جلسة 31 أكتوبر سنة 1932
تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.
------------------
(381)
القضية
رقم 2420 سنة 2 القضائية
(أ ) موانع العقاب.
المادة 58 ع. التثبت والتحري اللذان تتطلبهما
الحالة المنصوص عليها فيها. مظهرهما.
(ب) دفاع شرعي.
أركانه. الاعتقاد بوجود خطر. سبب معقول لهذا
الاعتقاد.
(المادتان 209 و210 ع(
-------------
1 - إن مظهر التثبت والتحري اللذين يتطلبهما القانون في الحالة
المنصوص عليها بالمادة 58 من قانون العقوبات هو ألا يلجأ الموظف إلى استخدام سلاحه
ضدّ من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد وسائل الإرهاب
والتهديد التي قد تعينه على القبض على المشتبه فيهم بغير حاجة إلى استعمال سلاحه.
2 - يشترط لقيام حق الدفاع الشرعي أن يكون المتهم قد اعتقد على
الأقل وجود خطر على نفسه أو ماله أو على نفس غيره أو ماله وأن يكون لهذا الاعتقاد
سبب معقول (1).
الطعن المقدّم من النيابة
العامة في دعواها رقم 1541 سنة 1932 المقيدة بجدول المحكمة رقم 2420 سنة 2 قضائية
في قرار حضرة قاضى الإحالة القاضي بأن لا وجه لإقامة الدعوى رقم 752 سنة 1932 أبو
حمص لعدم الجناية على عبد العزيز محمد حسين متهم عمره 25 سنة صناعته خفير نظامي
وسكنه زاوية نعيم.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية عبد العزيز محمد حسين بأنه في ليلة 7 مايو
سنة 1932 الموافق أوّل محرّم سنة 1351 بزمام عزبة الكوم الأحمر التابعة لزاوية
نعيم من أعمال مركز أبى حمص شرع في قتل أحمد عبد القادر أبو راس عمدا بأن أطلق
عليه عيارا ناريا أصابه في الألية وسلسلة الظهر وأعلى الفخذ قاصدا بذلك قتله، وقد
خاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجنى عليه بالعلاج. وطلبت من
حضرة قاضى الإحالة بمحكمة دمنهور الأهلية إحالته إلى محكمة جنايات إسكندرية
لمحاكمته بالمواد 45 و46 و198 فقرة أولى من قانون العقوبات.
وبتاريخ 18 يونيه سنة
1932 قرر حضرته بأن لا وجه لإقامة الدعوى العمومية على المتهم لعدم الجناية.
فقرر سعادة النائب العمومي
بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 26 يونيه سنة 1932، وقدّم حضرته تقريرا
بالأسباب في 27 منه.
المحكمة
بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قدّم في الميعاد
ممن يملكه وبينت أسبابه في الميعاد كذلك فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن محصل الطعن أن
قرار الإحالة أخطأ في تطبيق القانون على الواقعة المبينة به لأنه التمس للمتهم
عذرا فيما أتاه من إطلاق النار على المجنى عليه على حين أن ما وقع منه لا ينطبق
على الحالة المنصوص عليها في المادة 58 من قانون العقوبات التي تعفى من العقاب الموظف
العمومي إذا ارتكب بحسن نية فعلا تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن
إجراءه من اختصاصه كما أنه لا ينطبق على حالة الدفاع الشرعي عن النفس أو المال لأن
لكل من الحالتين شروطا لم تتوفر في الواقعة التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن واقعة هذه
المادة كما ثبت بالقرار المطعون فيه "أن المجنى عليه وأخاه خرجا لري غيطهما
في الساعة الثانية صباحا ومعهما جاموستهما ولما اقتربا من المتهم وهو خفير نظامي
نادى عليهما فلم يجيبا نداءه فأطلق عيارا ناريا أصاب المجنى عليه في الألية وسلسلة
الظهر وأعلى الفخذ وذلك لما قام في نفسه من أنهما لصان يقودان جاموسة مسروقة ولأنه
لم يسمع منهما ردا على ندائه".
ومن حيث إنه يشترط
للإعفاء من العقاب طبقا للمادة 58 عقوبات أن يثبت الموظف فوق حسن نيته أنه لم
يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان
مبنيا على أسباب معقولة.
ومن حيث إن مظهر التثبت والتحري
اللذين يتطلبهما القانون في مثل الحالة التى بصددها البحث ألا يلجأ الخفير إلى
استخدام سلاحه ضد من يشتبه في أمرهم إلا بعد التيقن من أن لشبهته محلا واستنفاد
وسائل الإرهاب والتهديد التي قد تعينه على القبض على المشتبه فيهم بغير حاجة إلى
استعمال سلاحه. ولهذا قضت التعليمات المرعية بأنه إذا ما اشتبه خفير في شخص نادى
عليه ثلاث مرات فاذا لم يجبه وأمعن في سيره أطلق الخفير في الفضاء عيارا ناريا
للإرهاب فاذا حاول المشتبه فيه الهرب أطلق الخفير صوب ساقيه عيارا آخر ليعجزه عن
الفرار. وظاهر من الوقائع التي أثبتها القرار المطعون فيه أن المتهم لم يعمل بهذه
التعليمات المستمدة من روح القانون بل إنه بمجرّد عدم الرد على ندائه اكتفى بإطلاق
عيار واحد وقد صوّبه على المجنى عليه مباشرة فأصابه في أليته وسلسلة ظهره وأعلى
فخذه أى في مقتل من مقاتله مع أن المجنى عليه وزميله - من جهة أخرى - لم يحاول
أيهما الهرب.
ومن حيث إن ما أتاه قد
ينم عن استهانة بالتعليمات المفروضة عليه رعايتها واستخفاف بالأرواح لا يجيزه
القانون فالشبهة قائمة على وجود الجناية خالية عن العذر المعفى من العقاب المشار
إليه بالمادة 58 عقوبات لعدم توفر شروط ذلك الإعفاء بحسب ظاهر البيان المثبت
بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه لا يمكن
القول بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن مال غيره لأنه يشترط لقيام حق الدفاع الشرعي
أن يكون المتهم قد اعتقد على الأقل وجود خطر على مال الغير وأن يكون لهذا الاعتقاد
سبب معقول. وظاهر من ظروف الواقعة بحسب ما جاء بالقرار المطعون فيه أن المجنى عليه
لم يحاول الفرار من وجه المتهم بالجاموسة التي ظن بأنها مسروقة بل ولا منفردا فقد
يلوح أن من التسرع أن يبتدره هذا بإطلاق النار لغير مبرر ظاهر.
ومن حيث إنه يبين مما
تقدّم أن ما وقع من المتهم بحسب ما أثبته القرار المطعون فيه غير ظاهر أنه يلتمس
له معه أى عذر من الأعذار القانونية السالفة الذكر بل الظاهر فيه توفر الشبهة على
وجود جناية شروع في قتل غير مقترنة بعذر من الأعذار القانونية وهى معاقب عليها
بالمواد 45 و46 و198 فقرة أولى من قانون العقوبات وكان من واجب قاضى الإحالة إحالة
المتهم على محكمة الجنايات بهذه التهمة كما تقضى به المادة 12 فقرة أولى من قانون
تشكيل محاكم الجنايات.
(1)واقعة هذه القضية تتلخص في أن المجنى عليه وأخاه خرجا لري غيطهما في الساعة
الثانية صباحا ومعهما جاموستهما ولما اقتربا من المتهم وهو خفير نظامي نادى عليهما
فلم يجيبا نداءه فأطلق عيارا ناريا أصاب المجنى عليه في الألية وسلسلة الظهر وأعلى
الفخذ. وذلك لما قام في نفسه من أنهما لصان يقودان جاموسة مسروقة ولأنه لم يسمع
منهما ردا على ندائه فقدّمته النيابة إلى قاضى الإحالة طالبة إحالته إلى محكمة
الجنايات لمعاقبته بالمواد 45 و46
و198/ 1 من قانون العقوبات فقرر قاضى الإحالة بأن لا وجه لإقامة الدعوى عليه لعدم
الجناية لأن المتهم معذور فيما وقع منه، فطعن النائب العمومي في هذا القرار بطريق
النقض وبنى طعنه على أن ما وقع من المتهم لا ينطبق على الحالة المنصوص عليها في المادة
58 ع ولا على حالة الدفاع الشرعي.
ملحوظة - تقضى التعليمات
المرعية بأنه إذا ما اشتبه خفير في شخص نادى عليه ثلاث مرات فاذا لم يجبه وأمعن في
سيره أطلق الخفير في الفضاء عياراً نارياً للإرهاب فاذا حاول المشتبه فيه الهرب أطلق
الخفير صوب ساقيه عياراً آخر ليعجزه عن الفرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق