جلسة 13 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار
محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ قصدي إسكندر عزت،
ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
---------------
(212)
الطعن رقم 826 لسنة 46
القضائية
1)،2 ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) حق محكمة الموضوع في تبين حقيقة الواقعة وردها إلى
صورتها الصحيحة. التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
(2)عدم التزام المحكمة بالأخذ بالأدلة المباشرة فقط. حقها في استخلاص
الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة. متى كان ذلك
لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطق.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". زنا. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المادة 276 من قانون
العقوبات. بيانها الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا.
عدم اشتراط أدلة خاصة بالزوجة. مرجع الأمر للقواعد العامة. واقتناع القاضي.
(4)دفاع .
"الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(5) محكمة استئنافية ."إجراءات نظرها الدعوى
والحكم فيها". إثبات. "شهود".
محكمة ثاني درجة. تحكم في
الأصل على مقتضى الأوراق. لها
أن تجرى من التحقيقات ما
ترى لازما لإجرائه.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات . "شهود".
وزن أقوال الشهود
وتقديرها. موضوعي.
(7) إثبات. "شهود".
محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير
معيب".
تناقض أقوال الشهود. بفرض
وقوعه. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم ومن باقي الأدلة
استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
---------------
1 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع
الأدلة المطروحة عليها.
2 - المحكمة ليست مطالبة
بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة - بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما
يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة، متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا
يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطق.
3 - من المقرر أيضا أن
المادة 276 من عقوبات إنما تكلمت في الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك
الزوجة المتهمة بالزنا، أما الزوجة نفسها فلم يشترط القانون بشأنها أدلة خاصة بل
ترك الأمر في ذلك للقواعد العامة، بحيث إذا اقتنع القاضي من أي دليل أو قرينة
بارتكابها الجريمة فله التقرير بإدانتها وتوقيع العقاب عليها.
4 - المحكمة لا تلتزم
بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالا إذ
في قضائها بالإدانة استنادا إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد إطراحها جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - محكمة الدرجة الثانية
وإن كانت تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق إلا أن لها أن تجرى من التحقيقات ما ترى
لزوما لإجرائه واستكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، وإذ ما كان الثابت
من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدعى بالحقوق المدنية
قد تمسك بسماع شهادة.... إلا أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب فعاود التمسك به
أمام المحكمة الاستئنافية التي أجابته إلى طلبه واستمعت إلى شاهده فلا جناح عليها
في ذلك ولا تثريب عليها إن هي عولت من بعد على شهادته لما هو مقرر من أن القانون
قد جعل من سلطة قاضى الموضوع أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة
يرتاح إليها دليلا لحكمه.
6 - وزن أقوال الشهود
وتقديرها. موضوعي.
7 - التناقض بين أقوال
شاهدين - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهما ومن باقي
الأدلة التي عولت عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة في قضية
الجنحة رقم 8820 لسنة 1970 كلا من ..... (الطاعنة) و(2)..... بأنهما في يوم 12 من
نوفمبر سنة 1970 بدائرة قسم روض الفرج محافظة القاهرة: ارتكبا معا جريمة الزنا حالة
كون المتهمة الأولى متزوجة من..... مع علم الثاني بقيام الزوجية، وطلبت عقابهما
بالمادتين 274 و275 من قانون العقوبات. وادعى...... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ ألف
جنيه على سبيل التعويض والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنح روض الفرج الجزئية قضت
حضوريا عملا بالمادة 376 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 55 و56 من القانون
ذاته بحبس كل من المتهمين ثلاثة شهور مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة
ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائيا وألزمت المتهمين بأن يدفعا متضامنين
للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائتي جنيه تعويضا عما لحقه من أضرار والمصاريف
المدنية المناسبة وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبلا مصاريف جنائية. فاستأنف
المتهمان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 2800 سنة 1972. ومحكمة القاهرة
الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه
وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض وقدم
الاستاذ ...... المحامي عنها تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه.
المحكمة
من حيث أن الطعن قد
استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث أن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الزنا قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد
وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استخلص حصول الوطء بينها وبين المتهم الآخر استخلاصا
غير سائغا لا تؤدى إليه ظروف الدعوى وملابساتها، والتفت عما أثاره الدفاع من أن
المتهم المذكور يعانى من عجز جنسي لا يستطيع معه إتيان الركن المادي للجريمة، وعول
في الإدانة على ما أسنده إلى زوج الطاعنة من قول بأنه عندما دخل مسكنه شاهد المتهم
الآخر في الشرفة يرفع سرواله، على خلاف ما أدلى به في التحقيقات الأولى من أنه
شاهده يقوم بتثبيت أزرار سرواله، هذا إلى أن المحكمة الاستئنافية سمعت
الشاهد...... بناء على طلب المدعى بالحقوق المدنية رغم اعتراض الدفاع على ذلك لعدم
ورود اسمه في التحقيقات وعولت على شهادته مع أنها لو عنيت بتمحيصها لتثبيت فسادها
كما تساند الحكم إلى أقواله وأقوال الشاهد...... رغم تناقضهما، هذا يعيب الحكم بما
يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم الابتدائي
المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يخلص أن زوج
الطاعنة كان قد خرج من مسكنه في الساعة السادسة من صباح يوم الحادث ليركب القطار
الذى ينقله إلى مقر عمله بالزقازيق وإذ لم يلحق به وعاد إلى منزله وجد بابه مغلقا
من الداخل بالمزلاج فطرقه، إلا أن زوجة الطاعن لم تفتح له إلا بعد فوات نحو خمس
عشرة دقيقة سمع خلالها أصواتا مريبة تنبئ عن تردد زوجته ذهابا وإيابا ولما دخل
لاحظ ارتباكها وكانت ترتدى ملابس النوم ورأى السرير مبعثرا وشاهد المتهم الثاني
يندفع إلى الشرفة منهمكا في رفع سرواله وإحكام أزراره فقام بضبطه، وقد عرض الحكم
المطعون فيه لركن الوطء الواجب توافره في جريمة الزنا التي دان الطاعنة بها،
استظهر، مما شهد به المجنى عليه من تواجد المتهم الآخر - الشريك - في الساعة 6 و55
ق من صباح يوم الضبط بمسكنه بعد خروجه لعمله وانفراده بزوجته الطاعنة التي تلكأت
في فتح الباب له ومشاهدته له وهو يرفع سرواله في محاولة للاختفاء في الشرفة
بمعاونة الطاعنة وما شهد به الشاهد...... من رؤية المتهم الشريك في شرفة مسكن
المجنى عليها بملابسه الداخلية وكانت الطاعنة تناوله سرواله وقميصه لما كان ذلك،
وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها
الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهى ليست مطالبة بألا تأخذ
إلا بالأدلة المباشرة - بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها
من أدلة ولو كانت غير مباشرة - متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن
الاقتضاء العقلي والمنطقي، كما أنه من المقرر أيضا أن المادة 276 عقوبات إنما
تكلمت في الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا، أما
الزوجة نفسها فلم يشترط القانون بشأنها أدلة خاصة بل ترك الأمر في ذلك للقواعد
العامة، بحيث إذا اقتنع القاضي من أي دليل أو قرينة بارتكابها الجريمة فله التقرير
بإدانتها وتوقيع العقاب عليها، ولما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من جماع الأدلة
المطروحة عليها الصورة الحقيقية لواقعة، وعولت في حصول الوطء بين الطاعنة وشريكها
المتهم الآخر على ما ساقته من ظروف وقرائن اطمأنت إليها في حدود سلطتها في تقدير
الدليل بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وبأسباب تؤدى إلى النتيجة التي
انتهت إليها كما لا تقبل مجادلتها فيه، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل
جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة
استنادا إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها
الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون
فيه بدعوى القصور في استظهار الركن المادي للجريمة وإغفال الرد على ما أثاره
الدفاع من عجز شريك الطاعنة عن إثباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما استند
إليه الحكم من أقوال المجنى عليه من أنه رأى المتهم الآخر في الشرفة يرفع سرواله
ويحكم أزراره، له صداه في الأوراق مما ينتفى به عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد،
ولما كان من المقرر أن محكمة الدرجة الثانية وإن كانت تحكم في الأصل على مقتضى
الأوراق إلا أن لها أن تجرى من التحقيقات ما ترى لزوما لإجرائه واستكمال ما كان
يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، وإذ ما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة
المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدعى بالحقوق المدنية قد تمسك بسماع شهادة....
إلا أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب، فعاود التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية التي
أجابته إلى طلبه واستمعت إلى شاهده فلا جناح عليها في ذلك ولا تثريب عليها إن هي
عولت من بعد على شهادته لما هو مقرر من أن القانون قد جعل من سلطة قاضى الموضوع أن
يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه، لما كان
ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع كما وأن التناقض بين
أقوال الشاهدين...... و..... - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الادانة
من أقوالهما ومن باقي الأدلة التي عولت عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. لما
كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله مستوجبا للرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق