الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 سبتمبر 2023

الطعن 65 لسنة 54 ق جلسة 26 /3 / 1985 مكتب فني 36 ج 1 أحوال شخصية ق 105 ص 504

جلسة 26 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين أنسي، هاشم محمد قراعة نائبي رئيس المحكمة، مرزوق فكري وصلاح محمد أحمد.

----------------

(105)
الطعن رقم 65 لسنة 54 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. دعوى "منع سماع الدعوى".
التناقض الذي يمنع من سماع الدعوى في فقه الشريعة الإسلامية يكون بين كلامين صدرا من شخص واحد، دون أن يوجد ما يرفعه أحدهما في مجلس القاضي والآخر خارجه ولكنه ثبت أمام القاضي حصوله يستوي في ذلك أن يكون التناقض من المدعي أو شهوده أو من المدعى عليه.
(2، 3) أحوال شخصية. دعوى "دعوى النسب" "إثبات دعوى النسب".
(2) دعوى النسب لولد المطلقة، لا تسمع عند الإنكار إذا أتت به لأكثر من سنة من تاريخ الطلاق طالما أن الزواج السابق سبباً لثبوت نسب الولد. م 15 ق 25 لسنة 1929. عدم سريان النص على دعوى نسب الولد الذي أتى بعد الطلاق من فراش صحيح يثبت به النسب كالزواج وملك اليمين والمخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهة.
(3) دعوى النسب في الشريعة الإسلامية، جواز إثباتها بالبينة.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
محكمة الموضوع، لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها، حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها، وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.

----------------
1 - من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية أن التناقض الذي يمنع من سماع الدعوى هو الذي يكون بين كلامين صدرا من شخص واحد ويظل باقياً دون أن يوجد ما يرفعه ويكون أحد الكلامين في مجلس القاضي والآخر خارجه ولكن ثبت أمام القاضي حصوله إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي يستوي في ذلك أن يكون التناقض من المدعي أو منه ومن شهوده أو من المدعى عليه.
2 - النص في المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 على أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد المطلقة إذا أتت به لأكثر من سنة من تاريخ الطلاق إنما تندفع به الدعوى التي يكون فيها الزواج السابق سبباً لثبوت نسب الولد لما أفاد به الطبيب الشرعي - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية - من اعتبار أقصى مدة للحمل 365 يوماً حتى تشمل جميع الأحوال النادرة مما مقتضاه عدم سريان حكم النص على دعوى نسب الولد الذي أتى به بعد الطلاق من فراش صحيح لاحق عليه ويثبت به النسب شرعاً وهو الزواج وملك اليمين وما يلحق به وهو المخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهة.
3 - دعوى المطعون عليها دعوى نسب وهي باقية على حكمها المقرر في الشريعة ويجوز إثباتها بالبينة.
4 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 485 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية الفيوم ضد المطعون عليها للحكم بنفي نسب الولدين رجب ورشا إليه. وقال شرحاً لدعواه إنها كانت زوجته بصحيح العقد ودخل بها ثم طلقها لدى مأذون بندر الفيوم بتاريخ 23/ 8/ 1974 طلاقاً مكملاً للثلاث، ورغم تحريرها في 24/ 10/ 1974 مخالصة عن حقوقها قبله أقرت فيها بانقضاء عدتها من هذا الطلاق إلا أنها قاضته أمام محكمة بندر الفيوم سنة 1982 مدعية أنها ما زالت زوجته في طاعته وطالبته بنفقة لها وللصغيرين... و... باعتبارهما ولديها منه رغم أن أكبرهما يبلغ من العمر سنة ونصف. وإذ كان ادعاؤها بنسب هذين الصغيرين إليه غير صحيح لانفصام الزوجية بينهما منذ تاريخ ذلك الطلاق، فقد أقام الدعوى. طلبت المطعون عليها بدعوى فرعية الحكم بإثبات نسب الصغيرين المذكورين إلى أبيهما الطاعن على سند من قولها أنه ظل يعيش معها ويعاشرها زوجاً لها حتى مولد الصغيرة... في 14/ 5/ 1982. دفع الطاعن بعدم سماع هذه الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 18/ 12/ 1983 برفض الدعوى الأصلية، وفي الدعوى الفرعية برفض الدفع بعدم سماعها وبإثبات نسب الطفلين... و... إلى أبيهما الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف بني سويف "مأمورية الفيوم" بالاستئناف رقم 2 لسنة 20 ق "نفس". وفي 16/ 4/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقول أن ما جاء بإقرار المطعون عليها المؤرخ 24/ 10/ 1974 من قولها بانقضاء عدتها من طلاقه لها في 27/ 8/ 1974 طلاقاً مكملاً للثلاث وكذلك طلبها الحصول على صورة من إشهاد الطلاق المرسل إليها عن طريق الشرطة يفصح عن علمها يقيناً بهذا الطلاق ويتناقض مع دعواها باستمرار الزوجية بينهما بعده وولادة الصغيرين المدعى بنسبهما إليه على فراش هذه الزوجية. وإذ كان من شأن هذا التناقض أن يمنع سماع دعواها طبقاً لما هو مقرر في المذهب الحنفي، ولم يلزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية أن التناقض الذي يمنع من سماع الدعوى هو الذي يكون بين كلامين صدرا من شخص واحد ويظل باقياً دون أن يوجد ما يرفعه ويكون أحد الكلامين في مجلس القاضي والآخر خارجه ولكن ثبت أمام القاضي حصوله إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي يستوي في ذلك أن يكون التناقض من المدعي أو منه ومن شهوده أو من المدعى عليه. وإذ كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أنه ليس للمطعون عليها في الدعوتين الأصلية والفرعية سوى كلاماً واحداً أيده شهودها وهو قولها بقيام علاقة الزوجية بينها وبين الطاعن - بعد طلاقه لها - حتى أنجبت منه الولدين... و... مما لا يتعارض مع ما ورد في الإقرار المؤرخ 24/ 10/ 1974 من انقضاء عدتها من ذلك الطلاق، فإنه لا يكون ثمة تناقض يمنع من سماع دعواها ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الخامس والسادس والثامن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك من ثلاثة وجوه (أولهما) أن الحكم أخطأ في قضائه برفض الدفع بعدم سماع دعوى المطعون عليها طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 ذلك أن الثابت بالأوراق أنها أتت بالولدين لأكثر من سنة من تاريخ طلاقها الحاصل في 23/ 8/ 1974 مما كان يتعين معه القضاء بقبول الدفع وعدم سماع دعواها. (وثانيها) أن الحكم أخطأ في اعتبار دعوى النسب منبتة الصلة بالزوجية وإجازة إثبات النسب مجرداً بالبينة التي أقام عليها قضاءه ذلك أنه لا يجوز النظر إلى النسب مجرداً لأن الأساس فيه هو أن الولد للفراش والفراش هو الزواج. (وثالثها) أن الحكم أخطأ في قضائه بالنسب على سند من شهادة رجل وامرأة هما...... و..... و..... مما لا يكتمل به نصاب البينة الشرعية وهو شهادة رجلين أو رجل وامرأتين.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أن النص في المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 على أنه لا تسمع الدعوى عند الإنكار دعوى النسب لولد المطلقة إذا أتت به لأكثر من سنة من تاريخ الطلاق إنما تندفع به الدعوى التي يكون فيها الزواج السابق سبباً لثبوت نسب الولد بما أفاد به الطبيب الشرعي وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية من اعتبار أقصى مدة للحمل 365 يوماً حتى تشمل جميع الأحوال النادرة مما مقتضاه عدم سريان حكم النص على دعوى نسب الولد الذي أتى بعد الطلاق من فراش صحيح لا حق عليه ويثبت به النسب شرعاً وهو الزواج وملك اليمين وما يحلق به وهو المخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى برفض دفع الطاعن بعدم سماع دعوى المطعون عليها طبقاً للنص المذكور على سند من أنه بعد طلاقه لها عاشرها زوجة له حتى إنجاب الصغيرين فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. والنعي مردود في وجهه الثاني بأن دعوى المطعون عليها هي دعوى نسب وهي باقية على حكمها المقرر في الشريعة ويجوز إثباتها بالبينة وأن الحكم لم ينظر إليها إلا مجردة عن دفع الطاعن بعدم سماع دعوى الزوجية، والنعي بالوجه الثالث غير صحيح، ذلك أن الثابت بمدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه وبمحضري سماع أقوال الشهود أمام محكمة أول درجة بتاريخي 9، 16/ 10/ 1983 أن شهود المطعون عليها الذين اتخذ الحكم من شهادتهم سنداً لقضائه هم.... و.... و.... بما يتوافر به النصاب الشرعي للبينة وهو رجلان أو رجل وامرأتان.
وحيث إن حاصل نعى الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الموضوع إشهاد طلاقه للمطعون عليها المؤرخ 23/ 8/ 1974 طلاقاً مكملاً للثلاث وما يفيد علمها به والإقرار الصادر منها بتاريخ 24/ 10/ 1974 بانقضاء عدتها منه وذلك للتدليل على دفاعه من عدم اتصاله بها بعد ذلك الطلاق وتحريم هذا الاتصال عليهما تحريماً لا يثبت معه النسب غير أن الحكم أهدر ما لتلك المستندات من دلالة للنفي وأغفل الرد على دفاعه المؤيد بها وخالف ما ادعته المطعون عليها من استمرار الزواج الصحيح بينهما بأن ذهب إلى أن الصغيرين ثمرة زواج فاسد تم بينهما بعد الطلاق دون أن يبين المصدر الذي حصل منه هذه الواقعة. أن الحكم قد تفهم صحيح الواقع في الدعوى وعني بالرد على مستنداته ودفاعه لتغير وجه الرأي فيها، وإذ لم يفعل فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم الواقع والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لمستندات الدعوى وأدلتها ودفاع الطرفين قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن وبثبوت نسب الصغيرين... و... إليه على سند من شهادة شهود المطعون عليها الذين اجتمعت كلمتهم على أن الطاعن - بعد طلاقها المكمل للثلاث - قد عاشرها معاشرة الأزواج في مسكن الزوجية حتى إنجاب الصغيرين المذكورين، وهي مخالطة بناء على عقد فاسد يثبت بها النسب شرعاً على ما تقدم بيانه في الرد على الوجه الأول من النعي السابق، وكانت تلك البينة الشرعية تكفي لحمل قضاء الحكم وفيها الرد الضمني المسقط لكل ما تمسك به الطاعن من حجج وأقوال مخالفة، فإن النعي يكون على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق