جلسة 23 من مارس 1978
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين أحمد صلاح الدين، الدكتور عبد الرحمن عياد، محمد فاروق راتب وعماد الدين بركات.
-----------------
(168)
الطعن رقم 535 لسنة 45 القضائية
(1) أوراق تجارية. تقادم "التقادم المسقط".
التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة سريانه على الدعاوى الخاصة بالكمبيالة دون قيد، والسند الإذني والسند لحامله والشيك متى كان كل منها عملاً تجارياً. الأوراق الأخرى المحررة لأعمال تجارية. خضوعها للتقادم الصرفي. شرطه. الإيصال المتضمن استلام مبلغ نقدي لاستغلاله في الأعمال التجارية. لا يعد محرراً لأعمال تجارية.
(2) شركات. محكمة الموضوع.
الشركة. شرط قيامها. وجود نية المشاركة لدى الشركاء في الربح والخسارة معاً. تعرف هذه النية من سلطة قاضي الموضوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 990 لسنة 1973 مدني كلي أسيوط ضد الطاعن طالبة إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1372 جنيهاً تأسيساً على أن مورثها يداين الطاعن بهذا المبلغ بموجب إيصال مؤرخ 2/ 9/ 1962 - دفع الطاعن بسقوط الحق في المطالبة بمضي أكثر من خمس سنوات من تاريخ تحرير السند كنص المادة 194 من قانون التجارة وأضاف أنه كان بينه وبين مورث المدعية شركة انتهت بالخسارة وقد تحاسب مع المورث عن تلك الشركة التي انتهى أمرها وبتاريخ 18/ 5/ 1974 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعية (المطعون عليها) مبلغ 1372 جنيهاً وبنت ذلك على أن التقادم الخمسي في غير محله لأن السند موضوع الدعوى يخرج من عداد الأوراق التجارية لفقدانه خصائصها ويخضع بالتالي للتقادم العادي كما لا تدل ألفاظ الإيصال ومعناه على قصد الاشتراك وخلا الإيصال من مساهمة كل شريك بنصيب في رأس المال والمشاركة في الخسارة، كما لم يفصح عن نوع وحجم التجارة وحساب هذه التجارة والمدة التي استغرقتها وإن هذا تجهيل مطلق بالمحل المدعى به - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 206 لسنة 49 ق وبتاريخ 24/ 3/ 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة النقض قررت أن التقادم الخماسي الوارد في المادة 194 من قانون التجارة لا يرد إلا على الأوراق التجارية الصالحة للتظهير والتي يبين من الاطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائي لا يدع محلاً لمنازعه وتتضمن دفع هذا المبلغ المعين في أجل معين وأنه يخالف هذا الرأي استناداً إلى عمومية نص المادة 194 سالفة الذكر والتي ورد بنهايتها عبارة "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" إذ أن ورود هذه العبارة بعد تعداد الأوراق التجارية التي تنتقل بالتظهير أو المناولة باليد تدل على أن كل ورقة موقع عليها من تاجر ومحرره لأعمال تجارية - كالورقة موضوع الدعوى - تخضع للتقادم الخماسي أما الشروط التي وضعها قضاء محكمة النقض من كون الورقة تتضمن مبلغاً معيناً يدفع في أجل معين فهي شروط لم ترد في النص.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الأصل في الالتزام مدنياً كان أو تجارياً أنه يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقاً لنص المادة 374 من القانون المدني إلا أن المشرع التجاري خرج على هذا الأصل وقرر تقادماً قصيراً مدته خمس سنوات بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية ويستند هذا التقادم الخمسي على قرينة الوفاء إذ قدر المشروع أن سكوت حامل الورقة التجارية عن المطالبة بحقه مدة خمس سنوات يفترض معه أنه استوفى حقه. وهذا التقادم أوردته المادة 194 من قانون التجارة التي تنص على أن كل دعوى متعلقة بالكمبيالات أو السندات التي تحت إذن وتعتبر عملاً تجارياً أو بالسندات التي لحاملها أو بالأوراق المتضمنة أمراً بالدفع أو بالحوالات الواجبة الدفع بمجرد الاطلاع عليها وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية يسقط الحق في إقامتها بمضي خمس سنين اعتباراً من اليوم التالي ليوم حلول ميعاد الدفع أن من يوم علم البروتستو.. ومفاد هذا النص أن التقادم الخماسي الوارد في المادة 194 سالفة الذكر يقتصر تطبيقه على الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية وهي الكمبيالة بدون قيد والسند الإذني والسند لحامله والشيك متى اعتبر كل منها عملاً تجارياً. أما عبارة "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" والتي وردت بهذا النص فهي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعني الأوراق التجارية الصادرة لعمل تجاري لا الأوراق غير التجارية ولو كانت صادرة لعمل تجاري وأخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول أي أنها ورقة مستقلة بنفسها - ويبين منها بمجرد الاطلاع عليها أن قيمتها مقدرة على وجه نهائي لا يدع محلاً للمنازعة والتي يتداولها التجار بينهم تداول النقد بدلاً من الدفع النقدي في معاملاتهم التجارية أي تتضمن دفع مبلغ معين من النقود في أجل معين ويمكن نقل ملكيتها من إنسان لآخر بتظهيرها أو بتسليمها بغير حاجة إلى إجراء آخر يعطل تداولها أو يجعله متعذراً وينبني على ذلك أن التقادم الخمس لا ينطبق على الفواتير التي تحمل بياناً بقيمة البضاعة التي اشتراها التاجر ومذيلة بتوقيع المدين فقط ولا على السند الإذني أو السند لحامله إذا كان الدين الثابت بها معلقاً على شرط واقف في حين أنه ينطبق على الأوراق التجارية المعيبة أو الناقصة التي تتوفر فيها خصائص الورقة التجارية وتكون صادرة من تجار أو لأعمال تجارية لأنها تعتبر أوراقاً تجارية طبقاً للمادة 108 من قانون التجارة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واعتبر الإيصال موضوع الدعوى المتضمن باستلام الطاعن من مورث المطعون عليها مبلغاً معيناً من النقود لاستغلاله في الأعمال التجارية ليس من قبيل الأوراق المحررة لأعمال تجارية بالمعنى المقصود في المادة 194 من قانون التجارة وقضى برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمته فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه فسر الإيصال موضوع الدعوى على أنه يتضمن قرضاً بفائدة وأن هذا التفسير فيه مسخ لعبارات الإيصال والخروج عن معناها ذلك أن ورود عبارة "لاستغلاله في الأعمال التجارية" لا تدل أن المبلغ سلم على سبيل القرض بفائدة وإنما سلم لاستغلاله في الأعمال التجارية فضلاً عن أن الإيصال ليس فيه تحديد لربح معين أو إعفاء من الخسارة بل جاءت عبارته صريحة في أنه يكون له نصيب في نتيجة العمل ومعنى ذلك أن نصيب مورث المطعون عليها قد يكون ربحاً وقد يكون خسارة وإذ اعتنق الحكم المطعون فيه أسباب الحكم الابتدائي التي نفت قيام شركة بين الطاعن وبين مورث المطعون عليها استناداً إلى خلو الإيصال من أركان الشركة ومن رقابة المورث على الأعمال للتجارية ومن عدم كشف الطاعن عن نوع وحجم التجارة التي استغل فيها المبلغ والمدة التي استغرقتها الشركة ومن مساهمة كل شريك بحصة في رأس المال فإن ذلك مردود بأن الشركة التي كانت قائمة بين الطاعن وبين المورث وكانت شركة محاصة وأن حصة الطاعن في الشركة مساوية للمبلغ الذي تسلمه من مورث المطعون عليها طبقاً لنص المادة 508 من القانون المدني. أما عن نوع التجارة وحجمها فقد ذكر الطاعن أمام محكمة الاستئناف أنه يعمل مقاولاً - وأن المورث شاركه بالمبلغ في عمل المقاولات وانتهى الطاعن إلى القول بأنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الحكم قد أقام قضاءه باعتبار الإيصال المؤرخ 2/ 9/ 1962 منطوياً على عقد قرض وليس شركة على قوله "وحيث إن النعي على الحكم المستأنف أنه أخطأ في تفسير عبارات الإيصال المؤرخ 2/ 9/ 1962 باستبعاده لوجود شركة بين المستأنف ومورث المستأنف ضدها في غير محله ذلك أن ما ورد بالإيصال بشأن استغلال المبلغ في الأعمال التجارية لا يعدو أن يكون بياناً لسبب القرض وما ورد بالإيصال بأن يكون لمورث المستأنف ضدها نصيب في نتيجة الأعمال مفهومه أن هذا القرض بفائدة وإن كانت المستأنف ضدها لم تطالب بها. وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يفيد أن محكمة الاستئناف قد استخلصت من عبارات الإيصال عدم توافر نية المشاركة بين الطاعن ومورث المطعون عليها وكان يشترط لقيام الشركة أن يوجد لدى الشركاء نية المشاركة في نشاط ذي تبعه وأن يساهم كل شريك في هذه التبعة بمعنى أن يشارك في الربح والخسارة معاً وكان تعرف هذه النية من مسائل الوقائع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك متى أقام رأيه على أسباب تسوغه لما كان ذلك وكان ما استخلصه الحكم تحتمله عبارات الإيصال ذلك أن ما ورد به من استلام الطاعن لمبلغ معين من مورث المطعون عليها لاستغلاله في الأعمال التجارية وأن للأخير نصيبه في هذه الأعمال لا يدل بذاته على قيام شركة بينهما كما لا يدل على نشاط هذه الشركة والعمل الذي تقوم به ونوعه ونية المشاركة وكلها أمور لازمة لقيام مثل هذه الشركة - فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق