الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 أبريل 2020

الطعن 322 لسنة 34 ق جلسة 23 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 102 ص 511


جلسة 23 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، وصبري فرحات.
--------------
(102)
الطعن رقم 322 لسنة 34 القضائية

(أ) تحقيق. "إجراءاته". شهود. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعرف الشهود على المتهم. ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلاً خاصاً. اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من عملية الاستعراف. عدم جواز مصادرتها في اعتقادها.
(ب، ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) لمحكمة الموضوع التعويل على ما تقتنع به من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق المختلفة. لها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
(ج) عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. ما دامت لم تستند إليها في قضائها. وطالما أن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها.

------------
1 - تعرف الشهود على المتهم ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلاً خاصاً، فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من عملية الاستعراف فإنه لا يجوز مصادرتها في اعتقادها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما تقتنع به من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق المختلفة وأن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
3 - المحكمة غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي ما دامت لم تستند إليها في قضائها، وطالما أن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في ليلة 28/ 10/ 1961 بالطريق العمومي الموصل ما بين طوخ وميت كنانة مركز طوخ محافظة القليوبية: سرقوا الموتوسيكل والأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لمحمد محمد نصار غنيم الشهير بالحاج علي بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استأجروا الموتوسيكل المملوك له واصطحبوه معهم لتوصيلهم إلى عزبة الخواجات وأثناء سيرهم بالطريق أوقفوه وضربوه بأيديهم واستولى المتهمان الأول والثاني على ساعة يده وبطاقته الشخصية ورخصة القيادة والتسيير ومبلغ ستين قرشاً كما اقتادوه بعد ذلك إلى حقل غير مزروع حيث قام المتهم الثالث بإيثاق يديه بحبل من التيل وظل معه حتى فر المتهمان الأول والثاني بالموتوسيكل والأشياء الأخرى وتمكنوا بهذه الوسيلة من السرقة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 315/ 1 من قانون العقوبات - فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت بتاريخ 11/ 11/ 1962 حضورياً بالنسبة إلى المتهمين الثاني والثالث وغيابياً بالنسبة إلى المتهم الأول عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة السرقة بإكراه جاء قاصراً في تسبيبه ومشوباً بالبطلان وذلك بأنه حصل واقعة الدعوى، وأورد مضمون ما شهد به المجني عليه وشقيقاه بالجلسة بما مؤداه أن الطاعنين وآخر حكم عليه غيابياً - استأجروا دراجة المجني عليه البخارية لينقلهم بها إلى بلدة معينة، حتى إذا ما بلغوا محل الحادث سرقوا الدراجة وأشياء أخرى كانت معه، دون أن يعني بالرد على ما قال به هؤلاء الشهود في الجلسة ذاتها من أن الجناة اعترضوا المجني عليه في أثناء سيره بالدراجة - بعد أن أنزل واحداً ممن كانوا يصاحبونه - وأنهم كانوا ملثمين - وليس يغني عن هذا الرد تعويل الحكم على قول آخر للمجني عليه بالجلسة مفاده أن الطاعنين وزميلهما هم مرتكبوا الحادث. كما أن الحكم لم يعرض لشهادة شهود النفي المؤيدة لدفاع الطاعنين، ولم يرد على ما أثاره المدافع عنهما من عدم توافر ظرف الإكراه في واقعة الدعوى، أما استخلاصه هذا الظرف تأسيساً على أن المجني عليه قرر في جميع مراحل الدعوى بأن الجناة أوثقوه، فيهدره أنه قرر في تحقيقات النيابة أنهم لم يعتدوا عليه ولم يكونوا يحملون سلاحاً. هذا إلى أن الحكم عول في إدانة الطاعنين على عملية استعراف باطلة لسبق مشاهدة المجني عليه هو وأخواه لهما بمركز الشرطة قبل إجراء عملية العرض، وعلى الرغم من تمسك المدافع عنهما بهذا الدفاع فإن الحكم لم يعرض له بقول، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "وحيث إن واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من أوراقها ومن الشهود الذين سمعتهم ومما دار بالجلسة توجز في أن المجني عليه محمد محمد نصار غنيم الشهير بالحاج علي كان بمتجره مع أخويه محمد الشهير بحسن ومحمد محمد نصار غنيم حين حضر إليه المتهمون الثلاثة "والطاعنان من بينهم" حوالي الساعة 8 من مساء يوم 17/ 10/ 1961 وطلبوا منه نقلهم إلى عزبة الخواجات بدراجته الميكانيكية (موتوسيكل) فقبل ونقده المتهم الأخير - الطاعن الثاني - المبلغ الذي اتفقوا عليه وهو خمسة وعشرين قرشاً وركب في القفص بينما ركب المتهمان الأول والثاني - الطاعن الأول - خلفه وسار بهم جميعاً في الطريق العام الموصل بين ناحيتي الدير وميت كنانة. وبعد أن جاوز نقطة المرور التي تقع على هذا الطريق بنحو كيلو مترين مقابل عزبة الخواجات استوقفه المتهمون ثم نزلوا وأطفأوا أنوار الدراجة وأوقف المتهم الثالث المحرك ثم ضربه الثلاثة بأيديهم وسرقوا منه كرهاً مبلغ ستين قرشاً وساعة يد وبطاقته الشخصية ورخصتي القيادة الخاصتين به وبالدراجة ثم قاده المتهم الثالث إلى حقل مجاور وأوثق يديه وطلب منه البقاء معه فترة تمكن في خلالها المتهم الأول من قيادة (الموتوسيكل) وفر هارباً به مع المتهم الثاني ثم حل المتهم الثالث وثاق المجني عليه واتفق معه على رد (الموتوسيكل) إن هو نقده مبلغ خمسة جنيهات في مقهى عينه له ببندر شبين القناطر ثم تركه وانصرف وسار المجني عليه على قدميه حتى بلغ نقطة مرور الدير وأبلغ الشرطي إبراهيم الدسوقي عبده بما حدث له فكلفه بإبلاغ الشرطة وأركبه سيارة نقل أقلته إلى طوخ وهناك تقدم ببلاغ للمركز أثبت فيه واقعة السرقة وأنه يستطيع التعرف على مرتكبيها وقد حررت محضراً بالحادث وأبلغت النيابة فتولت التحقيق وفي خلال عرض المتهمين على المجني عليه وأخويه تعرفوا عليهم جميعاً وأنكر المتهمون ما نسب إليهم" ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها مما حصله من أقوال المجني عليه وأخوته وشرطي نقطة المرور بالجلسة وبالتحقيقات وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بإكراه التي دين الطاعنان بها - ثم تناول الحكم دفاع الطاعنين - القائم على أن حالة الضوء بمكان الحادث لم تكن تسمح بالتعرف على الجناة وأن الشهود رأوا الطاعنين في مركز الشرطة قبل عملية العرض، وأن المجني عليه نفى وجود سلاح مع الطاعنين أو أن إكراهاً وقع منهما - فرد عليه - وهو بصدد استخلاص ثبوت الواقعة - بقوله "وحيث إنه لما سلف بيانه تكون الواقعة المسندة للمتهمين قد تكاملت أركانها المادية والمعنوية وتوافرت الأدلة على صحتها بما لا مجال للشك فيه من أقوال شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة وقد أصر فيها المجني عليه وفي كافة مراحل الدعوى على أن المتهمين أوثقوه وشلوا مقاومته ولم يفرط لهم فيما سرقوه إلا تحت تأثير الإكراه والتهديد أما تعرف المجني عليه وأخويه على المتهمين فمرده في عقيدة المحكمة هو تواجدهم بحانوت المجني عليه فترة تكفي للتعرف على ملامحهم وشخصياتهم" لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ما حصله الحكم عن واقعة الدعوى وما استخلصه من أقوال شهود الإثبات - بكل ما حواه من تفصيل سواء فيما يختص بأن مرتكبي الحادث هم الأشخاص ذاتهم الذين صاحبوا المجني عليه بعد استئجارهم الدراجة منه، أو فيما يتعلق بالإكراه الذي وقع عليه - والذي يكفي ما أورده الحكم بشأنه في إثبات توافره على النحو المعرف به قانوناً - له أصل ثابت في تحقيقات النيابة، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما تقتنع به من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق المختلفة، وأن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصوره في الرد على دفاعهم الموضوعي أو عدم استظهاره توافر ظرف الإكراه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان من أن الحكم لم يعرض لأقوال شهود النفي أو لبطلان عملية الاستعراف، مردوداً بالنسبة إلى الأمر الأول بأن المحكمة غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي ما دامت لم تستند إليها في قضائها، ولأن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها، وهو مردود كذلك بالنسبة إلى الأمر الثاني، بأنه لما كان تعرف الشهود على المتهم ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلاً خاصاً وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من عملية الاستعراف فإنه لا يجوز مصادرتها في اعتقادها.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإن الطعن برمته لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما يخرج عن رقابة محكمة النقض فيتعين لذلك رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق