جلسة 22 من يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، حسن النسر، منير عبد المجيد ومحمد إبراهيم خليل.
-----------------
(50)
الطعن رقم 738 لسنة 45 القضائية
(1) بطلان. خبرة.
إثبات الخبير بمحضر أعماله دعوته للخصوم بكتب مسجلة عدة مرات. عدم التزامه بإرفاق إيصالات البريد. خلو الأوراق مما يفيد عدم وصول الإخطار للخصم. لا بطلان.
(2) التزام. حراسة.
التزامات الحارس القضائي. وجوب بذله عناية الرجل المعتاد. عدم جواز احتجاجه بأنه لم يحصل شيئاً من أجرة الأطيان محل الحراسة في مواعيدها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 549 لسنة 1970 المنيا الابتدائية، بطلب إلزام الطاعن تقديم كشف حساب مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له عن إدارته أطيانهم في المدة من أول سنة 1965 حتى آخر سنة 1969 لبيان صافي ما يستحقونه في تلك المدة، وإلا يندب مكتب الخبراء لحسابه تمهيداً للقضاء لهم بنتيجة الحساب الصحيح. وقالوا شرحاً للدعوى، إنهم يمتلكون 13 ف و9 ط و15 س أطياناً زراعية بناحية بلنصورة مركز أبو قرقاص محافظة المنيا ضمن وقف المرحوم مصطفى حسن المنشاوي البالغ مساحته 149 ف و11 ط و20 س والذي عين الطاعن حارساً قضائياً عليه، فتسلم تلك الأطيان ووضع يده عليها واستغلها لنفسه ومنع عنهم ريعها، وإنه سبق الحكم لصالحهم في الاستئناف رقم 148 لسنة 4 ق بني سويف بإلزام الطاعن بأن يدفع لكل منهم المبلغ الذي استحقه من ريع المدة من سنة 1961 حتى سنة 1964، وإذ استجد لهم ريع الفترة التالية حتى آخر سنة 1969، تاريخ استلامهم الأطيان المملوكة لهم بموجب حكم لجنة القسمة فقد أقاموا الدعوى بالطلبات المتقدمة. وبتاريخ 5/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم. وبعد أن قدم كل من الخبير الزراعي والحسابي تقريره، عادت فحكمت بتاريخ 20/ 3/ 1974 بإلزام الطاعن بأن يدفع لهم مبلغ 1773 ج و250 م. استأنف الطاعن هذا الحكم، وقيد استئنافه برقم 216 لسنة 10 ق بني سويف وبتاريخ 23/ 4/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجوه ثلاثة، الثاني منها أنه دفع ببطلان تقرير الخبير تأسيساً على أنه لم يوجه إليه الدعوة للحضور أمامه طبقاً للمادة 146 من قانون الإثبات، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع لما أثبته الخبير في محاضر أعماله من أنه قام بتوجيه الدعوة إليه دون أن تتحقق المحكمة من صحة ما أثبته، بضم إيصال تسجيل الدعوة بالبريد أو دفتر صادر مكتب الخبراء إلى البريد، فجاء حكمها معيباً بالقصور في التسبيب لأن العبرة ليست بما أثبته الخبير في محاضر أعماله وإنما بحقيقة الواقع فيها. والأول والثالث منها أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لا يلتزم إلا برد الثمار التي حصلها فعلاً لأن التزام الحارس مماثل لالتزام المودع لديه ولأن الأرض كلها مؤجرة لمزارعين فهو لم يحصل الغالب من ريع سنة 1968 وكذلك ريع سنة 1969 منذ صدور قرار لجنة الفرز والقسمة في 26/ 5/ 1968، كما أن الخبير لم يطلع على مخالصات الوفاء بالأجرة تحت يد المستأجرين إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني غير سديد، ذلك أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه، أن الثابت من تقارير مكتب الخبراء المقدمة أمام محكمة الدرجة الأولى ومحاضر أعمالها، أن الطاعن قد وجهت إليه الدعوة للحضور بكتب مسجلة عدة مرات طبقاً لأحكام القانون فلم يحضر. وكان المشرع لم يوجب على الخبير إرفاق إيصال الخطاب الموصى عليه. وكان إغفال إرفاق هذا الإيصال لا ينفي واقعة الإخطار ذاتها. وكانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد عدم وصول ذلك الإخطار إليه. فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع ببطلان أعمال الخبير لما تقدم، يكون قد التزم صحيح القانون واشتمل على ما يجب بيانه في الرد على ذلك الدفاع بما ينفي عنه شبهة القصور. وهو مردود في وجهيه الأول والثالث، ذلك أن النص في المادة 734/ 1 من القانون المدني على أن "يلتزم الحارس بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه حراستها وبإدارة هذه الأموال، ويجب أن يبذل في كل ذلك عناية الرجل المعتاد"، يدل على وجوب بذله عناية الرجل المعتاد في إدارة الأموال الخاضعة لحراسته وحفظها ولو زادت على عنايته في شئونه الخصوصية، مما يلزمه بتحصيل أجرة الأطيان الموضوعة تحت حراسته في مواعيدها، ولا يجوز له أن يحتج على المطعون عليهم بأنه لم يحصل شيئاً من أجرة هذه الأطيان في مواعيدها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بأسبابه أن الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه سلم الأطيان المذكورة للمطعون عليهم تنفيذاً لحكم القسمة في تاريخ سابق على المدة التي ألزمه الحكم المطعون فيه بريعها، كما أنه لم يقدم المستندات المؤيدة لكشف الحساب المقدم منه إلى محكمة الاستئناف سواء بالنسبة للإيرادات أو المصروفات التي تكاد تستغرق الإيراد، واستدل الحكم من ذلك على عدم جدية هذا الكشف ونزوع الطاعن إلى المغالطة والتسويف، فإن دفاعه المؤسس على أنه لا يلتزم من ريع الأطيان إلا بما حصله من أجرتها، وبأن الخبير كان عليه أن ينتقل إلى أطيان النزاع ويطلع لدى مستأجريها على الثابت بمخالصاتهم عن الأجرة، يكون غير قائم على أساس قانوني صحيح، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي لم ترد على هذا الدفاع، مما يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور، على غير أساس. هذا إلى أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، أقام قضاءه على ما ثبت له من مراجعة تقرير مكتب الخبراء من أنه تأسس على مقدمات سليمة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن رأي الخبير مجرد دليل في الدعوى وعنصر من عناصر الإثبات فيها، يخضع لتقدير محكمة الموضوع وموازنتها بين الأدلة وأنها متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه، فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعن إلى ذلك التقرير، لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه، الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق من وجهين: (أولهما) أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على استحقاق المطعون عليهم لمساحة 13 ف و9ط و15س إسناداً إلى الثابت في الدعوى المضمومة رقم 118 لسنة 4 ق بني سويف المحكوم فيها بين نفس الخصوم عن ذات الريع في مدة سابقة على الفترة موضوع المطالبة في هذه الدعوى والتي لم يثر الطاعن فيها مثل هذه المنازعة في مقدار المستحق لهم من أطيان، في حين أن هذه الدعوى التي استند إليها الحكم المطعون فيه كانت عن مدة سابقة على صدور قرار لجنة القسمة في 26/ 5/ 1968 في المادة 42 لسنة 1965 والذي حدد استحقاق المطعون عليهم بمساحة 11 ف و19 ط و6 س ومن ثم فإن استدلال الحكم بعدم منازعته في مقدار الاستحقاق بالدعوى السابقة يكون على غير أساس مما يعيبه بالخطأ في الإسناد. (ثانيها) أن الحكم المطعون فيه أخذ بتقرير الخبير الذي أجرى حساب الريع على أساس أن المطعون عليهم لم يقبضوا من نصيبهم شيئاً، في حين أنهم أقروا في صحيفة الدعوى بأنهم - عدا الأربعة الأول - قبضوا منه الفتات، مما يعيبه بمخالفة مقتضى الإقرار القضائي الصادر من المطعون عليهم المذكورين، فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه وإن كان الطاعن قد أثار في صحيفة استئنافه أن استحقاق المدعين في الوقف حسب قرار لجنة القسمة في المادة 42/ 65 هو 11 ف و9 ط و6 س وليس كما انتهى إليه الحكم طبقاً لتقرير الخبير وللحكم في دعوى الريع السابقة 13 ف و9 ط و15 س، إلا أنه لا يبين من أوراق الطعن أن الطاعن قدم إلى محكمة الموضوع قرار لجنة القسمة الذي حدد استحقاق المطعون عليهم بالقدر الذي يدعيه، كما لا يبين من الحكم المطعون فيه أن هذا المستند كان معروضاً على محكمة الموضوع تأييداً لدفاعه، ومن ثم فلا تثريب على محكمة الاستئناف إن هي استهدت في تحديد القدر الذي يستحقونه بذات القدر موضوع الحكم السابق بالريع، ولا يعيب حكمها أن أوردت ضمن أسبابه أن الطاعن لم يثر منازعة في استحقاق المطعون عليهم للقدر الذي يدعونه في الدعوى السابقة، مع أنها كانت سابقة على حكم القسمة لأن ذلك من الحكم يعتبر فضلة زائدة يستقيم بدونها، والنعي في وجهه الثاني غير مقبول ذلك أن الدفاع الذي يشير إليه الطاعن، من أن بعض المطعون عليهم أقر في صحيفة الدعوى أنه حصل منه على الفتات، يقوم على واقع لم يثبت سبق طرحه على محكمة الموضوع، فلا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق