جلسة 9 من إبريل سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: هاشم محمد قراعة نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد وحسين محمد حسن.
----------------
(122)
الطعن رقم 41 لسنة 54 القضائية "أحوال شخصية"
(1، 4) أحوال شخصية لغير المسلمين "تغيير الطائفة أو الملة" حكم "تسبيب الحكم".
(1) تغيير الطائفة أو الملة، يتصل بحرية العقيدة، إتمامه بإبداء الرغبة في الانتماء إلى الطائفة أو الملة الجديدة وقبول الانضمام إليها من رئاستها الدينية المعتمدة.
(2) اعتبار المشرع اتباع المذهب البروتستانتي في مصر على اختلاف شيعهم وكنائسهم طائفة واحدة هي "طائفة الإنجيليين". أثره. عدم اعتبار الانضمام إلى أية كنيسة أو شيعة أو فرقة تفرعت عنه تغييراً للعقيدة الدينية.
(3) الانضمام إلى طائفة الإنجيليين، تمامه بقبول المجلس الملي الإنجيلي العام صاحب الاختصاص الوحيد بالفصل في طلبات الانضمام إلى الطائفة بكافة شيعها وفرقها وكنائسها. م 20 الأمر العالي الصادر في أول مارس 1902 بالتشريع الخاص بطائفة الإنجيليين.
(4) اعتماد الحكم المطعون فيه في إثبات تغيير المطعون عليه لطائفته بالشهادتين الصادرتين من مطرانية الأقباط الأرثوذكس وكنيسة الأقباط الإنجيليين رغم عدم اعتمادها من المجلس الإنجيلي العام للطائفة وما انتهى إليه من صحة الطلاق الذي أوقعه على زوجته بإرادته المنفردة إعمالاً لأحكام الشريعة الإسلامية. خطأ في القانون وفساد في الاستدلال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 194 لسنة 1982 أحوال شخصية أمام محكمة الفيوم الابتدائية ضد الطاعنة للحكم بإثبات طلاقه لها. وقال بياناً لدعواه إنه تزوجها في 9/ 2/ 1980 وهما قبطيان أرثوذكسيان وبتاريخ 20/ 7/ 1980 انضم لطائفة الإنجيليين بينما ظلت هي قبطية أرثوذكسية. وإذ اختلفا بذلك طائفة وأوقع عليها الطلاق بإرادته المنفردة في 20/ 4/ 1982 وفق أحكام الشريعة الإسلامية - فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 11/ 5/ 1983 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 50 لسنة 19 ق بني سويف وفي 14/ 3/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإثبات تطليق المطعون عليه للطاعنة طلقة أولى رجعية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك تقول إن المطعون عليه استند في إثبات تغييره لطائفته الأصلية بانضمامه لطائفة الإنجيلين إلى شهادتين أولاهما من كنيسة النعمة للأقباط الإنجيليين بانضمامه إليها والثانية من مطرانية الأقباط الأرثوذكس بالفيوم تفيد انفصاله عن طائفة الأقباط الأرثوذكس واتباعه للمذهب الإنجيلي في حين أن العبرة في الانضمام إلى طائفة الإنجيليين هي بصدور قرار من المجلس الإنجيلي العام بقبول هذا الانضمام، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإثبات طلاق المطعون عليه لها بإرادته المنفردة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية على سند من اختلافهما طائفة وعول في تغيير المطعون عليه لطائفته عل هاتين الشهادتين وحدهما دون التحقق من صدور قرار من المجلس الإنجيلي العام بقبول انضمامه إلى طائفة الإنجيليين فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان تغيير الطائفة أو الملة أمراً يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة في الانتماء إلى الطائفة أو الملة الجديدة وإنما بالدخول فيها بقبول الانضمام إليها من رئاستها الدينية المعتمدة. ولما كان مؤدى نصوص المواد 2، 4، 11، 20 من الأمر العالي الصادر في أول مارس سنة 1902 بالتشريع الخاص بطائفة الإنجيليين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر أن اتباع المذهب البروتستانتي في مصر على اختلاف شيعهم وكنائسهم وفرقهم طائفة واحدة عرفت "بطائفة الإنجيليين" دون أن يكون لتعدد شيع وكنائس وفرق هؤلاء الأتباع أي أثر في تنظيم شئونهم القانونية، فوحد الطائفة بضم أهل الفرق البروتستانتية وجعل من المجلس الملي الإنجيلي العام الهيئة ذات الإشراف الأصيل الشامل على كافة مرافق المسيحيين البروتستانت من النواحي الدينية والإدارية على سواء مما مفاده أن أية كنيسة أو شيعة أو فرقة تفرعت من المذهب البروتستانتي لا يمكن اعتبار مجرد الانضمام إليها تغييراً للعقدية الدينية، طالما أن المشرع اعتد بطائفة الإنجيليين كوحدة واحدة ورسم وسيلة الانضمام إليها وهو قبول هذا الانضمام من المجلس الملي العام للطائفة باعتباره صاحب الاختصاص الوحيد بالفصل في طلبات الانضمام إليها بكافة شيعها وفرقها وكنائسها طبقاً للمادة 20 من الأمر العالي السالف البيان لما كان ذلك، وكان المطعون عليه إذ أسس دعواه على اختلافه طائفة عن الطاعنة استند إلى شهادة من مطرانية الأقباط الأرثوذكس بانفصاله عن طائفته الأصلية واتباعه المذهب الإنجيلي وشهادة من كنيسة النعمة للأقباط الإنجيليين بانضمامه إليها دون أن يقدم ما يفيد قبول المجلس الإنجيلي العام انضمامه إلى طائفة الإنجيليين، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بهاتين الشهادتين وحدهما دليلاً على تغيير المطعون عليه لطائفته بانتمائه إلى الكنيسة المذكورة وقضى بإثبات طلاقه للطاعنة بإرادته المنفردة وفق أحكام الشريعة الإسلامية على سند من اختلافهما طائفة في حين أن ذلك الانتماء لا يترتب عليه بذاته أي أثر قانوني في هذا الصدد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه الفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق