جلسة 19 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار
محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة،
ويعيش رشدي، ومحمد وهبة، وأحمد موسى.
--------------
(215)
الطعن رقم 842 لسنة 46
القضائية
)1،2 ) إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق
الدفاع". ما يوفره.
1 - نزول المدافع عن
المتهم عن سماع الشهود. لا يحول دون عدوله عنه. شفاهة أو كتابة. طالما كانت
المرافعة لم تتم بعد.
2 - طلب سماع الشهود
الغائبين إذا ما اتجهت المحكمة إلى غير البراءة. طلب جازم. عند القضاء بغير
البراءة. القضاء بالإدانة دون إجابة هذا الطلب. إخلال بحق الدفاع.
------------------
1 - من المقرر - وفق
المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - أن الأصل في المحاكمات إنها تقوم على
التحقيق الشفوي، الذى تجريه المحكمة - في مواجهة المتهم - بالجلسة وتسمع فيه
الشهود لإثبات التهمة أو نفيها، ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر
سماعهم لأى سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عند ذلك - قبولا صريحا أو
ضمنيا - وإذ كان ذلك، وكان حق الدفاع - الذى يتمتع به المتهم - يخوله إبداء ما يعن
له من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لم يزل مفتوحا، ومن ثم فإن نزول المدافع
عن الطاعن - بادئ الأمر - عن سماع الشهود واسترساله في المرافعة لا يحرمه العدول
عن هذا النزول ولا يسلبه حقه في العودة إلى التمسك بطلب سماعهم - سواء كان هذا
التمسك في دفاعه الشفوي أو في دفاعه المكتوب - طالما كانت المرافعة وقت حصوله، ما
زالت دائرة لم تتم بعد. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المذاكرة
المتممة للدفاع الشفوي - التي قدمها المدافع عن الطاعن عقب مرافعته وأشار إليها
الحكم المطعون فيه - إنما قدمت والمرافعة ما زالت دائرة، لما هو ثابت من ذلك
المحضر من أن محاميا آخر عن الطاعن شرع في استكمالها بعد تقديم المذكرة المشار
إليها. ومن ثم يحق للدفاع أن يعدل عن نزوله عن سماع الشهود - الذى تضمنه ما أثبت
بمستهل جلسة المحاكمة من اكتفائه بمناقشة شهاداتهم الواردة بالتحقيقات - وأن يعود
فيتمسك في تلك المذكرة بطلب سماع شهود الإثبات.
2 - إن التمسك بطلب سماع
الشهود الغائبين إذا ما اتجهت المحكمة إلى غير البراءة يعد بمثابة طلب جازم عند
الاتجاه إلى القضاء بغير البراءة، ومن ثم فإن الحكم إذ عول في إدانة الطاعن على
شهادة هؤلاء الشهود الواردة بالتحقيقات دون الاستجابة إلى طلب سماعهم يكون مشوبا بالإخلال
بحق الدفاع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه بدائرة مركز قنا محافظة قنا أحرز بقصد الإتجار جوهرين مخدرين (أفيونا
وحشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى
محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182
لسنة 1961 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966. والبندين 1 و12 من الجدول رقم واحد
الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم واحد الملحق به بمعاقبة
المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه ألف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جواهر مخدرة قد شابه إخلال بحق
الدفاع، ذلك أنه على الرغم من تمسك المدافع عن الطاعن - في المذكرة المتممة لدفاعه
الشفوي - بطلب سماع شهود الاثبات إذا ما اتجهت المحكمة إلى القضاء بغير البراءة،
فقد عول الحكم على شهادتهم الواردة بالتحقيقات دون إجابة هذا الطلب استنادا إلى أن
الدفاع قد سبق له أن اكتفى - في مستهل جلسة المحاكمة - بمناقشة تلك الشهادة وقررت
المحكمة تلاوتها، فلا يحل له - من بعد الفراغ من نظر الدعوى - أن يعدل عن نزوله عن
سماع شهود الإثبات طالما لم يجد ما يبرر هذا العدول، في حين أن المذكرة المشار
إليها إنما قدمت والمرافعة ما زالت دائرة لم تتم بعد، ومن ثم يحق للدفاع أن يعود
في نزوله هذا ويتمسك - في تلك المذكرة - بطلب سماع هؤلاء الشهود.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد ما أشار إلى أن المدافع عن الطاعن انتهى في مذكرته - المتممة لدفاعه الشفوي
- إلى التصميم على البراءة منوها بأنه إذا ما اتجهت المحكمة إلى غير ذلك فإنه
يتمسك بطلب سماع الشهود الغائبين، رد على هذا الطلب بقوله "أنه" - لما
كان الدفاع عند بدء مواجهته للدعوى بجلسة المحاكمة قد اكتفى بمناقشة أقوال شهود
الإثبات الواردة بالتحقيقات وقد أمرت المحكمة بتلاوتها وتليت - على ما هو ثابت
بمحضر الجلسة - فإنه لا يقبل من الدفاع أن يعود في نهاية مذكرته - وبعد الفراغ من
نظر الدعوى - إلى القول بتمسكه بسماع شهود الإثبات إذا اتجهت المحكمة لغير البراءة
إذ لا يسانده في هذا قانون أو منطق سليم، وتناوله عن سماع شهود الإثبات مفيد له
طالما أنه لم يجد ما يبرر العودة إلى التمسك بسماعهم" لما كان ذلك وكان من
المقرر - وفق المادة 219 من قانون الإجراءات الجنائية - أن الأصل في المحاكمات
أنها تقوم على التحقيق الشفوي، الذى تجريه المحكمة - في مواجهة المتهم - بالجلسة
وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها، ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا
تعذر سماعهم لأى سبب من الأسباب أو قبل المتهم - أو المدافع عنه ذلك - قبولا صريحا
أو ضمنيا - وإذا كان ذلك، وكان حق الدفاع - الذى يتمتع به المتهم يخوله إبداء ما
يعن من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لم يزل مفتوحا، فإن نزول المدافع عن
الطاعن - بادئ الأمر - عن سماع الشهود واسترساله في المرافعة لا يحرمه من العدول
عن هذا النزول ولا يسلبه حقه في العودة إلى التمسك بطلب سماعهم - سواء كان هذا
التمسك في دفاعه الشفوي أو في دفاعه المكتوب - طالما كانت المرافعة، وقت حصوله، ما
زالت دائرة لم تتم بعد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن
المذاكرة المتممة للدفاع الشفوي - التي قدمها المدافع عن الطاعن عقب مرافعته وأشار
إليها الحكم المطعون فيه - إنما قدمت والمرافعة ما زالت دائرة، لما هو ثابت من ذلك
المحضر من أن محاميا آخر عن الطاعن شرع في استكمالها بعد تقديم المذكرة المشار
إليها، ومن ثم يحق للدفاع أن يعدل عن نزوله عن سماع الشهود - الذى تضمنه ما أثبت
بمستهل جلسة المحاكمة من اكتفائه بمناقشة شهاداتهم الواردة بالتحقيقات - وأن يعود
فينمسك في تلك المذكرة بطلب سماع شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان هذا الطلب - على
الصورة التي أوردها الحكم - يعد بمثابة طلب جازم عند الاتجاه إلى القضاء بغير
البراءة، فإن الحكم إذ عول في إدانة الطاعن على شهادة هؤلاء الشهود الواردة
بالتحقيقات دون الاستجابة إلى طلب سماعهم يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع. ولا يشفع
له في ذلك كونه قد عول في قضائه - علاوة على تلك الشهادة - على أدلة أخرى، أخصها
اعتراف الطاعن في التحقيق بأنه المالك للسنجة المضبوطة الملوثة بآثار جوهر الأفيون
وبأنه أقر للضابط بملكيته لسائر المضبوطات، ذلك بأن الأصل في المواد الجنائية أنها
متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعه تتكون عقيدة المحكمة فليس من المستطاع -
والحالة كذلك - أن يعرف مصير قضاء محكمة الموضوع ماذا يكون فيما لو استمعت بنفسها
إلى شهادة شهود الاثبات التي كانت عنصرا من عناصر عقيدتها في الدعوى، ومن ثم يكون
الحكم معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق