جلسة 25 من نوفمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، ودرويش عبد الحميد، ومحمد عبد المنعم جابر.
------------------
(188)
الطعن رقم 9 لسنة 49 القضائية
(1، 2) وقف. نيابة عامة. دعوى.
1 - منازعات الأحوال الشخصية المتعلقة بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه أو الولاية عليه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية. وجوب تدخل النيابة العامة فيها ولو في دعوى مدنية أثيرت فيها إحدى هذه المسائل.
2 - طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع قطعة أرض آلت الملكية فيها للبائعين عن طريق الاستحقاق في وقف أهلي يوجد فيه نصيب خيرات. عدم اتصال هذا النزاع بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه. أثر ذلك. عدم وجوب تدخل النيابة العامة في هذا النزاع.
(3) خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير".
تقرير الخبير من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب.
(4) حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع. نقض.
إقامة الحكم قضاءه على أسباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله المنازعة في ذلك. مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 138 سنة 1972 مدني كلي طنطا على الطاعن بصفته والمطعون ضدها الثانية والثالثة قال شرحاً لها إنه بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 24/ 2/ 1961 اشترى من المطعون ضدهما الثانية والثالثة قطعة أرض فضاء مساحتها 180 م2 ظهر من كشف تحديد المساحة أنها 142.7 م2 موضحة الحدود والمعالم بالعقد وصحيفة الدعوى بثمن مقداره 710 ج و350 م، وانتهى إلى طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المذكور في مواجهة الطاعن بصفته ناظراً لأن العقار المبيع آل إلى البائعين له بطريق الاستحقاق في وقف. طلب الطاعن بصفته وقف الدعوى لأن الأرض المبيعة يدخل فيها حصة وقف خيرات لم يتم فرز تلك الحصة بعد - ومحكمة طنطا الابتدائية قضت بجلسة 8/ 11/ 1967 بوقف السير في الدعوى لحين صدور قرار من لجنة القسمة بفرز نصيب الخيرات في الوقف. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 476 سنة 17 ق، ومحكمة استئناف طنطا قضت بجلسة 28/ 12/ 1970 بإلغاء الحكم الصادر بوقف الدعوى وبإعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. وبعد أن حدد المطعون ضده الأول السير في الدعوى ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريره وقضت محكمة طنطا الابتدائية بجلسة 18/ 12/ 1977 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 24/ 2/ 1961. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 57 سنة 28 ق، ومحكمة استئناف طنطا قضت بجلسة 4/ 11/ 1978 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته بالنقض في الحكمين الصادرين من محكمة استئناف طنطا في الاستئنافين رقمي 476 سنة 17 ق، 57 سنة 28 ق وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بصفته الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد صدر في مسألة متعلقة بأصل الوقف دون أن تتدخل النيابة العامة أمام محكمة الموضوع إذ أنه من المقرر قانوناً وما جرى عليه قضاء النقض أنه يجب أن تتدخل النيابة العامة في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً - ولما كان الخلاف قد ثار أمام محكمة الموضوع حول خيرية الوقف وما إذا كان الوقف في قطعة الأرض محل النزاع هو وقف خيري أو وقف أهلي رصد على مورثة البائعين (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) ومن ثم فقد ثارت مسألتان هما من أخص مسائل الوقف هل هو خيري أو أهلي واستحقاق المستحق فيه ومقدار ذلك الاستحقاق وهي من المسائل المتعلقة بأصل الوقف بما يضحى معه وجوب تدخل النيابة العامة لدى المحكمة. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 ببعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه التي لا يتحقق إلا بها شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه أو الولاية عليه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم المدنية عملاً بالقانون 462 سنة 1955 الصادر بإلغاء المحاكم الشرعية فإن تدخل النيابة يكون واجباًٍ عند نظر هذا النزاع وإلا كان الحكم الصادر باطلاً يستوي في ذلك أن تكون لدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون رفضت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف لما كان ذلك وكان البين من الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول أقام دعواه على المطعون ضدهما الثانية والثالثة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي الصادر إليه منهما ببيعهما مساحة من الأرض آلت الملكية فيها للبائعين عن طريق الاستحقاق في وقف أهلي يوجد فيه نصيب الخيرات. وإذ كان النزاع على هذا النحو لا يتصل بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه أو تغيير شروطه، فإن تدخل النيابة العامة في هذا النزاع لا يكون واجب عند نظره - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب لا أساس له.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على عدم وجود حصة وقف خيري في الأرض موضوع النزاع مشايعاً في ذلك الخبير الذي ندب في الدعوى بما أورده في تقريره من أن حصة الخيرات شرطت في الوقف الخاص بالأطيان دون العقارات. وإذ كان الثابت من حجة الوقف المقدمة لمحكمة الموضوع أن الوقف لم يجعل نصيب الخيرات قاصراً على الأطيان والعقارات وجاء شرط الإنشاء موضحاً أوجه الصرف الخيري في عموم ريع الوقف من أطيان وعقارات ولم يقصرها على الأطيان وحدها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقرير الخبير هو من عناصر الإثبات في الدعوى التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع دن معقب، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد بيع الأرض موضوع النزاع على ما خلص له من تقرير الخبير في الدعوى بقوله.... وكان تقرير الخبير الأخير الذي حمل على أسباب سائغة وأسانيد سديدة وأبحاث سلمية تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومؤداها أن القدر موضوع التداعي مملوك للمدعي عليهما الأولى والثانية (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) البائعين للمدعي (المطعون ضده الأول) وأنهما كانتا تضعان اليد عليه ثم باعتاه إلى المطعون ضده الأول الذي وضع اليد بدوره عليه بإقامة مبان عليه وتأجيره للغير، كما انتهى ذلك التقرير إلى أنه لا توجد حصة للوقف تدخل في الأرض موضوع الدعوى إذ الثابت من الحجج التي اطلع عليها الخبير أن حصة الخيرات في الوقف بالأطيان الزراعية أي أن الخيرات ليست لها حصة بالعقارات ومنها الأرض المبيعة موضوع التداعي وهي أرض فضاء (مباني) ويؤكد صدق هذا الذي انتهى إليه الخبير ما هو ثابت من الصورة الرسمية من قرار لجنة القسمة الصادر في 1/ 1/ 1963 المقدمة من المطعون ضده الأول أمام محكمة أول درجة يتضمن أن اللجنة قصرت بحثها على الأعيان الخاصة بوقف العقار بأن الخيرات إنما شرطت في الوقف الخاص بالأطيان الزراعية - وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت في الأوراق لا أساس له.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الموضوع أقامت حكمها على دعامة ظاهرت بها قضاءها إذ اعتبرت أن المالك على الشيوع يملك بيع نصيه مفرزاً دون أن يتوقف ذلك على فرز نصيب الشريك على أن يكون البيع معلقاً على نتيجة القسمة، وقد اكتفت المحكمة بتلك التقريرات العامة دون أن تواجه دفاع الطاعن وتبحث مدى خيرية الوقف في أرض النزاع، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قاصر التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت وعلى ما سلف الرد على السبب الثاني من أسباب النعي، أن الحكم المطعون فيه انتهى صحيحاً في حدود سلطة الموضوعية - استخلاصاً من الأدلة المقدمة في الدعوى - أن قطعة الأرض موضوع النزاع لا يدخل فيها حصة وقف خيرات وهو ما يكفي لحمل الحكم ومواجهة دفاع الطاعن في هذا الخصوص ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا أساس له.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق