الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 أبريل 2023

الطعن 469 لسنة 40 ق جلسة 25 / 3 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 172 ص 871

جلسة 25 مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، حسن النسر، يحيى العموري ومنير عبد المجيد.

-----------------

(172)
الطعن رقم 469 لسنة 40 القضائية

(1) دعوى "ترك الخصومة". نقض.
ترك الخصومة. وجوب أن يكون خلواً من أي تحفظات تهدف إلى التمسك بآثارها. ترك الطاعن للخصومة في الطعن بالنقض بشرط نفاذ عقد البيع المقضي نهائياً بفسخه. أثره. عدم قبول الترك.
(2) التزام "الحوالة". بيع. تأمينات عينية. عقد "تكييف العقد".
اتفاق طرفي عقد البيع على قيام المشتري بالوفاء بدين الرهن على العين المبيعة. اعتباره حوالة دين قبول الدائن المرتهن لها. أثره. جواز احتجاج المشتري قبله بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة ومنها عيوب الرضا.
(3) إثبات "الإحالة للتحقيق". حكم "تسبيبه". دعوى.
رفض المحكمة طلب الإحالة للتحقيق. وجوب بيان سبب رفضها له. إغفالها بيان الرد السائغ. إخلال بحق الدفاع.

----------------
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة (1) - أنه لا يجوز أن يكون ترك الخصومة مقروناً بأي تحفظ، بمعنى أن يكون خالياً من أية شروط تهدف إلى تمسك التارك بصحة الخصومة أو بأي أثر من الآثار القانونية المترتبة عليها، وكان طلب الطاعنين مشروطاً بتنازلهما عن حكم الفسخ وتمسكهما بثبوت حقهما في نفاذ عقد البيع المقضي بفسخه ابتدائياً، وهو أمر يخرج عن نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة وقد أصبح نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي - لعدم استئناف الطاعنين لهذا الشق - مما لا يجوز للمحكمة أن تتصدى له، فإن الترك لا يكون مقبولاً.
2 - إذ كان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تسبغ التكييف الصحيح على واقعة الدعوى، إلا أنها تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، وإذ كان استناد محكمة الاستئناف إلى المادة 323 من القانون المدني لا يصلح أساساً لتكييف العلاقة بين الأطراف الثلاثة - البائع والمشتري والبنك - لأنه لا صالح للطاعنين في الوفاء عن البائع بقصد الحلول محل البنك في دينه قبل البائع، كما أن الطاعنين لم يقصدا الوفاء إلى البنك تفضلاً، وكان التكييف الصحيح لهذه العلاقة هو أن الأمر يتعلق بحوالة دين ثم الاتفاق فيها بين المدين الأصلي للبنك - المطعون عليه الأول البائع - والمحال عليه - الطاعنتين المشتريتين - على أن تتحمل الأخيرتان سداد دين البنك بدلاً من سداد الثمن للبائع في مقابل تطهير العقار من الرهن، ومؤدى ذلك أن الدين الذي التزمت به الطاعنتان قبل الدائن هو عين الدين الذي كان مترتباً في ذمة المدين الأصلي وبرئت منه هذه الذمة بالحوالة ما دام الدائن - البنك - قد قبلها ويكون له أن يحتج على الدائن بأوجه الدفع المستمدة من عقد الحوالة كعيوب الرضا.
3 - إنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود، إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه، وإذ كان ردها غير سائغ فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 2970 سنة 1963 القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 13/ 3/ 1963 وملحقه المؤرخ 12/ 3/ 1963 المتضمن بيع المطعون عليه الأول لهما العقار قم 24 شارع.... واعتباره كأن لم يكن، وبفسخ الاتفاق الضمني المبرم بينهما وبين المطعون عليه الثاني - البنك العقاري - في 16/ 3/ 1963 وإلزامه برد مبلغ 12000 ج، وقالتا شرحاً للدعوى إن المطعون عليه الأول باع لهما العقار المشار إليه بموجب العقد المؤرخ 13/ 2/ 1963 بثمن قدره 12000 ج دفعتا منه وقت التعاقد 500 ج، واتفق على قيام المشتريتين بسداد مبلغ 9500 ج من باقي الثمن إلى البنك العقاري خلال ثلاثة أيام من تاريخ موافقة مجلس إدارة البنك العقاري - المطعون عليه الثاني - على تخصيص هذا المبلغ لتطهير العقار المبيع من حق الرهن الذي للبنك عليه وجعله خالياً من أي حق عيني أما الباقي من الثمن وقدره 2000 ج فقد اتفق على سداده عند التوقيع على العقد النهائي، وبتاريخ 12/ 3/ 1963 أدخل الطرفان تعديلاً على العقد يقضي بالتزام الطاعنتين بأداء باقي ثمن العقار وقدره 11500 ج للبنك العقاري مباشرة نظير التزام البنك بتطهير العقار من الرهن الذي كان عليه، وكان ملحوظاً في هذا الاتفاق إن دفع الثمن للبنك سيؤدي إلى تطهير العقار من أي حق عيني عليه، سواء للبنك أو لغيره وأنهما قامتا بناء على ذلك بسداد مبلغ 11500 ج للمطعون عليه الثاني، كما سدد المطعون عليه الأول 500 ج، وذلك بموجب إيصال مؤرخ 16/ 3/ 1963 جاء به أن هذا المبلغ هو الذي قرره مجلس إدارة البنك بجلسته المنعقدة في 4/ 3/ 1963 لفك الرهن، وإذ تبين لهما وجود حقوق عينية أخرى على العقار ضماناً لديون أخرى تزيد كثيراً عن دين البنك العقاري المصري، وكان هذا الشرط في عقد البيع جوهرياً لازماً لقيام العقد وصحته فقد حق لهما طلب فسخه، وإذ كان الاتفاق مع البنك العقاري وأداء الثمن له نتيجة مباشرة لعقد البيع وقصد به تطهير العقار من كافة الحقوق العينية عليه، فإن الاتفاق المعقود مع البنك يفقد شرطاً جوهرياً من شروط نفاذه مما يوجب فسخه، فقد أقامتا الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، وبتاريخ 9/ 6/ 1969 حكمت المحكمة بفسخ عقد البيع المؤرخ 13/ 2/ 1963 وملحقه المؤرخ 12/ 3/ 1963 ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم في خصوص طلبهما فسخ عقدهما مع البنك بالاستئناف رقم 1837 سنة 86 ق القاهرة، وبتاريخ 30/ 3/ 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وأثناء تداول نظر الطعن طلبت الطاعنتان إثبات تنازلهما عن الطعن كأثر لتنازلهما عن الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 9/ 6/ 1969 القاضي بفسخ عقد البيع وملحقه مع تمسكهما بنفاذه.
وحيث إنه عن طلب الطاعنتين إثبات تنازلهما عن الطعن، فإنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز أن يكون الترك مقروناً بأي تحفظ، بمعنى أن يكون خالياً من أية شروط تهدف إلى تمسك التارك بصحة الخصومة، أو بأي أثر من الآثار القانونية المترتبة عليها، وكان طلب الطاعنين على النحو المتقدم مشروطاً بتنازلهما عن حكم الفسخ وتمسكهما بثبوت حقهما في نفاذ عقد البيع المقضي بفسخه ابتدائياً، وهو أمر يخرج عن نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة وقد أصبح نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي، مما لا يجوز للمحكمة أن تتصدى له، فإن الترك لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقولان إنهما تمسكتا أمام محكمة الموضوع بأن هناك ارتباطاً بين اتفاق البيع واتفاق البنك وأن فسخ الاتفاق الأول يؤدي حتماً إلى فسخ الاتفاق الثاني لأنه لم يؤد إلى تطهير العقار نهائياً وهو مقصود المتعاقدين من الاتفاقين، والعبرة بنية المتعاقدين وأن نيتهما لم تنصرف إلى مجرد الحلول محل البنك في دينه قبل البائع لأنه لا صالح لهما في ذلك ولم يقصدا السداد للبنك تفضلاً مما يجعل تطبيق محكمة الموضوع للمادة 323 من القانون المدني على واقعة السداد بعيداً عن مقصود المتعاقدين، ولأن البنك كان سيئ النية ويعلم بشروط عقد البيع ومقصود الطاعنين من دفع كامل الثمن له بديلاً من البائع، وأن تدليساً وقع من البنك أدى إلى دفعهما له بقصد تطهير العقار وما كانا ليدفعاه لو علما الحقيقة، فإن هناك رهوناً أخرى على العقار موضوع التعاقد، وأنهما طلبتا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات كل ذلك، وكان رد المحكمة أنه لم يقم دليل على تدليس أو غش البنك وأنه كان حسن النية لا يعلم بوجود حقوق عينية أخرى وأن الطاعنتين تحلان محل البنك في دينه قبل البائع طبقاً للمادة 323 من القانون المدني، وذلك منها وقوفاً عند حد تفسير إيصال سداد دين البنك دون الرجوع إلى ما ورائه من طلب قدم من البائع والمشترين ودراسة البنك لكافة ظروف الموقف في حين أن دليلهما لإثبات التدليس هو التحقيق، وأن المستندات المقدمة تدل على علم البنك وسوء نيته لوجود رهون أخرى على العقار مما يتخلف معه شرط الوفاء للبنك، ومن ثم يكون حكمها معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إنه لما كان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تسبغ التكييف الصحيح على واقعة الدعوى إلا أنها تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، وإذ كان استناد محكمة الاستئناف إلى المادة 323 من القانون المدني لا يصلح أساساً لتكييف العلاقة بين الأطراف الثلاثة البائع والمشتري والبنك، لأنه لا صالح للطاعنتين في الوفاء عن البائع بقصد الحلول محل البنك في دينه قبل البائع، كما أن الطاعنتين لم يقصدا الوفاء إلى البنك تفضلاً، وكان التكييف الصحيح لهذه العلاقة هو أن الأمر يتعلق بحوالة دين تم الاتفاق فيها بين المدين الأصلي للبنك - المطعون عليه الأول البائع - والمحال عليه - الطاعنتين المشتريتين - على أن تتحمل الأخيرتان سداد دين البنك بدلاً من سداد الثمن للبائع في مقابل تطهير العقار من الرهن، ومؤدى ذلك، أن الدين الذي التزمت به الطاعنتان قبل الدائن هو عين الدين الذي كان مترتباً في ذمة المدين الأصلي وبرئت منه هذه الذمة بالحوالة ما دام الدائن - البنك - قد قبلها ويكون له أن يحتج على الدائن بأوجه الدفع المستمدة من عقد الحوالة كعيوب الرضا، لما كان ذلك، وكانت الطاعنتان قد ادعتا ارتباط اتفاق البنك باتفاق البيع وعلم البنك بظروف البيع وشروطه المقدمة له مع الطلب المقدم من البائع والمشتري ليقبل حوالة الدين في مقابل شطب الرهن وسوء نيته بعلمه أن قصد المتعاقدين هو تطهير العقار من الرهن لينتقل لهما خالصاً من أي رهن، وادعتا أن تدليساً وقع من البنك في هذا الخصوص وطلبتا إثبات ذلك بالبينة للوصول إلى أن الأمر يتعلق بسداد مشروط بتطهير العقار من الرهن، وردت المحكمة على ذلك بالرفض بمقولة إنه لم يقم دليل على تدليس أو غش البنك، إذ لم يثبت أنه اتبع حيلاً من الجسامة بحيث لولاها لما تعاقدت معه الطاعنتان، كما انتفى علمه بوجود حقوق عينية أخرى على العقار المبيع، وأنه لم يثبت توافر علم البنك إلا بعد تمام ذلك العقد الضمني، وكان ذلك منها وقوفاً عند حد تفسير الإيصال الذي تم سداد المبلغ به بأنه صريح في أن السداد كان مقابل تطهير العقار من دين البنك فحسب دون أن تفحص الأوراق المتصلة بهذا الإيصال وما اشتمل عليه الطلب المقدم من البائع والمشتريتين والتي كانت محل دراسة من البنك، فإن ذلك يعتبر من قبيل المصادرة على المطلوب، فإنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود، إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه، وإذ كان ردها غير سائغ، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 24/ 11/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 ص 1649.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق