الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 أبريل 2020

الطعن 2032 لسنة 29 ق جلسة 4 / 1/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 2 ص 11


جلسة 4 من يناير سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
----------------
(2)
الطعن رقم 2032 لسنة 29 القضائية

(أ) استدلال.
سلطة مأمور الضبط القضائي في ضبط الشيء المستعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها أو ما وقعت عليه الجريمة وما يفيد في كشف الحقيقة. قيودها وجود الشيء في محل يجوز لمأمور الضبط القضائي دخوله. مثال.

(ب) إثبات. محكمة الموضوع.

قواعد تحريز المضبوطات. ما لا يرتب البطلان. مخالفة القواعد التنظيمية. مثال.
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل والأخذ به عند الاطمئنان إلى سلامته رغم مخالفة إجراءات التحريز.
(ج) خبير. رأيه.
سلطة محكمة الموضوع في الجزم بما رجحه الطبيب الشرعي اعتماداً على وقائع الدعوى.


---------------
1 - التفتيش الذي يحرمه القانون على مأمور الضبط القضائي هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المنازل، أما ضبط الأشياء التي يحتمل أن تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة، أو نتجت عن ارتكابها، أو ما وقعت عليه الجريمة، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، فإنه مما يدخل في اختصاص هؤلاء المأمورين - طبقاً للمادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية - بشرط أن تكون هذه الأشياء موجودة في محل يجوز لمأموري الضبط القضائي دخوله - فإذا كان مأمور الضبط القضائي الذي ضبط قطعة القماش في مكتب المتهم مأذوناً بضبطه وإحضاره، فإنه إذا شاهد هذه القطعة التي وصل إليه نبأ استعمالها في ارتكاب الحادث من المجني عليه وقام بضبطها بإرشاده بغية كشف الحقيقة، لا يكون قد خالف القانون.
2 - القانون حين أوجب المبادرة إلى وضع المضبوطات في أحراز مغلقة إنما قصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل لعدم توهين قوته في الإثبات، ولكن لم يرتب على مجرد الإهمال في ذلك أي بطلان، فالأمر مرجعه إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا الدليل كغيره من عناصر الدعوى.
3 - لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره، متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: هتك عرض الصبيين....... و....... التلميذين بمدرسة....... واللذين لم يبلغ سن كل منهما ثمانية عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد، وذلك بأن أولج قضيبه في دبر الأول ووضع أصبعه بدبر الثاني من الخارج حالة كونه من المتولين تربيتهما وملاحظتهما وممن له سلطة عليهما (ناظر المدرسة)، وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 267 و269/ 1 و3 من قانون العقوبات فقررت، بذلك، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن الوارد بتقرير الأسباب المقدم في 15 من فبراير سنة 1959 هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على بطلان لعدم إيداعه قلم الكتاب مختوماً في ظرف ثمانية أيام من تاريخ النطق به طبقاً لما تضمنته الشهادة الصادرة من قلم الكتاب المختص.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن هذا السبب وحده لا يكفي لنقض الحكم، ذلك لأن الشارع في المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية إنما يوصي فقط بالتوقيع على الحكم في خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره، ولم يرتب البطلان على عدم مراعاته وكل ما رتبه الشارع من أثر على عدم التوقيع على الحكم في هذا الميعاد هو أن يكون للمحكوم عليه إذا حصل من قلم الكتاب على شهادة بعدم وجود الحكم في الميعاد المذكور أن يقرر بالطعن ويقدم أسبابه في ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانه بإيداعه قلم الكتاب، وذلك طبقاً للمادة 426 من قانون الإجراءات الجنائية التي كانت سارية وقت التقرير بالنقض قبل إلغائها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الطعن الوارد بتقرير الأسباب المقدم في 24 من فبراير سنة 1959 هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في البيان وتناقض في الأسباب وفساد في الاستدلال، ذلك أنه دان الطاعن استناداً إلى شهادة الشهود والتقرير الطبي الشرعي وإلى العثور على مواد منوية في قطعة من القماش وفي سروال المجني عليه الأول، في حين أن أقوال الشاهدين......... جاءت متناقضة ومتعارضة ولا تتفق مع المنطق أو المعقول، وغفلت النيابة العامة وقت التحقيق عن هذا التناقض الواضح في شهادتهما فلم تواجههما مما يعيب تحقيقها، وقد أثار الطاعن ذلك في دفاعه ولكن الحكم لم يعن بالرد عليه، كما أن شهادة....... سماعية نقلاً عن الشاهد الأول وكذبه فيها الشاهد الثاني، أما اعتماد الحكم على التقرير الطبي الشرعي فغير سديد لأنه نفى العنف والقوة التي قال بها الشاهد وأثبت أنه متكرر الاستعمال من مدة لا يمكن تحديدها مما لا يمكن معه الاستناد إليه في نسبة الجريمة إلى الطاعن، كما أنه لا يسوغ الاستناد إلى ما عثر بسروال الشاهد من حيوانات منوية لأنه لم يكن متحفظاً عليه حتى يصح نسبتها إلى فعل الطاعن، وكذلك الحال بالنسبة إلى ما وجد بقطعة القماش من حيوانات منوية، فقد جاء ضبطها باطلاً وتمسك الطاعن بهذا البطلان، فكان يتعين استبعاد الدليل المستمد منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما والشاهد...... ومن تقرير الطبيب الشرعي وتقرير المعامل الكيماوية، وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ولما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها من عناصر الإثبات المطروحة أمامها وأن تعول في ذلك على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود بما في ذلك الأقوال المنقولة عن شهود آخرين طالما اطمأنت إلى صدورها عمن نقلت عنه، إذ أن تقدير قيمة الشهادة ومبلغ قوتها في الإثبات من شأن محكمة الموضوع وحدها، وكان الحكم قد أحاط بواقعة الدعوى وبأدلتها واستخلص الإدانة من أقوال الشهود بما لا تناقض فيه، وكان ما ينعاه الطاعن على تحقيق النيابة العامة من عدم مواجهتها الشهود في نقطة الخلاف التي أثارها في طعنه لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وكان ما يثيره الطاعن من منازعته في نسبة جريمة هتك عرض المجني عليه الأول إليه استناداً إلى ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي من أن المجني عليه المذكور متكرر الاستعمال من مدة يتعذر تحديدها بالضبط مردود بأن التقرير المذكور - كما نقله الحكم - صرح باحتمال اتفاق هذه الحالة والتواريخ التي وردت بأقوال ذلك المجني عليه، وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعي في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها كما هي الحال في واقعة الدعوى المطروحة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أنه لم يصل أي عبث إلى سروال المجني عليه الأول المضبوط في التحقيقات، فكل ما يثيره الطاعن في صدد عدم التحفظ على هذا الحرز لا يكون له وجه، ذلك أن القانون حين أوجب المبادرة إلى وضع المضبوطات في أحراز مغلقة إنما قصد تنظيم العمل والمحافظة على الدليل توهين قوته في الإثبات، ولكن لم يرتب على مجرد الإهمال في ذلك أي بطلان، فالأمر مرجعه إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة هذا الدليل كغيره من عناصر الدعوى، وكان للمحكمة أن تعتمد على الدليل المستمد من تحليل ما وجد بسروال المجني عليه الأول وبقطعة القماش التي ضبطت بمكان الحادث، وكان الحكم قد ردّ على الدفع ببطلان ضبط قطعة القماش فقال "وحيث إن الثابت من الأوراق في هذا الخصوص أن المحقق كلف ضابط المباحث الملازم إسماعيل عبد الرؤوف حتاتة بإحضار المتهم (الطاعن) بإرشاد الغلام المجني عليه الأول فانتقل الضابط لتنفيذ أمر الضبط والإحضار حيث وجد الناظر المتهم في مكتبه، وكانت قطعة القماش التي ورد ذكرها على لسان المجني عليه في أقواله الشفوية للضابط موضوعة فوق صندوق الطباشير وهي على هذا الوضع كانت ظاهرة، وقد أشار إليها المجني عليه باعتبارها إحدى الأدلة المثبتة للجريمة موضوع التحقيق فكان من واجب الضابط ضبطها، ومن ثم فإنه لم يكن في الأمر تفتيش مسكن أو مكان خاص على أي صورة من الصور ويكون الدفع على غير أساس متعين الرفض". لما كان ذلك، وكان التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك لحرمة المنازل، أما ضبط الأشياء التي يحتمل أن تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة أو نتجت عن ارتكابها أو ما وقعت عليه الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة فإنه مما يدخل في اختصاص هؤلاء المأمورين طبقاً للمادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية بشرط أن تكون هذه الأشياء موجودة في محل يجوز لمأموري الضبط القضائي دخوله، ولما كان مأمور الضبط القضائي الذي ضبط قطعة القماش في مكتب الطاعن مأذوناً بضبطه وإحضاره فإنه إذا شاهد هذه القطعة التي وصل إليه نبأ استعمالها في ارتكاب الحادث من المجني عليه وقام بضبطها بإرشاده بغية كشف الحقيقة، فلا يكون قد خالف القانون، لما كان ما تقدم فإن الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق