جلسة 9 من فبراير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل ورابح لطفي جمعه.
-----------------
(88)
الطعن رقم 595 لسنة 49 القضائية
(1) حكم "تسبيب الحكم" دعوى. دفوع.
وجوب إيراد الحكم خلاصة موجزة للدفوع ولو لم تكن دفوعاً جوهرية. إغفال الحكم الرد عليها أو على أوجه الدفاع الجوهري. قصور.
(2) استئناف. دعوى. دفوع.
الدفوع وأوجه الدفاع التي سبق للمستأنف عليه إبداؤها أمام محكمة أول درجة. اعتبارها مطروحة بقوة القانون على محكمة الدرجة الثانية. لا حاجة لإعادة ترديده أمامها طالما لم يتنازل عنها. مثال بشأن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة.
(3) حكم "تسبيب الحكم". نقض "سلطة محكمة النقض".
تصحيح محكمة النقض لما يشتمل عليه الحكم المطعون فيه من أخطاء دون نقضه. شرطه. أن يقتصر الخطأ على ما يتعلق بالقانون دون الواقع.
نقض الحكم بسبب متعلق بقبول الدعوى. أثره. وجوب نقضه فيما قضى به في الموضوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 807 لسنة 1977 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعن ومورث المطعون عليها الثانية للحكم بإخلاء الشقة المبينة بصحيفتها، وقال بياناً لذلك أنه بعقد مؤرخ 1/ 6/ 1956 استأجر مورث المطعون عليها الثانية تلك الشقة، وعلى الرغم مما يحظره عليه العقد من تأجيرها من الباطن، فقد تخلى عنها وأجرها من باطنه إلى شقيقة الطاعن، وإذ اشترى المطعون عليه الأول ربع المنزل الذي تقع فيه تلك الشقة، وتمت حوالة عقد إيجارها إليه، فقد أقام دعواه على موروث المطعون عليها الثانية وعلى الطاعن للحكم بالإخلاء. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد إجرائه قضت برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول الحكم بالاستئناف رقم 659 سنة 34 ق الإسكندرية، وبتاريخ 8/ 2/ 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان لقصوره في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه على الرغم مما دفع به أمام محكمة الدرجة الأولى من عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة استناداً منه إلى عدم مجاوزة نصيب المطعون عليه الأول في العقار الواقعة به عين النزاع لمقدار الريع - مما لا يجوز له - في قوله - المطالبة بالإخلاء - ومع قيام هذا الدفع أمام محكمة الدرجة الثانية بحكم الأثر الناقل للاستئناف، مما يوجب على المحكمة النظر فيه، فقد خلا الحكم المطعون فيه من الإشارة إليه أو الرد عليه، مما يعيبه بالقصور المبطل.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 178 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 على أنه "يجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى، ثم طلبات الخصوم، وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري، ورأي النيابة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه" وأن "القصور في أسباب الحكم الواقعية.... يترتب عليه بطلان الحكم" يدل على أنه تقديراً للأهمية البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لحكم الدرجة الثانية من الوقوف على مدى صحة الأسس التي بنت عليها الأحكام المستأنفة أمامها ثم لمحكمة النقض من بعد ذلك من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع - أوجب المشرع على المحاكم أن تورد في أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع، وما ساقوه من دفاع جوهري، ليتسنى تقدير هذا وتلك في ضوء الواقع الصحيح في الدعوى، ثم إيراد الأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأي، ورتب المشرع على قصور الأسباب الواقعية بطلان الحكم، كما أنه بحكم ما للدفوع من أهمية بارزة في سير الخصومات، أفرد لها المشرع الفصل الأول من الباب السادس من الكتاب الأول من قانون المرافعات مبيناً كيفية التمسك بها وآثارها، ومن ثم أوجب على المحاكم إيراد خلاصة موجزة لها - في إطلاق غير مقيد بوصف - خلافاً لما وصف به الدفاع من أن يكون جوهرياً - على تقدير منه بتحقق هذا الوصف في الدفوع كافة، بخلاف أوجه الدفاع قد يغني بعضها عن البعض الآخر أو ينطوي الرد على إحداها على معنى إطراح ما عداها، ثم استلزم القانون لسلامة الأحكام أن تورد الرد الواقعي الكافي على تلك الدفوع، وعلى الجوهري من أوجه الدفاع، مرتباً البطلان جزاء على تقصيرها في ذلك، لما كان ذلك وكان على محكمة الدرجة الثانية - حسبما توجبه المادة 223 من قانون المرافعات - أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من شأن هذا الأثر الناقل للاستئناف أن يجعل الدفع - أو وجه الدفاع السابق إبداؤه من المستأنف عليه أمام محكمة الدرجة الأولى مطروحاً بقوة القانون على محكمة الدرجة الثانية بغير حاجة إلى إعادة ترديده أمامها، ما لم يقم الدليل على التنازل عنه - وهو ما لا وجه لافتراضه - لما كان ما تقدم وكان الطاعن قد قدم رفق طعنه ما يثبت سبق تمسكه أمام محكمة الدرجة الأولى بمذكرته المقدمة إليها بجلسة 10/ 4/ 1977 - بدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة، وكان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى هذا الدفع - القائم أمام محكمة الاستئناف قانوناً - وجاءت أسبابه الواقعية خلواً من الفصل فيه، فإنها تكون مشوبة بقصور من شأنه إبطال الحكم، مما لا يغير منه احتمال أن يسفر ذلك الفصل عن عدم سلامة الدفع لتلعق ذلك بما تختص به محكمة الاستئناف، ولا يمتد إليه سلطان محكمة النقض، لأنه وإن كان يحق لها تصويب ما قد يشتمل عليه الحكم المطعون فيه من أخطاء دون حاجة إلى نقضه، إلا أن ذلك مشروط بأن يقتصر الخطأ - على ما يتعلق بالقانون دون الواقع - التزاماً بالحدود التي يقوم عليها عمل هذه المحكمة - وذلك ما لم تر بعد نقضها للحكم صلاحية موضوع الدعوى للفصل فيه، فتفصل فيه عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات، لما كان ما سلف جميعه، وكان قبول الدعوى شرطاً لجواز الحكم في موضوع الحق المتنازع عليه فيها - فإن من شأن نقض الحكم لسبب متعلق بهذا القبول نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من قضاء في الموضوع، مما يغني عن النظر فيما جاوز ذلك من أسباب الطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق