الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 مارس 2015

الطعن 26620 لسنة 67 ق جلسة 6 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 83 ص 639

جلسة 6 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وعبد الرؤوف عبد الظاهر نواب رئيس المحكمة. وأحمد عمر محمدين.

-------------

(83)
الطعن رقم 26620 لسنة 67 القضائية

(1) نقض "إيداع الأسباب. ميعاده".
إيداع أسباب الطعن بالنقض. بعد الميعاد المقرر قانوناً. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم أسباب الطعن بالنقض في الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(3) إعدام. نقض "ميعاده". محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد بميعاد محدد أو بالرأي الذي انتهت إليه النيابة بمذكرتها. أساس ذلك؟
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
خلط الحكم بين اسمي المجني عليهما لدى بيانه وقائع القتل وخطؤه في ترتيب أسماء المتهمين في الدعوى. لا ينال سلامته. أساس ذلك؟
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم توكيل المتهمين محامياً للدفاع عنهم وندب المحكمة محامياً لهم ترافع في الدعوى. حسبما أوصى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته. مفاده: تحقق الغرض الذي ابتغاه القانون من حضور محام مع كل متهم في جناية.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة. ولو عدل عنه بعد ذلك. ما دامت اطمأنت إليه.
مثال لتسبيب سائغ في إطراح دفاع المتهمين بعدم صحة الاعتراف.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة. سبق إصرار. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
سبق الإصرار. استخلاص القاضي له من ظروف الدعوى وعناصرها. ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل مع سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(8) قتل عمد. ارتباط "رابطة السببية". ظروف مشددة. قصد جنائي.
الجمع بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها في المادين 230، 231 عقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة المنصوص عليها في المادة 234 من ذات القانون. جائز. متى توافرت أركانها.
استظهار الحكم رابطة السببية بين الجريمتين وأنهما ارتكبتا بقصد جنائي واحد وتوقيع عقوبة الإعدام استناداً إلى ذلك. صحيح في القانون.
(9) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1997 فقرر المحكوم عليهم..... و...... و...... الطعن بطريق النقض في 16 من سبتمبر سنة 1997 بيد أن الأسباب التي بني عليها طعنهم لم تودع إلا في 15 من ديسمبر من ذات العام، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/ 1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - بعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 - وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه - دون قيام عذر يبرر تجاوز هذا الميعاد، فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان المحكوم عليهم..... و...... و....... وإن قرروا بالطعن بالنقض في الميعاد المحدد، إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ومن ثم يكون الطعن المقدم من كل منهم غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
3 - لما كانت النيابة العامة وإن عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
4 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم أنه حين أورد بيان وقائع القتل قد خلط بين اسمي المجني عليهما في الواقعتين الأولى والثالثة وأخطأ في بيان ترتيب اسم المتهم..... بين المتهمين عند ذكره واقعة سفره للقاهرة لإحضار السيارة قيادة المجني عليه الثالث فهي نافلة مردها خطأ مادي بحت جرى به حكم المحكمة فحسب إذ الواضح من مدونات الحكم أن المحكمة قد فطنت تماماً إلى حقيقة وقائع الدعوى وتسلسل إحداثها وتاريخ وقوع كل منها ودور كل متهم فيها تحديداً.
5 - لما كان الثابت بمحضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة.... حضر محام موكلاً مع المتهم الخامس..... ولم يوكل أي من باقي المتهمين مدافعاً عنه أو يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام. فندبت المحكمة لهم محامياً للدفاع عنهم وأجابته لطلبه التأجيل للاطلاع والاستعداد، فأجلت نظر الدعوى لجلسة..... وفيها لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم الخامس فندبت المحكمة المحامي المنتدب ذاته للدفاع عنه أيضاً، وترافع في الدعوى شارحاً ظروفها ونعى على اعتراف المتهمين بالتحقيقات أنه مغالي فيه وخيالي وصدر منهم بغية استدرار العطف عليهم وأن أمر تقديره متروك للمحكمة وطلب استعمال منتهى الرأفة معهم، فإن المحكمة بذلك تكون قد وفرت للمتهمين حقهم في الدفاع كما أن المحامي المنتدب للدفاع عنهم - وحسبما هو ثابت بمحضر جلسات المحاكمة - قد أدى واجبه على النحو الذي قدره وحسبما أوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته وهو ما يحقق الغرض الذي ابتغاه القانون من حضور محام مع كل متهم في جناية.
6 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المعروض أن المحكمة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى صحة إقرار المتهمين في محضر الضبط والتحقيقات وسلامته مما يشوبه ومطابقته للحقيقة والواقع أخذت به وعولت عليه - ضمن ما عولت - في قضائها بالإدانة، ثم عرضت من بعد إلى ما أثاره الدفاع من أن هذه الاعترافات خيالية ومبالغ فيها ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن قول الدفاع بأن إقرار المتهمين مبالغ فيه فهذا القول مرسل لم يحدد الدفاع ماهية هذه المبالغة فلم يقدم ثمة دليل أو قرينة على أن إقرار المتهمين أمام النيابة قد فقد شروط صحته وإنما جاء هذا القول من الدفاع قولاً مرسلاً لم يؤيد بأي دليل فتلتفت المحكمة عنه" لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمونة أن القبض على المتهمين قد تم وفق إجراءات قانونية صحيحة وأن أحداً منهم طوال مراحل التحقيق وإجراء المعاينة وبجلسات تجديد حبسهم أو محاكمتهم - لم ينع على اعترافه بمحضر الضبط والتحقيقات بأي منعى، فإن هذا الذي رد به الحكم ينهض كافياً لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد.
7 - لما كان الحكم المعروض قد دلل على نية القتل بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي وإن كانت أمراً خفياً في نفس الجاني إلا أن ملابسات الدعوى تكشف عن وجودها وآية توافر هذه النية في نفس الجناة هو ما قرره المتهمان.... و..... من النصب عليهما من المدعو...... بعد أن باع لهما سيارة ودفعا له من ثمنها مبلغ 500 جنيه اقترضها المتهم ..... وحرر له على نفسه إيصال أمانة بالمبلغ ثم اكتشف أن البائع قد نصب عليهما ولم يكن لديه أي سيارات الأمر الذي دعاهما يصممان مع باقي المتهمين الذين انضموا إليهما على القتل بقصد السرقة ثم اجتمعا وباقي المتهمين وتحالفوا على استدراج بعض سائقي السيارات النقل من القاهرة إلى الفيوم بحجة نقل بعض الأخشاب أو المنقولات واستدراجهم إلى الصحراء المتاخمة لبلدتهم قرية السريرة محافظة الفيوم وقتلهم والاستيلاء على السيارات قيادتهم واستعمالهم أدوات من شأنها أن تحدث القتل لو استعملت في التعدي وهي العصي الشوم والأخشاب كما أنهم سددوا ضرباتهم إلى المجني عليهم في مقتل من جسمهم وموالاة الاعتداء بقصد إزهاق روحهم على النحو الوارد بإقراراتهم بتحقيقات النيابة العامة ويؤكد هذه النية لدى المتهمين جميعاً قيامهم بإخفاء جثث المجني عليهم بعد توثيق إحداها بالحبال في الرمال بصورة جعلت بعض الحيوانات المفترسة تنهش بعضها على النحو الوارد بمعاينة النيابة العامة كل ذلك يكشف عن نية القتل لدى المتهمين جميعاً، ولا يغير من ذلك أن المتهمين عند اجتماعهم وتحالفهم لم يحددوا شخصاً بعينه وإنما كان مقصدهم قتل أي سائق لسيارة نقل بقصد الاستيلاء عليها فكان ضحية هذا التصميم المجني عليهم الثلاثة المذكورين. لما كان ذلك فقد اطمأنت المحكمة إلى أن المتهمين جميعاً قد اتجه قصدهم إلى إزهاق روح المجني عليهم" كما دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "دليل توافر هذا الظرف في نفس المتهمين هو ما تعرض له المتهمان..... و..... منذ عام سابق على ارتكابهم لهذه الوقائع وهي واقعة شرائهما لسيارة من........ ودفع مبلغ خمسمائة جنيه له ثم اتضح أنه قد نصب عليهما إذ لا يوجد لديه سيارات مما جعل المتهمون يفكرون في روية وتدبر في كيفية الانتقام من بعض سائقي سيارات نصف النقل والفتك بهم بعد أن اجتمع بهم المتهمان الأول والثاني وتحالفهم على الانتقام بأن يستدرج أحدهم السائق من القاهرة إلى دائرة مركز اطسا محافظة الفيوم ثم إلى المنطقة الصحراوية وقتله والاستيلاء على السيارة قيادته وذلك على فترات متباعدة مما يؤكد للمحكمة أن المتهمين قد فكروا وصمموا في روية وهدوء نفس على تنفيذ جرائمهم وأعدوا لذلك عصياً وشوماً وانهالوا بها على المجني عليهم حتى فارقوا الحياة". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، وما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المتهمين، وفي الكشف عن توافر سبق الإصرار في حقهم وقد ساق لإثباتها قبلهم من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققهما طبقاً للقانون.
8 - لما كان لا يوجد في القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها في المادتين 230، 231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 234 من القانون ذاته متى توافرت أركانها، وكان الحكم المعروض قد أوضح رابطة السببية بين القتل العمد للمجني عليهم وارتكاب جنحة سرقة السيارة قيادة كل منهم التي كانت الغرض المقصود منه بما يتحقق به الظرف المشدد كما هو معرف به في القانون، هذا إلى أن توافر أي من هذين الظرفين كاف لتوقيع عقوبة الإعدام التي أوقعها الحكم. فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
9 - لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليهم بالإعدام عنها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة للقضية إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: قتلوا عمداً.... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك عصى واستدرجوه إلى منطقة صحراوية وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصاباته التي أودت بحياته وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا السيارة رقم..... نقل القاهرة قيادة المجني عليه والمملوكة لـ..... ثانياً: قتلوا عمداً..... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك عصى واستدرجوه إلى منطقة صحراوية وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصاباته التي أودت بحياته وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا السيارة رقم .... نقل القاهرة قيادة المجني عليه والمملوكة لـ..... ثالثاً: قتلوا عمداً ..... مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك عصى واستدرجوه إلى منطقة صحراوية وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا إصاباته التي أودت بحياته وقد ارتبطت هذه الجناية بجنحة أخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالفى الذكر سرقوا السيارة رقم..... نقل القاهرة قيادة المجني عليه والمملوكة لـ...... وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وبجلسة ...... قررت المحكمة المذكورة بإجماع الآراء بإحالة ملف القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي بالنسبة للمتهمين وحددت جلسة ..... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 231، 234/ 2، 317/ 4، 5 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً عما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1997 فقرر المحكوم عليهم..... و..... و...... الطعن بطريق النقض في 16 من سبتمبر سنة 1997 بيد أن الأسباب التي بنى عليها طعنهم لم تودع إلا في 15 من ديسمبر من ذات العام، بعد فوات الميعاد المحدد لذلك في المادة 34/ 1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - بعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 - وهو ستون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه - دون قيام عذر يبرر تجاوز هذا الميعاد، فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن المحكوم عليهم...... و..... و...... وإن قرروا بالطعن بالنقض في الميعاد المحدد، إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ومن ثم يكون الطعن المقدم من كل منهم غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون برقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المحكوم عليهم عدا الخامس.... قد اتفقوا فيما بينهم على أن يقوموا بسرقة السيارات النصف نقل وذلك بعد استدراج سائقيها من القاهرة إلى قريتهم بمركز اطسا بمحافظة الفيوم بحجة نقل أخشاب ثم قتل السائق وسرقة السيارة، وأقسموا على ألا يفشوا سرهم، وتنفيذاً لهذا الاتفاق توجه المتهم...... إلى القاهرة في غضون شهر...... 1994 وفي منطقة مصر الجديدة التقى بالمجني عليه الأول...... سائق السيارة رقم ..... نقل القاهرة وطلب منه السفر معه إلى قريته لتحميل بعض الأخشاب فوافق، وكان الباقون في انتظاره في المكان المتفق عليه - وهو طريق من الأسفلت يجرى إنشاؤه في الصحراء المتاخمة لقريتهم المار ذكرها - ومع كل منهم عصا من الشوم الغليظ، وما أن وصلت السيارة إلى هذا المكان ركبوا فيها جميعاً وواصل السائق المجني عليه السير وفق تعليماتهم حتى توغلوا في الصحراء ثم طالبوه بإيقاف السيارة ونزلوا منها ونزل السائق فالتفوا حوله وانهالوا عليه ضرباً بعصيهم الغليظة حتى أردوه قتيلاً ثم حفروا له حفرة في الصحراء وأردوه فيها وهالوا عليه الرمال وسرقوا السيارة قيادته ثم باعوها وفي غضون شهر سبتمبر من ذات العام عن لهم تكرار جريمتهم فتوجه المتهمون....... و...... و..... إلى منطقة الزيتون بالقاهرة حيث اشتروا أربعة أبواب خشبية وطلبوا من المجني عليه الثاني....... سائق السيارة رقم..... نقل القاهرة توصيلهم إلى بلدتهم لقاء أجر فوافقهم، ورافقه الأول في السيارة بينما خف الآخران يسبقانه في سيارة أجرة إلى قريتهم يزفان بشرى الصيد الثمين إلى المتهمين...... و...... وانتظروا معاً وصول السيارة في نفس المكان المار بيانه في الواقعة الأولى، وما أن وصلت ركبوا فيها وأرشدوا السائق إلى الطريق الذي يسلكه لتوصيل الأبواب الخشبية متعمدين أن تخوض السيارة في مناطق رملية حتى غرزت إطاراتها في الرمال فنزلوا منها بحجة محاولة دفعها وما أن نزل السائق ليعاونهم حتى انهالوا عليه ضرباً بعصيهم ولم يتركوه إلا جثة هامدة ثم قام المتهم........ بتوثيقه بالحبال وحفروا حفرة في الرمال دفنوه فيها وعادوا أدراجهم بعد الاستيلاء على السيارة، وقبيل ضبطهم بعدة أيام وفي نهاية شهر إبريل سنة 1995 انضم إليهم المتهم الخامس...... بعد أن راقت له جرائمهم واستهوتهم وأقسم لهم على الإخلاص وإثباتاً لذلك سافر هو إلى القاهرة ليقتنص لهم صيداً جديداً وتوجه إلى منطقة الحي الثامن بمدينة نصر وتمكن من إقناع المجني عليه الثالث..... سائق السيارة رقم..... نقل القاهرة من السفر معه إلى الفيوم لإحضار بعض المنقولات ورافقه في السيارة حتى وصلوا إلى منزل المتهم..... بالقرية سالفة الذكر حيث كان باقي المتهمين ينتظروه فيه، وركبوا في السيارة وواصل المجني عليه السير بها بإرشادهم حتى وصلوا إلى الطريق الصحراوي ذاته وهناك طلب منه المتهم الرابع...... أن يتولى هو قيادة السيارة فرفض فأنزله عنوة من السيارة وانهالوا عليه جميعاً ضرباً بالعصي من كل جانب حتى لفظ أنفاسه وحملوا جثته في صندوق السيارة وقادها المتهم سالف الذكر لمسافة عشرين كيلو متراً تقريباً حيث دفنوه في حفرة حفروها له على يسار الطريق واستولوا على السيارة التي كان يقودها.
وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين المقدم...... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة جرائم سرقات السيارات والعميد..... مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ومعاينة النيابة العامة لمكان إخفاء جثث المجني عليهم ومن إقرار المتهمين بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً - كما هي قائمة في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهمين بوصفهم فاعلين أصليين في ارتكاب جرائم قتل المجني عليهم عمداً مع سبق الإصرار بقصد ارتكاب جنحة سرقة سيارة كل من المجني عليهم، وأنزل عليهم العقاب المنصوص عليه في المواد 231، 234/ 2، 317/ 4، 5 من قانون العقوبات، ولا ينال من سلامة الحكم أنه حين أورد بيان وقائع القتل قد خلط بين اسمي المجني عليهما في الواقعتين الأولى والثالثة وأخطأ في بيان ترتيب اسم المتهم...... بين المتهمين عند ذكره واقعة سفره للقاهرة لإحضار السيارة قيادة المجني عليه الثالث فهي نافلة مردها خطأ مادي بحت جرى به حكم المحكمة فحسب إذ الواضح من مدونات الحكم أن المحكمة قد فطنت تماماً إلى حقيقة وقائع الدعوى وتسلسل إحداثها وتاريخ وقوع كل منها ودور كل متهم فيها تحديداً، ولما كان الثابت بمحضر جلسات المحاكمة أنه بجلسة...... حضر محام موكلاً مع المتهم الخامس..... ولم يوكل أي من باقي المتهمين مدافعاً عنه أو يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام. فندبت المحكمة لهم محامياً للدفاع عنهم وأجابته لطلبه التأجيل للاطلاع والاستعداد، فأجلت نظر الدعوى لجلسة....... وفيها لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم الخامس فندبت المحكمة المحامي المنتدب ذاته للدفاع عنه أيضاً، وترافع في الدعوى شارحاً ظروفها ونعى على اعتراف المتهمين بالتحقيقات أنه مغالى فيه وخيالي وصدر منهم بغية استدرار العطف عليهم وأن أمر تقديره متروك للمحكمة وطلب استعمال منتهى الرأفة معهم. فإن المحكمة بذلك تكون قد وفرت للمتهمين حقهم في الدفاع كما أن المحامي المنتدب للدفاع عنهم - وحسبما هو ثابت بمحضر جلسات المحاكمة - قد أدى واجبه على النحو الذي قدره وحسبما أوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته وهو ما يحقق الغرض الذي ابتغاه القانون من حضور محام مع كل متهم في جناية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المعروض أن المحكمة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى صحة إقرار المتهمين في محضر الضبط والتحقيقات وسلامته مما يشوبه ومطابقته للحقيقة والواقع أخذت به وعولت عليه - ضمن ما عولت - في قضائها بالإدانة، ثم عرضت من بعد إلى ما أثاره الدفاع من أن هذه الاعترافات خيالية ومبالغ فيها ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن قول الدفاع بأن إقرار المتهمين مبالغ فيه فهذا القول مرسل لم يحدد الدفاع ماهية هذه المبالغة فلم يقدم ثمة دليل أو قرينة على أن إقرار المتهمين أمام النيابة قد فقد شروط صحته وإنما جاء هذا القول من الدفاع قولاً مرسلاً لم يؤيد بأي دليل فتلتفت المحكمة عنه". لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمونة أن القبض على المتهمين قد تم وفق إجراءات قانونية صحيحة وأن أحداً منهم طوال مراحل التحقيق وإجراء المعاينة وبجلسات تجديد حسبهم أو محاكمتهم - لم ينع على اعترافه بمحضر الضبط والتحقيقات بأي منعى، فإن هذا الذي رد به الحكم ينهض كافياً لدحض قالة الدفاع في هذا الصدد لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد دلل على نية القتل بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي وإن كانت أمراً خفياً في نفس الجاني إلا أن ملابسات الدعوى تكشف عن وجودها وآية توافر هذه النية في نفس الجناة هو ما قرره المتهمان...... و....... من النصب عليهما من المدعو..... بعد أن باع لهما سيارة ودفعا له من ثمنها مبلغ 500 جنيه خمسمائة جنيه اقترضها المتهم...... وحرر له على نفسه إيصال أمانة بالمبلغ ثم اكتشف أن البائع قد نصب عليهما ولم يكن لديه أي سيارات الأمر الذي دعاهما يصممان مع باقي المتهمين الذين انضموا إليهما على القتل بقصد السرقة ثم اجتمعا وباقي المتهمين وتحالفوا على استدراج بعض سائقي السيارات النقل من القاهرة إلى الفيوم بحجة نقل بعض الأخشاب أو المنقولات واستدراجهم إلى الصحراء المتاخمة لبلدتهم....... وقتلهم والاستيلاء على السيارات قيادتهم واستعمالهم أدوات من شأنها أن تحدث القتل لو استعملت في التعدي وهي العصي الشوم والأخشاب كما أنهم سددوا ضرباتهم إلى المجني عليهم في مقتل من جسمهم وموالاة الاعتداء بقصد إزهاق روحهم على النحو الوارد بإقراراتهم بتحقيقات النيابة العامة ويؤكد هذه النية لدى المتهمين جميعاً قيامهم بإخفاء جثث المجني عليهم بعد توثيق إحداها بالحبال في الرمال بصورة جعلت بعض الحيوانات المفترسة تنهش بعضها على النحو الوارد بمعاينة النيابة العامة كل ذلك يكشف عن نية القتل لدى المتهمين جميعاً، ولا يغير من ذلك أن المتهمين عند اجتماعهم وتحالفهم لم يحددوا شخصاً بعينه وإنما كان مقصدهم قتل أي سائق لسيارة نقل بقصد الاستيلاء عليها فكان ضحية هذا التصميم المجني عليهم الثلاثة المذكورين. لما كان ذلك فقد اطمأنت المحكمة إلى أن المتهمين جميعاً قد اتجه قصدهم إلى إزهاق روح المجني عليهم كما دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "دليل توافر هذا الظرف في نفس المتهمين هو ما تعرض له المتهمان...... و..... منذ عام سابق على ارتكابهم لهذه الوقائع وهي واقعة شرائهما لسيارة من........ ودفع مبلغ خمسمائة جنيه له ثم اتضح أنه قد نصب عليهما إذ لا يوجد لديه سيارات مما جعل المتهمون يفكرون في روية وتدبر في كيفية الانتقام من بعض سائقي سيارات نصف النقل والفتك بهم بعد أن اجتمع بهم المتهمان الأول والثاني وتحالفهم على الانتقام بأن يستدرج أحدهم السائق من القاهرة إلى دائرة مركز اطسا محافظة الفيوم ثم إلى المنطقة الصحراوية وقتله والاستيلاء على السيارة قيادته وذلك على فترات متباعدة مما يؤكد للمحكمة أن المتهمين قد فكروا وصمموا في روية وهدوء نفس على تنفيذ جرائمهم وأعدوا لذلك عصياً وشوماً انهالوا بها على المجني عليهم حتى فارقوا الحياة". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المتهمين، وفي الكشف عن توافر سبق الإصرار في حقهم وقد ساق لإثباتها قبلهم من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققهما طبقاً للقانون. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يحول دون الجمع بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها في المادتين 230، 231 من قانون العقوبات وجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 234 من ذات القانون متى توافرت أركانها، وكان الحكم المعروض قد أوضح رابطة السببية بين القتل العمد للمجني عليهم وارتكاب جنحة سرقة السيارة قيادة كل منهم التي كانت الغرض المقصود منه بما يتحقق به الظرف المشدد كما هو معرف به في القانون، هذا إلى أن توافر أي من هذين الظرفين كاف لتوقيع عقوبة الإعدام التي أوقعها الحكم. فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون.
لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليهم بالإعدام عنها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من القانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمه مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري علي واقعة الدعوى يغير ما انتهي إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة للقضية إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 28462 لسنة 67 ق جلسة 7 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 85 ص 666

جلسة 7 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة. وأبو بكر البسيوني.

----------------

(85)
الطعن رقم 28462 لسنة 67 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) إعدام. نيابة عامة. محكمة النقض "سلطتها".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام. غير لازم. اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
ندب محامياً للدفع عن المتهم لعدم توكيله محامياً عنه أو طلبه التأجيل لتوكيل محام. ترافع المحامي المنتدب وإبداء ما عن له من دفاع. لا إخلال بحق الدفاع.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأصل. علانية جلسات المحاكمة.
للمحكمة الأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية. مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب.
(5) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد حنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على إثبات توافر نية القتل.
(6) خطف. هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه في مفهوم المادة 290/ 1 عقوبات المعدل. مناط تحققها؟
ركن القوة في جريمة هتك العرض. مناط توافره: أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه.
إثبات الحكم أن الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه بغير رضائه. كفايته لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض.
(7) قتل عمد. خطف. هتك عرض. ظروف مشددة. اقتران. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". عقوبة "تقديرها".
تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى. في مفهوم المادة 234/ 2 عقوبات. رهن بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير ذلك. موضوعي.
(8) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. إعدام.
للمحكمة تكوين عقيدتها بالإدانة في ثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها بما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها. وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينه. غير لازم.
(9) إثبات "اعتراف" "خبرة" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الاعتراف كعنصر من عناصر الدعوى. موضوعي.
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة المراد إثباتها. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها. طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
إيراد الحكم الدليل القولي بما لا يتناقض مع ما نقله من الدليل الفني ويتلاءم معه. مؤداه: خلوه من دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني والفساد في الاستدلال.
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة دون حلف يمين والأخذ بأقوالهم. على سبيل الاستدلال. إذا آنس القاضي فيها الصدق.
أخذ الحكم بأقوال طفلة كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى. لا تثريب.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". أسباب الإباحة وموانع العقاب "عاهة عقلية". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الحالة العقلية للمتهم. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ.
(12) قتل عمد. ظروف مشددة.، عقوبة "تطبيقها". إعدام.
العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها بالمادة 234/ 2 عقوبات؟
(13) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

----------------

1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر.
2 - لما كانت النيابة العامة عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شابه الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
3 - لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع.
4 - لما كان الأصل في القانون أن تكون جلسات المحاكمة علنية غير أن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمحكمة أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سمعت الدعوى بجلسة سرية ثم تلي الحكم المطعون فيه بجلسة علنية ومن ثم يكون قد برئ من عوار البطلان.
5 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فهي قائمة في حق المتهم إذ قامت عليها الأدلة وكشفت عنها المظاهر الخارجية التي أتاها الجاني وأضمرها في نفسه والمحكمة تستخلص ذلك من استخدام المتهم أدوات هي فانلته الداخلية وقطعة من الحبال البلاستيك ليحيط بها عنق المجني عليها بأحكام شديد وقيامه باستعمالها في خنقها بأقصى قوته وذلك للقضاء عليها والتخلص منها خشية قيامها بافتضاح أمر فعلته التي أتاها معها وهي جريمة هتك عرضها بالقوة والإكراه ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من وفاتها مما يقطع بأن المتهم انتوى إزهاق روح المجني عليها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
6 - لما كانت جريمة خطف أنثى بالتحليل أو الإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدلة بالقانون 214 لسنه 1980 تتحقق بأبعاد الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادتها. وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وكان الذي أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه في ذلك يكون صحيحاً.
7 - لما كان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتي الخطف بالتحيل وهتك العرض بالقوة ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن.
8 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحكوم عليه أثار دفاعاً مؤداه أن أحداً لم يشاهده حين اقترف الجريمة وأن اعترافه يتعارض مع الدليل الفني وهذا الدفاع مردود بأنه لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضى بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب القصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه.
9 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وكان يبين أن الحكم اطمأن إلى الاعتراف المنسوب إلى المحكوم عليه بتحقيقات النيابة وبنى قضاءه إلى جانب أدلة الثبوت التي أخذ بها مجتمعة في غير ما لبس أو قصور. وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاًَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق. كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال.
10 - لما كان المشروع قد أجاز في الفقرة الثانية من المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال ولم يحرم القاضي من الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذ آنس الصدق فيها فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا تثريب على الحكم إذ أخذ بأقوال الطفل...... والطفلة...... كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى.
11 - لما كان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الطب النفسي بالعباسية الذي جاء به أن المتهم لا يعاني من أيه آفة عقلية حالياً وهو مسئول عن الاتهام المنسوب إليه إذ أن وقت إتيانه الاتهام المنسوب إليه وذلك في مجال الرد على دفاع المحكوم عليه بأنه يصاب بفقدان الشعور في بعض الأحيان فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير في شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون بريئاًً من القصور.
12 - لما كانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى....." وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجنايتي خطف أنثى بالتحيل وهتك عرضها بالإكراه فإن في ذلك حسبه لكي يستقيم قضاءه بالإعدام.
13 - لما كان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون. وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء الحكم بريئاً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره أصلح له - ومن ثم يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه......


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً..... بأن أمسك برأسها بكلتا يديه ضاغطاً على فمها وأنفها كاتماً أنفاسها وقام بخنقها مستخدماً فانلته الداخلية وقطعة من الحبل قاصداً إزهاق روحها فأحدث إصابتها المثبتة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها وقد تقدم ذلك جنايتين أخريتين هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفى البيان خطف المجني عليها سالفة الذكر بطريق التحايل بأن طلب منها شراء قطعة من الصابون وتوصيلها إلى مسكنه مقابل مكافأة مالية وما أن حضرت للشقة سكنه حتى جذبها لداخلها وقام بهتك عرضها بطريق الإكراه بأن شل مقاومتها معتمداً على قوته البدنية وخلع عنها ملابسها وأولج قضيبه في دبرها حال كونها لم تبلغ من العمر ستة عشر عاماً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قررت حضورياً وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لاستطلاع الرأي الشرعي فيما نسب إلى المتهم وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 30، 234، 268، 290/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً ومصادرة المضبوطات وبإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر.
ومن حيث إن النيابة العامة عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون بعد تعديلها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 المعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1992 إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شابه الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى.
وحيث إن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ...... وأثناء تواجد المتهم....... أمام منزله بشارع...... لاحظ وجود المجني عليها..... تلهو مع الأطفال فاحتال عليها لاستدراجها إلى مسكنه بأن طلب منها القيام بشراء قطعة صابون وسلمها مبلغاً من النقود لإحضارها له مقابل مبلغ نقدي آخر تأخذه لنفسها وسبقها إلى شقته ودعاها إلى الدخول لتسليمها المكافأة التي وعدها بها وفي داخل الشقة حاول تقبيلها وضمها إليه فرفضت فقام بوضع يده على فمها لمنعها من الاستغاثة وأدخلها غرفة نومه وألقى بها على السرير على وجهها وضغط على مؤخرة رأسها لشل مقاومتها ونزع عنها ملابسها وأولج قضيبه في دبرها وأمنى بها ثم أحضر سروال المجني عليها وأستعمله في مسح قضيبه مما علق به من آثار برازها وعندما شعر بأنها على قيد الحياة وخشي من افتضاح أمر فعلته قام بلف فانلته الداخلية حول رقبتها وحاول خنقها ثم أتى بجزء من حبل وربطه حول رقبتها وشد طرفيه بقوة قاصداً من ذلك إزهاق روحها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وفارقت الحياة. ولما تأكد من موتها أحضر جوال ووضع جثتها فيه وألقي بها داخل دورة مياه بالشقة الكائنة بالدور الأرضي بذات العقار الذي يقطن فيه وفي هارباً وساق الحكم في ثبوت الواقعة على نحو ما سلف في حق المتهم أدلة استمدها من اعتراف المتهم ومن أقوال الشهود الذين أورد ذكرهم ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوي وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله في الأوراق وعلى ما يبين من المفردات وأثبت أخذ رأي المفتي ثم خلص وبإجماع الآراء إلى إدانة المحكوم عليه بالعقوبة المقضى بها في حقه. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه، ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام، فندبت المحكمة له محامياً ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها، فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع. لما كان ذلك، وكان الأصل في القانون أن تكون جلسات المحاكمة علنية غير أن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمحكمة أن تأمر بسماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سمعت الدعوى بجلسة سرية ثم تلي الحكم المطعون فيه بجلسة علنية ومن ثم يكون قد برء من عوار البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فهي قائمة في حق المتهم إذ قامت عليها الأدلة وكشفت عنها المظاهر الخارجية التي أتاها الجاني وأضمرها في نفسه والمحكمة تستخلص ذلك من استخدام المتهم أدوات هي فانلته الداخلية وقطعة من الحبال البلاستيك ليحيط بها عنق المجني عليها بإحكام شديد وقيامه باستعمالها في خنقها بأقصى قوته وذلك للقضاء عليها والتخلص منها خشية قيامها بافتضاح أمر فعلته التي أتاها معها وهي جريمة هتك عرضها بالقوة والإكراه ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من وفاتها مما يقطع بأن المتهم انتوى إزهاق روح المجني عليها". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدلة بالقانون 214 لسنة 1980 تتحقق بإبعاد الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني أو باستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادتها. وكان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليه وبغير رضائه وكان الذي أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه في ذلك يكون صحيحاً. لما كان ذلك، وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - تنبئ بذاتها - عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتي الخطف بالتحيل وهتك العرض بالقوة، ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحكوم عليه أثار دفاعاً مؤداه أن أحداً لم يشاهده حين اقترف الجريمة وأن اعترافه يتعارض مع الدليل الفني وهذا الدفاع مردود بأنه لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضى بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب القصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، وكان يبين أن الحكم اطمأن إلى الاعتراف المنسوب إلى المحكوم عليه بتحقيقات النيابة وبنى قضاءه إلى جانب أدلة الثبوت التي أخذ بها مجتمعة في غير ما لبس أو قصور. وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاًَ يستعصى على الملاءمة والتوفيق. كما وأنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أنه أورد في مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في كافة مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان المشرع قد أجاز في الفقرة الثانية من المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية - سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة دون حلف يمين على سبيل الاستدلال ولم يحرم القاضي من الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذ آنس الصدق فيها فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه، فإنه لا تثريب على الحكم إذ أخذ بأقوال الطفل..... والطفلة...... كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مضمون تقرير مستشفى الطب النفسي بالعباسية الذي جاء به أن المتهم لا يعاني من أية آفة عقلية حالياً وهو مسئول عن الاتهام المنسوب إليه إذ أن وقت إتيانه الاتهام المنسوب إليه وذلك في مجال الرد على دفاع المحكوم عليه بأنه يصاب بفقدان الشعور في بعض الأحيان فإن التفكير والإدراك والاختيار والعاطفة والإرادة سليمة غير مضطربة بما مفاده أن الحكم أخذ بهذا التقرير في شأن حالة المحكوم عليه العقلية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون بريئاًً من القصور. لما كان ذلك، وكانت المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن "من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى...". وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه جناية القتل العمد المقترنة بجنايتين خطف أنثى بالتحيل وهتك عرضها بالإكراه فإن في ذلك حسبه لكي يستقيم قضاءه بالإعدام. لما كان جماع ما تقدم ذكره، وكان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون. وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وجاء الحكم بريئاً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكله وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري علي واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه علي نحو ما نصت علية المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره أصلح له - ومن ثم يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه...........

الطعن 9941 لسنة 66 ق جلسة 7 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 84 ص 655

جلسة 7 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفريد عوض وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(84)
الطعن رقم 9941 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(4) رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود".
إثبات الحكم طلب الطاعن من الشاهد نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة المطالبات التي يعتمدها لصرف قيمتها من الشركة التي يعمل بها. لزيادة عدد المرضى المحولين للمستشفى وتقاضيه المبلغ. كفايته لتوافر العناصر القانونية لجريمة الرشوة طبقاً للمادتين 103، 104 عقوبات.
(5) رشوة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الرشوة. تمامها. بمجرد طلب الموظف للجعل أو أخذه أو قبوله. لا يؤثر في قيامها وقوعها نتيجة تدبير سابق وإن كان الراشي غير جاد في عرضه. متى كان الموظف قبل العرض منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته. تسلم مبلغ الرشوة بعد ذلك ليس إلا نتيجة للاتفاق.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة مستقبله تحريضية.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن به في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
عدم إطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها. لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش.
(7) إثبات "خبرة". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". إجراءات "إجراءات التحقيق".
لعضو النيابة كرئيس للضبطية القضائية وصاحب الحق في إجراء التحقيق الاستعانة بأهل الخبرة دون حلف يمين. أساس ذلك؟
(8) رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على إيراد الحكم مؤدى الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات في جريمة الرشوة.

-----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - لما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن طلب من الشاهد الأول نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة المطالبات التي يعتمدها لصرف قيمتها من الشركة التي يعمل بها لزيادة أعداد المرضى المحولين للمستشفى إدارة الشاهد الأول، وأنه تم ضبط الطاعن عقب تقاضيه لمبلغ الرشوة طبقاً للنسبة التي طلبها فإن ما أورده الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات على ما هي محددة به في القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لأن الواقعة لا تعدو أن تكون طلباً لمكافأة لاحقة وهو فعل غير مؤثر يكون غير سديد.
5 - لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة مستقبلة تحريضية ورد عليه بقوله "إن ما أثاره الدفاع من قول بأن إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ ..... صدر بصدد جريمة محتملة، فإن هذا القول جاء على غير سند وعار من ثمة دليل، وأن الأوراق حسبما قرر المبلغ أن المتهم طلب منه ومنذ شهر سابق تقريباً على يوم..... تخصيص نسبة له من قيمة المطالبات المالية المستحقة للمستشفى على سبيل الرشوة ومقابل ذلك يقوم باعتماد تلك المطالبات وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع جهة عمله على المستشفى وقد تأيد هذا وثبت صحته من التحريات التي أجراها الشاهد الثاني عضو هيئة الرقابة الإدارية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف للجعل أو أخذه أو قبوله، فمن ثم فإن مجادلة الدفاع وقوله بأن الإذن صدر بصدد جريمة محتملة، قول غير سديد ويتعين عدم قبوله .... أما عن قول الدفاع بأن عضو هيئة الرقابة الإدارية حرض على وقوع الرشوة. فإنه وعلى نحو ما سبق بيانه أن جريمة الرشوة كانت قد وقعت، بمجرد طلب المتهم منذ فترة سابقة على البلاغ. وإن ما قام به الشاهد الثاني ما هي إلا إجراءات استدلال، خولها له القانون للتوصل إلى كشف الجريمة وضبطها وضبط الجاني، وهي بعيدة كل البعد عن التحريض على ارتكاب الجريمة وهو أمر مشروع". لما كان ذلك، وكان ما قام به عضو الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي أبلغ بها وكان لا يؤثر في قيام أركانها أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جاداً فيما عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهرة وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي هذا فضلاً عن جريمة الرشوة طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والقبول من جانب المبلغ ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما.
6 - لما كان من المقرر أن كل ما يشترط لإذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقر النيابة في شأن إصدارها الإذن وجدية التحريات وكفايتها فإن عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
7 - لما كان من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24، 31 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين، فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بتقرير خبير الأصوات المقدم في الدعوى، ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية، على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصراً من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتبادله الدفاع بالمناقشة ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
8 - لما كان الحكم قد أورد ضمن تحصيله لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - اللذين عول عليهما في إدانة الطاعن - ما مؤداه أنه قد تم تسجيل الحديث - تحت إشراف الشاهد الثاني - الذي دار بين الطاعن والشاهد الأول وفيه طلب الطاعن من الأخير نسبة قدرها عشرة بالمائة من قيمة المطالبات وتم الاتفاق بينهما على حضور الطاعن للمستشفى في الساعة التاسعة والنصف مساء يوم....... لاستلام مبلغ الرشوة وقدره أربعمائة جنيه وبالفعل حضر واستلمه فقام الشاهد الثاني بضبطه وضبط معه مبلغ الرشوة - كما أورد الحكم بياناً للدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بقوله "وثبت من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة، وأنه قد تم أخذ بصمة صوت المتهم وأنه بإجراء المضاهاة لصوته المسجل على الأشرطة وجدت مطابقة للبصمة المأخوذة من صوته". فإن الحكم بذلك يكون قد أورد مؤدى الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة على السياق المتقدم، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، ومن ثم فإن دعوى القصور في التسبيب تضحى غير صحيحة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بصفته في حكم "موظف عام" طبيب..... طلب لنفسه وأخذ رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها وذلك بأن طلب وأخذ من ..... مبلغ أربعمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل اعتماد المتطلبات المالية المستحقة لمستشفى....... وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع على المستشفى المذكورة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً...... عملاً بالمواد 103، 104، 104 مكرر، 111/ 6 من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة للقيام بعمل من أعمال وظيفته وإخلاله بواجب من واجباتها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والبطلان في الإجراءات، ذلك بأن الحكم قد خلا من بيان كيفية طلب الطاعن لمبلغ الرشوة وسببها وتاريخ طلبها تحديداً ووقت الإبلاغ عن ذلك، وإذ نازع المدافع عن الطاعن في صورة الواقعة التي رواها شهود الإثبات وبأنها لا تعدو - بالنسبة له - أن تكون طلباً لمكافأة لاحقة وهو فعل غير مؤثم فإن الحكم رد على ذلك برد غير سائغ أسلسه إلى الخطأ في تطبيق القانون حين أضفي علي الواقعة وصف أنها طلب وأخذ رشوة مقابل اعتماد مطالبات مالية مستحقة للمستشفى إدارة الشاهد الأول، وإذ رد الحكم بما لا يصلح رداً على دفع الطاعن ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة تحريضية مستقبلة، فإنه أغفل إيراداً ورداً دفع الطاعن ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش لصدوره دون قيام عضو النيابة بالاستماع إلى شرائط التسجيل والتي خلت من ثمة جريمة في حق الطاعن تجيز القبض عليه وتفتيشه. وأخيراً فإن الحكم عول على تقرير خبير الأصوات رغم ندبه لإجرائه دون حلف يمين ولم يورد مضمونه ولا مؤداه - كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في أن المتهم...... وشهرته....... بصفته في حكم الموظف العام ولكونه طبيب مصنع سكر..... التابع لشركة قطاع أعمال عام، دأب على طلب نسب مختلفة من المطالبات الخاصة بالجهات المتعاقد معها المصنع، لعلاج العاملين بها على سبيل الرشوة، وذلك نظير إنهاء اعتماد تلك المطالبات، وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع على تلك المستشفيات ومنذ شهر سابق على يوم........ وحتى يوم....... طلب لنفسه وأخذ رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته، وللإخلال بواجباتها، وذلك بأن طلب وأخذ من..... مدير المستشفى..... أربعمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل اعتماد المطالبات المستحقة للمستشفى، وزيارة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع على المستشفى المذكورة، وقد تم ضبط مبلغ الرشوة "أربعمائة جنيه" بحوزة المتهم، وهو ذات المبلغ الثابتة أرقامه وبياناته بالمحضر الصادر به إذن النيابة العامة" وأورد الحكم على صحة الواقعة على النحو السالف أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن اعتراف الطاعن تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة باقترافه للواقعة ومن ضبط مبلغ الرشوة بحوزته ومما ثبت من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة، هي أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى - بما لا يمارى فيه الطاعن - ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين لدى إيراده واقعة الدعوى وأقوال شهود الإثبات أن الطاعن قد طلب من الشاهد الأول نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة كل مطالبة يعتمدها للمستشفى الذي يديره الشاهد الأول وكذا لزيادة عدد المرضى المحولين للمستشفى وأن ذلك قد تم لدى اعتماده إحدى المطالبات منذ شهر سابق على إبلاغ الشاهد الأول في يوم ...... وبعد استئذان النيابة العامة تم ضبط الطاعن مساء يوم ...... أثناء أخذه مبلغ الرشوة الذي طلبه - ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور في هذا الشأن يضحى غير صحيح. وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة على السياق المتقدم، فإن ذلك يحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومن سلطتها وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم - على ما سلف بيانه - قد أثبت أن الطاعن طلب من الشاهد الأول نسبة قدرها عشرة بالمائة على سبيل الرشوة من قيمة المطالبات التي يعتمدها لصرف قيمتها من الشركة التي يعمل بها وكذا لزيادة أعداد المرضى المحولين للمستشفى إدارة الشاهد الأول، وأنه تم ضبط الطاعن عقب تقاضيه لمبلغ الرشوة طبقاً للنسبة التي طلبها فإن ما أورده الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات على ما هي محددة به في القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لأن الواقعة لا تعدو أن تكون طلباً لمكافأة لاحقة وهو فعل غير مؤثر يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان الإذن بإجراء التسجيلات لصدوره لضبط جريمة مستقبلة تحريضية ورد عليه بقوله "إن ما أثاره الدفاع من قول بأن إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 18/ 6/ 1995 صدر بصدد جريمة محتملة، فإن هذا القول جاء على غير سند وعار من ثمة دليل، وأن الأوراق حسبما قرر المبلغ أن المتهم طلب منه ومنذ شهر سابق تقريباً على يوم........ تخصيص نسبة له من قيمة المطالبات المالية المستحقة للمستشفى على سبيل الرشوة ومقابل ذلك يقوم باعتماد تلك المطالبات وزيادة عرض الحالات المرضية من العاملين بالمصنع جهة عمله على المستشفى وقد تأيد هذا وثبت صحته من التحريات التي أجراها الشاهد الثاني عضو هيئة الرقابة الإدارية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف للجعل أو أخذه أو قبوله، فمن ثم فإن مجادلة الدفاع وقوله بأن الإذن صدر بصدد جريمة محتملة، قول غير سديد ويتعين عدم قبوله...... أما عن قول الدفاع بأن عضو هيئة الرقابة الإدارية حرض على وقوع الرشوة، فإنه وعلى نحو ما سبق بيانه أن جريمة الرشوة كانت قد وقعت، بمجرد طلب المتهم منذ فترة سابقة على البلاغ. وإن ما قام به الشاهد الثاني ما هي إلا إجراءات استدلال، خولها له القانون للتوصل إلى كشف الجريمة وضبطها وضبط الجاني، وهي بعيدة كل البعد عن التحريض على ارتكاب الجريمة وهو أمر مشروع". لما كان ذلك، وكان ما قام به عضو الرقابة الإدارية في واقعة الدعوى لا يعدو كونه من قبيل جمع الاستدلالات والكشف عن جريمة الرشوة التي أبلغ بها وكان لا يؤثر في قيام أركانها أن تقع نتيجة تدبير لضبط الجريمة وأن لا يكون الراشي جاداً في عرضه على المرتشي متى كان عرض الرشوة جدياً في ظاهرة وكان الطاعن قد قبله على أنه جدي منتوياً العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي هذا فضلاً عن جريمة الرشوة طبقاً لما أورده الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى قد تمت بمجرد طلب الرشوة من جانب الطاعن والقبول من جانب المبلغ ولم يكن تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً كافياً وسائغاً ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون قد جانب الصواب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لإذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقر النيابة في شأن إصدارها الإذن وجدية التحريات وكفايتها فإن عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية المأذون بإجرائها لا ينال من صحة الإذن بالضبط والتفتيش ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية طبقاً للمادتين 24، 31 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة 29 من هذا القانون تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين، فإنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بتقرير خبير الأصوات المقدم في الدعوى، ولو لم يحلف مقدمه يميناً قبل مباشرة المأمورية، على أنه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصر من عناصرها ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتبادله الدفاع بالمناقشة ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد ضمن تحصيله لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - اللذين عول عليهما في إدانة الطاعن - ما مؤداه أنه قد تم تسجيل الحديث - تحت إشراف الشاهد الثاني - الذي دار بين الطاعن والشاهد الأول وفيه طلب الطاعن من الأخير نسبة قدرها عشرة بالمائة من قيمة المطالبات وتم الاتفاق بينهما على حضور الطاعن للمستشفى في الساعة التاسعة والنصف مساء يوم........ لاستلام مبلغ الرشوة وقدره أربعمائة جنيه وبالفعل حضر واستلمه فقام الشاهد الثاني بضبطه وضبط معه مبلغ الرشوة - كما أورد الحكم بياناً للدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بقوله وثبت من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة، وأنه قد تم أخذ بصمة صوت المتهم وأنه بإجراء المضاهاة لصوته المسجل على الأشرطة وجدت مطابقة للبصمة المأخوذة من صوته". فإن الحكم بذلك يكون قد أورد مؤدى الدليل المستمد من تقرير خبير الأصوات بالإذاعة على السياق المتقدم. وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم في هذا الشأن له مأخذه الصحيح من الأوراق، ومن ثم فإن دعوى القصور في التسبيب تضحى غير صحيحة. لما كان. وكان ما تقدم ، فإن الطعن برمته علي غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 45501 لسنة 59 ق جلسة 10 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 86 ص 680

جلسة 10 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة. وممدوح يوسف.

--------------

(86)
الطعن رقم 45501 لسنة 59 القضائية

(1) نيابة عسكرية. دعوى مباشرة. دعوى جنائية "تحريكها".
النيابة العامة العسكرية. عنصر أصيل من عناصر القضاء العسكري. لها سلطات النيابة العامة بالنسبة للدعاوى التي تختص بها.
رفع الدعوى بالطريق المباشر بعد أن حركت النيابة العسكرية الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة. الحكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. صحيح قانوناً ولا سلب فيه لاختصاص القضاء العادي.
(2) أمر بألا وجه. إجراءات "إجراءات التحقيق". دعوى جنائية "تحريكها". قوة الأمر المقضي.
الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ولو لم يعلن للخصوم.
(3) حكم "بيانات الديباجة" "ما لا يعيبه". دعوى مباشرة.
خلو ديباجة الحكم من بيان الادعاء المدني وإيرادها أن النيابة العامة هي التي حركت الدعوى رغم أنها أقيمت بطريق الادعاء المباشر. لا يعيبه. علة ذلك؟

-----------------
1 - من المقرر أن النيابة العسكرية عنصر أصيل من عناصر القضاء العسكري وتمارس السلطات الممنوحة للنيابة العامة بالنسبة للدعاوى الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقاً للمواد، 1، 28، 30 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية، وكان الطاعن لا يدعى عدم اختصاص القضاء العسكري بالدعوى محل الطعن الماثل، ولم ينازع في صحة ما أورده الحكم من أن رفعه الدعوى بالطريق المباشر إنما كان بعد أن حركت النيابة العسكرية الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة، وكان يشترط للجوء إلى طريق الإدعاء المباشر ألا يكون هناك تحقيق مفتوح ما زال قائماً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها وبعدم قبول الدعوى المدنية - وهو في حقيقته حكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية - لتحريك الدعوى بالطريق المباشر بعد أن كانت النيابة العسكرية قد حركت الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة لم تكن قد انتهت منه بعد ولصدور أمر منها ما زال قائماً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى في التحقيق الذي أجرته عن ذات الواقعة موضوع الدعوى الماثلة يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن صدور الحكم قبل صدور الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، وبأن في قضاء الحكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية سلب لاختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى ولا محل له.
2 - ولما كان الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ولو لم يعلن للخصوم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - إن ما يثيره الطاعن بشأن خلو ديباجة الحكم من بيان الإدعاء المدني، وإيرادها أن النيابة العامة هي التي حركت الدعوى رغم أنها أقيمت بطريق الإدعاء المباشر مردود بأنه مجرد خطأ في الكتابة وزلة قلم لا تخفى ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهم واقع الدعوى.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مصر القديمة ضد المطعون ضدها بوصف أنها أعطت له بسوء نية شيكاً بمبلغ أربعين ألف جنيه مسحوباً على بنك.... لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع عملها بذلك. وطلب عقابها بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. وإلزامها بأن تؤدى له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبسها سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامها بأن تؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة إستئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها في الدعوى 4771 لسنة 1986 جنح عسكرية شرق القاهرة وبعدم قبول الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

لما كان من المقرر أن النيابة العسكرية عنصر أصيل من عناصر القضاء العسكري وتمارس السلطات الممنوحة للنيابة العامة بالنسبة للدعاوى الداخلة في اختصاص القضاء العسكري طبقاً للمواد 1، 28، 30 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية، وكان الطاعن لا يدعى عدم اختصاص القضاء العسكري بالدعوى محل الطعن الماثل، ولم ينازع في صحة ما أورده الحكم من أن رفعه الدعوى بالطريق المباشر إنما كان بعد أن حركت النيابة العسكرية الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة، وكان يشترط للجوء إلى طريق الإدعاء المباشر ألا يكون هناك تحقيق مفتوح ما زال قائماً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى العمومية لسابقة الفصل فيها وبعدم قبول الدعوى المدنية - وهو في حقيقته حكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية - لتحريك الدعوى بالطريق المباشر بعد أن كانت النيابة العسكرية قد حركت الدعوى الجنائية بإجراء تحقيق في الواقعة لم تكن قد انتهت منه بعد ولصدور أمر منها ما زال قائماً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى في التحقيق الذي أجرته عن ذات الواقعة موضوع الدعوى الماثلة يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن صدور الحكم قبل صدور الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، وبأن في قضاء الحكم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية سلب لاختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى ولا محل له. ولما كان الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ولو لم يعلن للخصوم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. ولما كان ما يثيره الطاعن بشأن خلو ديباجة الحكم من بيان الادعاء المدني، وإيرادها أن النيابة العامة هي التي حركت الدعوى رغم أنها أقيمت بطريق الادعاء المباشر مردود بأنه مجرد خطأ في الكتابة وزلة قلم لا تخفى ولم يكن نتيجة خطأ من المحكمة في فهم واقع الدعوى، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بالمصاريف المدنية.

الطعن 47617 لسنة 59 ق جلسة 10 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 87 ص 684

جلسة 10 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وعاصم عبد الجبار نواب رئيس المحكمة.

----------------

(87)
الطعن رقم 47617 لسنة 59 القضائية

(1) سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة. تحققه. متى كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
(2) جرائم النشر. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها. لبحث توافر جريمة من جرائم النشر أو عدم توافرها.
اشتمال المنشور على عبارات الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى مقصودها التشهير. مقتضاه: الموازنة بين القصدين توصلاً لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر. تقدير ذلك. موضوعي. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.

--------------
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
2 - استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائي الذي أعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية - من أن العبارات الواردة بالتحذير لا يقصد منها المطعون ضده سب الطاعن أو القذف في حقه - سائغ ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية ضد الطاعن بوصف أنه قذف في حقه وأبلغ كذباً ضده. وطلب عقابه بالمواد 171/ 4، 302/ 1، 303/ 1 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ مائة وواحد من الجنيهات على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت الأستاذة/...... المحامية عن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى فيما محصله أن المطعون ضده نشر تحذيراً بجريدة المساء اعتبره الطاعن منطوياً على قذف وسب في حقه، وأن هذا التحذير تضمن أن المطعون ضده يحوز قطعة أرض أوضح مساحتها ومكانها تفصيلاً وأنه اشتراها بعقود مسجلة وبأحكام نهائية وأن هناك نزاعاً قضائياً بينه وبين الطاعن حول حيازة هذا المسطح من الأرض وأنه قد صدر قرار من السيد قاضي الحيازة ضده ومن ثم فإن المطعون ضده يحذر الكافة من التعامل مع الطاعن على هذا العقار حتى يفصل نهائياً في النزاع وانتهى الحكم إلى "أن المتهم لم ينسب إلى المدعي بالحق المدني واقعة محددة في صلب التحذير ولم تتجه إرادته إلى التشهير بالمدعي بالحق المدني وإنما قصد الحفاظ على حقه في ملكية الأرض الموضحة بالتحذير إلى أن يفصل في موضوع الملكية قضائياً، الأمر الذي يكون معه اتهام المدعي بالحق المدني لا سند له لعدم توافر أركان جريمة القذف قبل المتهم فمن ثم يتعين القضاء ببراءته عملاً بالمادة 304/ 1 - وحيث إنه لما كان تصرف المتهم لا يشكل جريمة أو فعل غير مشروع فمن ثم لا يتعين إلزامه بالتعويض الأمر الذي يقتضي رفض الدعوى المدنية" لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها، وقد استقر القضاء على أن جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المنشور على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة أو خاصة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدر أيهما كانت له الغلبة في نفس الناشر، لما كان ذلك، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة، وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائي الذي أعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه تبريراً لقضائه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية - من أن العبارات الواردة بالتحذير لا يقصد منها المطعون ضده سب الطاعن أو القذف في حقه - سائغ ويؤدى إلى ما رتبه عليه وينبئ عن إلمام المحكمة بالدعوى وبظروفها عن بصر وبصيرة، فإن كل ما يثيره الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعن 14869 لسنة 65 ق جلسة 11 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 88 ص 688

جلسة 11 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا وأحمد عبد القوي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(88)
الطعن رقم 14869 لسنة 65 القضائية

(1) إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
دفع الطاعن ببطلان إقراره بعبارة مرسلة دون أن يشير إلى نوع الإكراه ودليل وقوعه. إطراح الحكم للدفع في عبارة مجملة. صحيح.
مثال لإطراح دفع ببطلان إقرار ورد في عبارة مرسلة.
(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم". قانون "تفسيره".
لمأمور الضبط القضائي إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة قبل المتهم وسؤاله. أساس ذلك؟
(3) استجواب. مأمورو الضبط القضائي.
الاستجواب المحظور على مأموري الضبط القضائي. ماهيته؟
(4) إثبات "اعتراف". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلالات تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي.
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وإن عنه. حد ذلك؟
(5) استدلالات. إثبات "بوجه عام".
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة.
(6) رشوة. موظفون عموميون. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية استظهار الحكم اختصاص الموظف بالعمل موضوع الرشوة.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على اختصاص الموظف المتهم بالعمل موضوع الرشوة.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في ذكر اسم الطاعن بمحضر الجلسة والحكم. لا يعيب الحكم. ما دام أنه المقصود بالاتهام والمحاكمة.
(8) رشوة. استيلاء. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الوساطة في الرشوة وتسهيل الاستيلاء على المال العام. مناط تحققها.
مثال لتسيب سائغ للتدليل على الوساطة في جريمة الرشوة وتسهيل الاستيلاء.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إقناعية الأدلة في المواد الجنائية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على الدفاع الموضوعي. استفادة الرد عليه ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها.
نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه عدم رده على دفاعه بوجوده في وحدته العسكرية بعيداً عن مسرح الحادث. غير مجد. ما دامت المحكمة دانته على اشتراكه في الجريمة بطريق الاتفاق.

----------------
1 - لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إقرار الطاعن ورد عليه بقوله "فإن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن إقرار المتهم الأول بمحضر جمع الاستدلالات كان عن طواعية واختيار وجاء مطابقاً للحقيقة والواقع ومنزها عن شبهة الإكراه ومن ثم تعول المحكمة عليه في قضائها وتطرح ما أثاره الدفاع من قول جاء مرسلاً بلا سند صحيح من أوراق الدعوى ومن ثم تقضي المحكمة برفض هذا الدفع وتلتفت عنه" وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أبدى دفعه هذا بعبارة مرسلة ولم يشر إلى نوع الإكراه الذي وقع على الطاعن ولم يسق دليلاً على وقوعه، ومن ثم فإنه لم يكن بالحكم حاجة في إطراحه إلى أكثر مما ذكره في عبارته المجملة.
2 - لما كان المستفاد من نص المادة 35/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية مما نصت عليه، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وله في هذه الحالة عملاً بالمادة 29 من القانون المذكور أن يسأل المتهم عن الواقعة، فإن نعي الطاعن بشأن الرد على منازعته في إجراءات الضبط يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن الاستجواب المحظور على مأموري الضبط القضائي هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشتها مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً لها أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف.
4 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
5 - للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن بصفته فنياً بجهاز تنمية مدينة...... التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومشرفاً على التنفيذ بالمشروع الذي رصدت له الأدوات المستولى عليها ورد على منازعة الطاعن في اختصاصه بالعمل موضوع الرشوة بقوله "إن الثابت بالأوراق أن القرار رقم 17 الصادر بتاريخ 21/ 2/ 1991 بمسئولية إدارة الأمن عن الحراسة لم تخطر به إدارة الأمن إلا بتاريخ 12/ 9/ 1993 أي بعد ارتكاب الواقعة" وبقوله "وحيث إنه بشأن ما آثاره الدفاع عن المتهم الأول بأنه حصل على إخلاء طرف بتاريخ 14/ 9/ 1993 فإن ذلك لا ينفي عن المتهم الأول ارتكابه الواقعة لحصولها في غضون شهر أغسطس سنة 1993" فإنه يستقيم بذلك الرد على دفاع الطاعن حول عدم اختصاصه بالعمل المذكور.
7 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يمار أمام محكمة الموضوع في أنه المقصود بالاتهام والمحاكمة، ومن ثم فإن ما وقع في محضر الجلسة وفي الحكم من خطأ في ذكر اسمه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يمس سلامة الحكم ويكون نعي الطاعن في شأنه غير سديد.
8 - لما كانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل، وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه في معرض بيانه للواقعة ولأدلة الثبوت أن المتهم الخامس (الطاعن الثاني) سعى لدى موظف عمومي هو المتهم الأول (الطاعن الأول) واتفق معه على أن يسهل للمتهم الثاني الاستيلاء من موقع عمل الأول على معدات مملوكة لجهة عمله في مقابل رشوة يحصل عليها المتهم الأول مقدارها خمسمائة جنيه عن كل حمولة سيارة من تلك الأدوات وأن يحصل الطاعن في مقابل سعيه هذا على مبلغ مائتي وخمسين جنيه عن كل حمولة، وأن جريمتي الرشوة والتسهيل وقعتا نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي فإن ما أورده الحكم من ذلك تتحقق به العناصر القانونية لهاتين الجريمتين ويكون منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد.
9 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وهي غير ملزمة - من بعد - بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي لم تأبه لقالة الطاعن بوجوده في وحدته العسكرية وقت الاستيلاء على الأدوات موضوع الدعوى ولم ترد على شهادة تلك الوحدة المقدمة إثباتاً لذلك، هذا إلى أن المحكمة لم تسند إلى الطاعن وجوده على مسرح الجريمة وقت الاستيلاء على الأدوات وإنما دانته لاشتراكه فيها بطريق الاتفاق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهما أولاً: المتهم الأول: أ - بصفته موظفاً عاماً (مشرف فني بجهاز تنمية مدينة..... التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة) طلب وأخذ بواسطة المتهم الثاني مبلغ ألف جنيه على سبيل الرشوة للإخلال بعمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ المبلغ المذكور من المتهمين من الثالث للخامس مقابل تسهيله لهم انتزاع الأشياء المبينة بالأوراق من مكان حفظها بنية إضاعتها على الجهة المالكة لها موضوع التهمة الثانية وذلك على النحو البين بالتحقيقات. ب - بصفته سالفة الذكر سهل للمتهمين من الثاني للخامس الاستيلاء بغير حق على الأشياء المبينة وصفاً وقدراً بالأوراق والبالغ قيمتها خمسة وعشرين ألف جنيه والمملوكة لجهة عمله آنفة البيان وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: أولاً: توسط بين المتهمين الأول والثالث والرابع والخامس في ارتكاب جناية الرشوة المسندة إليهم بالوصفين أولاً/ أ وثانياً على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: اشترك مع المتهمين من الثاني للرابع بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء محل الوصف أولاً/ أ بأن اتفقوا معه على ارتكابها وساعدوه في ذلك بقيامهم بنقل الأشياء المبينة بالأوراق من مكان حفظها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41/ 1، 103، 104، 107، 107 مكرراً (1)، 110، 111/ 1، 113/ 1، 118، 118/ مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من القانون عينه - بمعاقبة المتهمين بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبغرامة ألفي جنيه لكل منها عما أسند إليه وبعزل الأول وإلزامه برد مبلغ خمسة عشر ألف جنيه لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
فطعن المحكوم عليه الأول والأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من...... "الطاعن الأول":
من حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الارتشاء وتسهيل على مال عام شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم عول في قضائه بالإدانة على أقوال ضابط المباحث التي استقاها من تحريات غير جادة وعلى إقرار متهم آخر في حين أن حجية الإقرار قاصرة على من صدر عنه، ولم يوضح الحكم مؤدى كل من تلك الأدلة ومدى اتساقه مع الأدلة الأخرى، كما عول على الإقرار المنسوب للطاعن في محضر جمع الاستدلالات رغم أنه صدر وليد إكراه وتعذيب واستجواب محظور وعلى إثر قبض باطل لحصوله يوم 14/ 9/ 1993 قبل استئذان النيابة العامة إذ عدل تاريخ المحضر من 15 إلى 19/ 9/ 1993، واعتنق الحكم صورة للواقعة تخالف الواقع والمعقول إذ لم يثبت من الأوراق أن ثمة صلة تربط الطاعن بباقي المتهمين أو أنه حرضهم أو اتفق معهم على سرقة الأدوات المملوكة لجهة عمله، كما أنه لم يكن مختصاً بالمحافظة على تلك الأدوات وقت القبض عليه، ولا يتصور أن يقبل رشوة زهيدة في مقابل تسهيل الاستيلاء على أدوات تبلغ قيمتها عدة آلاف من الجنيهات، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن اتفق مع المتهم الثاني - بناء على وساطة من المتهم الخامس (الطاعن الثاني) - على أن يسهل له الاستيلاء على أدوات مملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التي يعمل بها الطاعن لقاء مبلغ خمسمائة جنيه يحصل عليها الأول في مقابل كل حمولة سيارة يستولى عليها المتهم الثاني، وأنه سهل له الاستيلاء على حمولة سيارتين من موقع العمل الذي يشرف عليه بمدينة..... وحصل في مقابل ذلك على مبلغ ألف جنيه. وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة استقاها من أقوال ضابط المباحث وتاجرين اشتريا الأدوات المشار إليها ومهندس بالجهة المجني عليها ومن إقرار كل من الطاعن والمتهم الثاني في محضر جمع الاستدلالات. وبعد أن بسط الحكم مضمون أقوال الشهود وإقرار كل من المتهمين، عرض للدفع ببطلان إقرار الطاعن ورد عليه بقوله "فإن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن إقرار المتهم الأول بمحضر جمع الاستدلالات كان عن طواعية واختيار وجاء مطابقاً للحقيقة والواقع ومنزها عن شبهة الإكراه ومن ثم تعول المحكمة عليه في قضائها وتطرح ما أثاره الدفاع من قول جاء مرسلاً بلا سند صحيح من أوراق الدعوى ومن ثم تقضي المحكمة برفض هذا الدفع وتلتفت عنه" وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أبدى دفعه هذا بعبارة مرسلة ولم يشر إلى نوع الإكراه الذي وقع على الطاعن ولم يسق دليلاً على وقوعه، ومن ثم فإنه لم يكن بالحكم حاجة في إطراحه إلى أكثر مما ذكره في عبارته المجملة، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح منازعة الطاعن في حقيقة تاريخ محضر الضبط باعتباره قولاً مرسلاً لم يتأيد بدليل يسانده وأن الهدف منه هو مجرد إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم في مدوناته أنه تم ضبط المتهم الثاني بناء على إذن من النيابة العامة واعترف باستيلائه على أموال الجهة التي يعمل بها الطاعن الذي سهل له ذلك الاستيلاء مقابل رشوة تقاضاها، وأن مأمور الضبط القضائي قام أثر ذلك بسؤال الطاعن والتحفظ عليه حتى عرضه على النيابة العامة، وكان المستفاد من نص المادة 35/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أنه إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية مما نصت عليه، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وله في هذه الحالة عملاً بالمادة 29 من القانون المذكور أن يسأل المتهم عن الواقعة، فإن نعى الطاعن بشأن الرد على منازعته في تاريخ الضبط وإجراءاته يكون غير سديد، أما ما يثيره من عدم مشروعية استجوابه بمعرفة مأمور الضبط القضائي فمردود بأن الاستجواب المحظور على مأموري الضبط القضائي هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشتها مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً لها أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف، والذي يبين من مراجعة محضر جمع الاستدلالات أن محرره لم يقع في هذا المحظور. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم في إدانته على أقوال المتهم الثاني في محضر جمع الاستدلالات وعلى تحريات الشركة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر اختصاص الطاعن بصفته فنياً بجهاز تنمية مدينة..... التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومشرفاً على التنفيذ بالمشروع الذي رصدت له الأدوات المستولى عليها ورد على منازعة الطاعن في اختصاصه بالعمل موضوع الرشوة بقوله "إن الثابت بالأوراق أن القرار رقم 17 الصادر بتاريخ 21/ 2/ 1991 بمسئولية إدارة الأمن عن الحراسة لم تخطر به إدارة الأمن إلا بتاريخ 12/ 9/ 1993 أي بعد ارتكاب الواقعة". وبقوله "وحيث إنه بشأن ما أثاره الدفاع عن المتهم الأول بأنه حصل على إخلاء طرف بتاريخ 14/ 9/ 1993 فإن ذلك لا ينفي عن المتهم الأول ارتكابه الواقعة لحصولها في غضون شهر أغسطس سنة 1993، فإنه يستقيم بذلك الرد على دفاع الطاعن حول عدم اختصاصه بالعمل المذكور. لما كان ما تقدم، وكان باقي ما يثيره الطاعن أن هو إلا جدل موضوعي صرف لإيثار لدى محكمة النقض، فإن طعنه يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: الطعن المقدم من..... "الطاعن الثاني":
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الوساطة في رشوة والاشتراك في تسهيل الاستيلاء على مال عام قد أخطأ في الإسناد وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال. ذلك بأنه أثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن حين سئل عن اسمه أجاب بما يطابق ما ورد بالتحقيقات في حين أنه لم يسبق سؤاله فيها، وقد ترتب على ذلك أن أخطأ الحكم في بيان اسم الطاعن. ولم يبسط الحكم مؤدى كل من الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة، ولم يبين الأفعال التي ارتكبها الطاعن بما يحقق عناصر الجريمتين اللتين دانه بهما، وأخذ الطاعن بإقرار المتهمين الأول والثاني - والذي عدلا عنه من بعد - بالرغم من أن حجية الإقرار قاصرة على من صدر عنه، وإذ دفع الطاعن بوجوده في وحدته العسكرية بعيداً عن مسرح الأحداث رد الحكم عليه بما لا يصلح رداً، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يمار أمام محكمة الموضوع في أنه المقصود بالاتهام والمحاكمة، ومن ثم فإن ما وقع في محضر الجلسة وفي الحكم من خطأ في ذكر اسمه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا يمس سلامة الحكم ويكون نعي الطاعن في شأنه غير سديد. لما كان ذلك، وكانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل. وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه في معرض بيانه للواقعة ولأدلة الثبوت أن الطاعن سعى لدى موظف عمومي هو المتهم الأول (الطاعن الأول) واتفق معه على أن يسهل للمتهم الثاني الاستيلاء من موقع عمل الأول على معدات مملوكة لجهة عمله في مقابل رشوة يحصل عليها المتهم الأول مقدارها خمسمائة جنيه عن كل حمولة سيارة من تلك الأدوات وأن يحصل الطاعن في مقابل سعيه هذا على مبلغ مائتي وخمسين جنيه عن كل حمولة، وأن جريمتي الرشوة والتسهيل وقعتا نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي فإن ما أورده الحكم من ذلك تتحقق به العناصر القانونية لهاتين الجريمتين ويكون منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وهي غير ملزمة - من بعد - بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي لم تأبه لقالة الطاعن بوجوده في وحدته العسكرية وقت الاستيلاء على الأدوات موضوع الدعوى ولم ترد على شهادة تلك الوحدة المقدمة إثباتاً لذلك، هذا إلى أن المحكمة لم تسند إلى الطاعن وجوده على مسرح الجريمة وقت الاستيلاء علي الأدوات وإنما دانته لاشتراكه فيها بطريق الاتفاق. لما كان ما تقدم، وكان باقي ما أثاره الدفاع مردوداً بما سبق من رد علي أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 21283 لسنة 60 ق جلسة 12 / 5 / 1998 مكتب فني 49 ق 89 ص 699

جلسة 12 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة. وفرحان بطران.

--------------

(89)
الطعن رقم 21283 لسنة 60 القضائية

قضاة "رد القضاة". حكم "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
تقديم طلب الرد. أثره: وجوب وقف الدعوى حتى الفصل فيه نهائياً.
اتخاذ القاضي المطلوب رده إجراءات الدعوى وإصداره حكماً نهائياً فيها. مؤداه: بطلان إجراءاته وانعدام حكمه.
طلب رد هيئة المحكمة. ماهيته: دفع بانعدام ولايتها بنظر الدعوى لأجل معين. يوجب عليها تأجيل نظر الدعوى لاتخاذ إجراء الرد عليه إن رأت عدم إجابته. إغفال ذلك بطلان وخطأ في تطبيق القانون.

------------------
من المقرر قانوناً أنه يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى إلى حين الفصل فيه نهائياً، وأن هذا الوقف يقع وجوباً بقوة القانون بمجرد تقديم طلب الرد، ويترتب على ذلك أنه إذا اتخذ القاضي المطلوب رده إجراءات الدعوى على الرغم من تقديم طلب رده وأصدر فيها حكماً كانت إجراءاته باطلة وكذلك حكمه بل ومنعدماً لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة تقرر لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى تحقيق العدالة. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة 18 أكتوبر سنة 1990 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب رد هيئة المحكمة وتنحيها عن نظر الدعوى بيد أن المحكمة مضت في نظر الدعوى وقضت بالحكم المطعون فيه دون أن تعرض لطلب الطاعن والذي هو بمثابة دفع بانعدام الولاية لأجل معين في الدعوى مما كان يتعين معه على المحكمة تأجيل نظر الدعوى لاتخاذ إجراءات الرد أو الرد على هذا الطلب إن رأت عدم إجابته وإذ لم تفعل يكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالبطلان فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أعطى للمجني عليه بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلبت عقابه بالمادتين 336/ 1، 337 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح..... قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لإيقاف التنفيذ. استأنف ومحكمة..... قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة شيك بدون رصيد قد شابه البطلان ذلك أنه طلب رد الهيئة عن نظر الدعوى مما كان يوجب التأجيل لاتخاذ إجراءات الرد غير أن المحكمة مضت في نظر الدعوى وفصلت فيها دون أن تعرض لما أثاره من دفاع إيراداً أوردا بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
لما كان من المقرر قانوناً أنه يترتب على تقديم طلب الرد وقف الدعوى إلى حين الفصل فيه نهائياً، وأن هذا الوقف يقع وجوباً بقوة القانون بمجرد تقديم طلب الرد، ويترتب على ذلك أنه إذا اتخذ القاضي المطلوب رده إجراءات الدعوى على الرغم من تقديم طلب رده وأصدر فيها حكماً كانت إجراءاته باطلة وكذلك حكمه بل ومنعدماً لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة تقرر لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى تحقيق العدالة. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة 18 أكتوبر سنة 1990 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب رد هيئة المحكمة وتنحيها عن نظر الدعوى بيد أن المحكمة مضت في نظر الدعوى وقضت بالحكم المطعون فيه دون أن تعرض لطلب الطاعن والذي هو بمثابة دفع بانعدام الولاية لأجل معين في الدعوى مما كان يتعين معه على المحكمة تأجيل نظر الدعوى لاتخاذ إجراءات الرد أو الرد على الطلب إن رأت عدم إجابته وإذ لم تفعل يكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالبطلان فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.