جلسة 18 من مايو سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
----------------
(129)
القضية رقم 264 لسنة 18 القضائية
هيئة الشرطة "تأديب"
عدم جواز توقيع جزاءين عن ذنب واحد - أساس ذلك - مثال.
إن قانون هيئة الشرطة رقم 61 لسنة 1964 (وهو القانون الذي يحكم واقعة النزاع) ينص في المادة (120) منه على أن "العقوبات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وعساكر الدرجة الأولى: (1) الإنذار ولا يجوز أن يتكرر توقيعه خلال اثني عشر شهراً، (2) تدريبات زيادة للعساكر فقط (3) خدمات زيادة (4) الحجز بالثكنة (5) الخصم من المرتب مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً بشرط ألا تجاوز مدة الخصم ثلاثين يوماً في السنة الواحدة ولا يجوز أن يتجاوز الخصم ربع المرتب شهرياً بعد الربع الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه قانوناً (6) تأجيل موعد استحقاق العلاوة أو الحرمان منها (7) خفض المرتب (8) خفض الدرجة (9) خفض المرتب والدرجة معاً (10) السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية (11) الفصل من الخدمة دون الحرمان من المكافأة أو المعاش (12) الفصل من الخدمة مع الحرمان من بعض المعاش أو المكافأة بما لا يجاوز الربع. ولرئيس المصلحة توقيع العقوبات المنصوص عليها في البنود من 1 إلى 11 وتختص المجالس العسكرية بتوقيع العقوبات المبينة في البنود من 1 إلى 12 وتكون قرارات التأديب مسببة" كذلك نصت المادة (132) من القانون المشار إليه على أن "يخضع لقانون الأحكام العسكرية والقوانين المكملة له الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية والكونستبلات والمساعدون وضباط الصف وعساكر الدرجة الأولى ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم" ويستبين مما تقدم أن المشرع في المادة (120) المشار إليها قد عين الجزاءات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وعساكر الدرجة الأولى في اثني عشر بنداً أوردها في ترتيب تصاعدي من حيث تغليظ العقوبة وناط برئيس المصلحة توقيع العقوبات المنصوص عليها في البنود من 1 إلى 11 وأقصى تلك العقوبات هي عقوبة الفصل من الخدمة دون الحرمان من المكافأة أو المعاش وذلك بحسب تقديره لدرجة جسامة الذنب وما يستأهل من عقوبة في حدود النصاب القانوني.
ويتعين بادئ ذي بدء التنبيه إلى أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على عدم جواز معاقبة العامل عن الذنب الواحد مرتين بجزاءين أصليين لم ينص القانون على جواز الجمع بينهما أو بجزاءين لم يقصد القانون إلى اعتبار أحدهما تبعياً للآخر وإذا وقع جزاء تأديبي على عامل عن فعل ارتكبه فلا وجه بعد ذلك لتكرار الجزاء التأديبي عن ذلك الفعل ما دام هو بعينه الذي جوزي عنه من قبل وهذا المبدأ الذي استقرت عليه هذه المحكمة يقوم بطبيعة الحال إذا توالت القرارات التأديبية بمجازاة العامل عن ذات الفعل الواحد غير المستمر فتبطل تلك القرارات دون القرار الأول الصادر بتوقيع العقوبة باعتبار أن مصدرها قد استنفذ سلطته بتوقيع الجزاء من قبل، كذلك يبطل القرار التأديبي إذا اشتمل على عقوبتين أصليتين - عن ذات الفعل - ليس من بينهما أشد العقوبات التأديبية التي يملك توقيعها مصدر القرار أما إذا كان القرار التأديبي صادراً بمجازاة العامل عن فعل واحد بعقوبتين أصليتين وكانت إحدى العقوبتين أشد العقوبات التأديبية التي يملك توقيعها مصدر القرار ففي هذه الحالة تكون نية مصدر القرار قد اتجهت من واقع الحال - إلى توقيع هذه العقوبة الأشد باعتبارها أقصى العقوبات التأديبية التي يملك توقيعها مصدر القرار، ويكون القرار التأديبي فيما يتعلق بتلك العقوبة التأديبية سليماً ويبطل فيما تضمنته من عقوبة أو عقوبات تأديبية أخرى إذ لا جدوى في مثل هذه الحالة من إلغاء القرار التأديبي برمته ليعود الأمر ثانية إلى ذات السلطة التأديبية التي سبق أن أفصحت عن نيتها فتصر على توقيع أشد العقوبات التأديبية وتعود بذلك المنازعة في دورة أخرى لا مسوغ لتكرارها.
وفي خصوصية النزاع الماثل فإن نية مصدر القرار المطعون فيه قد انصرفت إلى مجازاة المدعي بعقوبة الفصل من الخدمة دون الحرمان من المكافأة أو المعاش إذ أنها أقصى العقوبات التأديبية التي يملك توقيعها رئيس المصلحة طبقاً للمادة (120) المشار إليها غير أن مصدر القرار المطعون فيه قد أضاف إلى هذا الجزاء التأديبي جزاءً آخر وهو سجن المدعي 168 ساعة وما كان يجوز له توقيع هذا الجزاء الأخير بعد أن استنفذ سلطته بتوقيع أشد الجزاءات التأديبية ومن ثم فإن مخالفة القانون في القرار المطعون فيه إنما تنصب على هذا الجزاء الأخير وحده دون جزاء الفصل من الخدمة الذي يبقى سليماً ومتفقاً والقانون منظوراً في ذلك أن المدعي وهو من رجال الشرطة ومنوط به حفظ الأمن وحراسة الأموال والممتلكات من خطر المجرمين واللصوص قد أخل بواجبه إخلالاً خطيراً وتردى في الهاوية إلى أبعد الحدود وشرع في اختلاس بعض المهمات المنوط بحراستها ولا جدال أن تلك الأسباب التي قام عليها قرار فصل المدعي مستمدة من أصول تنتج القرار مادياً وقانوناً.
ومن حيث إنه متى كان ذلك ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى رفض الدعوى يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون الطعن عليه على غير أساس سليم من القانون يتعين الحكم برفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق