جلسة 13 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار
محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ قصدي إسكندر عزت،
واسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق.
-------------
(214)
الطعن رقم 838 لسنة 46
القضائية
(2 - 1)إثبات "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1)وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
(2)استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة. حق لمحكمة الموضوع.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". خطأ. مسئولية جنائية. رابطة سببية.
تقدير الخطأ المستوجب
مسئولية مرتكبه وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة. من عدمه موضوعي.
(4)إثبات "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض بين أقوال الشهود
لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصها سائغا لا تناقض فيه.
(5) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع.
"سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع أن تجزم
بما لم يجزم به الخبير في تقريره. متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته
لها.
------------
1 و2 - من المقرر أن وزن
أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع،
وهى - من بعد - لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على
بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل
والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن تقدير
الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم
توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام
تقديرها سائغا وكانت المحكمة أخذا بأقوال الشهود التي اطمأنت إليها خلصت إلى أن
سبب الحادث إنما كان يرجع إلى أن الطاعن كان يقود السيارة النقل بسرعة للحاق
بسيارة أخرى ولما أراد أن يفادى سيارة ثالثة كانت آتية في الاتجاه العكسي له انحرف
بها يسارا دون مقتض مما أدى إلى انزلاقها إلى أقصى يسار الطريق واصطدامها بالكوبرى
وإصابة المجنى عليهم بالإصابات التي أودت بحياة اثنين منهم واطرحت ما ذهب إليه الطاعن
من تصوير الحادث على نحو آخر بدعوى أنه انحرف بالسيارة إلى أقصى اليسار ولمفاداة
طفل عبر الطريق أمامه فجأة وأن عطل الفرامل المفاجئ لم يمكنه من إيقافها وأفصحت عن
عدم اقتناعها بهذا التصوير الأسباب السائغة التي أوردتها والتي لا يماري الطاعن في
أن لها أصلها الثابت في الأوراق. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن
يكون جدلا موضوعيا.
4 و5 - لما كان التناقض بين
أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا
لا تناقض فيه وكان لا تثريب على المحكمة إن هي رجحت ما انتهى إليه المهندس الفني
من أن تلف فرامل السيارة كان لا حقا على الحادث واستبعدت ما ذهب إليه من احتمال أن
يكون تلفها سابقا على الواقعة لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم
يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها،
وهو ما لم تخطيء المحكمة تقريره في واقعة الدعوى. لما كان هذا الذى أخذه الحكم من
الدليل الفني لا يتناقض البتة مع مؤدى ما استخلصه من أقوال الشهود تصويرا على ذلك،
فإن النعي بقيام التعارض بين الدليلين الفني والقولي لا يكون له محل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه بدائرة مركز سوهاج محافظتها: (أولا) تسبب خطأ في موت .... و......
وإصابة ....... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة بسرعة
تجاوز السرعة المقررة وبحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر ولم يتأكد من خلو
الطريق أمامه فصدم المجنى عليه ...... ثم سقطت السيارة بمصرف مياه وترتب على
ذلك وفاة المجنى عليهما الأول والثاني وإصابة المجنى عليه الثالث بالإصابات
الموصوفة بالتقارير الطبية. (ثانيا) قاد سيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة (2) سمح
بوجود ركاب على الأجزاء الخارجية للسيارة (3) قبل بالسيارة أكثر من العدد المحدد
بالرخصة (4) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر (5) استعمل السيارة
في غير الغرض المرخص والمحدد بالرخصة، وطلبت عقابه بالمواد 238/ 1 و244/ 1 من
قانون العقوبات و1 و2 و84 و85 و88 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار الداخلية،
ومحكمة جنح مركز سوهاج الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة
أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات عن التهمة الأولى والتهمة الأولى والرابعة من
التهمه ثانيا وغرامة خمسة وعشرين قرشا عن التهمتين الثانية والثالثة وخمسة وعشرين
قرشا عن الخامسة (ثانيا) مع سحب الرخصة لمدة شهر بالنسبة للخامسة. فاستأنف المتهم
هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة
استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف
بالنسبة للتهمة الأولى والثانية 1 و4 وتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم مائة
قرش عن التهمة (ثانيا) - 3 و5 - مع سحب الرخصة لمدة شهر وبراءته عن التهمة ثانيا.
فطعن الأستاذ....... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض .... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطعن قد
استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه قصور في التسبيب
وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استظهر خطأ الطاعن في قيادته سيارة نقل بسرعة
وانحرافه بها يسارا دون مقتض مما أدى إلى انقلابها واستند الحكم في ذلك إلى ما شهد
به المجنى عليه...... مع أن أقواله غير مستساغة إذ أن متن السيارة كانت محملة
بالماشية ولم تكن قد تجاوزت موقفها بنقطة المرور إلا بمسافة كيلو متر واحد مما لا
يكفى لبلوغ سرعتها مع نقل حمولتها إلى مائة كيلو متر في الساعة حسبما ذهب إليه ذلك
الشاهد مستهدفا تحقيق مصلحته في المطالبة بالتعويض في حين أن سبب الحادث يرجع في حقيقته
إلى أن طفلا عبر الطريق فجأة أمام السيارة فاضطر الطاعن إلى الانحراف بها يسارا
وضغط على فراملها للتوقف إلا أنه فوجئ بتلفها وقد تأيد ذلك بما ثبت من تقرير
المهندس الفني ومناقشته في الجلسة من أن سبب الحادث إنما يرجع إلى تلف الفرامل
فجأة وهو ما يقطع رابطة السببية بين ما يمكن أن ينسب إليه من خطأ وبين النتيجة،
وقد أثار الدفاع ذلك في مرافعته إلا أن الحكم لم يعن بالرد عليه مع جوهرية أخذ
بأقوال الشهود رغم تناقضها وتعارضها مع تقرير المهندس الفني مطروحا إياه بما لا
يسيغ ذلك إذ استند في هذا الشأن إلى ما تبين من الغاية من وجود آثار لفراملها
امتدت إلى مسافة خمسة عشر مترا وهو ما لا يصلح لإهدار ذلك الدليل الفني وكل هذا
يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي
المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
سائغة مستمدة من أقوال الشهود وما ثبت من المعاينة وتقرير المهندس الفني وما تبين
من مناقشته في الجلسة، ولما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي
يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، وهى - من بعد - لها أن تستخلص من
أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
وإذ كان من المقرر أيضا أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتوافر رابطة
السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل
فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا وكانت المحكمة أخذا بأقوال
الشهود التي اطمأنت إليها خلصت إلى أن سبب الحادث إنما كان يرجع إلى أن الطاعن كان
يقود السيارة النقل بسرعة للحاق بسيارة أخرى ولما أراد أن يفادى سيارة ثالثة كانت
آتية في الاتجاه العكسي له انحرف بها يسارا دون مقتض مما أدى إلى انزلاقها إلى
أقصى يسار الطريق واصطدامها بالكوبرى وإصابة المجنى عليهم بالإصابات التي أودت
بحياة اثنين منهم، وأطرحت ما ذهب إليه الطاعن من تصوير الحادث على نحو آخر بدعوى
أنه انحرف بالسيارة إلى أقصى اليسار لمفاداة طفل عبر الطريق أمامه فجأة وأن عطل
الفرامل المفاجئ لم يمكنه من إيقافها وأفصحت عن عدم اقتناعها بهذا التصوير للأسباب
السائغة التي أوردتها والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق،
وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانقطاع رابطة السببية بين ما يمكن نسبته إليه من
خطأ وبين النتيجة بسبب العطل المفاجئ للفرامل وأطرحه بما ثبت من المعاينة من أن
السيارة قيادته تركت آثار فراملها خلفها في مسافة امتدت خمسة عشر مترا مما استخلصت
منه المحكمة صلاحية الفرامل وسلامتها وقت الحادث، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام النقض، لما كان ذلك، وكان
التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم
استخلاصا سائغا لا تناقض فيه وكان لا تثريب على المحكمة إن هي حجبت ما انتهى إليه
المهندس الفني من أن تلف فرامل السيارة كان لاحقا على الحادث واستبعدت ما ذهب إليه
عن احتمال أن يكون تلفها سابقا على الواقعة لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن
تجزم به لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها
وأكدته لديها، وهو ما لم تخطيء المحكمة تقريره في واقعة الدعوى. لما كان هذا الذى
أخذه الحكم من الدليل الفني لا يتناقض البته مع مؤدى استخلصته من أقوال الشهود
تصويرا على ذلك، فإن النعي بقيام التعارض بين الدليلين الفني والقولي لا يكون له
محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مستوجبا للرفض موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق