الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 أبريل 2023

الطعن 66 لسنة 9 ق جلسة 15 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 32 ص 69

جلسة 15 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

--------------

(32)
القضية رقم 66 سنة 9 القضائية

اختصاص. 

دعوى بين خصمين خاضعين للقضاء الأهلي. الحكم فيها ابتدائياً. إفلاس أحد الخصمين وحلول السنديك محله. إعلان السنديك الحكم الابتدائي للخصم الآخر. دفعه في جلسة التحضير بعدم قبول الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم شكلاً. إحالة القضية إلى المرافعة. دفع السنديك بعد ذلك بعدم الاختصاص. لا يقبل. 

(المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمادتان 25 و26 من لائحة التنظيم القضائي الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937)

-----------------
إذا كانت الدعوى قد أقيمت أمام المحكمة الأهلية ثم بعد صدور الحكم الابتدائي فيها أفلس أحد الخصمين وحل محله ومحل دائنيه سنديك التفليسة فتولى بنفسه إعلان الحكم للخصم الآخر، ولما رفع الاستئناف عنه من وصى الخصومة الذي حل محل ذلك الخصم دفع السنديك في جلسة التحضير بعدم قبول الاستئناف شكلاً بحجة أن الوصية على القصر قبلت الحكم المستأنف، ثم تداولت القضية في التحضير وأحيلت إلى المرافعة، فلا يقبل من هذا السنديك أن يدفع بعدم اختصاص القضاء الأهلي، لأن مسلكه ذلك يفيد قبوله الاختصام أمامه؛ وبمقتضى المادتين 25 و26 من لائحة التنظيم القضائي الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937 لا يكون له بعد قبوله أن يطلب عدم الاختصاص.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والمستندات المقدّمة وكانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - في أن إبراهيم عزب توفى في 22 من فبراير سنة 1930 عن زوجته جوهرة بنت جرجس خليل وولديه أنور إبراهيم عزب (القاصر) وإسكندر إبراهيم عزب، وترك ما يورث عنه منزلين ببندر المنيا.
وكان إسكندر اعتنق الدين الإسلامي في حياة والده وأثبت إسلامه بإشهاد شرعي صدر من محكمة المنيا الشرعية بتاريخ 8 من نوفمبر سنة 1926 وتزوّج بمسلمة، وكان أنور قاصراً وظل للآن فعينت والدته جوهرة وصية عليه بقرار من مجلس حسبي المنيا في 19 من مارس سنة 1930. وفي 25 من فبراير سنة 1930 بعد وفاة المورّث بثلاثة أيام تقدّم إسكندر لمجلس ملي المنيا الفرعي بطلب إثبات عودته للمسيحية فأحال هذا الطلب على رجال الدين لتحقيق ما ورد فيه ثم أصدر في 28 من مارس سنة 1930 قراراً بعودة إسكندر للديانة المسيحية. وفي 12 من مارس سنة 1930 طلب من نفس المجلس الملي المذكور إثبات وراثته لوالده فأصدر بذلك قراراً في 14 من إبريل سنة 1930. وفي 25 من مايو سنة 1930 رفعت جوهرة بنت جرجس خليل بصفتها وصية على ولدها أنور القاصر الدعوى رقم 354 كلي سنة 1930 أمام محكمة المنيا الابتدائية على ولدها الآخر إسكندر، وذكرت في صحيفتها أن ولدها المذكور كان وقت وفاة والده معتنقاً الدين الإسلامي فلا يرثه، وطلبت الحكم لها عليه بتثبيت ملكيتها بصفتها إلى عشرة قراريط ونصف قيراط مشاعة في منزلين تركهما المورث إبراهيم عزب وكف منازعة إسكندر لها في هذا المقدار وتسليمه إليها مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب والأمر بالنفاذ المعجل مع حفظ حقها في المطالبة بالريع بدعوى على حدتها. دفع إسكندر هذه الدعوى بأنه عاد إلى النصرانية بعد وفاة والده بمدّة وجيزة، وأن المجلس الملي الفرعي بالمنيا قد قرّر بتاريخ 14 من إبريل سنة 1930 إثبات وراثته لوالده.
ومحكمة المنيا اعتبرت ذلك القرار صحيحاً وقضت بتاريخ 5 من يناير سنة 1931 برفض الدعوى. وفي 5 من فبراير سنة 1931 باع إسكندر لزوجته الثانية لويزة داود عزب نصيبه في المنزلين وذكر في عقد البيع أنه ورث ذلك النصيب عن والده إبراهيم عزب المتوفى في 22 من فبراير سنة 1930 وقد سجل عقد البيع بقلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة في 8 من فبراير سنة 1931 برقم 47960. وفي 13 من مايو سنة 1933 أصدرت محكمة مصر المختلطة حكماً بإشهار إفلاس إسكندر وتعيين الخواجة إيزاك أنكونا (الطاعن) سنديكاً للتفليسة، فرأى ذلك السنديك أن يعلن الست جوهرة التي كان صدر ضدّها الحكم الابتدائي برفض دعواها بتاريخ 5 من يناير سنة 1931 وفعلاً تم الإعلان في 10 يوليه سنة 1937 وأعقب ذلك في 25 من أغسطس سنة 1937 أن عين مجلس حسبي المنيا الأستاذ عزيز الدليل (المطعون ضدّه) وصى خصومة، فبادر هذا الوصي إلى رفع استئناف عن حكم 5 من يناير سنة 1931 أمام محكمة استئناف مصر في 4 من سبتمبر سنة 1937 وطلب في صحيفته الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه وتثبيت ملكيته بصفته إلى عشرة قراريط ونصف قيراط شيوعاً في المنزلين المبينة حدودهما في صحيفة الدعوى الأصلية وكف منازعة الطاعن بصفته وتسليمها مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وحفظ الحق في الريع بدعوى خاصة.
وفي جلسة 29 من نوفمبر سنة 1937 دفع محامي الطاعن فرعياً بعدم قبول الاستئناف لأن الوصية السابقة كانت قبلت الحكم المستأنف وأقرّها المجلس الحسبي على ذلك، وقد نفذت تلك الوصية الحكم.
بعد ذلك دفع محامي الطاعن في جلسة المرافعة يوم 9 من مايو سنة 1938 دفعاً آخر بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى لوجود مصلحة أجنبية مظهرها قيام سنديك على تفليسة إسكندر إبراهيم عزب وتمسك في الوقت نفسه بالدفع الأوّل الخاص بعدم قبول الاستئناف لسبق قبول الحكم وتنفيذه من الوصية الأولى، وطلب محامي المطعون ضدّه رفض الدفعين والقضاء بطلباته الواردة في صحيفة الاستئناف.
والمحكمة قضت بتاريخ 24 من مايو سنة 1938 حضورياً برفض الدفعين وباختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإيقاف الفصل فيه حتى يقضي من المحكمة الشرعية في أحقية إسكندر إبراهيم عزب في أن يرث والده إبراهيم عزب.
بادر وصى الخصومة إلى رفع الدعوى الشرعية على السنديك فقضت محكمة المنيا الشرعية في 3 من يناير سنة 1939 بعدم أحقية إسكندر لشيء من ميراث والده ولم يقدّم ما يثبت أن هذا الحكم أصبح نهائياً.
لم يعلن حكم محكمة الاستئناف للسنديك ولكن وكيله طعن فيه بطريق النقض في 20 من يوليه سنة 1939 بتقرير أعلنه للمدّعى عليه في الطعن بتاريخ 23 منه إلخ.


المحكمة

الوجه الأوّل - يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد خالف المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية فقد أشهر إفلاس إسكندر إبراهيم عزب وعين الطاعن سنديكاً لتفليسته، وذلك في 13 من مايو سنة 1933 بحكم أصدره القضاء المختلط. وفي هذا قرينة على قيام مصلحة لأجنبي فتصبح المحاكم الأهلية من تاريخ ذلك الحكم غير مختصة بالنظر والفصل في نزاع تكون التفليسة طرفاً فيه.
عن الوجه الأوّل:
وبما أن ما أثاره الطاعن في هذا الوجه يلاحظ عليه بادي الرأي أن الدعوى نشأت أصلاً بين خصمين خاضعين للقضاء الأهلي وسارت سيرتها أمام هذا القضاء حتى صدر فيها الحكم الابتدائي، ثم نبت عارض وهو إفلاس المحكوم له ابتدائياً وحل محله ومحل دائنيه سنديك التفليسة، وهذا تولى إعلان الحكم الابتدائي لخصم المفلس، وذلك بطبيعة الحال ليجرى في حقه ميعاد الاستئناف. فلما رفع الاستئناف في ميعاده من وصى الخصومة الذي حل محل خصم المفلس دفع السنديك في جلسة التحضير يوم 29 من نوفمبر سنة 1937 بعدم قبول الاستئناف شكلاً لأن الوصية على القاصر قد سبق لها أن قبلت الحكم المستأنف ونفذته. ثم تداولت القضية بعد ذلك في التحضير بجلسات 8 و29 من يناير سنة 1938 و26 من مارس سنة 1938 إلى أن أحيلت إلى المرافعة فتقدّم الطاعن بدفعه الثاني بعدم اختصاص المحاكم الأهلية.
وبما أن في تلك الخطوات التي خطاها الطاعن ما يقطع بأنه بعد أن نبت عارض التفليسة بظله من قيام ما كان يسمى "الصالح الأجنبي" قد سار في الخصومة وهو الممثل لذلك "الصالح الأجنبي" سيرة من قبل الاختصام أمام القضاء الأهلي. وما كان له إلا أن يقبل هذا القضاء أمام الرأي المستقر بأن تغيير جنسية المتخاصمين أنفسهم أمام القضاء الأهلي إذا حصل بعد بدء الخصومة لا يعطل هذا الاختصاص، فأولى بذلك أن لا يكون تغيير حصل بل أن تكون نبتت فقط مصلحة أجنبية عن طريق تفليسة يعلنها القضاء المختلط أثناء قيام الخصومة أمام القضاء الأهلي لوجود أجانب بين دائني المفلس المختصم.
على أن التشريع الذي صدر بعد معاهدة "مونترو" وقوامه لائحة التنظيم القضائي قد بيّن في المادتين 25 و26 من تلك اللائحة الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937 أثر القبول الضمني لاختصام الأجانب أمام القضاء الأهلي، وأنه يربطهم بذلك القبول ربطاً، فما بال الحال إذا كانوا أصلاً من الخاضعين للقضاء الأهلي وساروا فيه حتى صدر الحكم الابتدائي، ثم استمروا بعد ذلك خطوات تقطع بالقبول على ما سبق بيانه. إنهم عندئذ لا يستطيعون أن ينقلبوا مطالبين بالخروج عن الاختصاص الأهلي.
وبما أن ما تذرّع به الطاعن من القول بأن حكم الشئون الخاصة بالتفليسة استثناء للقبول الضمني أو القبول الصريح على ما يفهم من المادة 35 من لائحة التنظيم القضائي - هذا القول لا يلتفت إليه فإن الدعوى الحالية ليست دعوى تفليسة، وإنما هي دعوى عادية بين فردين وطنيين أفلس أحدهما في مرحلة التقاضي أمام القضاء الأهلي بل وبعد صدور الحكم الابتدائي، فقام السنديك الذي يمثل المفلس ويمثل دائنيه يستمسك "بالصالح الأجنبي" العتيد.
وبما أنه يبين من ذلك جميعاً أن الوجه الأوّل لا أساس له.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق