا) من الحكم، والقضاء بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تقنين أوضاع الطاعنين طبقا للقرار رقم 195 لسنة 2000، والقانون رقم 148 لسنة 2006، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم -بعد إعلان رئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتقريري الطعنين- بالنسبة للمدعين أرقام (6 و12 و13 و22 و24 و25 و34 و37 و38 و40 و42 و44 و46 و47 و48 و49 و50 و51 و53) بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وبالنسبة لباقي المدعين (أولا) بقبول طلب إلغاء قرار الإزالة شكلا، وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار، (ثانيا) بعدم قبول طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تغير الأوضاع شكلا، مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدم الحاضر عن رئيس مجلس الوزراء بصفته حافظة مستندات طويت على كتاب الإدارة العامة لأملاك الدولة، كما قدم الحاضر عن الطاعنين والخصوم المتدخلين والمطعون ضدهم مذكرة بدفاع طلب في ختامها الحكم برفض الطعن رقم 33272 لسنة 55ق.ع وتأييد حكم أول درجة، مع تمسكهم بطلباتهم الواردة في الطعن رقم 37114 لسنة 55ق.ع، وبجلسة 18/5/2011 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة (موضوع)، وتدوول بالجلسات على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/12/2011 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 20/3/2012 ومذكرات خلال ستة أسابيع، وخلال الأجل أودع الحاضر عن الطاعنين في الطعن رقم 37114 لسنة 55ق والمطعون ضدهم في الطعن رقم 33272/55ق مذكرة دفاع صمم فيها على سابق دفاعه، كما قدم الحاضر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طلبا لإعادة فتح باب المرافعة وأرفق حافظة مستندات، وقد قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 15/5/2012 بناء على طلب الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وقد تعجل نظر الطعن لجلسة 17/4/2012، وفيها قدم الحاضر عن رئيس مجلس الوزراء وآخرين مذكرة بدفاع طلب في ختامها: (أولا) بالنسبة للطعن رقم 33272 لسنة 55ق.ع بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، وبالنسبة للطعن رقم 37114 لسنة 55ق برفض الطعن مع إلزام الطاعنين المصروفات، كما قدم الحاضر عن الطاعنين والمطعون ضدهم والخصوم المتدخلين في الطعنين بدفاع صمم فيه على سابق طلباته، ودفع بعدم دستورية نص المادة 970 من القانون المدني في فقرتها الثانية والثالثة والمادة رقم (26) من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، والمادتين 59 و60 من قانون البناء، وشيد دفعه الخاص بالمادة 970 مدني على أن إحياء الأرض الموات في الفقه الإسلامي سبب من أسباب كسب الملكية، وأن الطاعنين أقاموا منازلهم على أرض صحراوية، وإذ حظرت المادة 970 من القانون المدني تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة بالتقادم، فإن ذلك يتعارض مع حكم المادة الثانية من الدستور والإعلان الدستوري، كما أن الفقرة الثانية من المادة 970 تتعارض مع حكم المادة الرابعة من الدستور التي تقضي بأن يقوم الاقتصاد في جمهورية مصر العربية على العدالة الاجتماعية وتنمية النشاط الاقتصادي، كما تخالف الفقرة الثالثة من المادة 970 مدني أحكام المواد 44 و45 و57 من الدستور وما تقضي به من حرمة المساكن وحرمة الاعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة بالمواطنين، ويظهر ذلك من التعديلات التشريعية التي طرأت على أحكام المادة 970 إلى أن أصبح حق الإزالة الإدارية مطلقا بلا قيود وبلا ضوابط أو رقابة، وهو ما ينسحب على حكم المادة رقم (26) من قانون الإدارة المحلية والمادتين 59 و60 من قانون البناء الذي يخالف حكم المادة رقم (66) من دستور 1971، ويقابلها المادة رقم (19) من الإعلان الدستوري التي تقضي بأن العقوبة شخصية، ولا جريمة إلا بنص ولا عقوبة إلا بحكم قضائي. وبالجلسة نفسها قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم ومذكرات خلال شهر، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد إتمام المداولة قانونا.
حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية والإجرائية.
وحيث إنه عن وقائع النزاع الماثل فإنها تخلص في أن المدعين في الدعوى رقم 1253 لسنة 62ق أقاموا دعواهم بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري طالبين الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مركز مدينة أطفيح رقم 98 لسنة 2008، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تقنين أوضاعهم طبقا للقرار رقم 195 لسنة 2000، والقانون رقم 148 لسنة 2006، واستندوا في دعواهم إلى أنهم فوجئوا بصدور القرار المطعون فيه متضمنا إزالة منازلهم ومشروعاتهم الكائنة خارج زمام قرية البرمبل مركز أطفيح طريق الكريمات- الزعفرانة، ونعوا على القرار المطعون فيه صدوره مشوبا بمخالفة القانون والواقع، وإساءة استعمال السلطة؛ لأن منازلهم مقامة على أرض صحراوية تعد الامتداد الطبيعي لقرية البرمبل وخارج الأرض الزراعية، وتم توصيل المرافق إلى هذا التجمع العمراني الذي يأوي أكثر من ألف أسرة تحت بصر وبصيرة الجهة الإدارية التي بدأت معهم إجراءات تقنين أوضاعهم، حيث قدموا العديد من الطلبات إلى جهات الاختصاص.

وقد نظرت الدعوى أمام المحكمة المذكورة، حيث أضاف المدعون طلبا بجلسة 23/12/2008 تضمن وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تقنين أوضاعهم، كما قدم الحاضر عن المدعين مذكرة طلب فيها الحكم بالتعويض لمن تم تنفيذ قرار الإزالة بشأنه.

وبجلسة 5/7/2009 قضت المحكمة بالقضاء المطعون عليه، وشيدت حكمها على أنه بالنسبة للطلب الأول (قرار الإزالة) فإن الثابت من الأوراق أن رئيس مركز ومدينة أطفيح يدرك أن المباني الصادر بشأنها قرار الإزالة منازل مكتملة المرافق أو مشروعات قائمة ومنتجة، وأن غالبية المدعين يتعاملون على مساحات الأرض المقام عليها مبانيهم مع كثير من جهات الدولة، كما حصل الكثير منهم على موافقات من أملاك الدولة والمجالس الشعبية المحلية على تقنين أوضاعهم، خاصة مع ثبوت أنها أراض صحراوية غير زراعية، ويكون مركز المدعين أولى بالرعاية، كما أن ضخامة عدد حالات إزالة التعدي يؤدي بغير ريب إلى تشريد جموع من الأسر والأفراد، وينعكس بالسلب على الأمن المدني والسلام الاجتماعي.

وأضافت المحكمة في حكمها إلى أنه بالنسبة للطلب الثاني (إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تقنين أوضاع المدعين) وكذا الطلب المتعلق بالتعويض، فإن المحكمة تقضي بعدم قبولهما لعدم رفعهما بالطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000، ولا ينال من ذلك تعديل المدعين طلباتهم بإضافة طلب وقف التنفيذ في 23/12/2008، هذا فضلا عن تجهيل طلب التعويض.

- وحيث إن مبنى الطعن رقم 33272 لسنة 55ق يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله؛ بحسبان أن المستندات المقدمة من المطعون ضدهم ليست قاطعة في ثبوت تملكهم لأرض النزاع، إذ لا حجية مطلقة لدعوى صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي إلا بالنسبة لطرفيه، كما أن استرداد حيازة الأرض ليس دليلا على ملكيتها، والقرار المطعون فيه قد صدر بشأن إزالة التعديات على الأرض المملوكة للدولة،وقد أقر ذلك الحكم المطعون فيه، والاستناد إلى القرار رقم 195 لسنة 2000 بشأن توفيق الأوضاع لا يكفي سنداً للحكم المطعون فيه.

- وحيث إن مبنى الطعن رقم 37114 لسنة 55ق. ع هو صدور الحكم قاضيا بما لم يطلبه المدعون بشأن طلب التعويض؛ بحسبان أن الثابت من الأوراق أن عددا كبيرا من المواطنين قد أضيروا نتيجة تنفيذ الإزالات في 27/10/2008، إلا أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة القضاء لهم بتعويض، واقتصر طلبهم على إثبات حقهم في حيثيات الحكم في الحصول على التعويضات، كما نعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون بشأن عدم قبول طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تقنين الأوضاع للطاعنين والخصوم المنضمين تأسيسا على عدم مراعاة أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000، وأن طلب التعديل ورد بعد الميعاد المحدد، وذلك على سند حاصله أن حكم المادة رقم (11) من القانون المشار إليه لا يشترط طلب وقف التنفيذ لكل طلب بإلغاء القرار الإداري، وإنما يسري طلب الاستعجال متى تحقق وجوده على كل الطلبات المقترنة به في ذات الدعوى التي لا تنفصل فيها الطلبات، وخاصة إذا كانت تلك الطلبات متجانسة يكمل بعضها البعض، وأن طلب وقف تنفيذ القرار محل الطعن رقم 98 لسنة 2008 يسري أيضا وينطبق أثره على طلب إلغاء القرار السلبي المرتبط ارتباطا وثيقا بالنزاع، وأن تقديم طلب وقف تنفيذ القرار أثناء نظر الدعوى قصد به حال القضاء بوقف تنفيذ قرار الإزالة وقف تنفيذ القرار السلبي المشار إليه.

- وحيث إنه عن الدفع المبدى من الحاضر عن الطاعنين في الطعن رقم 37114 لسنة 55ق بعدم دستورية الفقرة ثانيا وثالثا من المادة رقم 970 من القانون المدني، والمادة رقم 26 من قانون الإدارة المحلية (الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979)، والمادتين رقمي 59 و60 من قانون البناء، وذلك فيما تضمنته المادة رقم 970 من القانون المدني من عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم، وتقرير حق إزالة التعدي بالطريق الإداري، وهو الحق المقرر للمحافظ أو من يفوضه في المادة رقم (26) من قانون نظام الإدارة المحلية، بادعاء مخالفة هذه الأحكام التشريعية لأحكام الدستور في المواد أرقام 2 و4 و44 و45 و57 و65 و66 من دستور 1971، وما يقابلها من نصوص وردت في المواد أرقام 2 و5 و6 و7 و10 و19 و21 من الإعلان الدستوري، وما حوته هذه المواد الدستورية من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، وأن الشريعة الإسلامية قد جاءت بنظرية مختلفة متكاملة تنظم وضع اليد على الأرض الصحراوية الموات، وما يحض عليه الإسلام من وجوب التوسع والانتشار في الأرض وإحياء الأرض الموات، وأن هذا الإحياء سبب من أسباب كسب الملكية من غير اشتراط إذن الحاكم، وأن المادة رقم (4) من الدستور تقوم على تنمية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية، بما يوفر للمواطنين حق التوسع وإقامة المساكن، وأن الفقرة الثالثة من المادة رقم (97) والمادة رقم (26) من قانون نظام الإدارة المحلية قد تضمنت مخالفة لأحكام المواد 44 و45 و57 من الدستور، وما تقضي به من حرمة المساكن وحظر الاعتداء على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وأن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بناء على حكم قضائي، وأن المواد المشار إليها سلفا والمادتين رقمي 59 و60 من قانون البناء قد أطلقت يد الجهة الإدارية في إصدار وتنفيذ الإزالة بقرارات إدارية دون اللجوء إلى القضاء، وهي عقوبة يتم توقيعها على المخالف المعتدي، وهو ما يمثل مخالفة لأحكام الدستور وما تضمنته أحكامه من حماية لحقوق الأفراد وحرياتهم.

وحيث إن التطور التشريعي لأحكام المادة رقم (970) من القانون المدني معدلة بالقانونين رقمي 147 لسنة 1957 و55 لسنة 1970 قد أكسب الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة (الدومين الخاص) حصانة أنه لا يجوز كسب ملكيتها أو أي حق عيني آخر عليها بالتقادم المكسب رغم أن حق الدولة في الأشياء المملوكة لها ملكية خاصة هو حق ملكية مدنية خالصة يطبق في شأنه ما يطبق بشأن تملك الملك الخاص المملوك للأفراد، واستوى في ذلك من حيث الحماية للأموال الخاصة مع الأموال العامة المملوكة لها، وتطبق هذه الحماية بأثر مباشر، ولم تقف الحماية عند هذا الحد، فقد صدر القانون رقم 39 لسنة 1959 مضيفا حماية أخرى للمِلك المملوك للدولة ملكية خاصة مؤداه عدم جواز التعدي عليه وتقرير حق الجهة صاحبة الشأن في إزالة التعدي بالطريق الإداري على نفقة المخالف، وهو الاتجاه التشريعي نفسه الذي تضمنه قانون نظام الإدارة المحلية بما قرره للمحافظ المختص أو من يفوضه بإزالة التعدي بالطريق الإداري وعلى نفقة المخالف.

وحيث إن حَسْم مدى قبول الدفع من عدمه لا يقف عند حد الفهم النظري لما أبداه الطاعن من أسباب تبرر الدفع، وإنما يكون في ضوء ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها في 22 مايو 1980 يدل على أن الدستور اعتبارا من تاريخ العمل بهذا التعديل قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه إلزامها فيما تقرره من النصوص التشريعية أن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أن اعتبرها الدستور أصلا يتعين أن ترد إليه أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه، ودونما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها والنزول عليها في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية، وإذا كان من المقرر أن كل مصدر تُرَدُّ إليه النصوص التشريعية، أو يكون مَنْبَعَها، يتعين بالضرورة أن يكون سابقا في وجوده على هذه النصوص ذاتها، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التي أقامها الدستور معياراً للقياس في مجال الشرعية الدستورية، تفترض لزوما أن تكون النصوص التشريعية المدعى إخلالها بمبادئ الشريعة الإسلامية وتراقبها هذه المحكمة صادرةً بعد نشوء قيد المادة الثانية من الدستور التي تقاس على مقتضاه، بما مؤداه أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد أن يكون مداه من حيث الزمان منصرفا إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها، وهي تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذي أدخل على المادة الثانية من الدستور.

(في هذا المعنى حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 12 لسنة 14ق بجلسة 5/9/1992)

وهديا بما تقدم واستنادا إليه فإن أحكام الفقرتين الثانية والثالثة من المادة رقم (970) من القانون المدني بما تضمنتاه من تقرير حماية للأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة تكون عصية على الرقابة الدستورية استنادا إلى حكم المادة الثانية من مواد الدستور.

وحيث إنه عما ورد بالمذكرة المقدمة من الحاضر عن الطاعنين والخصوم المتدخلين بشأن مخالفة مواد أخرى من مواد الدستور سبقت الإشارة إليها، وتنصرف جميعها إلى ما يمثله تقرير حق الإدارة في إزالة التعدي بالطريق الإداري، فإنه يلزم الإشارة إلى أن أموال الدولة العامة والخاصة هي أموال مملوكة للشعب المصري، ويكون استعمالها أو التصرف فيها بما يحقق وجه المصلحة العامة، وأن الدولة والهيئات العامة التي تملكها تقوم على إدارتها وحمايتها بوسائل مختلفة، منها اتخاذ إجراءات الضبط الإداري، وهي تخرج ابتداء عن مفهوم العقوبة المحظور توقيعها إلا بناء على حكم قضائي، فإزالة المخالفة بالطريق الإداري إجراء تتخذه الإدارة يكون تحت رقابة القضاء الذي يبسط رقابته على مشروعيته وملاءمته ومدى استهدافه وجه المصلحة العامة، وإن قضاء هذه المحكمة قد أحاطه بسياج من الضمانات يحفظ حقوق الأفراد على درجة تتوازى مع حق الإدارة في حماية الأموال المملوكة لها سواء ملكية خاصة أم عامة، كما لا ينال من السلطة المقررة لجهة الإدارة ما ورد بمذكرة الدفاع من أن إزالة التعدي الواقع على الأموال المملوكة للدولة يتنافى مع ضرورة توسيع الرقعة السكانية وإقامة المجتمعات الجديدة؛ بحسبان أن ضبط حيازة الأرض المملوكة للدولة وتنظيم حق تملكها بالطرق التي رسمها القانون يحقق العدالة الاجتماعية وحسن الاستفادة من أموال الدولة.

وحيث إنه وبالبناء على ما تقدم فإنه قد تخلفت عن الدفع المبدى من الطاعنين والخصوم المتدخلين أسباب قبوله، وتقضي المحكمة برفض هذا الدفع، وتكتفي بذكر ذلك في الأسباب دون المنطوق.

- وحيث إنه عن موضوع الطعن -بالنسبة للطلب الأول- فإن المادة رقم (970) من القانون المدني تنص على أنه: "... ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة... والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.

ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إداريا".

وتنص المادة رقم (26) من قانون نظام الإدارة المحلية على أن: "... وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري".

وتنص المادة رقم (31) من هذا القانون على أن: "... للمحافظ أن يفوض بعض سلطاته واختصاصاته إلى... أو رؤساء الوحدات المحلية الأخرى".

وحيث إن مفاد هذا أن المشرع حماية للأموال المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة حظر -خروجا على القواعد العامة- تملك هذه الأموال بالتقادم أو كسب أي حق عيني عليها، كما رخص للجهة الإدارية في إزالة ما يقع على هذه الأموال من تعدٍّ بالطريق الإداري، وذلك بإزالة هذا التعدي بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة، بيد أن هذا الخروج المقرر للجهة الإدارية رهين بمراعاة المبادئ الدستورية والقانونية الحاكمة لما يصدر عن الجهة الإدارية من قرارات.

وقد حرص النظام الدستوري المصري على احترام حقوق الأفراد، وأفصحت وثائقه عن أن كرامة الفرد هي انعكاس طبيعي لكرامة الوطن، وهي حجر الأساس الذي تقوم عليه الجماعة الوطنية، ولا مراء في أن حق المواطن في السكن والعمل على رأس الحقوق التي قررتها الدساتير المصرية، وألزمت الدولة كفالتها، وفي إطار مباشرة الدولة لاختصاصها بالمحافظة على الأموال العامة والخاصة بما تصدره من قرارات أو تعليمات، فإنها تلزم ليس فقط بأن يكون القرار متفقا وأحكام القانون ومنزها عن أي انحراف ومستهدفا المصلحة العامة بمعناها الواسع، بل بتخصيص هدفٍ معين يكون نطاقا للعمل الإداري، واختصاص الإدارة بشأنه يكون مقيدا، والقضاء الإداري حال بسط رقابته باستنباط الهدف من النصوص التشريعية لا يخرج عن رقابة المشروعية.

وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه ولئن كان أنه لا محل لرقابة القضاء الإداري على الملاءمات التقديرية التي تباشرها السلطات الإدارية المختصة عند إصدار قراراتها سواء من حيث اختيارها لمحل القرار أو وقت وأسلوب تنفيذه مادام كان ذلك في إطار الشرعية وسيادة القانون، وما لم تتنكب جهة الإدارة الغاية وتنحرف عن تحقيقها إلى غاية أخرى لم يقصدها المشرع عندما خولها تلك السلطة التقديرية أو تتعمد تحقيق غايات خاصة لا صلة لها بالمصلحة العامة، إلا أن ذلك لا ينفصل عن أن السلطة القضائية، ومنها محاكم مجلس الدولة، معهود لها إقامة العدالة وحماية الشرعية والمشروعية وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة للمصريين في إطار ما أوردته نصوص الدستور والقانون من أصول ومبادئ حاكمة لنظام الدولة والمجتمع وغايات المصلحة العامة وترتيب أولويات تلك الغايات على وفق مقتضيات السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية. (في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1875 و1914 لسنة 30 ق. ع بجلسة 9/3/1991، والطعنين رقمي 5730 و6585 لسنة 55 ق.ع بجلسة 6/2/2010( ))

وحيث إن الثابت من أوراق الطعن أن القرار المطعون فيه قد صدر متضمنا إزالة 187 حالة تعدٍّ بالمباني على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة كائنة خارج زمام قرية البرميل طريق الكريمات- الزعفرانة، وتقع المباني الخاصة بالطاعنين والخصوم المتدخلين ضمن المباني الصادر بشأنها القرار المطعون فيه، وأن الجهة الإدارية قد نفذت القرار على جزء من المباني وأرجأت التنفيذ عن الباقي لاعتبارات أمنية، وذلك رغم أن عددا كبيرا من هذه المباني عبارة عن منازل متكاملة المرافق أو مشروعات قائمة، وأن غالبية الطاعنين يتعاملون على مساحات الأرض المقام عليها المباني مع الجهات الإدارية المسئولة، وأن عددا حصل على موافقات بالبدء في اتخاذ إجراءات تقنين وضع اليد خاصة مع ثبوت أن الأرض صحراوية غير زراعية.

وحيث إن كثرة عدد قرارات وحالات الإزالة تنبئ عن هدم مجتمع سكني نشأ تحت بصر جهة الإدارة مصدرة القرار، وتؤدي حتما إلى تشريد ساكنيه وحرمانهم من حق السكن والعمل، على وجه يستصرخ رقابة القضاء الإداري لحماية وضع يد ساكنيه الظاهر وتستدعي وجه المصلحة العامة، وعلى وجه تتداخل فيه ومعه مشروعية القرار المطعون فيه ومدى مناسبته، ويقف استهداف وجه المصلحة العامة بحماية أملاك الدولة في وضع أدنى بالرعاية من المصالح العامة الأعلى المتمثلة في المحافظة على السلام الاجتماعي والأمن القومي، وتمثل المحافظة عليها احتراما للمبادئ الدستورية التي يقوم عليها النظام القانوني المصري، مما لا مناص معه من القضاء بإلغاء القرار.

وحيث إن مذكرة دفاع الطاعنين الواردة في 22/1/2012 قد ذكرت أن الطاعنين أرقام 6 و12 و22 و14 و25 و34 و37 و38 و40 و42 و44 و46 و47 و48 و49 و51 و53 لم يشملهم قرار الإزالة، فإن المحكمة تقضي بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لانتفاء شرط المصلحة، وتقضي المحكمة بتعديل الحكم المطعون فيه في هذا الصدد.

- وحيث إنه عما قضى الحكم المطعون فيه في البند (ثالثا) من عدم قبول طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تقنين أوضاع الطاعنين والخصوم المتدخلين لعدم مراعاة أحكام القانون رقم 7 لسنة2000، فإن الثابت من أحكام القانون المشار إليه أن المشرع قضى بإنشاء لجان توفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفا فيها، وقد نصت المادة رقم (11) منه أنه: "عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعاوى التي ترفع ابتداءً إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة، وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول".

وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن القرار السلبي هو امتناع جهة الإدارة عن إصدار قرار يتعين عليها إصداره، وتظل حالة السلبية قائمة ما لم تصدر الجهة القرار المطعون فيه، أو يقضى بإلغائه، أو تعلن جهة الإدارة بإرادتها عن رفض إصدار القرار، ويظل قرارها السلبي خاضعا لرقابة القضاء في الحالة الأولى والثالثة، وإذا كان المشرع في القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه قد استلزم ضرورة اللجوء إلى لجان التوفيق قبل ولوج طريق القضاء، فإن المستقر عليه أن اقتران طلب إلغاء القرار بطلب وقف تنفيذه يهيئ لصاحب الشأن اللجوء مباشرة إلى القضاء المختص، وعطفا على ما تقدم فإن مبادرة رافع الدعوى إلى تعديل طلباته وإضافة طلب وقف تنفيذ القرار السلبي أثناء نظر الدعوى وقبل الفصل فيها يؤدي إلى قبولها، مادامت حالة السلبية ما انفكت قائمة.

وحيث إنه وبالبناء على ما تقدم، فإن المحكمة تقضي بقبول الدعوى في الشق الخاص بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تقنين أوضاع الطاعنين والخصوم المتدخلين وتتصدى لموضوع الدعوى بعد قبوله شكلا.

- وحيث إنه عن موضوع هذا الطلب فإن المادة رقم (45) من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها تنص على أنه: "يجوز التصرف في الأراضي المبنية أو المشغولة بمنشآت ثابتة أو غير ثابتة إلى شاغليها وذلك بطريق الممارسة وفقا للقواعد والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية".

وتنص المادة (31 مكررا) من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، المضافة بموجب المادة الأولى من القانون رقم 148 لسنة 2006 على أنه: "استثناءً من أحكام المادتين 30 و31 من هذا القانون يجوز التصرف في العقارات أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها بطريق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها أو قاموا باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين بحد أقصى مئة فدان في الأراضي الصحراوية والمستصلحة، وعشرة أفدنة في الأراضي الزراعية القديمة، وكذلك بالنسبة لزوائد التنظيم، وفي غير ذلك من حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، وذلك كله وفقا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية يتضمن الشروط التي يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص...".

وتنص المادة الرابعة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 على أن: "يكون التعامل على العقارات المبنية بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها لواضعي اليد الذين قاموا بالبناء عليها قبل تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 148 لسنة 2006 المشار إليها إذا كان البناء عليها لغرض السكنى لواضع اليد وأسرته أو لأحد المشروعات الإنتاجية الصغيرة أو المتناهية الصغر، ولا تسري أحكام المادة السابقة على الأراضي الفضاء المقام عليها منشآت خفيفة قابلة للإزالة أو المحاطة بأسوار أو تلك التي تتعارض مع مقتضيات الأمن القومي والطيران المدني، وبصفة عامة أي وضع لا يستند إلى مظهر جدي وحقيقي".

وتنص المادة السابعة من هذا القرار على أن: "يصدر الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب الأحوال قرارا بتشكيل لجان تختص بمباشرة إجراءات التعامل طبقا لأحكام القانون رقم 148/2006 وذلك على النحو التالي:

أولا: اللجنة الفنية:

ويتم تشكيلها من عناصر فنية ومالية وقانونية وتختص بفحص الأوراق والمستندات المقدمة، ولها أن تستوفي من مقدمي الطلبات ما تراه لازما من بيانات ومستندات للتحقق من توفر الشروط المنصوص عليها بهذا القرار ويحق للجنة المعاينة على الطبيعة إذا ما رأت لزوما لذلك".

وحيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع استقرارا لأوضاع واضعي اليد على الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة رخص للجهة الإدارية التصرف في العقارات أو الترخيص بالانتفاع بها أو استغلالها بطريق الاتفاق المباشر مع واضعي اليد الذين قاموا بالبناء عليها، أو لمن قام باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين، ووسد المشرع إلى مجلس الوزراء إصدار قرار ينظم ذلك بناء على اقتراح من وزير المالية يتضمن الشروط التي يلزم توفرها لإجراء التصرف أو الترخيص مع تحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده، وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 المشار إليه محددا آلية التعامل في الأراضي المملوكة للدولة بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع، ويكون ذلك بقرار من الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس الإدارة للهيئة بالجهة مالكة العقار حسب الأحوال، وفي إطار اللجنة الفنية المشكلة من عناصر فنية ومالية وقانونية تختص بفحص الأوراق والمستندات، ولجان التقييم التي تختص بتحديد المقابل العادل الذي يتم التعامل على أساسه، وبمراعاة تاريخ وضع اليد وطبيعة استغلال العقار وغير ذلك من العناصر التي حددها قرار رئيس مجلس الوزراء، وبإجمالي القول فإن قرار رئيس مجلس الوزراء مستندا إلى أحكام القانون رقم 148 لسنة 2006 قد أرسى قاعدة مؤداها التزام جهة الإدارة المالكة بتقنين وضع اليد على الأراضي المملوكة لها والتي لا تكون مخصصة للنفع العام بأداة قانونية صحيحة، وأن تكون حيازة واضع اليد ظاهرة وهادئة ومستقرة، وأن تقتصر استفادة كل أسرة على مرة واحدة، ولا خلاف على أن الرقابة القضائية للقرار السلبي المطعون فيه على هذا الطعن تقف عند حد إلزام جهة الإدارة اتخاذ إجراءات تقنين وضع يد الطاعنين في إطار التحقق من شروط وضع اليد والتي يكتفى فيها بوضع اليد والحيازة الظاهرة والمستقرة، أما كل حالة من الحالات فإنها تخضع للشروط الموضوعية التي وردت بقرار رئيس مجلس الوزراء، ويكون ما يصدر بشأنها من قرارات تحت رقابة القضاء كل على حدة.

وحيث إنه ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن الجهة الإدارية (الإصلاح الزراعي) قد تضاربت المستندات المقدمة منها في إثبات حالات الحصر والربط وقصرتها على عدد (6) حالات فقط، وأن باقي الحالات لا يوجد لها حصر أو ربط وذلك بعد نفيها لسبق وجود حالات ربط، والمحكمة تطرح هذا الدفاع لاعتبارين: (أولهما) أن البين طبقا لأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه هو وضع اليد، سواء صدر قرار بالإزالة أم لا، ويكون الربط قرينة على وضع اليد لا ينتفي بجعلها عن واضع اليد بحيازة هادئة ومستقرة، وهو الشرط الذي استلزمه المشرع لإلزام جهة الإدارة بتقنين الأوضاع، و(ثانيهما) أنه على الدولة وأجهزتها المختلفة أن تبسط جناح التبصر واستهداف المصلحة العامة فيما يصدر عنها من قرارات أو حال امتناعها عن إصدار قرار يتعين عليها إصداره، خاصة إذا اتصلت هذه القرارات اتصالا مباشرا بحقوق الأفراد وحقهم في السكن والعمل، وإذا كان تدبير المسكن من مسئوليات الدولة، فإن محاولة المواطن استئداء هذا الحق له ولأسرته بنفسه وإعلان رغبته في توفيق أوضاعه على وفق القوانين والتشريعات المنظمة التي تحفظ للدولة حقها وتُرسِّخ وشائج الانتماء القومي، يجب أن يلقى من القائمين على أمور البلاد الحرص والجد، خاصة أن محل الطعن قرار إزالة شمل مجتمعا سكنيا كاملا، وأن إجراءات توفيق الأوضاع بدأت الجهة الإدارية اتخاذها بصدور القرار رقم 195 لسنة 2000 من محافظ الجيزة بتنظيم طلبات توصيل المرافق لمناطق عديدة في نطاق المحافظة منها المنطقة محل الطعن الماثل، وقد توقفت هذه الإجراءات بصدور قرار الإزالة وما تبعه من إجراءات قام بها مسلك الجهة الإدارية وما مثله من امتناع مخالف للقانون.

وحيث إنه ولما كان الأمر كذلك فإن المحكمة تقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من عدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تقنين الأوضاع، والقضاء بقبولها وبإلغاء القرار السلبي، ويشمل ذلك جميع المدعين والخصوم المتدخلين في الدعوى والذين أقاموا دعواهم، ومن بعد تدخلهم، على أساس إما وضع اليد، أو وجود علاقة بينهم وبين الجهة الإدارية (بربط أو حصر)، وتلتزم الجهة الإدارية باتخاذ إجراءات تقنين وضع اليد في ضوء الشروط والإجراءات وما يصدر عن اللجان المنصوص عليها في قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه آنفا.

- وحيث إنه عن طلب التعويض، فإنه فضلا عن أن الطلب لم يَستوفِ الأوضاع القانونية، وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإن الطاعنين والخصوم المتدخلين قد أقروا في صحيفة الطعن 37115 لسنة 55ق أنهم لم يطلبوا الحكم لهم بالتعويض، بل اقتصرت طلباتهم على إثبات حقهم في الحصول على التعويضات، ولا ريب أن إثبات الحق رهين بمراعاة إجراءات الحصول عليه، وتقضي المحكمة برفض الطعن في هذا الشق.

وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
(أولا) بقبول الطعنين شكلا.
(ثانيا) بتعديل الحكم الصادر في الدعوى رقم 1253 لسنة 63ق بالنسبة لطلب إلغاء قرار الإزالة ليكون عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعين أرقام (6 و12 و13 و22 و24 و25 و34 و37 و38 و40 و42 و44 و46 و47 و48 و49 و51 و53) شكلا، وبقبولها بالنسبة لباقي المدعين والخصوم المتدخلين، وإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
(ثالثا) بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن توفيق الأوضاع، والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن توفيق أوضاع جميع المدعين والخصوم المتدخلين -على الوجه المبين بالأسباب-، وبرفض الطعن على الحكم المطعون فيما قضى بشأن التعويض على الوجه المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.