جلسة 20 من فبراير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، إبراهيم محمد فراج وصبحي رزق داود.
----------------
(111)
الطعن رقم 574 لسنة 49 القضائية
(1 - 4) إيجار "التأجير من الباطن". دعوى. وكالة.
(1) تأجير المستأجر الأصلي العين المؤجرة له بمدينة الإسكندرية في موسم الصيف للغير مفروشة. لا يعد تأجير من الباطن.
(2) تأجير المستأجر الأصلي للعين المؤجرة له بمدينة الإسكندرية إلى الغير مفروشة. ثبوت أن العقد أبرم عن مدة غير محددة بفترة الصيف. الفضاء بإخلاء المستأجر للتأجير من الباطن. لا خطأ. ق 52 لسنة 1969.
(3) تأجير المستأجر للعين المؤجرة من الباطن. وجوب حصوله على إذن كتابي من المالك أو ممن ينيبه في ذلك لا عبرة بالموافقة الصريحة أو الضمنية الصادرة من أحد موظفي الإدارة المؤجرة.
(4) مجرد علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن قبل رفع الدعوى بإخلاء المستأجر ببضعة أشهر. لا يعد نزولاً ضمنياً عن حقه فيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1346 لسنة 1975 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعن ومورثة المطعون ضده الثالث بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 3/ 1/ 1954 وتسليم العين المؤجرة خالية بحالتها التي كانت عليها وقت التعاقد، وقال شرحاً لها أنه بموجب العقد المذكور استأجرت مورثة المطعون ضده الثالث عين النزاع من أملاك الحكومة المستردة لاستعمالها سكناً خاصاً لها ونص في العقد على عدم جواز التنازل للغير عن حق الإيجار أو التأجير من الباطن إلا بإذن كتابي من المالك، ومع ذلك فقد قامت المستأجرة بتأجير جزء من العين المؤجرة مفروشاً للطاعن دون إذن من الجهة المالكة. وبتاريخ 25/ 10/ 1975 حكمت المحكمة بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 3/ 1/ 1954 وبإخلاء عين النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 498 لسنة 31 ق الإسكندرية، وبتاريخ 17/ 1/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرضه على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى أن التأجير من الباطن للطاعن تم في غير الحالات التي يجيزها القانون رقم 52 لسنة 1969 لأن العين المؤجرة تقع خارج المنطقة المعتبرة مصيفاً طبقاً لقرار وزير الإسكان، في حين أن قيام المستأجر لعين كائنة بمدينة الإسكندرية، بتأجيرها في موسم الصيف لا يعد من قبيل التأجير من الباطن تبعاً لما له من صفة عرضية والثابت أن عقد الإيجار موضوع النزاع مبرم عن موسم الصيف.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تأجير المستأجر لعين كائنة بمدينة الإسكندرية من باطنه مفروشاً في موسم الصيف لا يعد من قبيل التأجير من الباطن الموجب للإخلاء طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969، إلا أنه لما كان الحكم قد استند فيما ركن إليه من أسباب إلى أن الإيجار الصادر من المستأجرة الأصلية للطاعن أبرم عن مدة غير محددة بفترة الصيف، إذ تمسك الطاعن بحقه في شغل العين رغم انقضاء موسم الصيف وأقر في مذكرته المقدمة إلى محكمة أول درجة أنه استأجر هذه العين بسبب انهيار مسكنه الأصلي وقربها من المدارس التي يرتادها أولاده وهو ما يفيد أن استئجاره لها لم يكن على سبيل التأقيت، وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي لحمل قضائه بإخراج هذا التعاقد من نطاق الإباحة المنصوص عليها في المادتين 26، 27 من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإنه ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأه فيما أورده من دعامة أخرى مبناها أن المنطقة التي تقع بها عين النزاع لا تعتبر مصيفاً طبقاً لقرار وزير الإسكان، يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور والإخلاء بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك بحصوله على إذن شفوي من مدير فرع الأموال المصادرة بالإسكندرية باستئجاره عين النزاع من الباطن واستدل على ذلك بتقاعس المطعون ضده الأول عن إقامة الدعوى قرابة العام رغم علمه اليقيني بواقعة التأجير من الباطن، وتسلمه حجرة ومنشراً بالسطح شأن باقي المستأجرين، وأن هذا الإذن كان محل تحقيق النيابة الإدارية ومع ذلك فقد أغفل الحكم هذا الدفاع بحجة عدم تقديم الأدلة عليه رغم إثارته له في تحقيقات الشكوى الإدارية المقدمة منه، وإقرار المطعون ضده الأول في مذكرته بما يفيد حصول تحقيق في النيابة الإدارية مع مدير الفرع المذكور بصدد الإذن الشفوي الصادر منه، ثم أن هذا الموظف قد حل محل المدير السابق الذي أبرم العقد مع المستأجرة الأصلية، بما يفيد على الأقل تحقق الوكالة الظاهرة فيه، هذا بالإضافة إلى إغفال الحكم طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صدور الإذن له بالاستئجار من الباطن.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دفاعه أمام محكمة الموضوع على أن مدير فرع الأموال المصادرة بالإسكندرية وافق ضمناً على استئجاره عين النزاع من الباطن ومنحه منشراً وغرفة فوق السطح وأن - تحقيقاً في هذا الشأن أجرى بمعرفة النيابة الإدارية وأنه رغم علم المطعون ضده الأول بواقعة التأجير من الباطن فأنه لم يقم دعواه بالإخلاء إلا بعد انقضاء قرابة العام مما يفيد موافقته ضمناً على هذا التأجير. وكان الثابت أن المطعون ضده المذكور بصفته حارساً على أموال وممتلكات أسرة.... المصادرة ومنها عين النزاع قد أناب عنه من قام بإبرام عقد الإيجار عنها مع المستأجرة الأصلية ونص فيه على عدم جواز التنازل عن حق الإيجار أو التأجير من الباطن دون إذن كتابي من المالك بما لا يجوز معه للمستأجرة تأجير العين للغير إلا بعد الحصول على هذا الإذن منه أو ممن ينيبه عنه فلا يعتد بأية موافقة صريحة أو ضمنية تصدر من أحد موظفي الإدارة طالما لم يثبت تفويضه في ذلك، وكان مجرد علم المطعون ضده الأول بواقعة التأجير من الباطن ثم انقضاء بضعة أشهر قبل إقامة الدعوى بالإخلاء لا يكفي للقول بموافقته عليه ونزوله ضمناً عن حقه في طلب الإخلاء؛ وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أجراء تحقيق بمعرفة النيابة الإدارية بشأن واقعة الموافقة على استئجاره للطاعن لعين النزاع وأن المطعون ضده الأول أقر بحصولها، أو أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بتفويض مدير فرع الأموال المصادرة بالإسكندرية في الإذن للمستأجرة بالتأجير من الباطن؛ أو بتوافر شروط تحقق الوكالة الظاهرة فيه، وهي وقائع موضوعية لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم المطعون فيه إغفاله أوجه الدفاع هذه وعدم استجابته إلى طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صدور الإذن له من الموظف المذكور بالاستئجار من الباطن، يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق