الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 أبريل 2020

الطعن 1670 سنة 9 ق جلسة 6 / 11 / 1939 مج عمر الجنائية ج 5 ق 1 ص 1

جلسة 6 نوفمبر سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حامد فهمي بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
---------------
(1)
القضية رقم 1670 سنة 9 القضائية
مسئولية مدنية.
مسئولية السيد عن خطأ خادمه. قوامها. ما يفترض في حق المتبوع من الخطأ والتقصير في اختيار تابعه أو في رقابته عليه. التحريض من السيد أو صدور أي عمل إيجابي آخر. لا يشترط. عدم علمه بما وقع من تابعه. لا ينفي مسئوليته.
(المادة 152 مدني)
---------------
إن مسئولية السيد مدنياً عن أخطاء خادمه تقوم قانوناً على ما يفترض في حق المتبوع من الخطأ والتقصير في اختيار تابعه أ, في رقابته عليه. وإذن فلا يشترط فيها وقوع تحريض منه أو صدور أي عمل إيجابي آخر بل هي تتحقق بالنسبة له ولو كان غائباً أو غير عالم بتاتاً بما وقع من تابعه إذ يكفي في ذلك أن تكون صفة التابع أو وظيفته هي التي هيأت له ارتكاب الجريمة وساعدته على ارتكابها ولو لم تكن قد وقعت أثناء الخدمة.

الوقائع
اتهمت النيابة العمومية جمعة العدل كيوان بأنه في يوم 21 مارس سنة 1937 بناحية كفر بدواي مع آخرين مجهولين ضربوا محمد فهمي البدالي فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على العشرين يوماً، وطلبت معاقبته بالمادة 205 من قانون العقوبات. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح مركز المنصورة الجزئية طلب المجني عليه محمد فهمي البدالي القضاء له بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم وآخرين هما عبد العزيز بك سعده ومحمود أفندي الحسيني سعده، وقد أدخلا في الدعوى كمسئولين عن الحقوق المدنية فيها متضامنين في ذلك مع خادمهما المتهم. وبعد أن أتمت المحكمة سماع الدعوى قضت فيها حضورياً بتاريخ 28 نوفمبر سنة 1937 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وألزمته بأن يدفع للمدعي بالحق المدني أربعين جنيهاً تعويضاً والمصاريف المناسبة إلخ متضامناً في ذلك مع المسئولين عن الحق المدني. استأنف المتهم هذا الحكم يوم صدوره، وكذلك استأنفه المسئولان مدنياً في اليوم التالي.
ومحكمة المنصورة الابتدائية الأهلية نظرت الدعوى بهيئة استئنافية، وحكمت حضورياً بتاريخ 8 مارس سنة 1939 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين بالمصاريف المدنية إلخ.
فطعن الأستاذ محمد عبد الوهاب البرعي المحامي في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 23 مارس سنة 1939 نيابة عن المتهم وعبد العزيز بك سعده المسئول مدنياً، وكذلك قرّر محمود بك سعده بالطعن فيه. وفي 26 من الشهر المذكور قدّم الأستاذ أحمد رشدي المحامي تقريراً بأسباب الطعن عن الطاعنين جميعاً. وبجلسة اليوم (6 نوفمبر سنة 1939) المحدّدة لنظر الطعن سمعت المحكمة الدعوى كما هو مبين بمحضر الجلسة.

المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن أن المحكمة الاستئنافية حكمت بتأييد الحكم المستأنف القاضي بمعاقبة الطاعن الأوّل بإلزامه والطاعنين الأخيرين بأن يدفعوا للمجني عليه متضامنين 40 جنيهاً مع المصاريف المناسبة مستندة إلى ما اعتمدته محكمة الدرجة الأولى من أقوال المجني عليه أمامها وما جاء بحكمها من ثبوت تبعية الطاعن الأول لمخدوميه الطاعنين الآخرين، مع أن للمجني عليه أقوالاً عدة مختلفة بعضها عن بعض في تحديد مكان الحادثة وتعيين من اشترك مع المتهم في الضرب وفيما نشأ عنه من ادعاء المجني عليه فقد السمع وحدوث عاهة مستديمة بالذراع اختلافاً يشهد عليه بالكذب ويوجب عدم الاعتماد على أقواله في ثبوت التهمة. ويقول الطاعنون إنهم عرضوا كل ذلك على كلتا المحكمتين، كما عرضوا عليهما دفاعهم في صدد رابطة التبعية التي ادعى قيامها المجني عليه بين الطاعنين بعضهم وبعض، ذلك الدفاع الذي كان محصله أن المتهم إنما كان حارساً على محجوزات ولم يكن خادماً لدى صاحبي الزراعة المحجوز عليها، وإذا صح ارتكابه للحادث فإنه يكون بدافع شخصي، فلم تعلن كلتا المحكمتين بالرد على ذلك في حكميهما، ولم تستجب المحكمة الاستئنافية إلى ما طلبه الدفاع من الإذن باستحضار صور أوراق هامة لا يستطيع الحصول عليها بغير إذن. فوقع حكمها لذلك باطلاً ويتعين نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه قد استصفى من جميع عناصر التحقيق الشاملة لأقوال المجني عليه في التحقيقات وبالجلسة ما اطمأنت إليه المحكمة في ثبوت الواقعة بظروفها على المتهم، ثم كيّف علاقة المتهم بالمسئولين معه عن الحقوق المدنية التكييف القانوني بانياً إياه على تقريرات قانونية صحيحة. ذلك بأن المحكمة قد صدّرته بقولها: "إن المجني عليه قرّر بالتحقيقات وبالجلسة أن البنك الأهلي في أوائل مارس سنة 1937 حجز على زراعة موز لعبد العزيز بك سعده ومحمود أفندي الحسيني سعده لدين له عليهما، وأنه عينه بصفته أحد موظفيه مرشداً في هذا الحجز، وعند توقيعه طلب منه محمود أفندي الحسيني الاكتفاء بالحجز على زراعة ثلاثة أفدنة فأبى إلا الذهاب مع المحضر إلى الغيط، وهناك توقع الحجز على سبعة أفدنة وتعين عليها المتهم حارساً بناءً على طلب محمود أفندي الحسيني سعده ورفض أي حارس سواه. وبعد ذلك نمى إلى البنك أن الزراعة تبدّدت فكلف مديره المجني عليه بالتوجه لمحل الزراعة للتحرّي سراً عن صحة هذا الخبر. وفي يوم الحادثة توجه بالفعل وعندما قرب من الزراعة قابله المتهم ومعه شخص آخر وأمسك به المتهم وضربه بالأقلام وبالعصا هو والشخص الآخر وشخصان آخران غيره ناداهما المتهم وظلوا يضربونه إلى أن أغمي عليه فتركوه وبقي هو بمحل الحادثة إلى أن استرد وعيه وعاد أدراجه وبلغ". ثم قال الحكم ذاكراً ما دافع به المتهم عن نفسه ومفنداً له: "إن المتهم أنكر التهمة وقرّر الدفاع عنه بالجلسة أن المجني عليه توجه في يوم الحادثة إلى ناحية بدواي للتفتيش على زراعات أخرى محجوز عليها لمدينين آخرين، وأن أرباب هذه الزراعات هم الذين اعتدوا عليه بالضرب لا المتهم. وهذا الدفاع لم ينهض عليه دليل فضلاً عن أنه لو صح لما كان هناك من داعٍ مطلقاً لأن يتهم المجني عليه المتهم دون من ضربوه بالفعل... وحيث إنه من ذلك ترى المحكمة أن التهمة ثابتة...". وبعد ذلك بيّن الحكم موضوع الدعوى المدنية. وبعد أن قدّر التعويض الواجب الحكم به على المتهم، أورد ما دفعها به المسئولان عن الحقوق المدنية من أن المتهم لم يكن في خدمتهما بل إنه قد ارتكب فعلته بدافع شخص، ثم عنى بالرد على هذا الدفاع فقال: "إنه لا يشترط أن تكون الجريمة التي تقع من الخادم قد وقعت بتحريض من السيد بل يكفي في تقرير مسئولية السيد أن تكون صفة الخادم ووظيفته قد هيأتا له ارتكاب الجريمة وساعدتاه على ارتكابها ولو لم تكن الجريمة وقعت أثناء الخدمة...". ثم قال: "إن المتهم في تعدّيه على المدعي بالحق المدني كان مدفوعاً بدافع الغيرة على مصلحة المدعى عليهما في الدعوى المدنية ولو لم تكن هذه المصلحة هي غايته يوم الحادثة لما وقعت الجريمة". ثم ردّ الحكم على ما ادعاه المتهم من أنه وهو يعتدي على المدعي بالحق المدني كان قد انقلبت صفته من خادم لدى المدعى عليهما إلى خادم لدى البنك بصفته حارساً من قبله على الزراعة فقال: "إن هذا القول مدفوع بأمرين: الأوّل أن تعيين المتهم حارساً على الزراعة من قبل البنك لا يجبّ صفة كونه خولياً لدى المدعى عليهما وهي وظيفته الأصلية ورباطه الأساسي بالمدعى عليهما. والثاني أن اختيار المتهم حارساً كان اضطرارياً لرفض المدعى عليه الثاني محمود أفندي الحسيني سعده تعيين حارس آخر... فيكون المتهم وهو حارس على الأطيان قد عين خصيصاً وبناءً على ترشيح أحدهما دون سواه. هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى فإن المتهم لو أنه راعى مصلحة البنك بعد تعيينه حارساً لما اعتدى على الموظف الموفد من قبل البنك". وبعد أن أثبت الحكم علاقة المتهم بمخدوميه على الوجه المتقدّم، وأثبت عليه خطأه في تعدّيه بضرب المجني عليه بمناسبة أعمال الخدمة على ما ذكر أيضاً، أقام مسئولية مخدوميه على أساس مسئولية السيد عن أخطاء خادمه - تلك المسئولية القائمة قانوناً على ما يفترض في جانب المتبوع من الخطأ والتقصير في اختيار التابع أو في رقابته، ذاكراً أن هذا النوع من المسئولية لا يشترط فيه تحريض من السيد ولا صدور أي عمل إيجابي منه، وأنه يتحقق حتى لو كان السيد غائباً وغير عالم بتاتاً بجريمة التابع.
وحيث إن كل ما جاء بالحكم الابتدائي المتقدّم الذي أيده الحكم المطعون فيه من التقريرات القانونية صحيح لا خطأ فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق