الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الطعن 4682 لسنة 35 ق جلسة 26 / 4 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 125 ص 1285

جلسة 26 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(125)

الطعن رقم 4682 لسنة 35 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - سلطة جهة الإدارة في فسخه - مسئولية عقدية - تعويض.
إذا كان لجهة الإدارة الحق في فسخ العقد الإداري ومصادرة التأمين بإرادتها المنفردة دون الالتجاء إلى القضاء باعتبار أن ذلك امتياز لها لتعلق العقد الإداري بالمرفق العام الذي تستهدف تسييره - مناط ذلك: وجود أسباب تبرره بهدف تحقيق المصلحة العامة - للمتعاقد مع الإدارة أن يطلب الحكم بالتعويض عما قد يلحق به من أضرر نتيجة الإجراء غير المشروع من جانب الإدارة - يمثل ذلك خطأ عقدياً - التعويض يشمل الأضرار المادية والأدبية بشرط أن تكون ثابتة ثبوتاً يقينياً منع للإثراء بلا سبب على حساب الإدارة - التعويض يشمل كذلك ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 30/ 8/ 1989 أودع الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 4682 لسنة 35 ق. ع ضد السيد/ وزير الداخلية "بصفته" في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بتاريخ 2/ 7/ 1989 في الدعوى رقم 3135 لسنة 38 ق والقاضي "بإلزام المدعى عليه" بصفته "بأن يؤدي للمدعين الأول ورثة المرحوم/....... قيمة خطاب الضمان المشار إليه وقدره اثنين وتسعين ألف جنيه ومصروفات الدعوى، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي الثاني مصروفات تدخله".
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء لهم بطلباتهم أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات ومقابل الأتعاب.
وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين والقضاء بإلزام المطعون ضده بصفته بأداء التعويض الذي تراه المحكمة مناسباً للطاعنين مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات، ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، إلى أن قررت الدائرة بجلسة 2/ 2/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - وقد نظرت هذه المحكمة الطعن بجلسة 15/ 2/ 1994 حيث استمعت إلى ما - ارتأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وملاحظات الطرفين، وفي الجلسة المذكورة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 12/ 4/ 1994 - وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 20/ 3/ 1984 أقام السيد/........ الدعوى رقم 3135 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيد/ وزير الداخلية بصفته طالباً فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي له مبلغ 344566 جنيه على سبيل التعويض مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي في الدعوى المشار إليها بياناً لدعواه أنه تعاقد وشريكه مع أكاديمية الشرطة على توريد الأغذية الموضحة بالعقد مدة 365 يوماً تبدأ من أول ديسمبر 1982 إلى آخر نوفمبر 1983 في مقابل مبلغ 915396.250 وأنه قام بتنفيذ التزامه على الوجه الأكمل ولم توقع عليه جهة الإدارة أية جزاءات أي أنه لم يخالف أياً من شروط العقد، إلا أنه فوجئ بدون أي مبرر أو إنذار سابق بخطاب من اللواء مدير كلية الشرطة بتاريخ 27/ 9/ 1983 يخطره فيه بفسخ العقد المشار إليه مع مصادرة التأمين النهائي طبقاً للمادة 27 من القانون رقم 9 لسنة 1983، كما أبلغته الشئون القانونية بذات المضمون والقرار. ونعى المدعي على قرار الفسخ صدوره مخالفاً لأحكام القانون، كما أن مصادرة التأمين النهائي جاء مشوباً بالتعسف ومخالفة القانون، وقد ألحق به قرار الفسخ ومصادرة التأمين البالغ قيمته 92 ألف جنيه أضراراً مادية وأدبية تمثلت في قيمة التأمين المشار إليه وتلف المواد الغذائية المعدة للتوريد اعتباراً من أول أكتوبر 1983 حتى نهاية مدة العقد وقيمتها 152566 جنيه فضلاً عن أثر القرار بالنسبة له وأثره على علاقته بالبنوك وغيرها من التجار والجهات الحكومية الأخرى. وقدم المدعي مستنداته وانتهى إلى طلباته.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى، وبجلسة 11/ 5/ 1986 حكمت بانقطاع سير الخصومة فيها لوفاة المدعي. وبموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة المذكورة بتاريخ 6/ 5/ 1987 من ورثة المدعي وأودعت للمدعى عليه بصفته استأنفت الدعوى سيرها، وطلب ورثة المدعي في ختام العريضة المشار إليها الحكم لهم بالطلبات الواردة بعريضة الدعوى الأصلية، وبعريضة أخرى أودعت قلم كتاب المحكمة في 1/ 6/ 1987 وأعلنت للمدعى عليه تدخل المدعي الثاني (الطاعن الثاني) منضماً للمدعي الأول (ورثة المدعي الأول)، وطلب الحكم مع المدعين الأصليين بالطلبات المشار إليها.
وبجلسة 3/ 7/ 1988 حكمت المحكمة تمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل ليندب أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية التي حددتها المحكمة سالف الذكر.
وبجلسة 16/ 10/ 1988 قدم المدعون مذكرة أوضحوا فيها أنه بالنسبة للشق الأول من مأمورية الخبير فإنهم قد حصلوا على المستندات والأوراق والبيانات المطلوبة، وبالنسبة للشق الثاني من المأمورية فإن الخبير لن يستطيع أداء مهمته لتلف الأصناف المراد معاينتها لمرور أكثر من خمس سنوات على تاريخ شرائها وحتى تاريخ ندب الخبير، وفوضوا المحكمة في تقدير قيمة التعويض وقدموا المستندات المؤيدة لوجهة نظرهم، وبجلسة 2/ 7/ 1989 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والسالف الإشارة إلى منطوقه، وقد شيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الجهة الإدارية وقد استندت في قرارها بالفسخ ومصادرة التأمين على أنه قد صدر الكتاب الدوري رقم 27 لسنة 1983 بشطب المتعهد/...... من سجل الموردين بالوزارة واستبعاده من دخول المناقصات العامة أو الممارسات التي تقوم وزارة الداخلية بطرحها، وأنه لما كانت الأوراق قد خلت من وقائع جدية يمكن أن يبنى عليها القرار، ولم تقدم جهة الإدارة دليلاً على صحة ما نسب إلى مورث المدعين، والمدعي الثاني من أنه استعمل الغش في التعامل فمن ثم يكون قرار الفسخ قد صدر غير مشروعاً، مما يلزم مصدره برد قيمة خطاب الضمان الذي تم مصادرته، وتعويض المدعين عما ألحقهم القرار من أضرار، وإذ عجز المدعون عن تقديم الدليل على ما زعموه من أضرار مادية وأخرى أدبية فمن ثم يكون طلب التعويض على غير أساس من الواقع أو القانون متعيناً الحكم برفضه، وانتهت المحكمة إلى قضائها المشار إليه وإذ لم يرتض الطاعنون الحكم المتقدم فمن ثم أقاموا هذا الطعن تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ أغفل الحكم لهما بالتعويض عن الإضرار المادية والأدبية بالإضافة إلى قيمة خطاب الضمان المحكوم بها ويتمثل التعويض فيما يلي.
أولاً - التعويض عن الضرر المادي:
1 - بالنسبة لتلف المواد الغذائية المتعاقد عليها، فهذه المواد التي تم شراؤها ليتم توريدها خلال المدة المتبقية من العقد وقيمتها 152566 جنيه وتم تقديم فواتير شراء أمام المحكمة، وقد تم تلف هذه المواد وفسادها قبل تكليف المحكمة لمكتب الخبراء بمعاينتها لأنها من الأصناف التي تفسد بسرعة، وكان قد مضى على تاريخ فسخ العقد قبل ندب مكتب الخبراء أكثر من خمس سنوات مما لا يقبل معه عقلاً بقاؤها في المخازن، وقد فوض الطاعنون المحكمة في تقدير قيمة التعويض تقديراً مناسباً.
2 - بالنسبة لمصروفات خطب الضمان، ذلك أن استصدار ذلك الخطاب من البنك الأهلي يقتضي دفع 2% من قيمة الخطاب كرسم إصدار طبقاً للائحة البنك المركزي بخلاف التمغات ومصاريف الإصدار والتي تبلغ جملتها أكثر من ألفين جنيه، وهذا المبلغ تابع لقيمة خطاب الضمان الذي كان ينبغي الحكم به مع قيمة خطاب الضمان، يضاف إلى ذلك أن مصادرة التأمين منذ عام 1983 وحتى الآن قد حرمت الطاعنين من استغلال ذلك المبلغ واستثماره على النحو المبين تفصيلاً بتقرير الطعن.
ثانياً - التعويض عن الضرر الأدبي:
ذلك أنه قد أصاب الطاعنون من جراء فسخ العقد ومصادرة التأمين النهائي أضرار أدبية في التأثير على مصداقيتهم في التعامل مع البنوك والتجار والجهات الحكومية لأنهم أصبحوا موصومين بصفات غير حميدة من جراء الفسخ بصورة تعسفية مما كان له أسوأ الأثر على نفسيتهم، كما أنه أصاب مورث الطاعنين الأول بأضرار صحية واستمرار فترة علاجه وانتهاء بوفاته، ورغم هذه الأضرار إلا أن الحكم الطعين أغفلها مما أدى إلى الطعن فيه، وقد انتهى الطاعنون إلى طلباتهم.
ومن حيث إنه وإن لجهة الإدارة الحق في فسخ العقد الإداري ومصادرة التأمين بإرادتها المنفردة ودون التجاء إلى القضاء باعتبار أن ذلك امتياز لجهة الإدارة لتعلق العقد الإداري بالمرفق العام الذي يستهدف تسييره، إلا أن ذلك يجب أن يكون لأسباب تبرره من المصلحة العامة وإلا كان للمتعاقد معها أن يطلب الحكم له بالتعويض عما قد يلحق به من أضرار نتيجة لهذا الإجراء غير المشروع والذي يمثل خطأ عقدياً وسواء أكانت هذه الأضرار مادية أو أدبية يشترط أن تكون هذه الأضرار ثابتة ثبوتاً يقينياً ويقيم المدعي الدليل على وقوعها حتى يمكن أن يقضي له بالتعويض عن هذه الأضرار منعاً لإثرائه بلا سبب على حساب الإدارة، ومع مراعاة أن التعويض عن الأضرار المادية يشمل ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار الصادر من أكاديمية الشرطة - بفسخ عقد توريد الأغذية ومصادرة التأمين - قد بني على أساس ما تقرر من شطب اسم مورث الطاعنين الأول من سجل المتعهدين والموردين لاستعماله الغش والتواطؤ في تعامله مع الوزارة ولما كان قد صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4960 لسنة 37 ق بجلسة 6/ 5/ 1984 بإلغاء قرار شطب اسم مورث الطاعنين المذكور وآخرين لانتفاء سببه فمن ثم أصبح قرار فسخ عقد التوريد مع مورث الطاعنين ومصادرة التأمين النهائي فاقداً سنده وأسبابه المبرر له، وبالتالي غير مشروع قانوناً، كما أن الحكم المطعون فيه قد أثبت عدم مشروعية قرار الفسخ ومصادرة التأمين الأمر الذي يقوم به ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة الموجب لمسئوليتها قانوناً عن جبر كافة ما ترتب عليه من أضرار.
ومن حيث إنه عن التعويض عن الأضرار المادية فإنه لما كان الثابت أن قرار فسخ العقد ومصادرة التأمين قد أبلغ إلى المتعاقدين (مورث الطاعنين الأول والطاعن الثاني) في 27/ 9/ 1983 على أن يبدأ تنفيذه اعتباراً من 1/ 10/ 1983، وأنه من الطبيعي والمنطقي وما يتفق والعرف التجاري أن يكونا قد أجريا تعاقدات لإعداد بعض المواد الغذائية اللازمة للتوريد خلال المدة المتبقية من العقد أو بعضها، وذلك حتى يتمكنا من توريدها في أوقاتها المحددة وفاة لالتزامهما بذلك في عقد التوريد الذي تقرر فسخه، وإذ قدم الطاعنون فواتير عن شراء كميات من المواد الغذائية لتوريدها خلال المدة المتبقية من العقد وبلغت قيمة هذه الفواتير مبلغ 152566 جنيه إلا أن تقديم الفواتير لا يعني بصفة قاطعة استلام كل من مورث الطاعنين الأول والطاعن الثاني لهذه الأصناف كما أنه لا يعني احتفاظهما بهذه الأصناف حتى فسادها، حيث لم يثبت ذلك من الأوراق، كما لم يقدم الطاعنون أي دليل عليه، كما أن المنطقي كذلك وما يتفق وطبيعة الأمور أن يقوم المتعاقدان (مورث الطاعنين الأول والطاعن الثاني) بعد إبلاغهما بفسخ العقد بإعادة بيع وتصريف المواد الغذائية التي سبق أن قاما بشرائها وتجهيزها لعملية التوريد، ولما كان الأمر على ما سلف وكانت عملية إعادة التوزيع لمثل هذه المواد وفي مثل هذه الظروف التي حلت بمورث الطاعنين الأول والطاعن الثاني من شأنها أن تزيد من نفقاتهما كما أنها قد تحقق لهما بعض الخسائر فيها، فضلاً عن فوات الكسب الذي كان سوف يتحقق من عملية التوريد خلال المدة المتبقية من العقد. وهذه جميعها أضرار لحقت بمورث الطاعنين الأول والطاعن الثاني من جراء فسخ العقد وإذ فوض الطاعنون المحكمة في تقدير التعويض عن هذه الأضرار فإن المحكمة تقدر التعويض عما سلف إيضاحه بمبلغ 25000 جنيه (خمسة وعشرين ألفاً من الجنيهات) وتقضي به مناصفة لكل من ورثة المرحوم/....... والطاعن الثاني...... باعتبارهما المتعاقدين مع جهة الإدارة.
ومن حيث إن قرار الجهة الإدارية المطعون ضدها بفسخ العقد قد تضمن مصادرة التأمين النهائي وقدره 92 ألفاً من الجنيهات والذي سبق لمورث الطاعنين الأول تقديمه من ماله الخاص على النحو الثابت بالأوراق وإذ ثبت أن قرار العقد ومصادرة التأمين النهائي قد صدر غير مشروع وأنه ترتب عليه تسييل خطاب الضمان وحرمان مورث الطاعنين وورثته من بعده من استثمار المبلغ المشار إليه واستغلاله في أعمالهم أو مشروعاتهم أو تعهداتهم وما يؤدي إليه هذا الاستثمار أو الاستغلال من فوائد أو أرباح وإذ حرم مورث الطاعنين وورثته من بعده استثمار أو استغلال المبلغ المشار إليه منذ صدور قرار الفسخ في سبتمبر 1984 وحتى صدور الحكم المطعون فيه في يوليو 1989، أي لمدة قاربت الخمس سنوات فإن المحكمة في ضوء أسعار الفائدة السائدة في السوق في الفترة التي تمت فيها مصادرة التأمين المشار إليه وحتى صدور الحكم المطعون فيه تقدر التعويض المستحق للطاعنين الأول (ورثة المرحوم/......) عن مصادرة التأمين المشار إليه طوال مدة مصادرته بمبلغ 65000 (خمسة وستين ألفاً من الجنيهات) ولا وجه لما قد يثار أو يقال من إن الفوائد التي تستحق على مبلغ التأمين النهائي هي الفوائد القانونية وبواقع 4% سنوياً - لا وجه لهذا القول - حيث إن هذا المبلغ ليس من المبالغ المستحق للطاعنين الأول (ورثة المرحوم/......) لدى جهة الإدارة وإنما المبلغ المشار إليه هو عبارة عن ضمان قدمه مورث الطاعنين للوفاء بالتزامه، وصادر من جهة بما لها من سلطة واستناداً إلى عقد التوريد وعلى خلاف القانون، ومن ثم لا وجه للقول بإعمال حكم المادة 226 من القانون المدني وحساب الفوائد القانونية على أساس 4% أو 5% سنوياً.
ومن حيث إنه عن التعويض عن الأضرار الأدبية فإن الثابت أن قرار الفسخ ومصادرة التأمين كان على أساس شطب اسم مورث الطاعنين الأول (المرحوم/......) من سجل الموردين والمتعهدين، وأن قرار الشطب هو الذي أصاب مورث الطاعنين بأضرار أدبية تمثلت في الإساءة إلى سمعته التجارية ووصفه بصفات غير محمودة وما لذلك من آثار في التعامل مع البنوك والتجار والجهات الحكومية بالإضافة إلى الآثار النفسية والصحية.
ومن حيث إن مورث الطاعنين الأول في هذا الطعن وآخرين غيره كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 4960 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإداري بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار شطب أسمائهم من سجل المتعهدين والموردين مع إلزام وزير الداخلية بصفته بالتعويض، وقد قضت المحكمة في الدعوى المشار إليها بجلسة 6/ 5/ 1984 بإلغاء قرار الشطب ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وتم الطعن على الحكم المذكور من الطرفين بالطعنين رقمي 2115 و2516 لسنة 30 ق. ع أمام هذه المحكمة حيث قضت فيها بجلسة 15/ 4/ 1986 (بقبول الطعن رقم 2516 لسنة 30 ق. ع شكلاً ورفضه موضوعاً. وبقبول الطعن رقم 2115 لسنة 30 ق. ع شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع لكل من الطاعنين مبلغ خمسة وعشرين ألفاً من الجنيهات على سبيل التعويض عما أصابه من أضرار ناجمة عن صدور القرار المطعون فيه وألزمت الوزارة المصروفات) وكان الطعن رقم 2516 لسنة 30 ق. ع مقاماً من وزير الداخلية بصفته ضد كل من........ (مورث الطاعنين الأُول في الطعن الماثل) وآخرين، وكان الطعن رقم 2115 لسنة 30 ق. ع مقاماً من....... (مورث الطاعنين الأول) وآخرين ضد وزير الداخلية بصفته.
ومن حيث إن الحكم الصادر في الطعنين رقمي 2115، 2516 لسنة 30 ق. ع المشار إليه قد أشار في أسبابه إلى أنه في تعويض كل من الطاعنين (ومنهم مورث الطاعنين الأُول المرحوم.....) بمبلغ (25000) خمسة وعشرين ألفاً من الجنيهات جبر مناسب لكافة الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بكل منهم.
ومن حيث إنه متى كان ذلك كذلك وكانت الأضرار الأدبية التي يقول الطاعنون الأُول (ورثة المرحوم......) أنها أصابتهم نتيجة فسخ العقد، إنما هي ذات الأضرار التي نشأت عن شطب اسم مورثهم وأنه لما كان الثابت وفقاً لما تقدم أن مورثهم قد عوض عن هذه الأضرار بمقتضى الحكم الصادر في الطعنين رقمي 2115 و2516 لسنة 30 ق. ع سالفي الذكر - فمن ثم لا محل لإعادة تعويضهم مرة أخرى عن ذات الأضرار.
ومن حيث إنه عن الضرر الأدبي بالنسبة للطاعن الثاني فإنه لما كان الخطأ الموجب للتعويض إنما قد نشأ أساساً عن قرار الشطب من سجل المتعهدين والموردين - على النحو المتقدم - وهو ما يسيء إلى سمعة كل من شطب اسمه من هذا السجل، وبصفة بصفات غير محمودة، وهو الأمر الذي يتصور عنه أضرار أدبية. وأنه لما كان الأمر كذلك وكان قرار الشطب قد لحق بمورث الطاعنين الأول (المرحوم........) دون الطاعن الثاني الذي لم يلحقه قرار الشطب لأنه ليس مقيداً أصلاً بسجل المتعهدين والموردين فمن ثم لا حق له في المطالبة بالتعويض عن الأضرار الأدبية الناجمة عن الشطب من سجل المتعهدين والموردين. كما أن فسخ العقد في ذاته لا يرتب ضرراً أدبياً لأنه لم ينسب إلى المتعاقد صفة غير محمودة كالغش أو التحايل أو التلاعب، ومن ثم ينتفي ركن الضرر الأدبي وبالتالي فلا حق للطاعن الثاني فيما يطالب به من تعويض أدبي.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض والقضاء بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي إلى ورثة المرحوم/....... مبلغ 7750 جنيه (فقط سبعة وسبعون ألفاً وخمسمائة جنيه) وبأن يؤدي إلى الطاعن الثاني.... مبلغ 12500 جنيه (فقط اثني عشر ألفاً وخمسمائة جنيه) كتعويض عن الأضرار المادية التي لحقت بهم نتيجة فسخ ومصادرة التأمين ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
ومن حيث إن الحكومة وقد خسرت الطعن فإنها تلزم بمصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض والقضاء بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي إلى ورثة المرحوم... مبلغ 77500 جنيه (فقط سبعة وسبعون ألفاً وخمسمائة جنيه) بأن يؤدي إلى الطاعن الثاني....... مبلغ 12500 جنيه (فقط اثني عشر ألفاً وخمسمائة جنيه) كتعويض عن الأضرار المادية التي لحقت بهم نتيجة فسخ العقد ومصادرة التأمين ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق