الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 أبريل 2023

الطعن 70 لسنة 9 ق جلسة 7 / 3 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 40 ص 114

جلسة 7 مارس سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

---------------

(40)
القضية رقم 70 سنة 9 القضائية

وقف. 

متنازع على أصله. أعيانه ليست تحت يد الناظر. قرار تمكين من النظر. حائز أعيان الوقف. عدم اختصامه في قرار التمكين. القرار لا يصلح سنداً للتنفيذ بمقتضاه على الحائز وضع الصيغة التنفيذية عليه. لا يزيده في قوّته. محاولة التنفيذ بمقتضاه. تعرّض في الحيازة. الفصل في ذلك من اختصاص المحاكم الأهلية. قضاؤها بمنع التعرّض ووقف التسليم. لا اعتداء فيه على سلطة المحكمة الشرعية.
(المادة 327 من لائحة المحاكم الشرعية والمادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية)

--------------
إذا صدر قرار بتمكين ناظر من النظر على وقف متنازع على أصله، ولم تكن أعيان الوقف تحت يد الناظر السابق، فإن هذا القرار لا يصلح سنداً للتنفيذ بمقتضاه لاستلام الأعيان جبراً من تحت يد من هي في حيازته ما دام لم يكن مختصماً في قرار التمكين. ووضع الصيغة التنفيذية على هذا القرار ليس فيه ما يزيده في قوّته. فمحاولة التنفيذ بمقتضاه على واضع اليد المذكور إنما هي تعرّض له في الحيازة. والفصل في هذا التعرّض من اختصاص المحاكم الأهلية. فإذا قضت هذه المحاكم بمنع التعرّض ووقف التسليم حتى يصدر حكم به من الجهة المختصة فإن ذلك ليس فيه تعدّ على سلطة المحكمة الشرعية التي أصدرت هذا القرار ما دام قضاؤها لم يكن فيه مخالفة لأي نص من نصوص القرار ولا تأويل لأية عبارة من عباراته.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه وسائر المستندات المقدّمة وكانت من قبل تحت نظر المحكمة الاستئنافية - في أن المرحوم محمد أحمد باشا أودع في 12 من مايو سنة 1929 بدار القنصلية المصرية بباريس وصية محرّرة بخطه لتحفظ بها إلى ما بعد إجراء عملية جراحية نوى إجراءها على أن يكون له حق استردادها إذا شفى. أما إذا توفى فتقدّم الوصية لوزير الأوقاف لتنفيذ مقتضاها. وقد شفى من مرضه بعد العملية واسترد وصيته هذه. وبعد سنة أحس بالمرض يعاوده وبالحاجة إلى عملية ثانية. فعمل وصية أخرى بإشهاد شرعي في 13 من مايو سنة 1930 أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية أورد فيها أنه مقدم على إجراء عملية جراحية، وأنه لهذا يوصي أنه بعد انقضاء حياته يؤخذ من ماله العقارات والنقود التي عينها في إشهاده للأعمال الخيرية التي أشار إليها، وأوصى لمن يكون وزيراً للأوقاف وقت وفاته أو لمن يتولى هذه الوزارة من بعده أن يقف الأعيان الواردة في الإشهاد. وسلم لوزير الأوقاف الصورة الرسمية لإشهاد الوصية كي ينفذ ما بها إذا حصلت الوفاة. ولما شفي من مرضه أرسل إلى الوزارة خطاباً يقول فيه إنه يرغب في سحب الوصية، ولذا يرجو تسليمها إلى كاتبه، وقد سلمت الوزارة الإشهاد إلى الكاتب المذكور.
وفي فبراير سنة 1937 توفى محمد أحمد باشا. وفي 10 من يونيه سنة 1937 تقدّم وزير الأوقاف محمد صفوت باشا للمحكمة الابتدائية الشرعية بصفته منفذاً للوصية سالفة الذكر ووقف الأعيان الواردة بالإشهاد.
وفي 10 من ديسمبر سنة 1938 استصدر وزير الأوقاف الشيخ مصطفى عبد الرازق بك من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في المادة رقم 108 سنة 1938 - 1939 قراراً بتمكينه من النظر على الوقف هذا نصه بعد الديباجة:

"تضمنت الأوراق أن حضرة صاحب السعادة محمد أحمد باشا نجل المرحوم أحمد شهاب الدين نوفل أوصى بمقتضى إشهاد الوصية الصادر من هذه المحكمة في 14 الحجة سنة 1348 الموافق 13 مايو سنة 1930 بأن توقف الأعيان الآتية على الوجوه التي بيّنها بالإشهاد المذكور. وهذه الأعيان هي: (أوّلاً) قطعة أرض فضاء بناحية بلقاس أوّل بمركز شربين بمديرية الغربية بحوض محمد أحمد بك رقم 132 صفحة 14 وصفحة 4 منافع ومساحتها 1048 متراً و16 سنتيمتراً. (وثانياً) مسجد مبني بالطوب الأحمر وملحقاته بعزبة المنيل بحوض السبعين القبلي رقم 53 صفحة 1 بناحية الخلالة بلقاس رابع بمركز شربين مساحته 120 متراً. (وثالثاً) مسجد مبني بالطوب الأحمر وملحقاته بعزبة البساتين بحوض محمود فهمي رقم 57 صفحة 1 بالناحية المذكورة ومساحته 120 متراً. (ورابعاً) قطعة الأرض البالغ قدرها فدانان و12 قيراطاً بناحية بلقاس أوّل بمركز شربين بحوض بحيلة سعد رقم 148 ص 23 وص 28. (وخامساً) الأطيان الزراعية التي قدرها 158 فداناً و5 قراريط و14 سهماً بزمام ناحية بلقاس أوّل بمركز شربين بالأحواض المبينة بالإشهاد. (وسادساً) كل أرض وبناء المنزل رقم 2 بشارع دير البنات بناحية معروف بقسم عابدين محافظة مصر ومساحته 1200 متر المبين كل ذلك بإشهاد الوصية السابق ذكره، وجعل تنفيذ وصيته لمن يكون وقت وفاته وزيراً لوزارة الأوقاف ولكل من يتولى بعده حق تنفيذها. ثم توفى سعادة الوصي ونفذ وصيته حضرة صاحب المعالي محمد صفوت باشا وزير الأوقاف السابق بوقف ما ذكر على جهاته بشروطها بمقتضى الإشهاد الصادر من هذه المحكمة في 10 يونيه سنة 1937 وجعل النظر له ما دام وزيراً للأوقاف ولكل من يتولى هذه الوزارة بعده، ويكون الإشراف على الناظر لأولاد سعادة الموصي وأولاد أولاده وذرّيته طبق ما نص عليه الموصي في كتاب وصيته. وقد زالت صفة حضرة صاحب السعادة محمد صفوت باشا بخروجه من الوزارة، وطلبت وزارة الأوقاف تمكين معالي وزيرها الحالي من النظر على هذا الوقف.


المحكمة

من حيث إن الوقف المذكور مشروط فيه النظر لكل من يتولى وزارة الأوقاف بعد سعادة محمد صفوت باشا وقد زالت صفته بخروجه من هذه الوزارة وتولاها معالي الأستاذ الشيخ مصطفى عبد الرازق بك وقد طلب تمكينه من النظر على الوقف المذكور تنفيذاً لما شرط الواقف ويجاب في مثل هذا الطلب لما طلب. لهذا مكنا حضرة صاحب المعالي الأستاذ مصطفى عبد الرازق وزير الأوقاف من النظر على الوقف المذكور بصفته ما دام وزيراً للأوقاف ليدير شئونه طبق شروط الواقف".
كما هو نص قرار التمكين. وقد ذيل هذا القرار بالصيغة التنفيذية.
ثم أعلن لورثه المرحوم محمد أحمد باشا. وجاء في صيغة الإعلان إليهم على لسان المحضر ما يأتي:
"أعلنت كلاً منهم بصورة من قرار النظر الصادر من محكمة مصر الابتدائية الشرعية بتاريخ 30 ديسمبر سنة 1938 في المادة رقم 108 سنة 1938 - 1939 للعلم بما فيه وتنفيذه ونبهت عليهم بتسليم وزارة الأوقاف أعيان وقف محمد أحمد باشا الذي تقرّر إقامة معالي الطالب عليه بدون معارضة وذلك في ظرف أربع وعشرين ساعة تمضي من تاريخه وإلا اتخذت الإجراءات".
فرفعت الست حميدة يوسف أحمد نوفل (المطعون ضدّها الأولى) وهي إحدى الورثة الدعوى المستعجلة رقم 730 سنة 1939 وأعلنت فيها قلم محضري محكمة عابدين الجزئية ووزير الأوقاف وباقي الورثة طالبة الحكم بصفة مستعجلة ببطلان التنبيه المعلن إليها من وزارة الأوقاف وبمنع تعرّض هذه الوزارة لها في حيازتها للأعيان الواردة بقرار التمكين والتي هي ملكها مع باقي الورثة ومنع تنفيذ هذا القرار مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وأسست طلبها - كما جاء بصحيفة دعواها - على أن ما أشار إليه التنبيه المعلن إليها غير صحيح فلا يوجد قرار نظر ولا يوجد وقف، وإنما الذي أشار إليه الإعلان وصُدرت ورقة الإعلان بصورة منه هو ادعاء وزارة الأوقاف أن المرحوم محمد أحمد باشا أوصى بأعيان لجهات خير واختار وزارة الأوقاف لتنفيذ الوصية بوقف هذه الأعيان، وأن الوزارة وقفت فعلاً هذه الأعيان تنفيذاً للوصية ثم طلبت تمكين وزيرها من النظر فصدر قرار بتمكينه وهو المعلن إليها، والمدّعية لا تقرّ الوزارة على أن هناك وصية وعلى أن الموصي مات مصراً عليها وعلى أن الجهات الموصى لها موجودة فعلاً يصح الإنفاق عليها. وإنه فضلاً عن ذلك فإن قرار التمكين لم يصدر في وجه المدّعية ولا في وجه أحد من الورثة، وليست له قوّة الأحكام حتى يصح نفاذه بحكم الصيغة التنفيذية التي ذيل بها، وإنها ترى في هذا الإعلان تعرّضاً لها في حيازتها للأعيان المخلفة لها عن المرحوم محمد أحمد باشا وهي من ورثته وتخشى خطأ قلم المحضرين وقبوله تنفيذ قرار التمكين المعلن إليها، فهي لهذا - في نطاق المادة 28 من قانون المرافعات وخشية فوات الوقت - ترفع الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة ليمنع عنها هذا الأذى الذي عرضها إليه إعلان وزارة الأوقاف.
وبتاريخ 12 من مارس سنة 1939 وفي أثناء نظر الدعوى المذكورة قام محضر للتنفيذ بمقتضى قرار التمكين المتقدّم ذكره، فاستشكل وكيل الست حميدة يوسف أحمد نوفل وطلب وقف التنفيذ على أساس أن هناك دعوى مرفوعة أمام قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر الابتدائية لمنع تنفيذ القرار المعلن إلى موكلته. وقد قيد هذا الإشكال برقم 828 سنة 1939 مستعجل مصر.
وبتاريخ 5 من إبريل سنة 1939 نظر قاضي الأمور المستعجلة الدعويين وهما منع التعرّض والإشكال، وبعد أن قرّر ضمهما بعضهما لبعض أصدر فيهما حكماً واحداً بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وإلزام المدّعية بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة لوزارة الأوقاف.
فاستأنفت المحكوم ضدّها هذا الحكم أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية بصحيفة أعلنت في 9 من مايو سنة 1939 وقيدت برقم 573 سنة 1939 طالبة إلغاءه والقضاء باختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وببطلان التنبيه المعلن إليها من وزارة الأوقاف في 26 من يناير سنة 1939 وبمنع تعرّض الوزارة لها في حيازتها للأعيان الواردة بقرار التمكين التي هي ملكها مع باقي ورثة محمد أحمد باشا ومنع تنفيذ هذا القرار مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد أن سمعت الدعوى حكمت محكمة مصر الابتدائية في 5 من يونيه سنة 1939 بإلغاء الحكم المستأنف واختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى ومنع تعرض وزارة الأوقاف للمستأنفة في حيازة الأعيان المبينة بقرار التمكين وإيقاف تنفيذه حتى يصدر حكم بتسليم هذه الأعيان من المحكمة المختصة وألزمت الوزارة بالمصاريف عن الدرجتين ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وقد استندت المحكمة في قضائها على الأسباب الآتية:
"وحيث إن الخلاف الحالي ينحصر: (أوّلاً) في قوّة قرار التمكين الصادر من المحكمة الشرعية بتاريخ 10 ديسمبر سنة 1938 وأثره في استلام الأعيان جبراً من واضعي اليد عليها. (ثانياً) في أثر الدعوى الشرعية المرفوعة من أحمد فريد بك (أحد المستأنف عليهم) على وزارة الأوقاف والتي قضى فيها نهائياً بعدم السماع".
"وحيث إن قرار التمكين المقدّم في الدعوى ليس حكماً في خصومة قائمة بين متخاصمين بل هو قرار أصدرته المحكمة الشرعية بصفتها الولائية من هيئة التصرفات في غير مواجهة خصم بناء على طلب صاحب المعالي وزير الأوقاف لإقرار دعواه في صحة تنظره على الوقف تطبيقاً لشرط الواقف".
"وحيث إن هذا القرار ليس قضاء في الالتزام بتسليم المال ضدّ مدعي الملك أو ضدّ واضع اليد، ولا بد من الالتجاء إلى القضاء للحصول على حكم ضدّ من في يده المال لتسليمه ويكون قرار التمكين وسيلة يستعملها صاحب الشأن للمطالبة بالمال ممن تحت يده... إلخ".
"وحيث إن وزارة الأوقاف تعترض بأن نزاع المستأنفة في تسليم الأعيان الواردة بكتاب الوقف نزاع غير جدّي. لأنه بفرض صحة الواقعة الخاصة بالخطاب المنسوب صدوره من محمد أحمد باشا لوزارة الأوقاف فإن ما في الخطاب لا يعتبر عدولاً. ولأن أحمد فريد بك أحد الورثة سبق أن رفع دعوى شرعية ببطلان الوصية بالوقف على اعتبار أن الموصي رجع عن وصيته قبل وفاته واستند إلى ما تستند إليه المستأنفة في الدعوى الحالية، وقد حكم في الدعوى الشرعية بعدم سماع دعوى الرجوع في الوصية، وتقرّر وزارة الأوقاف أن الحكم الشرعي الصادر ضدّ أحمد فريد بك حجة على المستأنفة لأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي يطلب الحكم فيها للتركة بكل حقها أو على التركة بكل ما عليها".
"وحيث إن السند المطلوب التنفيذ بمقتضاه لاستلام الأعيان جبراً من تحت يد المستأنفة هو قرار التمكين لا الحكم بعدم سماع الدعوى، وقد بينا قوّة هذا القرار وأثره في شأن استلام الأعيان من مدعي الملكية فيها".
"وحيث إنه فضلاً عما تقدّم فليس لقاضي الأمور المستعجلة أن يقضي فيما إذا كان الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة أو لا ينتصب في مثل هذا النزاع الحالي، أو أن يكون الحكم الصادر في مواجهة أحد الورثة كذلك لأن تقرير هذا الحق بالنسبة لمن لم يكن خصماً في الدعوى يستند إلى خلاف قانوني بين الفقهاء، ولا جدال أن القواعد الخاصة بقوّة الشيء المقضى فيه في مثل هذه الحالة من المسائل الخلافية التي يختص بها قاضي الموضوع دون سواه".
"وحيث إن ما تتعرّض له المستأنفة من طعن على صحة الإيصاء بالوقف وبالتالي على الوقف المترتب عليه لا شأن لهذه المحكمة به لأنه خارج عن ولايتها، وكل ما تبحث فيه هذه المحكمة هو صلاحية السند المطلوب التنفيذ بمقتضاه وهو قرار التمكين في التنفيذ باستلام المال جبراً ضد مدّعي الملك الذي لم يختصم في قرار التمكين".
"وحيث إنه متى كان الأمر المطروح للفصل فيه لا يثير إشكالاً في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية كان القاضي المستعجل مختصاً بالفصل في استمرار أو عدم استمرار إجراءات التنفيذ أو حماية واضع اليد من التنفيذ المخالف للقانون".
"وحيث إن موضوع الدعوى الحالية هو خلاف بين الطرفين فيما إذا كان قرار التمكين من النظر يصلح بذاته للتنفيذ بتسليم الأعيان المتنازع عليها من عدمه، وهذا يدخل في حدود ولاية المحاكم الأهلية لأنه متعلق بتسليم أموال لم يقض بعد بتسليمها في مواجهة المتعرّضين".
هذا ما قاله الحكم المطعون فيه.
أعلن هذا الحكم إلى وزارة الأوقاف في 25 من يونيه سنة 1939 فطعنت فيه بطريق النقض في 25 من يوليه سنة 1939 بتقرير أعلن للمدّعى عليهم في 29 من ذلك الشهر و1 و3 و6 من أغسطس سنة 1939 إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لسببين:
(الأوّل) أنه إذ قضى بأن للمحاكم الأهلية ولاية النظر فيما إذا كان قرار التمكين يصلح بذاته سنداً للتنفيذ بتسليم الأعيان المبينة فيه، وإذ انتهى إلى القول بأنه لا يصلح لذلك، يكون قد تعرّض لحجية هذا القرار وحد من آثاره. وهذا يعتبر تأويلاً لمعناه، وهو ممنوع من ذلك بحكم المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية.
(الثاني) أنه إذ قضى بأن قرار التمكين ليس قضاء في الالتزام بتسليم المال، بل مجرّد وسيلة يستعين بها صاحب الشأن للمطالبة به ممن هو تحت يده يكون قد أبطل نص المادة 327 من اللائحة الشرعية التي تقرّر أن قرارات التمكين والإقامة تصدر مشمولة بالنفاذ، كما أن فيه إهداراً للصيغة التنفيذية التي يحملها، لأن الفكرة في شمولها بالنفاذ وتذييلها بالصيغة التنفيذية هي تمكين صاحب الشأن من التنفيذ بها بتسليمه أعيان الوقف لا مجرد إثبات صفته.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى قرار التمكين محل البحث في هذه الدعوى والذي ذكر نصه فيما سبق يبين أنه لم يصدر في خصومة قضائية، وإنما صدر من المحكمة الشرعية بمقتضى سلطتها الولائية وبغير حضور خصم لمناسبة زوال الصفة عن وزير الأوقاف بخروجه من الوزارة وتولى غيره مكانه ليتمكن الوزير الجديد من النظر على الوقف.
ومن حيث إنه ليس من شأن هذا القرار، وقد صدر بشأن وقف متنازع على أصله ولم يتسلم الناظر السابق أعيانه، أن يخوّل الطاعنة حق تسلم الأعيان وتنفيذ هذا التسليم بالطريق الجبري، وليس في شمول القرار بالصيغة التنفيذية - مع التسليم بجواز ذلك - ما يغير من مدلوله أو يزيد في قوّته.
ومن حيث إنه لذلك لا مسوغ البتة للقول إن الحكم المطعون فيه إذ رأى عدم صلاحية قرار التمكين كسند للتنفيذ بمقتضاه على الورثة بتسليم الأعيان للطاعنة لعدم حجيته عليهم، قد تجاوزت فيه المحكمة اختصاصها، وتعدّت على سلطة المحكمة الشرعية التي أصدرت هذا القرار، ما دامت المحكمة لم تعتمد في النظر الذي ذهبت إليه على مخالفة أي نص من نصوصه أو تأويل أية عبارة من عباراته.
ومن حيث إن محاولة الطاعنة التنفيذ على الأعيان التي تحت يد المطعون ضدّهم بالصورة الثابتة بالحكم إنما هي تعرّض لهم في وضع يدهم على الأعيان. وإذن فالمحكمة إذ قضت باختصاصها بنظر الدعوى ومنع التعرّض ووقف التسليم حتى يصدر حكم بتسليم الأعيان من الجهة المختصة تكون قد أصابت ولم تخالف القانون كما تزعم الطاعنة [(1)].


[(1)] صدر هذا الحكم من نفس الهيئة عدا سعادة لبيب باشا فقد حل محله حضرة عبد الفتاح السيد بك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق