جلسة 28 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/
توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد
صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------------
(170)
الطعن رقم 1232 لسنة 34
القضائية
إثبات. "إثبات بوجه
عام". نقض. "أحوال الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". تفتيش.
مواد مخدرة.
الإثبات في المواد
الجنائية: العبرة فيه باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل المقدم إليها. تعرضها
بما هو واجب عليها من تطبيق القانون على الوجه الصحيح إلى بحث مأخذ الدليل والنظر
في قبوله في الإثبات أمامها. النعي عليها بأنها تجاوزت في ذلك حدود سلطتها. غير
صحيح. علة ذلك: واجبها في فحص الدليل قبل الأخذ به يمنع من القول بأن هناك من
الأدلة ما يحرم عليها الخوض فيه. مثال في تفتيش.
-----------------
العبرة في الإثبات في
المواد الجنائية هي باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل المقدم إليها، فإذا
كانت قد تعرضت بما هو واجب عليها من تطبيق القانون على الوجه الصحيح إلى بحث مأخذ
الدليل والنظر في قبوله في الإثبات أمامها وهي في ذلك لا تتقيد بوجهات نظر الخصوم
أنفسهم، فلا يصح النعي عليها بأنها تجاوزت في ذلك حدود سلطتها لأن واجبها في فحص الدليل
قبل الأخذ به يمنع من القول بأن هناك من الأدلة ما يحرم عليها الخوض فيه. ولما
كانت الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة من مجموع الأدلة التي أطرحت عليها هي أن
الضبط والتفتيش قد حصلا على خلاف القانون وانتهت من ذلك في منطق سليم إلى بطلان
هذا الإجراء وما تلاه وخلصت إلى تبرئة المطعون ضده، ومن ثم فلا يصح النعي عليها
وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها. ويكون ما تثيره النيابة
العامة - من أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان التفتيش وببراءة المطعون ضده من
تهمة إحراز المخدر قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المطعون ضده لم يدفع بهذا
البطلان حتى تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها - في غير محله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه في ليلة 5/ 3/ 1962 بناحية زاوية البقلي مركز الشهداء محافظة
المنوفية: - أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة "حشيشا" في غير الأحوال
المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته
بالمواد 1 و2 و34/ 1 - أ و36 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1
و12 من الجدول رقم 1 الملحق به. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً
بتاريخ 9/ 3/ 1963 ببراءة المتهم ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك عملاً
بالمادتين 304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية مع تطبيق المادة 30/ 2 من
قانون العقوبات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة
تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببطلان التفتيش وببراءة المطعون ضده من
تهمة إحراز مواد مخدرة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المطعون ضده لم يدفع
بهذا البطلان حتى تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، كما أنه وقد صدر أمر النيابة
بتفتيش منزل شقيق المطعون ضده فإن هذا الأمر يشمل جميع غرف المنزل بما في ذلك
الغرفة المخصصة لاستعمال المطعون ضده ما دام ليس لها كيان مستقل.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بالنسبة إلى المطعون ضده في قوله: "إن التهمة المسندة
إلى المتهم الثاني عبد الجواد عبد الجيد منتصر (المطعون ضده) مبناها أقوال النقيب
وديع لبيب والملازم عبد القادر محمد عبد القادر اللذين قررا أنهما سألا عن حجرة
المتهم سعد عبد الجيد المأذون بتفتيشه فأرشدتهما إحدى السيدات بالمنزل إلى الحجرة
التي كان بها المتهم الثاني قد خلاها وكان بها عبد الجواد عبد الجيد وقرر لهما أيضاً
أنها حجرة سعد، فأجريا تفتيشها وطلب مفتاح الدولاب من المتهم فقدمه لها ولما فتحا
الدولاب وجدا فيه كيساً من النايلون بداخله سبع عشر لفافة بكل لفافة قطعة من
الحشيش وقد تبين من الاطلاع على محضر المعاينة التي أجرتها النيابة أن الدور
الأرضي للمنزل مكون من ثلاثة غرف وحظيرة للمواشي ودلت أقوال والد المتهمين في
المعاينة أن سعد يختص بالحجرة المجاورة لحجرة عبد الجواد التي فتشت بينما هو
وزوجته وابنه الأعزب يقيمون في الحجرة الثالثة بالدور الأرضي وأن ابنه سعد يقيم
بالحجرة التي كانت بسطح المنزل وتأيدت هذه الأقوال بأقوال المتهم عبد الجواد
وزوجته وسعد" ثم عرض الحكم بعد ذلك لبطلان التفتيش بقوله: "إنه لما كان
المتهم عبد الجواد عبد الجيد منتصر مسكناً منفصلاً عن مسكن أخيه سعد ولم يصدر إذن
من النيابة بتفتيش مسكنه ولم يكن في حالة من حالات التلبس التي تجيز القبض عليه
فإن التفتيش الذي حصل في مسكنه يكون باطلاً ويترتب على ذلك بطلان الإجراءات
التالية لهذا التفتيش الذي لا يبيحه القانون ولا يحتج في هذا المقام بأن الذين
قاما بالتفتيش قد خدعا برغم أن عبد الجواد نفسه وأخرى ذكرا للقائمين بالتفتيش أن
هذه الغرفة هي غرفة سعيد عبد المجيد إذ الواقع أن هذا الإرشاد الخاطئ لم يقل به
أحد من سكان المنزل الذين سئلوا بتحقيقات النيابة وإنما قيل من المنوط بهم التفتيش
لحجب خطأ وقعوا فيه ولذلك فإن المحكمة تستبعد أقوال الضابطين في هذا الخصوص لعدم
الاطمئنان إليها، وما دام قد ثبت للمحكمة أن التفتيش الحاصل بمسكن المتهم الثاني
باطل فإنه يتعين الحكم ببراءته من التهمة المسندة إليه"، لما كان ذلك، وكانت
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع المحكمة واطمئنانها إلى الدليل
المقدم إليها، فإذا كانت قد تعرضت بما هو واجب عليها من تطبيق القانون على الوجه
الصحيح إلى بحث مأخذ الدليل والنظر في قوله في الإثبات أمامها وهي في ذلك لا تتقيد
بوجهات نظر الخصوم أنفسهم، فلا يصح النعي عليها بأنها تجاوزت في ذلك حدود سلطتها
لأن واجبها في فحص الدليل قبل الأخذ به يمنع من القول بأن هناك من الأدلة ما يحرم
عليها الخوض فيه، ولما كانت الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة من مجموع الأدلة
التي أطرحت عليها هي أن الضبط والتفتيش قد حصلا على خلاف القانون وانتهت من ذلك في
منطق سليم إلى بطلان هذا الإجراء ومما تلاه - وخلصت إلى تبرئة المطعون ضده، ومن ثم
فلا يصح النعي عليها وهي بسبيل ممارسة حقها في التقدير بأنها تجاوزت سلطتها، ولما
كان الحكم قد دلل بما ساقه من أدلة سائغة على أن مسكن المطعون ضده مستقل عن مسكن
شقيقه الذي صدر الإذن بتفتيشه، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الشأن لا يعدو
أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما
تقدم، فإن النعي برمته يكون في غير محله ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق