الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 26 أبريل 2023

الطعن 4 لسنة 13 ق جلسة 20 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 62 ص 164

جلسة 20 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

--------------

(62)
القضية رقم 4 سنة 13 القضائية

صلح:
أ - ورقة. الطعن فيها بالتزوير. تصالح الطاعن بالتزوير مع خصمه وتنازله عن طعنه. جوازه. صلح في شأن تزوير ورقة من بين أطرافها قصر. تناوله تنازل القصر عن بعض حقوقهم. عدم إجازة المجلس الحسبي إياه. القضاء بعدم نفاذه بالنسبة للقصر صحيح. إجراء هذا القضاء على البلغ بمقولة عدم إمكان تجزئة دعوى التزوير. خطأ. التجزئة في الحقوق المالية. جائزة.
ب - حكم. تسبيبه. القضاء بتزوير عقد بناء على الأدلة الواردة في الحكم، دفع المتمسك بالعقد بأن للعقد تاريخاً ثابتاً بتوقيع متوفى عليه بختمه. عدم الرد صراحة على هذا الدفع. لا يعيب الحكم.

---------------
1 - إنه لا يوجد في القانون ما يمنع من يطعن في الورقة بالتزوير أن يتنازل عن طعنه ويتصالح مع خصمه في الدعوى متى توافرت فيه الأهلية اللازمة للتنازل والصلح. وإذن فإذا قضى الحكم بعدم نفاذ صلح في شأن تزوير ورقة من بين أطرافه قصر لتناوله تنازل القصر عن بعض أصل حقهم وعدم إجازة المجلس الحسبي هذا التصرف، ثم أجرى قضاءه هذا على باقي المشتركين في الصلح بمقولة إن دعوى التزوير لا تقبل التجزئة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بالنسبة لمن عدا القصر. لأن الصلح صحيح بالنسبة لهم إذ التجزئة في الحقوق المالية جائزة وليس هناك ما يحول دونها، فيجوز في عقد واحد مطعون فيه بالتزوير أن يتصالح بعض ذوي الشأن فيه ويظل الباقون متمسكين بطعنهم عليه ثم يقضي ببطلانه. ومثل هذا القضاء لا تأثير له في الصلح الذي تم. والقول بغير ذلك يتعارض مع القاعدة العامة التي تقصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها.
2 - متى أثبتت المحكمة بالأدلة التي أوردتها في حكمها أن العقد المتنازع بشأنه مزور فلا يصح أن ينعى عليها أنها قد قصرت في تسبيب حكمها إذ هي لم ترد رداً صريحاً على ما دفع به المتمسك بالعقد من أن للعقد تاريخاً ثابتاً بتوقيع شاهد متوفى عليه بختمه. وذلك لأن ما أوردته في الحكم من أسباب لإثبات التزوير يتضمن عدم تصديق المتمسك بالعقد فيما دفع به، فإن التوقيع بختم شخص بعد وفاته أمر ممكن لعدم التصاق الختم بصاحبه.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعن أقام أمام محكمة قنا الابتدائية على المطعون ضدهن وآخرين الدعوى رقم 36 سنة 1939 وطلب فيها إثبات صحة توقيع مورثه ومورث المطعون ضدهن المرحوم محمود إبراهيم على عقد البيع التمهيدي المؤرخ في أول يوليو سنة 1936 والمتضمن شراءه من المورث المذكور 18 س و5 ط و7 ف بثمن قدره 375 م و434 ج فطعنت المطعون ضدهن فيه بالتزوير بتقرير بقلم كتاب المحكمة في 7 من مارس سنة 1939، ثم أعلن الطاعن بالأدلة، وطلبن تحقيق ما ترى المحكمة تحقيقه والحكم برد وبطلان العقد المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقد دفع الطاعن الدعوى بدفعين: أولهما أنه تحرر محضر صلح مع المطعون ضدهن تنازلن فيه عن دعوى التزوير، والثاني أن الأدلة المقدمة ليس لها قيمة في إثبات التزوير. وأجابت المطعون ضدهن عن ذلك بأن الصلح تحرر بعوض هو أن يتنازل المدعى عليه عن الجانب الأكبر من الصفقة ويكتفي منها بثلاثة أفدنة، وأنه بعرض محضر الصلح على المجلس الحسبي لم يقره ورأى السير في دعوى التزوير.
وفي أول أكتوبر سنة 1940 قضت المحكمة قبول الدليلين الأول والثاني من أدلة التزوير وأمرت بتحقيقهما كما ندبت مكتب الطبيب الشرعي لتحقيق ما جاء بأسباب الحكم بالنسبة إلى واقعة الكشط.
وفي 20 من مايو سنة 1941 قضت برد وبطلان العقد وألزمت الطاعن بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصلياً بقبول تنازل المطعون ضدهن عن دعوى التزوير واحتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي 11 من يونيه سنة 1942 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وفي 15 من نوفمبر سنة 1942 قرر وكيل الطاعن الطعن في الحكم بطريق النقض بتقرير أعلنه للمطعون ضدهن في 22 من نوفمبر سنة 1942 إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه: أولاً - أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع بسقوط دعوى التزوير واعتبارها منتهية بالتنازل عنها، وذلك لأنه فيما يختص بالقصر فإن التنازل الصادر من الوصي صحيح في حق القاصر إذ هو عمل من أعمال الإدارة التي يجوز له أن يتولاها بغير إذن المجلس الحسبي، وفيما يختص بنصيب البالغين فإن موضوع تلك الدعوى يتجزأ ويصح الصلح فيه، ويكون الصلح ملزماً لمن يملك التصرف في حقوقه، ولا تناقض بين أن يقضي بعدم الاعتداد بالورقة أو بالصلح الذي حصل عن مضمونها بالنسبة إلى بعض الخصوم بينما تكون هذه الورقة صحيحة معتبرة بالنسبة إلى باقي أطرافها. ثانياً - جاء الحكم قاصر التسبيب. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن من بين أوجه دفاعه لدى محكمة الموضوع أن للعقد المطعون فيه تاريخاً ثابتاً يرجع على الأقل إلى 4 من يناير سنة 1937 وهو تاريخ وفاة زيدان علي زيدان أحد الشهود الموقعين على العقد، ولما كان المطعون ضدهن يزعمن أن الطاعن حصل على ختم الشاهد المتوفى بعد وفاته وأساء استعماله فقد كان يتعين على المحكمة أن ترد على دفاع الطاعن وأن تبين الأدلة التي تثبت زعم المطعون ضدهن حصوله على ختم الشاهد بعد وفاته وأن ذلك الختم المسلم بصحته لم يكسر بعد وفاة صاحبه وأنه وصل إلى يد الطاعن فأساء استعماله.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بسقوط دعوى التزوير بناءً على الصلح الذي تنازلت فيه للمطعون ضدهن عن دعوى التزوير، قال إن هذا الدفع، لا يستند إلى أساس، لأن هذا التنازل لم يكن مجرد تنازل عن دعوى مرفوعة حتى يمكن اعتباره من أعمال الإدارة بل حقيقته توافق وتراض وصلح بين المدعيات والمدعى عليه على قسمة أرض النزاع بينهم على الوجه المبين به، وبمقتضى هذا الصلح تنازلت المدعيات عن نفسهن وبصفتهن عن نصيبهن ونصيب القصر المشمولين بالوصاية في الثلاثة الأفدنة التي اختص المدعى عليه بها نتيجة لهذا الصلح وفي مقابل ذلك تنازل المدعى عليه للمدعيات والقصر عن باقي القدر المتنازع عليه وبذلك حسم الخلاف الناشب بينهم بصفة قاطعة. وعليه تكون دعوى التزوير لا محل لها. لذلك نص فيه على تنازل المدعيات عن دعوى التزوير المنظورة. وحيث إنه يبين من ذلك جلياً أن الصلح الذي يترتب عليه تنازل المدعيات عن دعوى التزوير ليس في مقدورهن إنفاذه بغير إجازة من المجلس الحسبي الذي له وحده الحق في التصرف في أملاك القصر بجميع التصرفات الناقلة للملكية أو المقيدة لها كلما رأى المجلس فيه صالحاً للقصر، فالتنازل عن دعوى التزوير معلق بداهة على إنفاذ هذا الصلح الذي رفضه المجلس لأنه يرى فيه غبناً للقصر وذلك لاقتناعه بفساد دعوى المدعى عليه، والأخذ بنظرية المدعى عليه معناه انهيار دعوى التزوير وفوز المدعى عليه بكامل الصفقة فيقتضي جانباً يذكر من أطيان القصر التي لا يمكن التصرف فيها بغير إجازة من المجلس الحسبي. وحيث إن المحكمة ترى أخيراً أنه لا صالح للمدعى عليه في طلب الحكم بسقوط دعوى التزوير بالنسبة للمدعيات شخصياً بناءً على أن لهن حرية التصرف فيما يملكن فيعتبر محضر الصلح بالنسبة إليهن نافذاً وملزماً لهن. وبيان ذلك أن دعوى التزوير لا تقبل التجزئة، فإذا قضى بتزوير عقد فيعتبر مزوراً لا بالنسبة للطاعنين فيه بل يتعدى أثره لغيرهم ممن لم يطعنوا، بل يعتبر باطلاً أيضاً بالنسبة للناس كافة، فلا يمكن أن يقام له أي وزن، ولا يجوز للمحاكم أن تستند إليه في قضائها حتى ولو أجازه الخصوم، لأن العيب الذي يعتوره تبعاً للحكم القاضي برده وبطلانه يعد بطلاناً مطلقاً يلازمه أينما حل. وعلى هذا الأساس يكون الحكم الصادر برد وبطلان العقد بالنسبة للقصر قد تعدى أثره إلى بقية الموقعين عليه بما فيهم المجيزون له، لأنه لا يمكن أن يترتب أي أثر قانوني لتعاقد ثبت بطلانه بحكم انتهائي.
ومن حيث إنه لا يوجد في القانون ما يمنع من يطعن في الورقة بالتزوير من أن يتنازل عن طعنه ويتصالح مع خصمه في الدعوى، متى توافرت فيه شروط الأهلية اللازمة للتنازل والصلح، وإذن فالحكم المطعون فيه قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً (المادة 21 من قانون المجالس الحسبية) بقضائه بعدم نفاذ الصلح الذي تم بين الطاعن والمطعون ضدهن على القصر، ما دام عقد الصلح الموصوف في الحكم تناول تنازل القصر عن بعض أصل حقهم، وما دام المجلس الحسبي لم يجز هذا التصرف. أما بالنسبة لباقي الخصوم فإن الحكم قد أخطأ إذ قضى بعدم نفاذه في حقهم بمقولة عدم إمكان تجزئة دعوى التزوير، لأن الصلح صحيح بالنسبة إليهم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأن التجزئة في الحقوق المالية أمر جائز ولا يحول حائل دون حصوله، إذ من الجائز في عقد واحد مطعون فيه بالتزوير أن يتصالح بعض ذوي الشأن فيه ويظل الباقون متمسكين بمطعنهم عليه ثم يقضي ببطلانه، ومثل هذا القضاء غير مؤثر في الصلح الذي تم. والقول بغير ذلك يتعارض مع القاعدة العامة التي تقصر حجية الأحكام على من كان طرفاً فيها، وفضلاً عن ذلك فإنه لو صح ما قرره الحكم لوجب منطقياً أن يكون القضاء بصحة الورقة مثله مثل القضاء بتزويرها يسري على كل ذوي الشأن فيها، وهذا القول لا يمكن التسليم به لأن القضاء بصحة الورقة قد يكون مبعثه إهمال رافع الدعوى في تقديم الأدلة الكافية على التزوير أو تواطؤه مع المدعى عليه.
ومن حيث إن ما يتمسك به الطاعن من قصور في التسبيب من النواحي التي ذكرها غير صحيح. فإن المحكمة ذكرت أن الشهود "قد شهدوا بأنه بعد وفاة المورث بأيام قلائل حضر إليهم المدعى عليه (الطاعن) ومحرر العقد وعرضا عليهم العقد المطعون فيه ولم يكن عليه توقيعات سوى بصمة ختم المورث وطلبا منهم التوقيع عليه كشهود فرفضوا لأنهم يعرفون الحقيقة، ولما سئلوا عن سبب اختيار المدعى عليه لهم بالذات ليكونوا شهوداً أجابوا بأنهم أولاد عم للمدعيات والمدعى عليه، وهم بهذه الصفة أولى من الغير" ومع هذا الذي ذكره الحكم لا يصح القول بقصوره في النواحي المذكورة لأن النقاش في ذلك متعلق بتقدير موضوعي. إذ متى اعتقدت المحكمة أن العقد مزور للأدلة التي أوردتها كان معنى ذلك أنها لم تصدق ما تمسك به الطاعن من توقيع الشاهد عليه بختمه ما دام التوقيع بختم شخص أمراً في حيز الإمكان حتى بعد وفاة ذلك الشخص لانفصال الختم عن صاحبه وسهولة انتقاله إلى يد غيره.
ومن حيث إنه متى تقرر ما تقدم فإن محكمة الموضوع إذ لم تقبل تنازل السيدات طيبة محمد أبو بكر بصفتها الشخصية ومنيرة محمود إبراهيم وهدية محمود إبراهيم في عقد الصلح عن دعوى التزوير يكون حكمها قد جاء مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون ولذلك يتعين نقضه نقضاً جزئياً فيما يختص بهذا التنازل. ولما كانت الدعوى بهذه الصورة صالحة للحكم في موضوعها فإنه يتعين القضاء بصحة تنازل السيدات المذكورات عن طعنهن بالتزوير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق