الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 أبريل 2023

الطعن 65 لسنة 11 ق جلسة 21 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 162 ص 452

جلسة 21 مايو سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

------------------

(162)
القضية رقم 65 سنة 11 القضائية

(أ) اكتساب الملكية بمضي المدّة. مورّث. وضع يده بسبب معلوم غير أسباب التمليك. الورثة لا يمتلكون العقار بمضي المدّة. جهلهم حقيقة وضع اليد. لا تأثير له. عدم تعرّض المحكمة في حكمها للدفع بجهل الوارث صفة وضع اليد. لا يعيب الحكم.
(ب) وقف. 

دائن مرتهن لعين الوقف. دعوى الوقف ملكية العين. دفع المرتهن الدعوى استناداً إلى المادة 79 مكررة مدني. لا يصح. عدم تعرّض المحكمة في حكمها صراحة لهذا الدفع. لا يعيب الحكم.

---------------
1 - إذا كان وضع يد المورّث بسبب معلوم غير أسباب التمليك فإن ورثته من بعده لا يتملكون العقار بمضي المدّة طبقاً للمادة 79 من القانون المدني. ولا يؤثر في ذلك أن يكونوا جاهلين حقيقة وضع اليد، فإن صفة وضع يد المورّث تلازم العقار عند انتقال اليد إلى الوارث فيخلف الوارث مورّثه في التزامه برد العقار بعد انتهاء السبب الوقتي الذي وضع اليد بموجبه ولو كان هو يجهله. وما دام الدفع بجهل الوارث صفة وضع يد مورّثه لا تأثير له قانوناً فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالتعرّض له في حكمها.
2 - ليس للدائن المرتهن لأموال الوقف أن يستند في دفع دعوى المطالبة بملكيتها إلى المادة 79 مكررة من القانون المدني، لأنه من المقرّر - استنباطاً من القواعد العامة القاضية بالمحافظة على أبدية الوقف وعدم قابلية أعيانه للتصرف - أن مجرّد إهمال هذه الأعيان لا يسقط ملكيتها، بل إن لجهة الوقف انتزاع الأموال الموقوفة من كل من يجحد وقفها ما دامت دعوى الملكية جائزة السماع، أي قبل مضي مدّة الثلاث والثلاثين سنة التي يكتسب فيها واضع اليد الملكية بالشروط المنصوص عليها قانوناً. لذلك لا يعيب الحكم عدم تعرّضه صراحة للدفع المستند إلى المادة المذكورة ما دامت المحكمة قد أثبتت فيه أن العقار المرهون وقف، وأن المرتهنين له أو خلفاءهم لم يمتلكوه بوضع يدهم عليه مدّة الثلاث والثلاثين سنة اللازمة لدفع دعوى الوقف بعدم السماع وبالتالي لكسب ملكيته بالتقادم، فإن ذلك يكفي للقول بعدم انطباق تلك المادة.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - على حسب ما جاء بالحكم المطعون فيه وسائر الأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة والتي كانت من قبل تحت نظر محكمة الموضوع - في أن من بين ما وقفه المرحوم الشيخ أحمد عبد الله الحضراوي بمقتضى الحجة الشرعية الصادرة في غاية جمادى الأولى من سنة 1218 هجرية قطعتي الأرض المبينتين بصحيفة افتتاح هذه الدعوى، وأنه بمقتضى حجة شرعية مؤرّخة في 10 من ذي القعدة سنة 1276 حكر ناظر الوقف في ذلك الوقت هاتين القطعتين إلى الشيخ محمد العزقاوي وأخيه محمود بحكر سنوي مقداره 150 قرشاً صاغاً. وقد دفع المحتكران إلى الناظر المذكور مبلغ ثلاثة وثمانين جنيهاً أجرة الحكر لمدّة 55 سنة و4 شهور تنتهي في 9 ربيع الأوّل من سنة 1332 هجرية، وأنه لما توفى محمد العزقاوي عن ورثة هم أخوه محمود العزقاوي وبناته هنومة وعائشة وخديجة، وتوفى محمود المشار إليه عن ابنته السيدة اقتسم الورثة المذكورون التركة في 25 من إبريل سنة 1885 فاختصت السيدتان هنومة وعائشة بالقطعتين المحكرتين. وبعد أن توفيت عائشة عن أولادها محمد وحسن ومحمود وفاطمة الطنطاوي، باع محمود وفاطمة الطنطاوي نصيبهما إلى أخيهما حسن في 17 من يوليه سنة 1906، كما باعت له هنومة نصيبها في 18 من يناير سنة 1909. وفي 25 من فبراير سنة 1911 رهن حسن ومحمد الطنطاوي القطعتين موضوع النزاع إلى الكونت خليل صعب رهناً تأمينياً وفاء لمبلغ 1300 جنيه واستمرا واضعي اليد عليهما إلى أن نزعت ملكيتهما بمعرفة الدائن المذكور ورسا مزادهما على محمد عباس رمضان خاطر في 20 من نوفمبر سنة 1922 وتسلمهما في 16 من ديسمبر سنة 1922. وبعقد مسجل في 16 من فبراير سنة 1931 باع محمد خاطر نصيبه في هاتين القطعتين إلى أخيه عباس رمضان خاطر. وأنه لما تعينت السيدة حميدة أحمد يوسف المطعون ضدّها الأولى ناظرة على وقف الخضراوي في إبريل سنة 1922 رفعت بصفتها ناظرة الوقف الدعوى رقم 113 سنة 1935 كلي أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضدّ الشيخ حسن الطنطاوي وحرمه السيدة فاطمة ومحمد أفندي وعبد الرازق أفندي وعباس أفندي رمضان خاطر قالت في صحيفتها المعلنة بتاريخ 14 من فبراير سنة 1935 إن الوقف نظارتها يمتلك قطعتي الأرض السابق الإشارة إليهما، وإن الناظر السابق حكرهما إلى المرحومين محمد ومحمود العزقاوي مورّثي المدّعى عليهما الأوّلين بحجة محرّرة في 10 القعدة سنة 1276 بحكر سنوي قدره 150 قرشاً، وإنهما دفعا مقدّماً للناظر ما يوازي حكر مدّة 55 سنة وثلث، وإن هذه المدّة تنتهي في 9 ربيع الأوّل سنة 1332، وإن الناظر كان يحصل الحكر سنوياً بعد ذلك من المحتكرين وورثتهما إلى أن تبينت خيانته، فعزلته المحكمة الشرعية من النظر بتاريخ أوّل إبريل سنة 1922، وعينت هي بدلاً عنه في أوّل مارس سنة 1923، وإنها لما أخذت في مطالبة واضعي اليد على هاتين القطعتين بدفع الحكر نازعوها في ملكية الوقف لهما. لذلك طلبت الحكم بتثبيت ملكية الوقف نظارتها إليهما وإلزامهم بتسليمهما لها خاليتين وبفسخ عقد التحكير مع إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 156 جنيهاً قيمة الحكر في المدّة من أوّل إبريل سنة 1922 حتى آخر مارس سنة 1935 وما يستجد من الحكر بعد ذلك حتى التسليم بواقع كل شهر مائة قرش والمصاريف وأتعاب المحاماة. وفي أثناء سير الدعوى أدخل الثالث والخامس من المدّعى عليهم ورثة المرحوم الكونت خليل دي صعب ضماناً لهما وهم الطاعنان والمطعون ضدّهم من الحادي عشر إلى الثالثة عشرة وطلبا منهم أن يقوموا بإثبات ملكية مديني مورّثهم الشيخ حسن الطنطاوي ومحمد الطنطاوي للعقار الذي رسا مزاده عليهما في الإجراءات التي اتخذت بناء على طلبهم أمام محكمة المنصورة المختلطة، فإذا عجزوا عن ذلك يلزمون بأن يدفعوا لهما مبلغ 2231 جنيهاً و571 مليماً وقيمة رسم التسجيل مع دفع مبلغ 2500 جنيه قيمة الإنشاءات والإصلاحات التي أجرياها في المباني القائمة على القطعتين موضوع النزاع. ومحكمة المنصورة الابتدائية بعد أن سمعت دفاع الطرفين حكمت بتاريخ 26 من مايو سنة 1936 برفض الدعوى، وارتكنت في ذلك إلى أن ورثة محمد ومحمود العزقاوي المحتكرين قد اقتسموا الأرض المتنازع عليها في سنة 1885 ووضعوا اليد عليها من هذا التاريخ كملاك هم ومن تلقى الملك عنهم مدّة تزيد على 33 سنة وبذلك امتلكوها بوضع اليد المدّة الطويلة المكسبة لملكية الوقف. فاستأنفت الناظرة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبت بصحيفة الاستئناف الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بصفتها بالطلبات الأصلية. وقد أوقفت الدعوى لوفاة الشيخ حسن الطنطاوي. ولما عجلت بعد إعلان ورثته أدخل عباس أفندي رمضان خاطر الطاعنين وباقي ورثة الكونت خليل صعب المطعون ضدّهم من الحادي عشر إلى الثالثة عشرة وطلب منهم نفس الطلبات التي سبق أن وجهت إليهم أمام محكمة أوّل درجة. وفي 20 من مايو سنة 1941 قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية وقف المرحوم الشيخ أحمد عبد الله الحضراوي المشمول بنظارة المستأنفة إلى القطعتين المبينتى الحدود والمعالم بعريضة افتتاح الدعوى... إلخ.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعنين في 15 من سبتمبر سنة 1941 فقرّر وكيلهما الطعن فيه بطريق النقض في 11 من أكتوبر سنة 1941... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأوّل من وجهي الطعن يتحصل في أن الطاعنين دفعا الدعوى أمام المحكمة الابتدائية: (أوّلاً) بامتلاك العقار موضوع النزاع بوضع اليد عليه المدّة القصيرة. (وثانياً) بامتلاكه بوضع اليد عليه مدّة ثلاث وثلاثين سنة، فرفضت المحكمة المذكورة الدفع الأوّل بحجة أن وضع اليد المدّة القصيرة لا يسري على أعيان الوقف، وقبلت الدفع الثاني، وقضت برفض الدعوى، واستندت في ذلك إلى أنه لم يثبت علم ورثة المحتكرين بالحكر، وأنهم إنما كانوا يضعون اليد على العين المتنازع عليها وهم يعتقدون أنهم مالكون لها، إذ ثبت أن مورّثيهم قاما بدفع الحكر مقدّماً لمدّة 55 سنة. كما استندت إلى أنه لم يكن هناك أي عمل خارجي يتعارض مع ظهور الملكية بحسب عقيدة هؤلاء الورثة، وإلى أنهم في اقتسامهم في سنة 1885 هذه العين عقب وفاة مورّثيهم ظهروا بمظهر الملاك. إلا أن محكمة الاستئناف خالفت المحكمة الابتدائية فيما انتهت إليه ورفضت الدفع وقضت للمطعون ضدّها الأولى بطلباتها، واعتبرت أن وضع يد الورثة على العين المذكورة كان بصفة الانتفاع بالحكر كوضع يد مورّثيهم لا بصفة ملاك. وذلك دون أن تتعرّض لمناقشة أمر جهلهم للحكر الصادر لمورّثيهم كما فعلت المحكمة الابتدائية. وبما أنه يجب لتطبيق المادة 79 مدني أن يثبت علمهم بهذا الحكر لأهمية ذلك في تغيير صفة وضع اليد وفي تقدير قيمة مظهر وضع يدهم. لذلك تكون المحكمة الاستئنافية بإغفالها بحث هذا الأمر الجوهري قد أخطأت في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المادة 79 من القانون المدني لم تفرّق بين واضع اليد وورثته من بعده في عدم امتلاك العقار بوضع اليد المدّة الطويلة ما دام وضع اليد عليه كان بسبب معلوم غير أسباب التمليك المعروفة. فلا يؤثر إذن في تطبيق هذه المادة كون الورثة يجهلون سبب وضع يد مورّثهم الوقتي أو يعلمون به. ذلك لأن صفة وضع يد المورّث تلازم العقار في انتقال وضع اليد إلى الوارث الذي يخلف مورّثه في التزامه برد العقار بعد انتهاء السبب الوقتي لوضع اليد سواء أكان الوارث عالماً سبب وضع اليد أم كان جاهلاً إياه. وما دام الدفع بجهل الوارث الصفة الوقتية لوضع يد مورّثه لا يجديه نفعاً فإن محكمة الاستئناف لم تكن ملزمة بالتعرّض له في حكمها.
وحيث إن الوجه الثاني يتلخص في أن الطاعنين طلبا أمام المحكمتين الابتدائية والاستئنافية رفض الدعوى استناداً إلى الحق المستمد من المادة 607 مدني مختلط المقابلة للمادة 79 مكررة مدني أهلي، لأن مورّثهما كان حسن النية وقت التعاقد، وأن المدينين كانا واضعي اليد على العقار المرهون له أكثر من خمس السنوات التي تشترطها المادة المذكورة. إلا أن المحكمة الابتدائية لم تتعرّض لهذا الدفع اكتفاء بقبولها دفاع الطاعنين المتعلق بالامتلاك بوضع اليد ثلاثاً وثلاثين سنة. أما المحكمة الاستئنافية فقد كان من الواجب عليها، بعد أن خالفت المحكمة الابتدائية ورفضت الدفع الخاص بوضع اليد المدّة الطويلة، أن تناقش الدفع المؤسس عليه هذا الوجه، ولكنها لم تفعل مع أنه دفاع هام يكفي وحده للحكم برفض الدعوى، لأنه يختلف عن الدفع الأوّل في أصله ومدلوله إذ هو مستمد من نص خاص صريح وضع لحماية الدائنين حسني النية، فقد خوّلهم القانون التمسك بوضع يد مدينهم خمس سنوات سواء أكان هناك سبب صحيح للمدين أم لا. ويخلص الطاعنان مما ذكر إلى أن الحكم المطعون فيه بإغفاله بحث هذا الدفع الجوهري والرد عليه جاء خالياً من الأسباب.
وحيث إنه ليس للدائن المرتهن لأموال الوقف أن يدفع دعوى المطالبة بملكيتها بما جاء بالمادة 79 مدني مكررة لأنه من المقرّر استنباطاً من قاعدة المحافظة على أبدية الوقف وعدم قابلية أعيانه للتصرف أن مجرّد إهمال هذه الأعيان ليس هو وحده المسقط لملكيتها بل إن لجهة الوقف انتزاع الأموال الموقوفة ممن يجحد وقفها ما دامت دعوى ملكية الوقف جائزة السماع، أي لم يمض عليها ثلاث وثلاثون سنة، ولم يكتسب أحد الملكية بوضع اليد المدّة ذاتها بالشروط المنصوص عليها قانوناً لاكتساب الملكية بالتقادم. لذلك لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم تعرّض المحكمة الاستئنافية صراحة للدفع المستند إلى المادة 79 مدني مكررة ما دامت قد أثبتت في حكمها أن العقار المرهون لمورّث الطاعنين وقف، وأن الراهنين له أو خلفاءهم لم يمتلكوه بوضع يدهم عليه مدّة الثلاث وثلاثين سنة اللازمة لدفع دعوى الوقف بعدم السماع، وبالتالي لكسب ملكية العين الموقوفة بالتقادم، وهو ما لا مجال معه لتطبيق المادة المتقدّم ذكرها إذ يجب أن لا يكون لتطبيقها أي إخلال بقاعدة أبدية الوقف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق