الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 سبتمبر 2023

الطعن 698 لسنة 47 ق جلسة 26 / 3 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 176 ص 953

جلسة 26 من مارس سنة 1981

برئاسة السيد المستشار محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة والسادة المستشارين أحمد صبري أسعد، وسعيد حسين بدر، ووليم رزق بدوي وعلي محمد عبد الفتاح.

-----------------

(176)
الطعن رقم 698 لسنة 47 القضائية

(1) مسئولية "مسئولية عقدية". "أسباب دفع المسئولية "السبب الأجنبي".
عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي خطأ تقوم به مسئوليته التي لا يدرأها إلا إثباته قيام السبب الأجنبي.
(2) تحكيم. دعوى "شروط قبول الدعوى". دفوع. نظام عام.
شرط الالتجاء إلى التحكيم. عدم تعلقه بالنظام العام. عدم التمسك به قبل الموضوع، أثره سقوط الحق فيه.
(3) التزام "التضامن بين المدنيين". شركات.
الشريك المتضامن. مسئوليته في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة.

---------------
1 - عدم تنفيذ المدعي لالتزامه التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته التي يدرأها عنه إذا أثبت هو أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير أو من التعاقد الآخر، وهو ما أشار إليه نص المادة 215 من القانون المدني.
2 - التحكيم المنصوص عليه في المادة 501 من قانون المرافعات، هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية، ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفساها وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً أو يسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظر الموضوع نزولاً ضمنياً عن التمسك به.
3 - الشريك في شركة التضامن يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة بالتضامن مع بقية الشركاء عملاً بنص المادة 22 من قانون التجارة ولو كان الدين محل المطالبة ثابتاً في ذمة الشركة وحدها، ودون نظر لنصيب الشريك في رأس مال الشركة إذا أن مسئوليته بلا حدود.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 9559 سنة 1970 مدني كلي القاهرة (والتي قيدت بعد ذلك برقم 1275 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة) ضد المطعون عليهم طالبين الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤديوا لهم 703 م و9339 ج، وقالوا بياناً لها أنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ 16/ 1/ 1970 اتفقوا والمطعون عليهم على أن يقوموا ببناء عمارة سكنية على أرض مملوكة لهؤلاء الآخرين، وقد نشب خلاف بين الطرفين أدى إلى حرمانهم من إتمام بناء هذه العمارة، ولما كانوا يستحقون تعويضاً عما فقدوه من أرباح كانوا سيحصلون عليها لو أتيحت لهم فرصة إتمام البناء فضلاً عن مقابل ما بذلوه من وقت ومال فقد أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان. كما أقام المطعون عليهم الدعوى رقم 899 سنة 1971 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنين طالبين الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدو لهم مبلغ 669 مليم و16696 جنيه على أساس أن الطاعنين بدأو في بناء العمارة على نحو مخالف للشروط المتفق عليها في العقد المؤرخ 16/ 1/ 1970 بين الطرفين، وقد توقف الطاعنون عن إتمام بناء العمارة بعد أن سجل المطعون عليهم مخالفاتهم، وترتب على ذلك عدم إنهائهم الأعمال في المدة المتفق عليها مما أدى بالمطعون عليهم إلى إقامة دعواهم مطالبين بتعويض ما لحقهم من جراء ذلك. ضمت المحكمة الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى ثم حكمت بتاريخ 20/ 3/ 1972 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق حكمها. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 19/ 11/ 1973 برفض الدعوى رقم 1275 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة، وفي الدعوى رقم 899 سنة 1971 مدني كلي القاهرة بإلزام الطاعنين أن يؤدوا للمطعون عليهم مبلغ 223 مليم و1588 جنيه استأنف المطعون عليهم عدا الثالثة هذا الحكم بالاستئناف رقم 6325 سنة 90 ق القاهرة، كما استأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم 6384 سنة 90 ق القاهرة. ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للاستئناف الأول ثم حكمت بتاريخ 20 - 2 سنة 1975 بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم. بعد أن قدم الخبير تقريره التكميلي حكمت المحكمة في 13/ 3/ لسنة 1977 برفض الاستئناف رقم 6384 سنة 90 ق القاهرة، وفي الاستئناف رقم 6325 ق القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بالتضامن فيما بينهم بأن يدفعوا للمطعون عليهم المبلغ المقضي لهم به وهو 223 مليم و1588 جنيه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون عليهم بإرادتهم المنفردة، انتزعوا العمل من يدهم وأن الحكم قد ذهب إلى أن ذلك من الحقوق المسلمة لهم وإلزام الطاعنين بالتعويض دون أن يبين الأساس القانوني الذي أقام قضاءه باعتبار عقد المقاولة منقضياً بين طرفيه وما استتبع ذلك من إلزام بالتعويض، ولما كان الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأنه يتعين على رب العمل تعويض المقاول في حالة تحلل أولهما من عقد المقاولة عملاً بنص المادة 663 من القانون المدني، وبأن إلزام الطاعنين بتعويض المطعون عليهم - وهم أرباب عمل - لا يكون إلا في حالة فسخ العقد أو انفساخه، وبأن الفسخ التلقائي للعقد موضوع الدعوى، حسبما ورد ببنوده، لا يكون إلا في حالة توقف العمل لمدة أسبوع متصل، وكان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور..
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن الحكم المطعون فيه نفى عن المطعون عليهم الخطأ وأسنده إلى الطاعنين وذلك في قوله "إن الثابت من تقرير الخبير أن المقاول الطاعن الأول (بصفته ممثلاً لشركة تضامن تنتظم الطاعنين جميعاً) هو الذي تسبب بخطئه وتقصيره في عدم إتمام عملية البناء التي التزم بها رغم استيفائه ما يزيد على مستحقاته بمبلغ 866 مليم و747 جنيه قيمة الباقي في ذمته من مجموع المبالغ التي تسلمها من المطعون عليهم نقداً وقيمة المواد المسلمة إليه وهو ما يحق للملاك المطعون عليهم استرداده، كما يحق تعويضهم عما لحقهم من أضرار نتيجة عدم إتمام البناء في الميعاد المتفق عليه يتمثل في الخسارة التي لحقت بهم بعدم استغلالهم ذلك العقار وما فاتهم من كسب في المدة التي فوت المقاول على الملاك تأجيرها وهو ما قدره الخبير بمبلغ 357 مليم و840 جنيه عن المدة من 1/ 10/ 1970 وحتى نهاية شهر يونيه سنة 1971 وهو ما يمثل التعويض الاتفاقي المنصوص عنه في العقد بعد إعمال سلطة المحكمة التقديرية في شأنه وترى المحكمة الاطمئنان إلى ما انتهى إليه التقرير في هذا الخصوص مؤيداً للتقرير السابق الذي أخذت به محكمة أول درجة ومن ثم يتعين تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رد وتعويض"، لما كان ذلك وكان عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته التي لا يدرأها عنه إذا أثبت هو أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير أو من التعاقد الآخر وهو ما أشار إليه نص المادة 215 من القانون المدني من أنه "إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه". وإذ كان البين من عقد المقاولة موضوع الدعوى أن الطاعنين تعهدوا بتنفيذ جمعي أعمال البناء المتفق عليها وتسليم المبنى معداً للسكنى في ميعاد غايته سبعة شهور من وقت حصولهم على رخصة التنظيم كما التزموا بتعويض المطعون عليهم بواقع عشرة جنيهات عن كل يوم تأخير، وكان الالتزام بإقامة المبنى في الموعد المتفق عليه هو التزام بتحقيق غاية، فإنه متى أثبت المطعون عليهم إخلال الطاعنين بهذا الالتزام فإنهم يكونون قد اثبتوا الخطأ الذي تتحقق به مسئولية الطاعنين، ولما كان مفاد ما قرره الحكم المطعون فيه أنه استخلص من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى إخلال الطاعنين بالتزامهم التعاقدي بتسليم المبنى كاملاً في الموعد المتفق عليه، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم والرد على دفاع الطاعنين الخاص بأعمال نص المادة 663 من القانون المدني وبأن إلزامهم بالتعويض لا يكون إلا إذا فسخ العقد أو انفسخ، ومن ثم لم تكن المحكمة ملزمة بالرد على هذا الدفاع، وإذ من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب تسوغه فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تورد كل الحجج التي يدلي بها الخصوم وتفصيلات دفاعهم وترد عليها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الدليل الضمني المسقط لكل حجة تخالفها. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن عقد المقاولة موضوع الدعوى تضمن اتفاقاً على التحكيم في حالة وقوع خلاف بين طرفيه، ولما كانوا قد تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى الماثلة طالما أن المطعون عليهم قد أقاموها قبل لجوئهم إلى طريق التحكيم وكان الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن التحكيم المنصوص عليه في المادة 501 من قانون المرافعات، هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية. ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظر الموضوع نزولاً ضمنياً عن التمسك به، ولما كان الطاعنون قد لجأوا ابتداء إلى القضاء وأقاموا دعواهم طالبين الحكم بإلزام المطعون عليهم بتعريضهم عن حرمانهم من إتمام المبنى المتفق عليه بالعقد موضوع الدعوى المتضمن شرط التحكيم، وتعرضوا لموضوع الدعوى الأخرى التي أقامها ضدهم المطعون عليهم دون تمسك بهذا الشرط إلا في مذكرة لهم أمام محكمة الاستئناف مما يفيد تسليمهم بقيام النزاع أمام محكمة مختصة ومواجهتهم موضوع الدعوى وبذلك يكونون قد تنازلوا ضمناً عن التمسك بشرط التحكيم مما يسقط حقهم فيه، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن تأخر إنجاز العمل المتفق عليه إنما كان مرجعه إلى المطعون عليهم أنفسهم لأنهم لم يقدموا للطاعنين التراخيص الإدارية الخاصة إلا من هذا التاريخ، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الذي ولو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك لأن مدونات الحكم المطعون فيه خالية مما يفيد تمسك الطاعنين بالدفاع المشار إليه بسبب النعي، ولما كان الطاعنون لم يقدموا ما يدل على إثارتهم هذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف وإغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه وكانت محكمة النقض غير ملزمة بتكليف الخصوم تقديم ما يؤيد الطعن، فإن النعي بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الخامس من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن الحكم المطعون فيه ألزمهم بالتضامن فيما بينهم بالمبلغ المقضي به تأسيساً على أن أولهم أبرم عقد المقاولة موضوع الدعوى بصفته ممثلاً لشركة تضامن تنتظمهم جميعاً. ولما كانت أنصبة الشركاء في شركة التضامن قد تكون غير متساوية فقد كان يتعين على الحكم أن لا يقضي بتضامنهم ويقضي على الشركة باعتبارها شخصاً معنوياً له ذمة مالية مستقلة، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن الشريك في شركة التضامن يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة بالتضامن مع بقية الشركاء عملاً بنص المادة 22 من قانون التجارة ولو كان الدين محل المطالبة ثابتاً في ذمة الشركة وحدها، ودون نظر لنصيب الشريك في رأس مال الشركة إذا أن مسئوليته بلا حدود. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأورد في هذا الخصوص قوله إن الثابت من عقد المقاولة المؤرخ 16/ 1/ 1970 أن الطاعن الأول تعاقد عن شركة أولاد.......... وهي شركة تضامن بين الطاعنين الثلاثة طبقاً للثابت من المستخرج الرسمي من مراقبة السجل التجاري المقدم من المطعون عليهم أمام محكمة أول درجة بالإضافة إلى أن الثابت من إنذار الطاعن الأول إلى المطعون عليهما بتاريخ 18/ 7/ 1970 أنه قد وجهه بصفته ممثلاً قانونياً لشركة أولاد........ ومن ثم يكون الطاعنون متضامنين في الالتزامات الناشئة عن أعمال عقد المقاولة موضوع الدعوى... ويتعين القضاء بإلزامهم المبلغ المقضي به بالتضامن فيما بينهم" فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق