جلسة 23 من نوفمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين أنس، هاشم قراعه، مرزوق فكري، وواصل علاء الدين.
--------------------
(184)
الطعن رقم 25 لسنة 51 القضائية
(1) أحوال شخصية "إجراءات الطعن بالنقض".
إجراءات الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. خضوعها للمادتين 1، 8 مرافعات قديم، 255 من قانون المرافعات الحالي. عدم التزام الطاعن بإيداع صورة رسمية من الحكم المطعون فيه. م 255 مرافعات المعدلة بالقانون 218 لسنة 1980.
(2) أحوال شخصية "طلاق" "إشهار الطلاق" "توثيق الطلاق".
اتفاق فقهاء الشريعة الإسلامية على عدم استلزام توثيق الطلاق عند وقوعه أو لإثباته. اختلافهم في اشتراط الإشهار على الطلاق. وجوب إشهار الطلاق لدى الموثق المختص م 5 مكرر ق 25/ 929 معدل بالقانون 44/ 979. هدفه. عدم سريان آثار الطلاق بالنسبة للزوجة إلا من تاريخ علمها به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 380 لسنة 1979 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بإثبات طلاقه لها على الإبراء. وقالت بياناً لدعواها إنها زوجته بصحيح العقد وإذ دب الخلاف بينهما وأبى أن يرد إليها جهازها فقد عرضت عليه أن يطلقها على الإبراء فطلقها على ذلك بتاريخ 25/ 7/ 1979 على يد المأذون الشرعي وبحضور شهود إلا أنه لم يوقع على وثيقة الطلاق ومن ثم فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 26/ 1/ 1980 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن زوجها الطاعن طلقها على الإبراء ثم امتنع عن التوقيع على وثيقة الطلاق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 15/ 11/ 1980 بإثبات طلاق الطاعن للمطعون عليها بتاريخ 25/ 7/ 1979 طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 21 لسنة 23 ق أحوال شخصية "نفس" المنصورة، وفي 15/ 2/ 1981 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن تأسيساً على أن الطاعن لم يودع عند التقرير به صورة رسمية من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه في أسبابه طبقاً لنص المادة 881 من قانون المرافعات القديم التي تحكم إجراءات الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة الثالثة من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 والتي كان من شأنها بقاء إجراءات الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية خاضعة لحكم المادتين 432، 881 من قانون المرافعات القديم وقد ألغيت بقانون السلطة القضائية الحالي رقم 46 لسنة 1972، فإن هذه الإجراءات تخضع اعتباراً من تاريخ العمل به لحكم المادة 881 سالفة الإشارة والتي أبقى عليها القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات الحالي والمادة 255 منه والتي حلت محل المادة 342 من قانون المرافعات القديم. لما كان ذلك وكانت المادة 255 المشار إليها بعد تعديلها بالقانون رقم 218 لسنة 1980 لا تلزم الطاعن بإيداع صورة رسمية من الحكم المطعون فيه ومن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه في أسبابه، فإن الدفع ببطلان الطعن لعدم قيامه بإيداع هذه الصورة رغم التقرير به في تاريخ لاحق للعمل بهذا القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ويقول في بيان ذلك إن الحكم عول في قضائه بإثبات طلاقه للمطعون عليها على الوثيقة المؤرخة 25/ 7/ 1979 وما شهد به شاهداها وأطرح دلالة. ما قدمه من بينة على عدم وقوع الطلاق في حين أن الإشهاد لا يتضمن سوى المعارضة من جانب الزوجة مقابل حصولها على الطلاق بغير قبول منه لهذا العوض فلم يتم الطلاق لعدم مصادفة الإيجاب من جانبها قبولاً من جانبه وأنها تعمدت إدخال شهود الواقعة خصوماً في الدعوى توصلاً لسماع شاهديها اللذين أدليا بأقوال تؤدي إلى نتيجة غير سائغة كما أنها اختلفت مع والدها بشأن تحديد اليوم الذي وقع فيه الطلاق المدعى به ولم تجب على إنذار الطاعة بما يفيد انقضاء الزوجية وقد توقع جزاء على المأذون الذي حرر وثيقة الطلاق وهو ما ينفي وقوع هذا الطلاق ويعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في اشتراط الإشهاد على الطلاق - فبينما أوجبه البعض ذهبت الغالبية إلى أنه ليس شرط لوقوعه لأن الأمر به في قوله تعالي "فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم". هو للندب لا للوجوب، غير أن أحداً منهم لم يستلزم لوقوع الطلاق أو ثبوته أن يكون موثقاً. لما كان ذلك، وكان ما نصت عليه المادة الخامسة مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 44 لسنة 1979 من وجوب مبادرة المطلق إلى توثيق إشهار طلاقه لدى الموثق المختص لم يهدف - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - إلى وضع قيد على حق الطلاق الذي أسنده الله تعالي للزوج أو على جواز إثباته قضاء بكافة الطرق وإنما هدف إلى مجرد عدم سريان آثاره بالنسبة للزوجة إلا من تاريخ علمها به، فإنه لا على محكمة الموضوع إذا استمعت إثباتاً للطلاق لمدعى به إلى غير الشهود الموقعين على الوثيقة المحررة عنه. لما كان ما تقدم، وكان للقاضي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة في الترجيح بين البيانات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، ولما كان الحكم المطعون فيه إذ اعتد بما شهد به شاهدا المطعون عليها من أن زوجها الطاعن طلقها على الإبراء وأطرح ما ساقه الطاعن من بينة للنفي ورتب على ذلك قضاءه بإثبات هذا الطلاق، فإن ما ينعاه الطاعن عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي على غير أساس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق