الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 أبريل 2020

الطعن 727 لسنة 46 ق جلسة 28 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 209 ص 922


جلسة 28 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، وأحمد موسى، وأحمد طاهر خليل.
------------
(209)
الطعن رقم 727 لسنة 46 القضائية

مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". حكم. تسبيبه. "تسبيب غير معيب".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم سندا للبراءة، متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة. وخلا حكمها من عيوب التسبيب.
إغفال الحكم القاضي ببراءة المتهم من تهمة إحراز مخدر مناقشة الدليل المستمد من كل قطعة أو فئات من المخدر المضبوط لا يعيبه متى أقيم على الشك في صحة واقعة الضبط برئها.

-----------
من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد احاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من باقي قطعة الحشيش الكبيرة - الذى لم يرسل للتحليل - ومن فئات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة، مردودا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة واقعة الضبط برمتها، فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد - إلى مناقشه الدليل المستمد من كل قطعة بعينها أو فئات من الجواهر محل هذا الضبط. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (أفيونا وحشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 6 مايو سنة 1974 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا (بدائرة أخرى) ببراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار، قد شابه قصور وفساد في الاستدلال. ذلك بأنه أسس قضاءه على أنه ليس من المستساغ على حد رواية الشاهدين أن يترك المطعون ضده باب الحجرة - التي كان يجلس فيها محرزا الجواهر المخدرة المضبوطة - وباب مسكنه غير مغلقين ولا أن يقر لشاهدي الإثبات بإحرازه جزءا من هذه الجواهر دون الآخر، هذا إلى ثبوت خلو جيبه - الذى شهدا بضبط قطعة الحشيش الكبيرة فيه - من آثار أية مادة يشتبه فيها واختلاف أوزان الجواهر المرسلة للتحليل عما أثبت بشأنها في شهادة الوزن. في حين أن ترك الأبواب غير مغلقة وصدور الإقرار للشاهدين مقصورا على جزء من الجواهر المضبوطة لا يتنافر - كلاهما - مع مقتضيات العقل والمنطق، ومع أنه لا يلزم بالضرورة - ولو لم يكن المخدر مغلقا - أن تتخلف عنه آثار بالجيب الذى ضبط فيه. وأما اختلاف أوزان الجواهر - المشار إليه في الحكم - فليس من شأنه أن يؤدى إلى التشكيك في أنها هي بذاتها التي ضبطت مع المطعون ضده، ومن ثم فقد كان على المحكمة - وقد ساورها هذا الشك - أن تجرى تحقيقا بشأنه، وأن تستجلى حقيقة الأمر بالنسبة لباقي قطعة الحشيش الكبيرة - التي لم يرسل للتحليل، مع سائر الجواهر المضبوطة، سوى عينة منها لتدلى برأيها في الدليل المستمد منها. كل ذلك بالإضافة إلى أن الحكم قد التفت عن فتات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة المضبوطة مع المطعون ضده فلم يقل كلمته كذلك في الدليل المستمد من هذه الواقعة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت - التي استندت إليها سلطة الاتهام - والتي تنحصر في أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات والشرطي السرى الذى رافقه وقت الضبط وفى شهادة وزن الجواهر المخدرة المضبوطة وتقرير التحليل، أفصح عن عدم اطمئنانه إلى سلامة هذه الأدلة وخلص في أنها محاطة بالشك والريبة لأسباب عددها، حاصلها أنه ليس من المستساغ قول الشاهدين، مع كبر كمية الجواهر التي قيل بضبطها، ان يقبع المطعون ضده - الذى وصفه الشاهدان بأنه من تجار المخدرات الذين سبق ضبطهم في قضايا - في حجرة بمسكنه، وهو يحمل في جيوبه تلك الكمية، تاركا - دون حرص وحذر - بابي الحجرة والمسكن غير مغلقين، ولا أن يقر لهما عندما فوجئ بدخولهما الحجرة إحرازه جزءا من هذه الجواهر، وشفرة الحلاقة الملوثة بالحشيش، دون الجزء الآخر. هذا إلى ما كشف عنه تقرير التحليل من خلو جيبه - الذى شهدا بضبط قطعة الحشيش الكبيرة فيه - من آثار أية مادة يشبه فيها، مع أن هذه القطعة كانت - وفق الثابت بالتحقيق - عارية من أحد جوانبها، وإلى اختلاف الأوزان الواردة بتقرير التحليل عن تلك المثبتة بشهادة الوزن - إذ ورد بالتقرير أن وزن قطعة الأفيون 35 جم، والعينة المأخوذة من قطعة الحشيش الكبيرة 2.98، وقطعة الحشيش الصغيرة 85 جم، بينما أثبت بالشهادة أن وزن قطعة الأفيون 800 ملليجرام، وعينه الحشيش 3.300 جم وقطعة الحشيش الصغيرة جرام واحد - مع أن كل قطعة من هاتين القطعتين وكذلك العينة كانت مغلفة وبالتالي غير معرضة لعوامل الجفاف، ولم يمض بين تحريزها وتحليلها سوى ثمانية عشر يوما فقط. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن حسب محكمه الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم - على النحو المتقدم - من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من باقي قطعة الحشيش الكبيرة - الذى لم يرسل للتحليل - ومن فتات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة، مردودا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة واقعة الضبط برمتها، فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد - إلى مناقشة الدليل المستمد من كل قطعة بعينها أو فئات من الجواهر محل هذا الضبط. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق