الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 أبريل 2020

الطعن 1711 لسنة 34 ق جلسة 22 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 168 ص 857


جلسة 22 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمود عزيز الدين. وحسين سامح.
----------
(168)
الطعن رقم 1711 لسنة 34 القضائية

(أ) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". قتل عمد. ظروف مشددة. سبق إصرار. تجمهر. ضرب.
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. عليها تمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقاً صحيحاً. لا حاجة إلى لفت نظر الدفاع. ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة التي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة، دون أن تضيف إليها شيئاً بل نزلت بها إلى وصف أخف من الوصف المبين بأمر الإحالة واستبعدت منه الظرف المشدد للعقوبة. مثال.
(ب) تجمهر.
شرط تطبيق المادة 243 عقوبات: توارد خواطر الجناة على الاعتداء واتجاه خاطر كل منهم اتجاهاً ذاتياً إلى ما تتجه إليه خواطر سائر أهل فريقه من تعمد إيقاع الأذى.

-------------
1 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة التي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً بل نزلت بها إلى وصف أخف من الوصف المبين بأمر الإحالة واستبعدت منه الظرف المشدد للعقوبة. ولما كانت واقعة القتل العمد التي دين بها الطاعن الأول قد وجهت إليه بذلك ودارت عليها المرافعة أثناء المحاكمة فإن الحكم إذ قضى بإدانته عن هذه التهمة يكون صحيحاً ولا وجه لما يثار في خصوصها من دعوى الإخلال بحق الدفاع طالما كانت هذه الواقعة بذاتها موجهة إليه في أمر الإحالة، وكان الثابت أيضاً أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بجريمة الضرب المسندة إليهم في أمر الإحالة بعد أن استبعد جريمة التجمهر وظرف سبق الإصرار لعدم ثبوتها في حقهم قد أسس هذه الإدانة على ما استخلصه من أن الطاعنين وقد تجمعوا ضمن عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص يحملون أسلحة نارية وعصياً توافقوا على التعدي والإيذاء بضرب المجني عليهم وقد وقع هذا الاعتداء بالفعل من بعضهم وهي عناصر اشتمل عليها أصلاً وصف التهمة كما دارت عليها مرافعة الدفاع بالجلسة. ومن ثم فإن ذلك لا يعد تعديلاً في التهمة مما تلتزم المحكمة بلفت نظر الدفاع إليه.
2 - إن كل ما تتطلبه المادة 243 من قانون العقوبات هو توارد خواطر الجناة على الاعتداء واتجاه خاطر كل منهم اتجاهاً ذاتياً إلى ما تتجه إليه خواطر سائر أهل فريقه من تعمد إيقاع الأذى وفقاً لما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون العقوبات الصادر في 1937.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 28/ 2/ 1962 بدائرة مركز الواسطى محافظة بني سويف: أولاً - المتهمون جميعاً - اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وكان ذلك باستعمال القوة والعنف حالة كونهم يحملون أسلحة نارية وعصياً وآلات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بصفة أسلحة بأن تجمعوا حاملين هذه الأسلحة وتوجهوا بها قاصدين الاعتداء على المجني عليهم الذين وقع خلاف بينهم وكان أن وقعت الجرائم الآتية في سبيل تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر مع علم المتهمين به: 1 - قتلوا أمينة عبد الهادي عمداً مع سبق الإصرار بأن توجهوا إلى مكان وجود المجني عليهم عاقدين العزم على قتل من يصادفهم منهم وما أن ظفروا بالمجني عليها حتى أطلق عليها المتهم الأول عياراً نارياً قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2 - ضربوا أديب أحمد إبراهيم ومحمد أو سيف سكران ومحمود محمد أبو سيف وأبو سيف محمد أبو سيف فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بالكشوف الطبية والتي أعجزتهم عن أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك مع سبق الإصرار. ثانياً - المتهم الأول أيضاً: 1 - أحرز سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية) بغير ترخيص، 2 - أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته وإحرازه. ثالثاً - المتهم الثاني أيضاً سلم سلاحه المرخص "المسدس المبين بالمحضر" للمتهم السابع قبل الحصول على ترخيص بذلك. رابعاً - المتهم الخامس أيضاً: أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" بدون ترخيص. خامساً - المتهم السابع أيضاً (1) أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "مسدساً" بدون ترخيص (2) أحرز ذخيرة (طلقات) مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها. وطلبت إلى السيد مستشار الإحالة بإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 2، 3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 و230 و231 و242/ 1 - 2 من قانون العقوبات و1 و3 و6/ 2 و4 و29 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1944 و75 لسنة 1958 والبندين ( أ ) و(ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً بتاريخ 21 من مايو سنة 1964 عملاً بالمواد 234 و242 و243 من قانون العقوبات ومواد قانون السلاح للمتهم الأول 242 و243 من قانون العقوبات ومواد قانون السلاح للمتهم الثاني و242 و243 للمتهمين الثالث والرابع والسادس والثامن والتاسع و242 و243 عقوبات ومواد قانون السلاح للمتهم السابع مع تطبيق المادة 32 عقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني السابع والمادة 17 من القانون المذكور بالنسبة إلى السابع فقط أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. ثانياً: بمعاقبة كل من المتهمين الباقين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. ثالثاً: بمصادرة المسدس والذخيرة المضبوطة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه استبعد تهمة التجمهر الواردة بأمر الإحالة ودان الطاعنين بجريمة التعدي الحاصل من عصبة توافق أفرادها عليه وقد زاد عددهم على الخمسة دون أن تنبه المحكمة الدفاع عن المتهمين إلى الوصف الجديد لمناقشته مما يعيب حكمها بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بأنهم اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وكان ذلك باستعمال القوة والعنف حالة كونهم يحملون أسلحة نارية وعصياً وآلات من شأنها إحداث الموت بأن تجمعوا حاملين هذه الأسلحة وتوجهوا بها قاصدين الاعتداء على المجني عليهم الذين وقع خلاف بينهم وكان أن وقعت الجرائم الآتية في سبيل تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر مع علم المتهمين به. (1) قتلوا أمينة عبد الهادي عمداً مع سبق الإصرار بأن توجهوا إلى مكان وجود المجني عليهم عاقدين العزم على قتل من يصادفهم منهم، وما أن ظفروا بالمجني عليها حتى أطلق عليها المتهم الأول عياراً نارياً قاصدين من ذلك قتلها فأحدثوا بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها (2) ضربوا أديب أحمد إبراهيم ومحمد أبو سيف سكران ومحمود محمد أبو سيف وأبو سيف محمد أبو سيف فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بالكشوف الطبية والتي أعجزتهم عن أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك مع سبق الإصرار. كما وجهت النيابة إلى الطاعنين الأول والسابع جنايتي إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة بدون ترخيص وإلى الطاعن الثاني جنحة تسليم السلاح الناري المرخص له بحمله إلى الطاعن السادس قبل الحصول على ترخيص بذلك. ويبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين عرض لتهمة التجمهر ومن بين ما قاله في تفنيدها "إن محمد أبو سيف سكران يروي صورة غير معقولة إلا فيما جاء من أن المتهمين حضروا إليهم وأن بعضهم كان معه عصيان يضرب بها والبعض كان معه أسلحة ويطلقها لفوق ولا يمكن أن يكون ذلك من المتهمين إلا لرد اعتداء حصل عليهم ووقع عليهم على الأقل" كما قال في موضع آخر "إن وجود المتهمين طبيعي ولا يعتبر تجمعهم تجمهر". كما تعرض الدفاع لجريمة القتل العمد المسندة للطاعن الأول على استقلال وقد انتهت المحكمة إلى إدانة الطاعن الأول على أساس ثبوت جنايات القتل العمد وإحراز السلاح الناري المششخن والذخيرة بغير ترخيص وجنحة التعدي المنصوص عليها في المادة 243 من قانون العقوبات وبمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات إعمالاً للمواد 234/ 1 و242/ 1 و243 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 و4 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 وبالقانون رقم 75 سنة 1958. كما دانت الطاعن الثاني على أساس ثبوت جريمتي التعدي المنصوص عليها في المادة 243 من قانون العقوبات وجنحة تسليم السلاح الناري المرخص له بحمله قبل الحصول على ترخيص بذلك طبقاً للمواد 242/ 1 و243 من قانون العقوبات و1 و3 و29 و30 من قانون السلاح سالف الذكر. ودانت الطاعن الثالث والرابع والسادس والثامن بالمادتين 242/ 1 و243 من قانون العقوبات. وعاقبت الطاعن السابع على أساس ثبوت جريمة الضرب المنصوص عليها بالمادتين 242/ 1 و243 سالفتى الذكر وجنايتي إحراز السلاح الناري المششخن والذخيرة بغير ترخيص عملاً بالمواد 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من قانون الأسلحة المشار إليه آنفاً. كما عاملت الطاعنين الأول والسابع بالرأفة عملاً بالمادة 17 عقوبات وطبقت في حقهما وفي حق الطاعن الثاني المادة 32 عقوبات وقضت على كل منهم بعقوبة واحدة وهي المقررة للجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوت واقعة القتل في حق الطاعن الأول قد انتهى إلى أن جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 غير ثابتة في حق المتهمين لعدم توافر أركانهما القانونية ولأن الثابت في حقهم على ما أورده الحكم في مدوناته أنهم توجهوا ضمن عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص توافقت على التعدي والإيذاء وكان بعضهم يحمل أسلحة والبعض الآخر عصياً وكان هذا التجمع الطارئ إنما حدث أثر تبليغ المتهمين الثامن والتاسع (الطاعنين السابع والثامن) لباقي المتهمين من أقاربهم الذين كانوا متفرقين في حقولهم في الصباح. وقد اجتمعوا في عزبة الجمعية الخيرية التي تبعد عن مكان الحادث بمسافة كيلو متر بعد الظهر وما أن علموا بما حدث للمتهمين الأخيرين حتى تواردت خواطرهم واتجهت اتجاهاً ذاتياً نحو الجريمة والانضمام إلى معركة للنيل من المجني عليهم الذين اعتدوا عليهم فذهبوا إليهم حاملين أسلحتهم وصاروا يطلقونها في الهواء واعتدى بعضهم بالضرب البسيط على المجني عليهم ثم انفرد أحدهم وهو المتهم الأول دون باقي المتهمين ممن كانوا يحملون أسلحة نارية بإطلاق النار على أمينة عبد الهادي فأرداها قتيلة وبذلك يكون المتهم الأول وهو أحد المتجمهرين قد استقل بارتكاب جريمة القتل لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وهو توافق المتهمين جميعاً على مجرد التعدي والإيذاء بضرب باقي المجني عليهم وإحداث تلك الإصابات الطفيفة التي أعجزتهم عن أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد على العشرين يوماً. لما كان ذلك، وكانت واقعة القتل العمد التي دين بها الطاعن الأول قد وجهت إليه بالذات ودارت عليها المرافعة أثناء المحاكمة فإن الحكم إذ قضى بإدانته عن هذه التهمة يكون صحيحاً ولا وجه لما يثار في خصوصها من دعوى الإخلال بحق الدفاع طالما كانت هذه الواقعة بذاتها موجهة إليه في أمر الإحالة. وكان الثابت أيضاً أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بجريمة الضرب المسندة إليهم في أمر الإحالة بعد أن استبعد جريمة التجمهر وظرف سبق الإصرار لعدم ثبوتها في حقهم قد أسس هذه الإدانة على ما استخلصه من أن الطاعنين وقد تجمعوا ضمن عصبة مؤلفهم من أكثر من خمسة أشخاص يحملون أسلحة نارية وعصياً توافقوا على التعدي والإيذاء بضرب المجني عليهم وقد وقع هذا الاعتداء بالفعل من بعضهم وهي عناصر اشتمل عليها أصلاً وصف التهمة كما دارت عليها مرافعة الدفاع بالجلسة، ومن ثم فإن ذلك لا يعد تعديلاً في التهمة مما تلتزم المحكمة بلغت نظر الدفاع إليه ذلك أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها أساساً للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطي لها من النيابة العامة هي بذاتها الواقعة التي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضف إليها شيئاً بل نزلت بها إلى وصف أخف من الوصف المبين بأمر الإحالة واستبعدت منه الظرف المشدد للعقوبة. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للطاعنين الأول والسابع من النعي على الحكم في خصوص ما قضى به في جنحة التعدي المنصوص عليها بالمادة 243 من قانون العقوبات ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما المادة 32 من قانون العقوبات فعاقب الطاعن الأول عن الجرائم الأربعة المسندة إليه بعقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجناية القتل العمد باعتبارها الجريمة الأشد وعاقب الطاعن السابع عن الجرائم الثلاث المسندة إليه بعقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجناية إحراز السلاح الناري المششخن بغير ترخيص بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه يكون على غير أساس متعيناً إطراحه.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور وتناقض في التسبيب كما انطوى على فساد في الاستدلال ومخالفة للثابت بالأوراق. وبياناً لذلك يقول الطاعنون أن الحكم وصف الواقعة بما يفيد تتابع الحوادث واتصالها ببعضها ثم عاد ونقض ذلك بما وصف به التجمع من أنه تجمع طارئ وفصل بين واقعة الصباح وواقعة التجمع التي وقعت عصراً مما لا يستقيم به القول بوحدة الترابط الزمني في حكم المادة 243 من قانون العقوبات واكتفى الحكم في إدانة الطاعن الأول بما حصله من أقوال الشهود الثلاثة الأول ليتفادى التناقض في أقوال باقي الشهود وأسند للشاهد محمد أبو سيف سكران أنه حدد المسافة بينه وبين المجني عليها أمينة عند إطلاق النار عليها بحوالي الثلاثة أمتار مع مخالفة ذلك لما قرره في التحقيق من أن الطاعن الأول كان يلصق فوهة البندقية برأس المجني عليها كما ابتسر الحكم مؤدى تقرير الصفة التشريحية في شأن تحديد مسافة الإطلاق وافترض أن الطاعن يحرز بندقية مششخنة بخلاف البندقية التي ضبطت معه مع أن الأحكام لا تبنى على الظن والتخمين بل على الجزم واليقين وفضلاً عما تقدم فقد عاب الطاعن الأول على الحكم أنه أسند إليه أنه أقر في التحقيق بتواجده على مسرح الجريمة مع أنه لم يقل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى ولها أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من جماع تلك الأدلة ولو كان ذلك بطريق الاستنتاج متى كان ما حصلته من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وكان الحكم لم يخطئ في تقديره حين استخلص أن مجيء الطاعنين عصر يوم الحادث ضمن عصبة مؤلفة من أكثر من خمسة أشخاص توافقوا على التعدي والإيذاء إنما كان نتيجة تلقيهم نبأ النزاع الذي قام بين المجني عليهم والمتهمين الثامن والتاسع في صباح ذلك اليوم وكان ما أورده الحكم من ذلك لا يتعارض مع ما اقتنع به من أن تجمع الطاعنين كانا طارئاً وكان ما يثيره الطاعنون من أن توارد الخواطر يتطلب وحدة الترابط الزمني لا سند له في القانون إذ إن كل ما تتطلبه المادة 243 من قانون العقوبات هو توارد خواطر الجناة على الاعتداء واتجاه خاطر كل منهم اتجاهاً ذاتياً إلى ما تتجه إليه خواطر سائر أهل فريقه من تعمد إيقاع الأذى وفقاً لما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون العقوبات الصادر في سنة 1937، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات الثلاثة الأول وهم محمد أبو سيف سكران وولديه محمود وأبو سيف لما لمسته من صدق أقوالهم ومطابقتها للواقع فلا تثريب عليها إن هي التفتت عن أقوال باقي الشهود. وكان ما أثبته الحكم من أقوال الشاهد محمد أبو سيف سكران في شأن تحديد مسافة الإطلاق بزهاء ثلاثة أمتار له سنده الصحيح من أقواله بمحضر جلسة المحاكمة فلا على الحكم إذا هو أخذ بأقوال الشاهد في الجلسة وأطرح أقواله في التحقيق. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن الأول بشأن التعاون بين الدليلين القولي والفني ورد عليه بقوله "ولا يجدي تمسك الدفاع بما قاله له بعض الشهود من أن المتهم الأول أصاب المجني عليه بالعيار عندما كانت في مواجهته بينما الثابت أنها أصيبت في مؤخرة يسار فروة الرأس بعد ما انتهى إليه تقرير الطبيب الشرعي بأنه لا يمكن تحديد موقف الضارب من المضروب وقت إطلاق النار نظراً لأن الرأس عضو متحرك، هذا بالإضافة إلى أنه لا يمنع أن تكون المجني عليها قد أدارت رأسها إلى الخلف عندما هم المتهم الأول بإطلاق بندقيته عليها فأصابها العيار في مؤخر الرأس والقول بأن إصابة المجني عليها لا تأتي إلا من عيار ناري أطلق عليها من سلاح ناري مششخن الماسورة بينما ثبت أن للمتهم الأول بندقية خرطوش مصقولة الماسورة مرخصة باسمه وأنه لم يضبط في حوزته بندقية مششخنة. هذا القول لا يغير شيئاً إذ أن امتلاك هذا المتهم لبندقية خرطوش لا يمنع من استعماله بندقية أخرى ذات ماسورة مششخنة وقد أجمع شهود الإثبات في هذا الصدد بأنه كان يحمل بندقية ميزر وهي من البنادق المششخنة. ولما قاله الحكم فيما تقدم سائغ وكاف في نفي قيام التعارض بين الدليلين القولي الفني. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم من أنه خالف الثابت بالأوراق حين أسند إليه أنه أقر في التحقيق بتواجده على مسرح الجريمة وقت وقوع الحادث مع أنه لم يقل ذلك - مردوداً بأن الثابت من مطالعة ملف المفردات الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً للطعن أن ما أسنده الحكم إلى الطاعن المذكور له أصله في الأوراق. ومن ثم فلا محل لما يثيره في هذين الوجهين.
وحيث إنه لما تقدم كله يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 1230 لسنة 34 ق جلسة 28 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 169 ص 866


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محفوظ، وحسين سامح.
------------
(169)
الطعن رقم 1230 لسنة 34 القضائية

شيك بدون رصيد. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب" جريمة.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. قيامها: بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. تقديم الشيك إلى البنك. لا شأن له في توافر أركان الجريمة. هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك. مثال.

------------
من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك - متى استوفى مقوماته - إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. أما تقديم الشيك إلى البنك فلا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في التدليل على عدم توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات إلى إفادة البنك التي يطلب فيها إيضاح الرقم الصحيح لحساب الطاعن، وكانت هذه الإفادة لا تكفي بذاتها لأن يستخلص منها أن الساحب كان له رصيد قائم وقابل للسحب في تاريخ الاستحقاق - مما كان يقتضي من المحكمة أن تجرى تحقيقاً تستجلى به حقيقة الأمر. فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل ذلك يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه بما يبطله ويعجز محكمة النقض عن مراقبة سلامة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها به، مما يتعين معه نقضه والإحالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 21/ 6/ 1962 بدائرة شبرا: أعطى بسوء نية الشيك المبين بالمحضر لسمير فهمي جبره والذي لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. ومحكمة شبرا الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ 9/ 2/ 1963 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 19/ 3/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمة المسندة إليه بلا مصاريف جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة إعطاء شيك بدون رصيد - قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور - ذلك بأنه قد استند إلى أن إفادة البنك المسحوب عليه التي طلب فيها ذكر الرقم الصحيح لحساب مصدر الشيك - المطعون ضده - لا تفيد أو تدل دلالة قاطعة على توافر أمر من الأمور التي عددتها المادة 337 من قانون العقوبات - في حين أن تلك الإفادة يستفاد منها إما أن المطعون ضده ليس له رصيد بالبنك أو أنه قد ذكر رقماً مخالفاً لرقم حسابه الصحيح مما يعتبر بمثابة أمر منه بعدم الدفع - وفي كلتا الحالين تتوافر أركان الجريمة المسندة إليه متى ثبت سوء نيته - وقد حجبت المحكمة نفسها - بما ذهبت إليه - عن بحث سبب ما أفاد به البنك والتعرض لدفاع المطعون ضده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن المتهم (المطعون ضده) اشترى بضاعة من المجني عليه بمبلغ خمسة وعشرين جنيهاً وحرر له بهذا المبلغ شيكاً على بنك مصر فرع رمسيس وعندما تقدم المجني عليه لصرف هذا الشيك طلب البنك الإفادة عن الرقم الصحيح للحساب - ثم تحدث الحكم عن عدم توافر أركان الجريمة المسندة إلى المطعون ضده بما محصله أن إفادة البنك التي تنطوي على ذكر الرقم الصحيح لا تفيد ولا تدل دلالة قاطعة على أمر من الأمور التي عددتها المادة 337 من قانون العقوبات مما ينهار معه أساس الجريمة المذكورة - وانتهى الحكم من ذلك إلى القضاء ببراءة المتهم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك - متى استوفى مقوماته - إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. أما تقديم الشيك إلى البنك فلا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في التدليل على عدم توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات إلى إفادة البنك التي يطلب فيها إيضاح الرقم الصحيح لحساب الطاعن. وكانت هذه الإفادة لا تكفي بذاتها لأن يستخلص منها أن الساحب كان له رصيد قائم وقابل للسحب في تاريخ الاستحقاق - مما كان يقتضي من المحكمة أن تجرى تحقيقاً تستجلى به حقيقة الأمر. فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل ذلك يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه بما يبطله ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة سلامة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها به - لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم يكون في محله ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

الطعن 1232 لسنة 34 ق جلسة 28 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 170 ص 869


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------------
(170)
الطعن رقم 1232 لسنة 34 القضائية

إثبات. "إثبات بوجه عام". نقض. "أحوال الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". تفتيش. مواد مخدرة.
الإثبات في المواد الجنائية: العبرة فيه باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل المقدم إليها. تعرضها بما هو واجب عليها من تطبيق القانون على الوجه الصحيح إلى بحث مأخذ الدليل والنظر في قبوله في الإثبات أمامها. النعي عليها بأنها تجاوزت في ذلك حدود سلطتها. غير صحيح. علة ذلك: واجبها في فحص الدليل قبل الأخذ به يمنع من القول بأن هناك من الأدلة ما يحرم عليها الخوض فيه. مثال في تفتيش.

-----------------
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل المقدم إليها، فإذا كانت قد تعرضت بما هو واجب عليها من تطبيق القانون على الوجه الصحيح إلى بحث مأخذ الدليل والنظر في قبوله في الإثبات أمامها وهي في ذلك لا تتقيد بوجهات نظر الخصوم أنفسهم، فلا يصح النعي عليها بأنها تجاوزت في ذلك حدود سلطتها لأن واجبها في فحص الدليل قبل الأخذ به يمنع من القول بأن هناك من الأدلة ما يحرم عليها الخوض فيه. ولما كانت الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة من مجموع الأدلة التي أطرحت عليها هي أن الضبط والتفتيش قد حصلا على خلاف القانون وانتهت من ذلك في منطق سليم إلى بطلان هذا الإجراء وما تلاه وخلصت إلى تبرئة المطعون ضده، ومن ثم فلا يصح النعي عليها وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها. ويكون ما تثيره النيابة العامة - من أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان التفتيش وببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز المخدر قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المطعون ضده لم يدفع بهذا البطلان حتى تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها - في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في ليلة 5/ 3/ 1962 بناحية زاوية البقلي مركز الشهداء محافظة المنوفية: - أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة "حشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أ و36 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 الملحق به. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً بتاريخ 9/ 3/ 1963 ببراءة المتهم ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك عملاً بالمادتين 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية مع تطبيق المادة 30/ 2 من قانون العقوبات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببطلان التفتيش وببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز مواد مخدرة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المطعون ضده لم يدفع بهذا البطلان حتى تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، كما أنه وقد صدر أمر النيابة بتفتيش منزل شقيق المطعون ضده فإن هذا الأمر يشمل جميع غرف المنزل بما في ذلك الغرفة المخصصة لاستعمال المطعون ضده ما دام ليس لها كيان مستقل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بالنسبة إلى المطعون ضده في قوله: "إن التهمة المسندة إلى المتهم الثاني عبد الجواد عبد الجيد منتصر (المطعون ضده) مبناها أقوال النقيب وديع لبيب والملازم عبد القادر محمد عبد القادر اللذين قررا أنهما سألا عن حجرة المتهم سعد عبد الجيد المأذون بتفتيشه فأرشدتهما إحدى السيدات بالمنزل إلى الحجرة التي كان بها المتهم الثاني قد خلاها وكان بها عبد الجواد عبد الجيد وقرر لهما أيضاً أنها حجرة سعد، فأجريا تفتيشها وطلب مفتاح الدولاب من المتهم فقدمه لها ولما فتحا الدولاب وجدا فيه كيساً من النايلون بداخله سبع عشر لفافة بكل لفافة قطعة من الحشيش وقد تبين من الاطلاع على محضر المعاينة التي أجرتها النيابة أن الدور الأرضي للمنزل مكون من ثلاثة غرف وحظيرة للمواشي ودلت أقوال والد المتهمين في المعاينة أن سعد يختص بالحجرة المجاورة لحجرة عبد الجواد التي فتشت بينما هو وزوجته وابنه الأعزب يقيمون في الحجرة الثالثة بالدور الأرضي وأن ابنه سعد يقيم بالحجرة التي كانت بسطح المنزل وتأيدت هذه الأقوال بأقوال المتهم عبد الجواد وزوجته وسعد" ثم عرض الحكم بعد ذلك لبطلان التفتيش بقوله: "إنه لما كان المتهم عبد الجواد عبد الجيد منتصر مسكناً منفصلاً عن مسكن أخيه سعد ولم يصدر إذن من النيابة بتفتيش مسكنه ولم يكن في حالة من حالات التلبس التي تجيز القبض عليه فإن التفتيش الذي حصل في مسكنه يكون باطلاً ويترتب على ذلك بطلان الإجراءات التالية لهذا التفتيش الذي لا يبيحه القانون ولا يحتج في هذا المقام بأن الذين قاما بالتفتيش قد خدعا برغم أن عبد الجواد نفسه وأخرى ذكرا للقائمين بالتفتيش أن هذه الغرفة هي غرفة سعيد عبد المجيد إذ الواقع أن هذا الإرشاد الخاطئ لم يقل به أحد من سكان المنزل الذين سئلوا بتحقيقات النيابة وإنما قيل من المنوط بهم التفتيش لحجب خطأ وقعوا فيه ولذلك فإن المحكمة تستبعد أقوال الضابطين في هذا الخصوص لعدم الاطمئنان إليها، وما دام قد ثبت للمحكمة أن التفتيش الحاصل بمسكن المتهم الثاني باطل فإنه يتعين الحكم ببراءته من التهمة المسندة إليه"، لما كان ذلك، وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل المقدم إليها، فإذا كانت قد تعرضت بما هو واجب عليها من تطبيق القانون على الوجه الصحيح إلى بحث مأخذ الدليل والنظر في قوله في الإثبات أمامها وهي في ذلك لا تتقيد بوجهات نظر الخصوم أنفسهم، فلا يصح النعي عليها بأنها تجاوزت في ذلك حدود سلطتها لأن واجبها في فحص الدليل قبل الأخذ به يمنع من القول بأن هناك من الأدلة ما يحرم عليها الخوض فيه، ولما كانت الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة من مجموع الأدلة التي أطرحت عليها هي أن الضبط والتفتيش قد حصلا على خلاف القانون وانتهت من ذلك في منطق سليم إلى بطلان هذا الإجراء ومما تلاه - وخلصت إلى تبرئة المطعون ضده، ومن ثم فلا يصح النعي عليها وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها، ولما كان الحكم قد دلل بما ساقه من أدلة سائغة على أن مسكن المطعون ضده مستقل عن مسكن شقيقه الذي صدر الإذن بتفتيشه، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن النعي برمته يكون في غير محله ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 1233 لسنة 34 ق جلسة 28 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 171 ص 873


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل.
---------------
(171)
الطعن رقم 1233 لسنة 34 القضائية

تزوير. جريمة. نقض. "أحوال الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
التزوير المعاقب عليه. تمامه خفية أو استلزام دراية خاصة لكشفه. غير لازم. يستوي أن يكون التزوير واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن. ما دام تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. مثال.

-------------
لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم خفية أو أن يستلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون التزوير واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. ولما كان يبين من الأوراق أن التزوير الذي ارتكبه المطعون ضده في رخصة القيادة قد انخدع به صاحب السيارة التي كان المطعون ضده يعمل سائقاً لها إذ قرر أنه اطلع على هذه الرخصة فلم يلحظ ما بها من تزوير، كما أن الضابط الذي ضبط الواقعة لم يقطع بحصول تزوير في الرخصة بل اشتبه فقط في أمرها فأرسلها إلى قلم المرور للتأكد من صحة البيانات المدونة فيها - فإن القرار المطعون فيه إذ انتهى إلى الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى على المتهم استناداً إلى افتضاح التزوير يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه وإعادة القضية إلى مستشار الإحالة لإحالتها إلى محكمة الجنايات.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 10/ 9/ 1959 بدائرة قسم الأربعين محافظة السويس: أولاً - ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو رخصة القيادة رقم 525 لجميع أنواع السيارات بأن محا اسم حسن حسين حسين الشرقاوي المنصرفة له الرخصة وجنسيته مصري وكتب بخطه بدلاً منها زوراً اسم صبحي علي لطفي وجنسيته فلسطيني. ثانياً - استعمل الرخصة المزورة سالفة الذكر بأن استند إليها في قيادة السيارة رقم 2510 نقل القاهرة مع علمه بتزويرها. ثالثاً - سرق الرخصة سالفة الذكر والمملوكة لحسن حسن حسين الشرقاوي. وطلبت من مستشار الإحالة إحالة الدعوى لمحكمة جنايات السويس لمعاقبة المتهم بالمواد 211 و212 و214 و318 من قانون العقوبات. وقضى السيد مستشار الإحالة غيابياً بجلسة 14 أبريل سنة 1963. أولاً: بأن لا وجه لإقامة الدعوى على المتهم بتهمتي التزوير والاستعمال وهما التهمتان الأولى والثانية بتقرير الاتهام. ثانياً - بعدم اختصاص قضاء الإحالة بالدعوى الخاصة بجنحة السرقة المسندة إلى المتهم - وهي موضوع التهمة الثالثة بتقرير الاتهام - وبإحالة هذه الدعوى إلى محكمة السويس الجزئية وعلى النيابة العامة اتخاذ ما يقرره القانون من إجراء. فطعنت النيابة العامة في هذا القرار بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الأمر المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه انتهى إلى الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده عن تهمتي التزوير في محرر رسمي واستعمال هذا المحرر مع علمه بتزويره تأسيساً على أن التزوير كان مفضوحاً وليس من شأنه أن ينخدع به الناس في حين أن المطعون ضده قام بمحو البيانات التي كانت مدونة في رخصة قيادة السيارات التي ضبطت معه وحرر بدلاً منها بيانات مزورة تشتمل على اسمه وجنسيته مما تتوفر به جريمة التزوير في الأوراق الرسمية ولو لم يصل التزوير إلى درجة من الإتقان ينخدع به الناس فضلاً عن أن الثابت من أوراق الدعوى أن صاحب السيارة التي يقودها المطعون ضده قد انخدع بهذا التزوير وأن المطعون ضده ظل يستعمل الرخصة المزورة زهاء ستة شهور دون أن يفتضح أمره كما أن الضابط الذي ضبط الواقعة لم يقطع بحصول التزوير بل ارتاب فقط في أمر هذه الرخصة فأرسلها إلى قلم المرور للتأكد من صحة ما بها من بيانات.
وحيث إن القرار المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أن الملازم أول صلاح ناصف ضابط المرور بالسويس كان ماراً بميدان الأربعين وشاهد عدداً من السيارات تزحم الطريق فعمل على تنظيم حركة المرور بالميدان وأخذ رخص بعض السائقين لفحصها ومن بينها الرخصة التي يحملها المطعون ضده ولما اطلع عليها لاحظ وجود كشط بها عند اسم صاحب الرخصة وجنسيته فسلمها للكونستابل محمد حسين الحسيني الذي كان يرافقه معرباً له عن ارتيابه فيها وكلفه بإرسالها إلى قلم مرور الشرقية الصادرة منه للوقوف على مدى صحة بياناتها وقد أفاد قلم المرور بأن الرخصة المضبوطة مقيدة باسم السائق حسن حسين حسن الشرقاوي وأن الصورة الفوتوغرافية الملصقة بها خاصة بصاحبها الحقيقي وقد حصل منه تبليغ بفقدها وقرر حسن الشرقاوي أنه كان يعمل سائقاً لإحدى السيارات وكان المطعون ضده يعمل "تباعاً" لها ثم ترك عمله وبعد يومين اكتشف فقد رخصة القيادة الخاصة به فأبلغ بفقدها واتهم المطعون ضده بسرقتها وإحداث ما بها من تغيير، وقد أنكر المطعون ضده ما نسب إليه واستكتبته النيابة وأرسلت الأوراق إلى الطب الشرعي فجاء تقريره أن المطعون ضده هو كاتب العبارات (صبحي علي لطفي فلسطيني) المستحدثة بالرخصة وأن هذه العبارات كتبت محل عبارات كانت موجودة من قبل ثم أزيلت بطريق الكشط. ثم عرض القرار للتزوير الحاصل في هذا المحرر بقوله إنه وإن كانت الأدلة متوافرة على حصول هذا الفعل من المتهم إلا أن الفعل المذكور لا يتمخض عن تزوير بالمعنى القانوني إذ يبين من الاطلاع على المحرر افتضاح التزوير بالنظرة المجردة لأن العبارات المستحدثة محررة بحبر يختلف لونه عن الحبر المحررة به البيانات الأصلية الباقية في الرخصة فضلاً عن اختلاف الخط اختلافاً ظاهراً كما أن المتهم استبقى صورة صاحب الرخصة الحقيقي فلم ينزعها ويضع صورته مكانها وانتهى القرار من ذلك إلى الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على المتهم عن تهمتي التزوير والاستعمال المسندتين إليه، وعدم اختصاص قضاء الإحالة بالدعوى الخاصة بجنحة سرقة الرخصة موضوع التزوير وبإحالتها إلى محكمة السويس الجزئية. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم خفية أو أن يستلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون التزوير واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن التزوير الذي ارتكبه المطعون ضده في رخصة القيادة قد انخدع به شعبان أحمد الشقره وهو صاحب السيارة التي كان المطعون ضده يعمل سائقاً لها إذ قرر أنه اطلع على هذه الرخصة فلم يلحظ ما بها من تزوير كما أن الضابط الذي ضبط الواقعة لم يقطع بحصول تزوير في الرخصة بل اشتبه فقط في أمرها فأرسلها إلى قلم المرور للتأكد من صحة البيانات المدونة فيها. لما كان ذلك، فإن القرار المطعون فيه إذ انتهى إلى الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى على المتهم استناداً إلى افتضاح التزوير يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه وإعادة القضية إلى مستشار الإحالة لإحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المطعون ضده طبقاً للمواد 211 و212 و214 من قانون العقوبات عن التهمتين المسندتين إليه وهما أنه في يوم 10/ 9/ 1959 بدائرة قسم الأربعين محافظة السويس: أولاً - ارتكب تزوير في محرر رسمي هي رخصة القيادة رقم 525 لجميع أنواع السيارات "شرقية" بأن محا اسم حسن حسين حسن الشرقاوي المنصرفة له الرخصة وجنسيته مصري وكتب بخطه بدلاً منها زوراً اسم صبحي علي لطفي وجنسيته فلسطيني. ثانياً - استعمل الرخصة المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها، وكذلك عن تهمة السرقة المرتبطة بها.

الطعن 1766 لسنة 34 ق جلسة 28 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 173 ص 8881


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------
(173)
الطعن رقم 1766 لسنة 34 القضائية

(أ) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". ضرب أفضى إلى الموت. ضرب.
لفت المحكمة نظر الدفاع بالجلسة إلى أن يتناول في مرافعته ما نمت عنه التقارير الطبية من أن الأعراض - لا الإصابات - هي التي أودت بحياة المجني عليه. عدم اعتباره تغييراً لوصف جناية الضرب المفضي إلى الموت. هو مجرد بيان لعناصرها. إنهاء المحكمة إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه واستبعادها تبعاً لذلك وصف الجناية وإسباغها على الواقعة وصف الجنحة المنطبقة على المادة 242/ 1 عقوبات. لا حاجة إلى الإشارة في مدونات حكمها إلى ما أجرته بالجلسة.
(ب) مسئولية جنائية. "علاقة السببية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علاقة السببية في المواد الجنائية. طبيعتها: علاقة مادية. تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً. ثبوت قيام هذه العلاقة. موضوعي.
(جـ) إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
المحاكمة الجنائية: العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. لا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا إذا قيده القانون بذلك.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين.
(هـ) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. حكم. "تسبيب. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع. مثال.

---------------
1 - لما كان ما أجرته المحكمة بالجلسة قد اقتصر على لفت نظر الدفاع إلى أن يتناول في مرافعته أيضاً ما نمت عنه التقارير الطبية من أن الأعراض - لا الإصابات - هي التي أودت بحياة المجني عليه مما لا يعد في حكم القانون تغييراً لوصف جناية الضرب الذي أفضى إلى الموت وإنما هو مجرد بيان لعناصرها. ولما كانت المحكمة قد انتهت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه واستبعدت تبعاً لذلك وصف الجناية وأسبغت على الواقعة وصفاً جديداً هو وصف الجنحة المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات، فما كانت إذن بحاجة إلى أن تشير في مدونات حكمها إلى ما أجرته بالجلسة من تعديل لعناصر جناية الضرب المفضي إلى الموت.
2 - علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية ما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً. وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه.
3 - العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون في سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
4 - من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين.
5 - تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص - مما حوته التقارير الطبية المقدمة في الدعوى أنه لا يوجد ثمة ما ينفي حدوث وفاة المجني عليه ذاتياً بسبب مرضه أو بسبب فعله نفسه وما بذله من مجهود لا قبل له به وأنه لا يمكن بحال الجزم بأن الوفاة كانت نتيجة للفعل الذي قارفه المتهم أو أن ذلك الفعل قد ساهم بنصيب فيها، وكانت الطاعنتان لا تنازعان في صحة ما نقله الحكم عن هذه التقارير، فلا يجوز لهما أن تصادرا المحكمة فيما تشككت فيه أو أن تنعيا عليها عدم أخذها بالنتيجة التي أسفرت عنها التقارير الطبية الشرعية ما دامت المحكمة قد داخلتها الريبة في صحة هذه النتيجة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 7/ 10/ 1960 بناحية بندر شبرا محافظة القليوبية: ضرب حنا بباوى فأحدث به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعت السيدتان/ فوزية ناشد عياد وآجية إبراهيم بحق مدني قدره عشرون ألف جنيه قبل المتهم والمهندس حسن جميعي بصفته ممثلاً لشركة النصر لصناعة المواسير ومسئولاً مدنياً على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً بتاريخ 16/ 11/ 1963 باعتبار الواقعة جنحة ضرب بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات ومعاقبة المتهم بتغريمه عشرة جنيهات ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها مصروفاتها ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعنت المدعيتان بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الواقعة المسندة إلى المطعون ضده جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات وقضى بتغريمه عشرة جنيهات ورفض الدعوى المدنية قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان أن المحكمة التي أصدرت الحكم لم تسمع شهود الإثبات بعد تغير الهيئة واكتفت بشهادتهم التي أدلوا بها أمام الهيئة الأولى، كما أصدرت حكمها على أساس الوصف الذي أحيلت به الدعوى باعتبار الواقعة جنحة ضرب أفضى إلى موت دون أن تفطن إلى أن الهيئة الأولى قد عدلت الوصف بجلسة 3/ 2/ 1963 إلى أن الضرب وما صحبه من انفعال نفساني ومجهود جسماني قد أدى إلى الموت وأغفلت مناقشة الوصف الجديد أو الإشارة إليه ولم تعرض للانفعال النفساني والمجهود الجسماني اللذين صحبا الحادث ومهدا للنوبة القلبية الحادة التي نجمت عنها الوفاة. ثم إن الحكم استند إلى أقوال شهود الإثبات لتأييد ما أورده في بيان واقعة الدعوى من أن المطعون ضده صفع المجني عليه على وجهه في حين أن الثابت من أقوال ثلاثة عشر شاهداً بالتحقيقات وبالجلسة أن الاعتداء لم يقتصر على مجرد الصفع وإنما تعداه إلى الضرب باليدين وبقبضتيهما وإلى طرح المجني عليه أرضاً والاستمرار في ضربه بيديه وركله بقدميه في صدره وظهره حتى أخرجه من المصنع. كما أن ما خلص إليه الحكم من أن وفاة المجني عليه حدثت ذاتياً وتلقائياً دون أن يكون لفعل المتهم دخل في إحداثها يخالف الثابت من تقرير الصفة التشريحية ومن تقريري كبير الأطباء الشرعيين والتي تضمنت أن الحالة المرضية المزمنة المتقدمة بقلب المجني عليه وشرايينه التاجية والأورطى مع الانفعال النفساني والمجهود الجسماني الذين صحبا الحادث مضافاً إليه المجهود الجسماني الذي بذله المجني عليه في السير على قدميه من مكان الحادث إلى قسم شرطة بندر شبرا كل هذه العوامل قد اشتركت في إحداث الوفاة بحيث لا يمكن إخلاء مسئولية الحادث من الإسهام في حدوثها، ثم ما خلص إليه الحكم يخالف ما استقر عليه الفقه والقضاء من مساءلة الجاني عن الضرب الذي يفضي إلى موت ولو لم يكن الضرب هو العامل الوحيد للوفاة، وإنما ساهمت فيه عوامل أخرى سابقة أو لاحقة طالما كان الضرب هو الذي حرك تلك العوامل الأخرى فأدت مجتمعة إلى حدوث الوفاة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المجني عليه حنا بباوى حنا كان يعمل بوظيفة رئيس قسم التحسين بمصنع مواسير سيفر الواقع بجهة بندر شبرا من أعمال محافظة القليوبية ويعمل المتهم سيمون نيقولا سيمون - المطعون ضده - مديراً لهذا المصنع وفي يوم 7 أكتوبر سنة 1960 أثناء كان المدير المذكور يتفقد سير العمل في بالمصنع وأثناء مروره بالقسم الذي يعمل به المجني عليه لاحظ تقصيراً من هذا الأخير في عمله حدا به إلى أن يلفت نظره إلى ذلك وأن ينهره فأغلظ له المجني عليه في القول مما أثار غضب المتهم فصفعه على وجهه وأمر بإجراء تحقيق إداري له فخرج المجني عليه على إثر ذلك متجهاً إلى مكتب التحقيقات بالدور العلوي فصعد بضع درجات ثم هبطها وسار مسافة طويلة إلى مبنى قسم شرطة بندر شبرا البعيدة عن المصنع منتوياً تقديم شكوى ضد المدير وما كاد يبلغ باب مركز الشرطة حتى وقع على الأرض وفارق الحياة أمام الشرطي درويش إسماعيل عبده الذي كان يقف أمام باب القسم للحراسة فأبلغ الأخير بالحادث" واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها من أقوال حسن هاشم حسن وأحمد عبد المولى الغفاري ومحمد عفيفي رزق ومحمد حسن يوسف وصابر عطيه البنداري وحسني إبراهيم مذكور وعيد إبراهيم أحمد من عمال المصنع والشرطي درويش إسماعيل عبده وإلى اعتراف المتهم. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولما كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن محكمة الجنايات بهيئة أخرى سمعت شهود الواقعة ولما أعيد نظرها أمام الهيئة الجديدة بحضور المتهم والمحامين عنه وعن المدعيتين بالحق المدني الطاعنتين - أثبت الدفاع اكتفاءه بتلاوة الشهود كما هي مبينة بالتحقيقات فأمرت المحكمة بتلاوتها وتليت وما دام قد ثبت أن الدفاع عن الطاعنتين قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات أمام الهيئة الجديدة فلا يجوز لهما من بعد أن تدفعا ببطلان إجراءات المحاكمة أو تنعيا على الحكم الإخلال بحق الدفاع لاستغنائه عن سماع هؤلاء الشهود. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه ضرب المجني عليه فأحدث به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته، وبجلسة 3/ 2/ 1963 لفتت المحكمة نظر الدفاع للمرافعة أيضاً على الوصف الآتي "ضرب عمداً حنا بباوى فأحدث به الأعراض الموضحة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته"، وخلصت المحكمة في حكمها إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه وطبقت في حق المتهم الجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان ما أجرته المحكمة بجلسة 3/ 2/ 1963 قد اقتصر على لفت نظر الدفاع إلى أن يتناول في مرافعته أيضاً ما نمت عنه التقارير الطبية من أن الأعراض - لا الإصابات - هي التي أودت بحياة المجني عليه مما لا يعد في حكم القانون تغييراً لوصف جناية الضرب الذي أفضى إلى الموت وإنما هو مجرد بيان لعناصرها، ولما كانت المحكمة قد انتهت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه واستبعدت تبعاً لذلك وصف الجناية وأسبغت على الواقعة وصفاً جديداً هو وصف الجنحة المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات، فما كانت إذن بحاجة إلى أن تشير في مدونات حكمها إلى ما أجرته بالجلسة من تعديل لعناصر جناية الضرب المفضي إلى موت، من ثم فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - عند تحصيله لواقعة الدعوى - قد أسند إلى المتهم أنه اعتدى على المجني عليه بأن صفعه على وجهه، واستند في قضائه إلى ما اطمأن إليه من أقوال شهود الواقعة، وأورد مؤدى ما حصله منها بما له سنده من أقوالهم بمحضر جلسة المحاكمة مما ينفي عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد، على أنه بفرض صحة ما تقوله الطاعنتان من مقارفة المتهم لأفعال اعتداء أخرى على المجني عليه خلاف الصفع على الوجه، فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في سلامة الحكم مادام قد انتهى في تدليل سائغ وبما له سنده من التقارير الطبية المقدمة في الدعوى إلى عدم قيام رابطة السببية بين ما وقع على المجني عليه من اعتداء - مهما تنوعت صوره وبين الوفاة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد تقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الاستشاري وتقرير كبير الأطباء الشرعيين ورد الطبيب مقدم التقرير الاستشاري وتعليق كبير الأطباء الشرعيين عليه خلص إلى عدم قيام رابطة السببية بين إصابات المجني عليه ووفاته في قوله: "وحيث إن الذي يخلص للمحكمة من استقراء كافة هذه التقارير إن الأطباء المذكورين قد أكدوا بالإجماع فيما بينهم أن الإصابات التي وجدت بالمجني عليه لا تؤدي بطبيعتها لبساطتها إلى إحداث الوفاة كما أجمعوا على أن المجني عليه كان مصاباً بمرض في القلب عبارة عن تصلب واثيرومامتكلس بالشرايين التاجية وضمور القلب البني وأن هذه الحالة المرضية هي حالة مزمنة وسابقة على الحادث كما أكدوا جميعاً أنه من الممكن أن تفاجئ المريض بهذه الحالة نوبة قلبية في أي وقت تلقائياً، ولكن الخلاف بينهم قد انحصر فيما ذهب إليه كل من الطبيب الذي أجرى الصفة التشريحية وكبير الأطباء الشرعيين من ناحية والطبيب الاستشاري من ناحية أخرى من أن للحادث دخل في حدوث الوفاة.. وأن المحكمة تنتهي من كل ذلك إلى أنه ليس ثمة ما ينفي حدوث الوفاة للمجني عليه ذاتياً وتلقائياً دون أن يكون لما أتاه المتهم دخل فيها... وأن جريمة الضرب المفضي إلى الموت تتطلب علاقة السببية بين الفعل الذي يصدر عن الجاني وبين حدوث وفاة المجني عليه... وأن الفقه والقضاء قد جريا على أنه ينبغي في كل الحالات أن يثبت بوجه قاطع أن الوفاة لم تكن بسبب مرض أو ضعف شيخوخي وحدهما إذ تنتفي في ذلك السببية بغير نزاع بين فعل الجاني والوفاة بل لابد أن تكون الوفاة قد حصلت أصلاً بسبب الاعتداء وأن المرض قد لعب دوراً ثانوياً على الأقل في التعجيل بها. أما إذا كان لهذا أو لذلك الدور الفعلي لا للإصابة في إحداث الوفاة فإنه ينبغي القول بانقطاع السببية بين هذه الأخيرة وبين الوفاة. وبأن العلة في إحداث الوفاة هي المرض الطارئ دون الإصابة أو الإصابة دون المرض الطارئ مسألة موضوعية والشك فيها ينبغي أن يفسر لصالح المتهم طبقاً للقواعد العامة... ولما كان الثابت في كافة التقارير الطبية السابق بيانها أن المجني عليه كان مصاباً بمرض في القلب هو تصلب واثيرومامتكلس بالشرايين التاجية وضمور القلب البني وأن هذا المرض يؤدي ذاتياً إلى الوفاة، كما ثبت من أوراق الدعوى أن المجني عليه بعد مشاحنة مع المتهم خرج من المصنع وصعد بضع درجات إلى الدور العلوي ثم هبطها ثانية وخرج منها متوجهاً إلى قسم الشرطة الذي تفصله عن المصنع مسافة كبيرة فإنه على ضوء ما سلف من آراء طبية مجمع عليها في كل التقارير المقدمة في الدعوى لا يكون ثمة ما يمكن أن ينفي حدوث وفاة المجني عليه ذاتياً بسبب المرض الذي كان مزمناً عنده وسابقاً على وقوع الحادث كما ينفي حدوث الوفاة بسبب فعل المجني عليه نفسه وما بذله من مجهود لا قبل له به وهو يعاني في هذه الحالة المتقدمة من الضعف والمرض الأمر الذي لا يمكن معه بحال الجزم بأن الوفاة كانت نتيجة للفعل الذي قارفه المتهم أو أن ذلك الفعل قد ساهم فيها بنصيب. ولما كانت رابطة السببية - يجب أن تكون ثابتة على وجه اليقين كما سبق البيان وذلك كعنصر من عناصر المسئولية في هذه الجريمة وأن كل شك يلابسها لا بد وأن يفسر لصالح المتهم، فإن المحكمة لا ترى من هذه الظروف والملابسات أن رابطة السببية قد توافر ثبوتها ومن ثم فتكون جناية الضرب المفضي إلى الموت غير متكاملة الأركان ويكون التكليف الصحيح للجزم الذي يجب أن يساءل المتهم عنه هو أنه ضرب لم يتطلب علاجاً مما يدخل في حكم نص المادة 242/ 1 من قانون العقوبات ذلك أن تقرير الصفة التشريحية لم يثبت بالمجني عليه آثاراً تخلفت عن صفع المتهم له وكل ما أثبته من إصابات علله بالسقوط على الأرض. لما كان ما أورده الحكم تدليلاً على انتفاء قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية ما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وكان ثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ذلك وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين، ومن المقرر أيضاً أن تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص مما حوته التقارير الطبية المقدمة في الدعوى أنه لا يوجد ثمة ما ينفي حدوث وفاة المجني عليه ذاتياً بسبب مرضه أو بسبب فعله نفسه وما بذله من مجهود لا قبل له به وأنه لا يمكن بحال الجزم بأن الوفاة كانت نتيجة للفعل الذي قارفه المتهم أو أن ذلك الفعل قد ساهم بنصيب فيها، وكانت الطاعنتان لا تنازعان في صحة ما نقله الحكم عن هذه التقارير، فلا يجوز لهما أن تصادرا المحكمة فيما تشككت فيه أو أن تنعيا عليها عدم أخذها بالنتيجة التي أسفرت عنها التقارير الطبية الشرعية ما دامت المحكمة قد داخلها الريبة في صحة هذه النتيجة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعنتين المصروفات المدنية.

الأربعاء، 22 أبريل 2020

الطعن 1688 سنة 9 ق جلسة 20 / 11 / 1939 مج عمر الجنائية ج 5 ق 8 ص 11

جلسة 20 نوفمبر سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حامد فهمي بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
--------------
(8)
القضية رقم 1688 سنة 9 القضائية
(أ) إجراءات. 
تقرير القاضي الملخص. إثبات حصول تلاوته بمحضر الجلسة. الادعاء بعدم حصول التلاوة. سبيله. الطعن بالتزوير.
(المادة 229 تحقيق)
(ب) سب. 
عبارات السب. تحصيلها من أقوال المجني عليه والشهود والمتهم. موضوعي. وجود خلاف بين بعض هذه الأقوال وبعض. لا تأثير له فيما حصّل القاضي وقوعه من عبارات السب.
--------------
1 - متى كان ثابتاً بمحضر جلسة المحاكمة أن القاضي الملخص تلا تقرير الدعوى فإن ذلك لا يقبل معه الادعاء بعدم حصول التلاوة إلا عن طريق الادعاء بالتزوير في المحضر.
2 - إن إدانة المتهم بأنه سب المجني عليه بعبارات معينة دون غيرها من العبارات المدعاة اعتماداً على أقوال المجني عليه وأقوال شهوده وقول المتهم نفسه لا يعيبها أن يكون بين بعض هذه الأقوال وبعض زيادة أو نقص في ألفاظ السب لأن المرجع في تعرّف الحقيقة هو ما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض.

الطعن 1655 سنة 9 ق جلسة 27 / 11 / 1939 مج عمر الجنائية ج 5 ق 12 ص 18

جلسة 27 نوفمبر سنة 1939
برياسة حضرة حامد فهمي بك المستشار وبحضور حضرات: محمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك ونجيب مرقس بك المستشارين.
---------------
(12)
القضية رقم 1655 سنة 9 القضائية
دفاع شرعي. 
إباحة استعمال القوّة اللازمة للدفاع عن النفس أو عن المال. مناطها. محاولة المجني عليه حل بقرة المتهم من الساقية ليتمكن هو من إدارتها لري أرضه. اعتداء المتهم عليه. لا يعتبر دفاعاً شرعياً عن حق له.
(المواد 210 و340/ 1 و342/ 1 و3 ع = 246 و387/ 1 و389(
----------------
إن القانون يشترط في الفقرة الأولى من المادة 246 عقوبات لإباحة استعمال القوّة دفاعاً عن النفس أن يكون استعمالها لازماً لدفع كل فعل يعتبر جريمة على النفس منصوصاً عليها في قانون العقوبات، ويشترط في الفقرة الثانية لإباحة استعمال القوّة دفاعاً عن المال أن يكون استعمالها لازماً لرد كل فعل يعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الأبواب: الثاني (الحريق عمداً) والثامن (السرقة والاغتصاب) والثالث عشر (التخريب والتعييب والإتلاف) والرابع عشر (انتهاك حرمة ملك الغير) من الكتاب الثاني، وكذلك في المادة 387 فقرة أولى (الدخول في أرض مهيأة للزرع إلخ) وفي المادة 389 فقرة أولى وثالثة (إتلاف المنقولات ورعي المواشي بأرض الغير) من قانون العقوبات. فإذا كان كل ما وقع من المجني عليه هو أنه حاول حل بقرة المتهم من الساقية ليتمكن من إدارتها لري أطيانه فإن اعتداء المتهم عليه لردّه عن ذلك لا يعتبر دفاعاً شرعياً عن حقه في إدارة الساقية إتماماً لري أرضه، لأن هذا الحق ليس مما تصح المدافعة عنه باستعمال القوّة.

الطعن 411 لسنة 34 ق جلسة 5 / 10 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 108 ص 552


جلسة 5 من أكتوبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ أديب نصر، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم.
-------------
(108)
الطعن رقم 411 لسنة 34 القضائية

سرقة. "سرقة في طريق عمومي". ظروف مشددة.
تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية. الحكمة منه: تأمين المواصلات. توافر هذه الحكمة سواء وقعت السرقة على المجني عليه من لصوص انقضوا عليه في عرض الطريق أو من لصوص رافقوه منذ البداية.

--------------
الحكمة من تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية هي تأمين المواصلات، وهذه الحكمة تتوافر سواء وقعت السرقة على المجني عليه من لصوص انقضوا عليه في عرض الطريق أو من لصوص رافقوه منذ البداية.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة أول مايو سنة 1961 بدائرة قسم التل الكبير محافظة الإسماعيلية: شرعوا في قتل شعبان أمين أيوب عمداً ومع سبق الإصرار، بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً "سكيناً" واستدرجوه إلى الطريق العام فلما ظفروا به أمسكه المتهم الثاني من رقبته وطعنه المتهم الأول بالسكين قاصدين من ذلك قتله فحدث به الإصابة الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نفذت إلى التجويف الصدري البلوري وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا السيارة والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لشعبان أمين يوسف وشعبان إمبابي حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحاً "سكيناً" وكان ذلك في الطريق العمومي الموصل بين مدينتي الإسماعيلية والتل الكبير. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالة المتهمين على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و234/ 3 و315/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضورياً بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1962 عملاً بالمادة 315/ 1 و2 و3 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة والثالث والرابع بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة وذلك بعد أن استبعدت المحكمة في حق المتهمين تهمة الشروع في القتل. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعنين من الثاني للأخير، وإن قرروا بالطعن في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ومن ثم يكون الطعن المقدم منهم غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجريمة سرقة بإكراه بالطريق العام طبقاً لنص المادة 315 من قانون العقوبات، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لما كانت الحكمة من هذا النص هي تأمين المواصلات وتأمين الناس في انتقالهم من بلدة لأخرى، فإنه يجب لانطباقه أن يعترض الجناة المجني عليه في الطريق العام ويأخذون منه المال كرهاً، وهو أمر لم يتوفر في واقعة الدعوى، إذ الثابت منها أن أحداً لم يعترض المجني عليه في طريقه بل كان الجناة يستقلون معه السيارة وقت مقارفتهم الجريمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن وباقي الجناة تظاهروا باستئجار سيارة المجني عليه، وما أن سارت بهم ليلاً في الطريق العام بدائرة التل الكبير حتى أمسك واحد منهم برقبة المجني عليه وضربه الطاعن بسكين في صدره لشل مقاومته فحدثت به إصابة أفقدته الوعي، وعلى أثر ذلك تخلصوا منه واستولوا على السيارة وأشياء أخرى، ثم أورد الحكم على ثبوت واقعة لديه هذا النحو أدلة من شأنها أن تؤدي إليها وخلص إلى إدانة الطاعن وباقي الجناة طبقاً لنص المادة 315 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان مسلماً أن الحكمة في تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية هي تأمين المواصلات، فإنه لا مشاحة كذلك في أن هذه الحكمة تتوافر سواء وقعت السرقة على المجني عليه من لصوص انقضوا عليه في عرض الطريق أو من لصوص رافقوه منذ البداية. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه حين أعمل المادة 315 من قانون العقوبات بعد إذ ثبت توافر كافة العناصر القانونية للجريمة التي نصت عليها، يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون الطعن بالتالي على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1 لسنة 34 ق جلسة 30 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 نقابات ق 2 ص 549


جلسة 30 من نوفمبر سنة 1964
برياسة السيد الأستاذ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.
------------
(2)
الطعن رقم 1 لسنة 34 صحافة

صحافة. "نقابة الصحفيين". عملية الانتخاب. "انتخاب أعضاء مجلس النقابة والنقيب".
عملية الانتخاب بنقابة الصحفيين تتم على مرحلتين متعاقبتين تباشرهما الجمعية العمومية: (الأول) بانتخاب أعضاء مجلس النقابة. (والثانية) بانتخاب النقيب من بين أعضاء المجلس، وتبدأ بعد إعلان نتيجة المرحلة الأولى.
بدء انعقاد الجمعية العمومية صحيحاً. انصراف بعض الحاضرين من الأعضاء عقب الانتخاب الأول وقبل إجراء الانتخاب الثاني أو امتداد وقت الانتخاب إلى ما بعد منتصف الليل. لا عيب في الانتخاب. ولا بطلان في إجراءات انتخاب النقيب.

---------------
مؤدى نصوص المواد 41، 43 من القانون رقم 185 لسنة 1955 بشأن نقابة الصحفيين و15 من القرار الوزاري رقم 195 لسنة 1955 الخاص باعتماد اللائحة الداخلية لنقابة الصحفيين أن عملية الانتخاب تتم على مرحلتين متعاقبتين تباشرهما الجمعية العمومية الأولى بانتخاب أعضاء مجلس النقابة، والثانية - وتبدأ بعد إعلان نتيجة المرحلة الأولى - بانتخاب النقيب من بين أعضاء مجلس النقابة. فعملية انتخاب النقيب إذن ليست إلا استمرار لعملية انتخاب أعضاء مجلس النقابة. وما دام الطاعن لا ينازع في أن انعقاد الجمعية العمومية قد بدأ صحيحاً متفقاً مع حكم القانون، فإن انصراف بعض الحاضرين من الأعضاء عقب انتخاب أعضاء مجلس النقابة وقبل الانتخاب الخاص بمركز النقيب أو امتداد وقت الانتخاب إلى ما بعد منتصف الليل ليس فيهما ما يعيب الانتخاب أو يبطل إجراءات انتخاب النقيب.


الوقائع
بتاريخ 16 يونيه سنة 1964 طعن الطاعن - بتقرير في قلم كتاب المحكمة على القرار الصادر من الجمعية العمومية للصحفيين في 29 مايو سنة 1964 بانتخاب النقيب وأودع معه في اليوم نفسه تقريرين بأسباب طعنه موقعاً عليهما منه ومن آخرين.

المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المنصوص عليها في المادة 45 من القانون رقم 185 لسنة 1955 الخاص بنقابة الصحفيين.
وحيث إن مبنى الطعن هو بطلان انتخاب النقيب لإجرائه في غير الموعد المحدد ولعدم تكامل العدد القانوني للجمعية العمومية وقت مباشرة الانتخاب، ذلك بأن انتخاب النقيب إنما تم بعد الساعة الثالثة من صباح يوم 30 مايو سنة 1964 أي بعد أن انتهى اليوم المحدد للانتخاب. وهو يوم 29 مايو سنة 1964 مما ترتب عليه - لتأخر الوقت - انصراف غالبية الأعضاء الذين توافر بهم النصاب القانوني لانعقاد الجمعية العمومية وحرمانهم من ممارسة حقهم في انتخاب النقيب.
وحيث إن المادة 41 من القانون رقم 185 لسنة 1955 الخاص بنقابة الصحفيين نصت "يكون للنقابة مجلس مؤلف من اثنى عشر عضواً مضت على قيدهم بالجدول العام ثلاث سنوات على الأقل تنتخبهم الجمعية العمومية بالاقتراع السري وإذا تساوت الأصوات اقترع بينهم عند الاقتضاء. ومدة العضوية في مجلس النقابة سنتان ويجوز إعادة انتخاب الأعضاء وتنتهي كل سنة عضوية نصف أعضاء المجلس ويقترع في نهاية السنة الأولى بين الأعضاء لإنهاء عضوية ستة منهم". ونصت المادة 43 من هذا القانون "تنتخب الجمعية العمومية كل سنة النقيب من بين أعضاء مجلس النقابة ويكون انتخابه بالاقتراع السري وبالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين". كما نصت المادة 15 من القرار الوزاري رقم 195 لسنة 1955 الخاص باعتماد اللائحة الداخلية لنقابة الصحفيين: "تبدأ عملية انتخاب النقيب بعد إعلان نتيجة أعضاء المجلس" ومؤدى نصوص هذه المواد أن عملية الانتخاب تتم على مرحلتين متعاقبتين تباشرهما الجمعية العمومية الأولى بانتخاب أعضاء مجلس النقابة، والثانية - وتبدأ بعد إعلان نتيجة المرحلة الأولى - بانتخاب النقيب من بين أعضاء مجلس النقابة، فعملية انتخاب النقيب إذن ليست إلا استمراراً لعملية انتخاب أعضاء مجلس النقابة، وما دام الطاعن لا ينازع في أن انعقاد الجمعية العمومية قد بدأ صحيحاً متفقاً مع حكم القانون، فإن انصراف بعض الحاضرين من الأعضاء بفرض ما يقوله الطاعن - عقب انتخاب - أعضاء مجلس النقابة وقبل الانتخاب الخاص بمركز النقيب أو امتداد وقت الانتخاب إلى ما بعد منتصف الليل ليس فيهما ما يعيب الانتخاب أو يبطل إجراءات انتخاب النقيب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.