جلسة 26 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وصبحي رزق داود.
---------------
(181)
الطعن رقم 78 لسنة 47 القضائية
(1 - 3) إيجار. حكم "ما يعد قصوراً". عقد "تفسير العقد".
(1) الاتفاق على تأجير العين لاستعمالها محلاً للحلوى. تفسير هذا الاتفاق بقصره على الاتجار فيها دون تصنيعها. عدم بيان الحكم. سنده في هذا التخصيص. قصور.
(2) إخلاء المستأجر لتغييره الغرض من الاستعمال. شرطه. أن يلحق بالمؤجر ضرر. لا يكفي مجرد النص في العقد على منع المستأجر من إجراء أي تغيير.
(3) طلب إخلاء المستأجر للتغيير في الغرض من استعمال العين المؤجرة. تمسكه بموافقة المؤجر ضمناً على هذا التغيير بسكوته مدة ست سنوات دون اتخاذ أي إجراء. إغفال الحكم بحث هذا الدفاع. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني بصفته وكيلاً عن زوجته المطعون ضدها الأولى أقام الدعوى رقم 27 لسنة 1975 مدني كلي كفر الشيخ طالباً الحكم بإخلاء الطاعن من العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وتسليمها له، وقال شرحاً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 4/ 1968 استأجر الطاعن منه بصفته عين النزاع بقصد استعمالها محلاً للحلوى إلا أنه امتنع عن سداد الضرائب الأصلية والإضافية المستحقة عليها وقام بتغيير وجه الاستعمال بأن أقام بداخلها مصنعاً للحلوى يدار بالآلات الكهربائية مما ألحق الضرر بها وبالجيران، وبتاريخ 27/ 1/ 1975 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعن من العين المؤجرة وتسليمها خالية للمطعون ضده الثاني بصفته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 6 لسنة 9 ق طنطا مأمورية كفر الشيخ "وبتاريخ 21/ 12/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم فسر عبارة العقد المبينة للغرض من التأجير وهو استعمال العين المؤجرة محلاً للحلوى على خلاف معناها الواضح بأن قصر مدلولها على مجرد الاتجار في الحلوى دون أن يبين مصدر هذا التخصيص وقضى بإخلائها لتغييره وجه الاستعمال باستغلالها في تصنيع الحلوى وذلك دون أن يتحقق من ترتب الضرر عليه بدعوى أن النص في العقد على الشرط المانع يجعل الضرر متوافراً لمجرد إحداث التغيير، ودون أن يمحص دفاعه القائم على أن المؤجرة - المطعون ضدها الأولى - علمت بهذا الوجه من الاستعمال تبعاً لإقامتها مع زوجها المطعون ضده الثاني في ذات المبنى ومع ذلك سكتت عنه لمدة طويلة مما يقيد موافقتها عليه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 150 من القانون المدني، أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة الدلالة على قصد المتعاقدين فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادتهما، أما إن شابها الغموض فلقاضي الموضوع السلطة التامة في تفسيرها ليستخلص منها إرادة المتعاقدين على الوجه الذي يؤدى إليه اجتهاده، ولا رقابة عليه في ذلك ما دام لم يخرج تفسيره لعبارات العقد عن المعنى الذي تحتمله. وكان الثابت أن عقد الإيجار موضوع الدعوى تضمن نصاً على أن الغرض من التأجير هو استعمال العين المؤجرة محلاً للحلوى، وقد اختلف الطرفان حول ما إذا كانت هذه العبارة تؤخذ على معناها المطلق، فتشمل أوجه النشاط المتعلقة بالحلوى من تصنيع واتجار، أم تخصص وتقصر على الاتجار فيها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم المستأنف فيما أقام عليه قضاءه من تغيير الطاعن للغرض من التأجير بإقامته مصنعاً للحلوى في العين المؤجرة، رغم عدم إيراده الأسباب المؤدية إلى تخصيص العبارة المختلف على معناها وقصر مدلولها على الاتجار في الحلوى دون تصنيعها يكون قد خصص عبارة العقد دون مخصص. لما كان ذلك، وكان يشترط لقيام حق المؤجر في طلب إخلاء العين المؤجرة تبعاً لإجراء المستأجر تعديلات أو تغييره من استعمالها وفقاً لنص الفقرة "ج" من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يلحق المؤجر ضرر من جراء ذلك، وأنه لا يغني عن التحقق من توافره النص في العقد على منع المستأجر من إجراء هذه التعديلات، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح دفاع الطاعن القائم على عدم ترتب أية أضرار على استغلاله العين المؤجرة في تصنيع الحلوى، على سند من أن تضمين العقد حظراً على المستأجر من إدخال تعديلات على العين المؤجرة يكفي لقيام حق المؤجر في طلب الإخلاء، يكون قد حجب نفسه عن تمحيص دفاع جوهري للطاعن. لما كان ما تقدم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام استئنافه على علم المطعون ضدها الأولى ووكيلها المطعون ضده الثاني باستعمال العين المؤجرة في صنع الحلوى، تبعاً لإقامتهما في المبنى الكائن به المحل المؤجر، وسكوتهما عن اتخاذ أي إجراء طيلة ست سنوات، مما يفيد موافقتهما ضمناً على هذا الاستعمال، فإن الحكم إذ لم يعتد بهذا الدفاع تأسيساً على أن موافقة المطعون ضده الثاني على تعديل شروط العقد الذي أبرمه بصفته وكيلاً عن زوجته المطعون ضدها الأولى تقتضي صدور توكيل خاص له بذلك، يكون قد قصر عن مواجهة حقيقة ما أثاره الطاعن في دفاعه من أن الموافقة الضمنية على وجه الاستعمال المرفوض تمت أيضاً من جانب المطعون ضدها الأولى وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. ولما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق