جلسة 29 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، عبد الرحمن العشماوي - نائبي رئيس المحكمة، محمود سعيد محمود ومحيي الدين السيد.
--------------------
(117)
الطعن رقم 2918 لسنة 68 القضائية
(1 - 4) تأمين "التأمين الإجباري من حوادث السيارات". تقادم "التقادم المسقط". مسئولية. تعويض. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: ما يعد كذلك".
(1) للمضرور دعوى مباشرة قبل المؤمن في التأمين الإجباري من حوادث السيارات. م 5 ق 652 لسنة 1955. خضوعها للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 مدني. سريان القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها في شأن هذا التقادم.
(2) دعوى المضرور قبل المؤمن إذا كان الفعل غير المشروع فيها جريمة رفعت عنها الدعوى الجنائية. أثره. وقف سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور قبل المؤمن طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة. عودة سريانه بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها أو لسبب آخر. علة ذلك.
(3) الحكم الجنائي الغيابي بالإدانة في جريمة الجنحة. عدم انقضاء الدعوى الجنائية به. اعتباره من الإجراءات القاطعة لمدة تقادم الدعوى الجنائية. عدم إعلانه أو اتخاذ أي إجراء تال له قاطع لهذا التقادم. أثره. انقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، المادتان 15، 17 أ. ج. مؤداه. زوال المانع القانوني الموقف لسريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن من هذا الانقضاء.
(4) القضاء استئنافياً غيابياً بإدانة قائد السيارة المتسببة في الحادث. اعتباره مانعاً قانونياً يوقف سريان تقادم دعوى المضرور بالتعويض قبل شركة التأمين. مرور ثلاث سنوات من تاريخ صدوره دون إعلانه أو اتخاذ أي إجراء من بعده قاطع لتقادم الدعوى الجنائية. أثره. انقضاؤها وعودة سريان تقادم دعوى المضرور من اليوم التالي لهذا الانقضاء. مؤداه. سقوط حق المضرور في رفعها بعد أكثر من ثلاث سنوات من هذا التاريخ. اعتبار الحكم تقادم دعوى المضرور قد أوقف لمدة خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم الغيابي باعتبارها المدة المسقطة للعقوبة المحكوم بها وترتيبه على ذلك عدم سقوط الدعوى المدنية. خلط بين تقادم العقوبة الذي يبدأ من تاريخ صدور الحكم البات وبين التقادم المنهي للدعوى الجنائية حالة عدم صدور هذا الحكم البات. خطأ.
(5) نقض "أثر نقض الحكم". تقادم.
عدم تقادم الدعوى. شرط لجواز الحكم في موضوعها. أثره. نقض الحكم في خصوص قضائه برفض دفع شركة التأمين بسقوط دعوى التعويض بالتقادم بالنسبة لها. لازمه نقضه فيما قضى به من إلزامها بالتعويض. م 271/ 1 مرافعات.
2 - إذا كان الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء كان بذاته المؤمن له أو أحداً مما يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التي يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة للفصل في كليهما فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعاً قانونياً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما بقي المانع قائماً ويبنى على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء.
3 - لما كان الحكم الغيابي القاضي بإدانة مقترف جريمة الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقاً للمادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم عليه ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره ومن هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن.
4 - لما كان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية قبل قائد السيارة المتسببة في الحادث وقضت محكمة الجنح المستأنفة بتاريخ 14/ 4/ 1990 غيابياً بتأييد إدانته وكان البين من الشهادة الرسمية الصادرة من النيابة العامة والمودعة بالأوراق أن هذا الحكم الجنائي الغيابي لم يعلن ولم يتخذ من بعده ثمة إجراء قاطع للتقادم حتى انقضت الدعوى الجنائية في 13/ 4/ 1993 بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا الحكم الغيابي باعتباره آخر إجراء قاطع للتقادم فإن قيام الدعوى الجنائية خلال هذه الفترة يعد مانعاً قانونياً من شأنه وقف سريان التقادم الثلاثي لدعوى المطعون ضدهما بالتعويض قبل الشركة الطاعنة ولا يعود إلى السريان إلا من اليوم التالي لهذا الانقضاء آنف الذكر والحاصل بتاريخ 13/ 4/ 1993 وإذ كانت دعوى المطعون ضدهما بالتعويض قد رفعت بتاريخ 30/ 9/ 1997 فإنها تكون قد أقيمت بعد سقوط الحق في رفعها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن سريان التقادم الثلاثي لدعوى المطعون ضدهما بالتعويض قد أوقف لمدة خمس سنوات ابتداءً من 14/ 4/ 1990 تاريخ صدور الحكم الغيابي الاستئنافي بالإدانة باعتبارها المدة المسقطة للعقوبة المحكوم بها في الجنحة عملاً بنص المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية وبالتالي تكون الدعوى المدنية قد رفعت قبل السقوط فإنه يكون قد خلط بين تقادم العقوبة وهي مضي فترة من الزمن يحددها القانون تبدأ من تاريخ صدور الحكم البات دون أن يتخذ خلالها إجراء لتنفيذ العقوبة المقضي بها وهو ما لا مجال له في النزاع القائم وبين التقادم المنهي للدعوى الجنائية والتي حددت أحكامه المواد من 15 - 18 من قانون الإجراءات الجنائية والذي يفترض فيه أنه لم يصدر بعد هذا الحكم البات وأن الدعوى لم تنقض بعد بما يصمه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
5 - إذ كان عدم تقادم الدعوى شرطاً لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فيها فإن من شأن نقض عدم الحكم لسبب متعلق بهذا التقادم..... نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء (بإلزام شركة التأمين) بالتعويض في كل من استئناف الطاعنة (شركة التأمين) واستئناف المطعون ضدهما (المضروران) باعتباره مؤسساً على القضاء المنقوض بعدم سقوط الدعوى بالتقادم وذلك عملاً بالمادة 271/ 1 من قانون المرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1005 لسنة 1997 مدني الإسماعيلية الابتدائية على شركة التأمين الطاعنة طلباً لحكم يلزمها بأن تؤدي إليهما تعويضاً عما لحقهما ولحق مورثتهما من أضرار بسبب قتلها خطأ في حادث سيارة ثبت خطأ قائدها بحكم جنائي قضى بإدانته ومؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة التي دفعت الدعوى بسقوطها بالتقادم الثلاثي عملاً بالمادة 752 من القانون المدني، رفضت المحكمة الدفع وقضت للمطعون ضدهما بما قدرته من تعويض بحكم استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 1153 لسنة 32 ق الإسماعيلية طالبة إلغاء الحكم المستأنف وقبول الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم كما استأنفه المطعون ضدهما بالاستئناف رقم 1155 لسنة 32 ق الإسماعيلية للقضاء لهما بكامل طلباتهما، ضمت المحكمة الاستئنافين أحدهما إلى الآخر ثم حكمت برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك حين أقام قضاءه عليها بالتعويض على عدم اكتمال مدة التقادم الثلاثي للدعوى المدنية من يوم 13/ 4/ 1995 تاريخ مضي الخمس سنوات المقررة لسقوط العقوبة المحكوم بها في الجنحة التي دين فيها قائد السيارة المتسببة في الحادث حتى تاريخ رفع الدعوى الماثلة في 30/ 9/ 1997 في حين أنه يتعين احتساب مدة هذا التقادم من تاريخ 15/ 4/ 1993 وهو اليوم التالي لانقضاء الدعوى الجنائية في الجنحة المشار إليها بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الحكم الغيابي الصادر فيها في 14/ 4/ 1990 بما تكون معه دعوى المطعون ضدهما المضرورين قد أقيمت بعد سقوط الحق في رفعها.
وحيث إن النعي سديد ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أنشأ للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين وهذا التقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تسري في شأنه القواعد العامة لوقف مدة التقادم وانقطاعها فإذا كان الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء كان بذاته المؤمن له أو أحداً مما يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التي يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة للفصل في كليهما فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعاً قانونياً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما بقى المانع قائماً ويبنى على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء ولما كان الحكم الغيابي القاضي بإدانة مقترف جريمة الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقاً للمادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم عليه ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره ومن هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سبباً في وقف سريان دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية قبل قائد السيارة المتسببة في الحادث وقضت محكمة الجنح المستأنفة بتاريخ 14/ 4/ 1990 غيابياً بتأييد إدانته وكان البين من الشهادة الرسمية الصادرة من النيابة العامة والمودعة بالأوراق أن هذا الحكم الجنائي الغيابي لم يعلن ولم يتخذ من بعده ثمة إجراء قاطع للتقادم حتى انقضت الدعوى الجنائية في 13/ 4/ 1993 بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا الحكم الغيابي باعتباره آخر إجراء قاطع للتقادم فإن قيام الدعوى الجنائية خلال هذه الفترة يعد مانعاً قانونياً من شأنه وقف سريان التقادم الثلاثي لدعوى المطعون ضدهما بالتعويض قبل الشركة الطاعنة ولا يعود إلى السريان إلا من اليوم التالي لهذا الانقضاء آنف الذكر والحاصل بتاريخ 13/ 4/ 1993 وإذ كانت دعوى المطعون ضدهما بالتعويض قد رفعت بتاريخ 30/ 9/ 1997 فإنها تكون قد أقيمت بعد سقوط الحق في رفعها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن سريان التقادم الثلاثي لدعوى المطعون ضدهما بالتعويض قد أوقف لمدة خمس سنوات ابتداءً من 14/ 4/ 1990 تاريخ صدور الحكم الغيابي الاستئنافي بالإدانة باعتبارها المدة المسقطة للعقوبة المحكوم بها في الجنحة عملاً بنص المادة 528 من قانون الإجراءات الجنائية وبالتالي تكون الدعوى المدنية قد رفعت قبل السقوط فإنه يكون قد خلط بين تقادم العقوبة وهي مضي فترة من الزمن يحددها القانون تبدأ من تاريخ صدور الحكم البات دون أن يتخذ خلالها إجراء لتنفيذ العقوبة المقضي بها وهو ما لا مجال له في النزاع القائم وبين التقادم المنهي للدعوى الجنائية والتي حددت أحكامه المواد من 15 - 18 من قانون الإجراءات الجنائية والذي يفترض فيه أنه لم يصدر بعد هذا الحكم البات وأن الدعوى لم تنقض بعد بما يصمه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الشأن وإذ كان عدم تقادم الدعوى شرطاً لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فيها فإن من شأن نقض الحكم لسبب متعلق بهذا التقادم - وعلى النحو سالف الذكر - نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء بالتعويض في كل من استئناف الطاعنة واستئناف المطعون ضدهما باعتباره مؤسساً على القضاء المنقوض بعدم سقوط الدعوى بالتقادم وذلك عملاً بالمادة 271/ 1 من قانون المرافعات.