جلسة 28 من فبراير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الخولي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم ودرويش عبد المجيد.
--------------
(127)
الطعن رقم 857 لسنة 46 القضائية
دعوى. بيع. حكم. نقض. "الطعن بالنقض".
ضم الدعوى بصحة ونفاذ عقد البيع إلى دعوى الخصم تثبيت ملكيته لذات العين المبيعة لصورية هذا العقد الصادر من مورثه. الحكم بصحة العقد وبإعادة الدعوى الأخرى للمرافعة. قضاء المحكمة الاستئنافية في الاستئناف المرفوع عن هذا الشق بإلغاء الحكم المستأنف. قضاء غير منه للخصومة كلها. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض استقلالاً. م 212 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم رقم 1362 لسنة 1971 مدني كلي أسيوط قائلين أن المرحوم... مورثهم ومورث المطعون ضدهم - باع لهم أرضاً زراعية مساحتها فدان وقيراطان لقاء ثمن مقداره من ثلاثمائة جنيه قبضه حال انعقاد العقد، وأنه إذا كان البائع وورثته من بعده قد تخلفوا عن اتخاذ إجراءات التسجيل لنقل ملكية العقار المبيع إليهم فقد أقاموا هذه الدعوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليهم في 15 من يناير سنة 1968 عن فدان وقيراطين أرضاً زراعية مبينة بهذا العقد وصحيفة الدعوى مقابل ثمن مقداره ثلاثمائة جنيه. طعن المطعون ضدهم على هذا العقد بالصورية بطريقة التستر باعتبار أن العقد وإن كان ظاهره البيع إلا أنه ينطوي في حقيقته على وصية لوارث، وقالوا بياناً لدفاعهم إن المورث المقال بصدور البيع منه رزق بأبنائه الطاعنين من زوجة أخرى خلاف أمهم ولقد آثرهم عليهم بأن حرر لهم ثلاثة عقود بيع استغرقت ممتلكاته جميعها كان أحدها العقد محل التداعي وثانيها صدر بشأنه حكم التصديق على الصلح أثناء حياة المورث في الدعوى رقم 63 لسنة 1961 مدني جزئي ديروط وثالثها رفعت عنه دعوى بطلب صحته ونفاذه لم تزل منظورة أمام محكمة ديروط الجزئية وإنه لكون هذه العقود صورية قصد بها حرمانهم من الميراث فقد أقاموا الدعوى رقم 515 لسنة 1972 مدني كلي أسيوط طالبين الحكم بتثبيت ملكيتهم لنصيبهم الميراثي فيما خلفه المورث من عقارات دون اعتداد بعقود البيع الصورية الصادرة إلى الطاعنين. وإزاء هذا الدفاع أمرت المحكمة الابتدائية بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وكانت دعوى ثبوت الملكية قد جرى مطلبها على النحو الذي أبانه المطعون ضدهم، ومن بعد الضم طلب الطاعنون رفض دعوى تثبيت الملكية استناداً إلى أن عقود البيع الصادرة إليهم من المورث ومن بينها العقد محل الدعوى رقم 1363 لسنة 1971 صحيحة شملت كافة ممتلكاته وبذلك لا يكون قد خلف تركة تورث عنه، بينما أصر المطعون ضدهم على الطعن بصورية هذه العقود. وبتاريخ 16 إبريل سنة 1973 قضت المحكمة قبل الفصل في موضوع الدعويين بالإحالة إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم أن التصرف المحرر عنه عقد البيع المؤرخ 15/ 1/ 1968 موضوع الدعوى رقم 1363 لسنة 1971 مدني كلي أسيوط والتصرف الآخر الوارد بعقد البيع الصادر بشأنه حكم التصديق على الصلح في الدعوى رقم 63 لسنة 1961 مدني جزئي ديروط ليسا في الحقيقة تصرفين منجزين بل يخفيان وصية. وبعد أن باشرت المحكمة التحقيق قضت بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1974 (أولاً) في الدعوى رقم 1363 لسنة 1971 مدني كلي أسيوط بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 1/ 1968. (ثانياً) وفي الدعوى رقم 515 لسنة 1972 بإعادتها إلى المرافعة لجلسة 27 من يناير سنة 1975 استأنف المطعون ضدهم لدى محكمة استئناف أسيوط الحكم الصادر في الدعوى رقم 1363 لسنة 1971 مدني كلي استئناف أسيوط طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 42 لسنة 50 ق، وبتاريخ 16 من يونيو سنة 1976 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأبدت النيابة العامة الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كان النص في المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري" مفاده - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما قد يترتب على ذلك من تعويق الفصل في موضوع الدعوى، وما ينجم عنه حتماً من زيادة نفقات التقاضي، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر بإلغاء قضاء محكمة أول درجة في الدعوى رقم 1363 لسنة 1971 مدني كلي أسيوط وبرفض دعوى الطاعنين بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 1/ 1968 على سند من القول بأن البيع صوري يستر وصية، وكان هذا الحكم لا تنتهي به الخصومة الأصلية كلها المرددة بين طرفي التداعي في مطلب القضاء بتثبيت ملكية المطعون ضدهم لأنصبتهم الميراثية في العقارات المخلفة تركته عن مورث الطرفين موضوع الدعوى رقم 515 لسنة 1972 مدني كلي أسيوط والتي ضمت إليها دعوى صحة ونفاذ عقد البيع، ولئن كان الأصل أن ضم الدعويين المختلفين سبباً وموضوعاً تسهيلاً للإجراءات لا يترتب عليه أن تفقد كل منها استقلالها ولو اتحد الخصوم فيها إلا أنه لما كانت دعوى صحة التعاقد الصادر فيها الحكم المطعون فيه لا تعدو في الحقيقة إلا أن تكون دفاعاً وارداً في دعوى ثبوت الملكية قوامة أن تصرف المورث للطاعنين بعقد البيع حال حياته هو تصرف صحيح منجز من شأنه أن يخرج القدر المبيع من تركته ولا يعتبر مالاً موروثاً عنه بما مؤداه أن يكون النزاع الدائر حول الملكية هو أساس المنازعة في الدعويين، وينبني على ذلك اندماج دعوى صحة ونفاذ عقد البيع في دعوى ثبوت الملكية وفقدان كل منهما استقلالها عن الأخرى وصيرورتها خصومة واحدة، ويصبح الاعتداد في خصوص الطعن بالحكم المنهي للخصومة كلها في دعوى ثبوت الملكية، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون منه للخصومة كلها كذلك فإنه ليس من الأحكام التي - استثنتها - على سبيل الحصر - المادة 212 من قانون المرافعات ومن ثم يكون الطعن فيه على استقلال غير جائز مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق