جلسة 15 من مارس سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، ومحمد الباجوري، ومحمود رمضان، وإبراهيم فراج.
---------------
(150)
الطعن رقم 969 لسنة 44 القضائية
(1) وكالة "نطاق الوكالة" نقض.
التوكيل العام الصادر من أجنبي لزوجته لإدارة أمواله والتصرف فيها واتخاذ كافة الإجراءات للمحافظة عليها. مؤداه. جواز مباشرتها إجراءات الدعاوى أمام المحاكم بما فيها محكمة النقض.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". نظام عام. نقض.
قواعد تحديد أجرة الأماكن. تعلقها بالنظام العام. جواز إثارتها في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) دعوى "الطلبات في الدعوى". نقض "السبب الجديد". عقد. بطلان.
تنازل المدعي أمام محكمة أول درجة عن طلب بطلان العقد. عدم جواز إثارته من بعد أمام محكمة النقض.
(4) وكالة. إثبات.
المحرر العرفي الموقع من الوكيل حجة على الأصيل في تاريخه ولو لم يكن ثابتاً طالما لم يقم الدليل على عدم صحته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1070 لسنة 1930 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها بطلب الحكم بإلزامها أن تدفع له مبلغ 541 جنيهاً و700 مليماً أجرة الشقة رقم 20 من المنزل رقم 2 ( أ ) بشارع أحمد سعيد بالقاهرة عن المدة من 1/ 6/ 1965 حتى 30/ 11/ 1970 وما يستجد حتى الحكم في الدعوى بواقع الأجرة الشهرية مبلغ 5 جنيهات و396 مليماً، وقال شرحاً لها أنها أجر تلك الشقة إلى زينب محمد أحمد وحصل على حكم من القضاء المستعجل بطردها، فاستشكلت المطعون عليها في التنفيذ بدعوى أنها تستأجرها من وكيله بموجب عقد مؤرخ أول ديسمبر سنة 1960 لقاء أجرة قدرها خمسة جنيهات شهرياً، وإذ أقر الوكيل بصورية هذا العقد والإيصالات الصادرة منه والتي تفيد سدادها الأجرة حتى مايو سنة 1965 وتقاعست عن سداد الأجرة بواقع 5 جنيهات و796 مليماً شهرياً أسوة بباقي المستأجرين رغم إنذارها بتاريخ 20/ 11/ 1966 فقد أقام دعواه وبتاريخ 30/ 1/ 1971 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 351 جنيهاً و900 مليماً، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1293 السنة 88 ق القاهرة بطلب إلغائه ورفض الدعوى، وبتاريخ 25/ 4/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بندب مكتب الخبراء لبيان الأجرة القانونية المستحقة في المدة من 1/ 6/ 1965 حتى 1/ 11/ 1970 وما سددته المطعون عليها للطاعن أو من ينوب عنه قانوناً وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت في 30/ 6/ 1974 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة وفي الموضوع برفضه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من التوكيل الصادر من الطاعن لزوجته والذي بمقتضاه وكلت المحامي الذي أودع صحيفة الطعن أنه توكيل عام محرر في أديس أبابا عاصمة أثيوبيا في 31/ 12/ 1964 ومصدق عليه من سفارة جمهورية مصر العربية بمقتضاه وكل الطاعن - السعودي الجنسية - زوجته "توكيلاً عاماً مطلقاً في إدارة أمواله وممتلكاته الموجودة بالجمهورية العربية المتحدة الثابتة منها والمنقولة الموجودة حالياً والتي ستكون مستقبلاً بما فيها البيع والشراء والرهن ولها اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للمحافظة عليها واستلام المبالغ المستحقة لدى كافة الدوائر والجهات الحكومية والأهلية وعلى العموم بها كافة الاختصاصات كشخصه تماماً وأذنتها توكيل الغير في كل أو بعض ما ذكر"، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا لم يكن التوكيل صريحاً في تخويل المحامي أن يطعن نيابة عن الموكل بطريق النقض، فللمحكمة أن تحصل ذلك من عبارة التوكيل والملابسات التي حرر فيها، لما كان ذلك وكانت عبارات التوكيل على النحو الذي سلف بيانه تدل على أن الطاعن فوض زوجته إدارة كافة أمواله والتصرف فيها، وأنه وكلها في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ عليها فإن صدور التوكيل الخارج ومن شخص غير مصري ليس له دراية بإجراءات التقاضي في مصر يشير إلى أن نطاق التوكيل العام يرخص لزوجة الطاعن ووكيله في توكيل محامين نيابة عنه لمباشرة إجراءات الدعاوى أمام المحاكم بمختلف درجاتها ومنها محكمة النقض ويكون الدفع في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني والوجه الثاني من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاؤه بتخفيض أجرة الشقة المؤجرة على سند من خضوعها لأحكام قوانين إيجارات الأماكن أرقام 168، 169 لسنة 1961، 7 لسنة 1965 في حين أن الدعوى رفعت بطلب المتأخر من الأجرة ومسألة تحديد الأجرة القانونية لم تعرض على محكمة أول درجة ولم تكن محل نزاع. وإذ تصدى الحكم المطعون فيه لهذه المسألة وفصل فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم وفوت عليه درجة من درجات التقاضي هذا إلى أن الحكم لم يبين نطاق تطبيق كل من التشريعات الاستثنائية المتعاقبة التي أعمل تقرير الخبير حكمها ومجالها. بالإضافة إلى أنه لم يتثبت من صحة إجراءات إيداع المبالغ التي أودعتها المطعون عليها، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحديد أجرة الأماكن طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات من مسائل النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وكل نزاع بهذا الشأن متى كان لازماً للفصل في الدعوى لا يعد طلباً جديداً في الاستئناف إذ يجوز إثارته في أي مرحلة من مراحل التقاضي ولو لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه والحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 25/ 4/ 1972 أن المطعون عليها أجابت على الدعوى بأن وكيل الطاعن أجر إليها شقة النزاع في أول ديسمبر سنة 1960 لقاء أجرة شهرية قدرها خمسة جنيهات، وأنها قامت بسدادها بموجب إيصالات تفاوتت مقاديرها وفقاً لقوانين التخفيض المتتالية، وأنها كانت توفيها طبقاً لأحكامها، وكان التعرف إلى حقيقة الأجرة القانونية والقدر الذي لم توف به المطعون عليها أمراً لازماً لإمكان الفصل فيما لا يطلبه الطاعن من أجرة متأخرة، فإن الحكم المطعن فيه إذ عرض لبحث الأجرة القانونية وحقق النزاع حولها وأعمل قوانين التخفيض المتعلقة بالنظام العام والتي أوردها تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، يكون قد التزم صحيح القانون. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين وجه اعتراضه على الحكم في تطبيقه للتخفيضات التي قررتها تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية، كما لم يوضح أي من إجراءات إيداع الأجرة التي تمت على خلاف القانون، وأثر ذلك على النحو الذي يكشف عن قصده، فإن اعتراضه في هذا الشق يكتنفه الغموض والتجهيل، ويكون النص على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي في الوجه الأول من السبب الثالث وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه قدم لمحكمة الموضوع إقراراً من وكيله الذي تعاقد مع المطعون عليها أنه أثبت في العقد أجرة لا تتناسب مع الوحدات الأخرى بالعقار كيداً له بسبب عزله من الوكالة، بما يفيد أن المطعون عليها لا تقيم في العين بناء على سند قانوني، وإذ لم يعرض الحكم لدلالة هذا الإقرار فإنه يكون مشوباً بالقصور هذا إلى أن الحكم عول في قضائه بوفاء الأجرة على الإيصالات الصادرة من وكليه المعزول بسبب تكشف خيانته رغم أنها ليست ثابتة التاريخ فلا يحاج بها وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان البين من مدونات حكم محكمة أول درجة أن الطاعن تنازل عن طلب بطلان عقد الإيجار الذي أبرمه وكيله واقتصر على طلب المتأخر من الأجرة، فإن إثارته لهذا الدفاع يعتبر سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت الأوراق خلواً مما يفيد أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع في طلب حازم صريح بصورية الإيصالات الصادرة من وكيله المعزول، وكان ما نسبه إلى وكيله من اختلاس ريع العقار لا ينفي سداد المطعون عليها المبالغ المثبتة في الإيصالات والتي تسلمها الوكيل، وكان الأصيل لا يعتبر من الغير بالنسبة إلى المحرر العرفي الذي وقعه نائبه أياً كانت صفته في النيابة ويكون المحرر حجة عليه وفق المادة 15 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، فإن إيصالات سداد الأجرة محل النعي تكون حجة على الطاعن في تاريخها ولو لم يكن ثابتاً، طالما لم يقم الدليل على عدم صحة هذا التاريخ باعتباره طرفاً فيها بواسطة وكيله، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق