جلسة 24 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد محمود الباجوري، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، جلال الدين أنسي، محمد أحمد حمدي وهاشم قراعة.
----------------
(120)
الطعن رقم 60 لسنة 49 القضائية
(1) أحوال شخصية لغير المسلمين. "دعوى التطليق" "استحكام النفور".
(1) استحكام النفور بين الزوجين الذي يجيز الحكم بالتطليق في شريعة الأقباط الأرثوذكس. شرطه. مادة 57 مجموعة 1938.
(2، 3) أحوال شخصية لغير المسلمين. "اعتداء أحد الزوجين على الآخر".
(2) اعتداء أحد الزوجين على الآخر الذي يبرر التطليق في شريعة الأقباط الأرثوذكس. شرطه. مادة 55 مجموعة 1938. كفاية مساهمة الزوج في الاعتداء ولو لم يبلغ فعله مبلغ الجريمة.
(3) تحريض الزوجة أهلها على الاعتداء على زوجها بقصد تأديبه لا قتله. لا يتوافر به موجب التطليق في شريعة الأقباط الأرثوذكس. مادة 55 مجموعة 1938.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 8 لسنة 1974 "أحوال شخصية", ملي نفس" أمام محكمة سوهاج الابتدائية ضد الطعون ضدها يطلب الحكم بتطليقها منه، وقال شرحاً لها إنه تزوج بالمطعون ضدها بصحيح العقد الكنسي أرثوذكسي ودخل بها ولا تزال في عصمته وأنها بعد مضي أربعة أشهر من الزواج أساءت إليه بما لا يستطيع معه دوام العشرة بينهما بأن حرضت والدها وأخويها على الاعتداء عليه وأسرته بسبب خلافات زوجية، وقد أفضى الاعتداء إلى وفاة والده متأثراً بإصاباته كما أصيب هو وشقيقه بإصابات جسيمة الأمر الذي لا يمكن أن تستقيم معه الحياة الزوجية ومن ثم فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماعها شهود الطرفين حكمت في 22/ 2/ 1976 بتطليق المطعون ضدها من الطاعن. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 3 لسنة 51 ق أسيوط, وبتاريخ 19/ 6/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماعها شهود الطرفين حكمت في 13/ 6/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من أن المطعون ضدها لم يوجه إليها أي اتهام في الدعوى الجنائية التي أقيمت ضد والدها لتعديه على والده اعتداء أفضى إلى موته ولم يتضمن أية شارة إلى أن لها دوراً في هذه الواقعة، في حين أن ذلك الذي أورده الحكم ليس من شأنه نفي ما لحق حياتهما الزوجية من تصدع نتيجة استحكام النفور بينهما وهو ما يستقيم سبباً للتطليق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان تصدع الحياة الزوجية من الأسباب التي تجيز التطليق في شريعة الأقباط الأرثوذكس إلا أنه يشترط لتوافره وفقاً لنص المادة 57 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية الخاصة بهذه الطائفة والتي أقرها المجلس الملي العامة سنة 1938 إساءة أحد الزوجية معاشرة الآخر أو إخلاله بواجباته نحوه إخلالاً يؤدي إلى استحكام النفور بينهما وأن ينتهي الأمر بافتراقهما مدة لا تقل عن ثلاث سنوات متتالية وألا يكون ذلك بخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه، وإذ لم يودع الطاعن أن النفور الحادث بينه وبين زوجته نتيجة اعتداء أهلها عليه وعلى أفراد أسرته قد أدى إلى افتراقهما المدة المذكورة, فإنه لا يتوافر به موجب التطليق، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في خصوص عدم اعتداده بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم استدل على عدم اشتراك المطعون ضدها في الاعتداء الواقع عليه وأفراد أسرته من جانب والدها وأخويها بأن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية لم يوجه إليها أي اتهام في حين أن الأحكام الجنائية لا تورد من الوقائع إلا ما يدخل في نطاق الاتهام المعروض ومن ثم كان يتعين على المحكمة وقد قررت ضم التحقيقات الجنائية أن تلتزم بضمها لتستظهر دور المطعون ضدها في التعدي، هذا إلى أن الثابت من أقوال شاهديه أنها هي التي فتحت باب المسكن لزوجها للتعدي عليه وأسرته وأنه سبق لها أو توعدت بإحضار رجال لتأديبهم، وإذا اتخذ الحكم المطعون فيه من مجرد خلو الحكم الجنائي من توجيه اتهام إلى المطعون ضدها سبيلاً للتشكيك في أقوال شاهديه ودليلاً على عدم مشاركتها في الاعتداء فإنه يكون قد شابه الفساد في الاستدلال فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت المادة 55 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس تنص على أنه"إذا اعتدى أحد الزوجين على حياة الآخر أو اعتاد إيذاءه إيذاء جسيماً يعرض صحته للخطر جاز للزوج المجني عليه أن يطلب الطلاق". وهو مفاده أن الاعتداء الذي يبرر التطليق لدى هذه الطائفة هو الذي يصل إلى حد محاولة القتل, ويكفي فيه أن يقع مرة واحدة, أو الذي لا يصل إلى هذا الحد ولكنه يبلغ من الجسامة بحيث يترتب عليه تعريض صحة الزوج المعتدي عليه للخطر وفي هذه الحالة يشترط تكرر الاعتداء بحيث يصبح عادة لدى الزوج المعتدي, ويستوي في الحالتين أن يكون الزوج فاعلاً أصلياً أو شريكاً في الاعتداء، ولكن لا يشترط أن يتحقق فيه موجب توقيع العقوبة الجنائية وذلك لأن الأمر لا يرجع إلى التقرير بترتيب أثر على ارتكاب الجريمة بحيث يتعين إعماله متى توافرت فيها أركانها المقررة في قانون العقوبات، وإنما مرده إلى إخلال الزوج بما يلقيه عليه ميثاق الزوجية المقدس من واجب التعاون مع الزوج الآخر على شئون الحياة، فضلاً عن إخلاصه له وإحسان معاشرته, وهو ما يكفي لتحققه مساهمة الزوج بأي صورة في التعدي على زوجه ولو لم يبلغ فعله مبلغ الجريمة، لئن كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واستدل على نفي مشاركة المطعون ضدها في الاعتداء الواقع على زوجها الطاعن بمجرد خلو الدعوى الجنائية من توجيه أي اتهام إليها وهو ما ينطوي على فساد في الاستدلال فضلاً عن القصور في التسبيب، إلا أنه لما كان الثابت من مدونات هذا الحكم ما يدعيه الطاعن من تحريض زوجته المطعون ضدها أهلها على الاعتداء عليه كان بقصد تأديبه لا قتله، وقد خلت الأوراق مما يدل على ما يخالف ذلك أو اعتياد زوجته إتيان هذا الفعل فإنه على فرض ثبوت واقعة التحريض هذه - فإنه لا يتوافر بها موجب التطليق المنصوص عليه في المادة 55 سالفة الإشارة ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق