جلسة 25 من فبراير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي رئيساً وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، أحمد شيبة الحمد، ألفي بقطر حبشي وأحمد شوقي المليجي.
-------------
(116)
الطعن رقم 463 لسنة 41 القضائية
(1) دفوع. دستور. نظام عام. نقض.
الدفع بعدم دستورية القوانين. غير متعلق بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2، 3) عمل. شركات.
(2) حظر المطالبة بالحد الأدنى للمرتبات المقرر باللائحة 1598 سنة 1961 سواء للعاملين الذين سويت حالاتهم تسوية تلقائية أو من لم تسو حالاتهم. الاستثناء. ق 51 سنة 1968. لا يعد ذلك مساساً بالحقوق المكتسبة للعاملين.
(3) العاملون الذين صدرت لهم أحكام قضائية نهائية باستحقاق الحد الأدنى للمرتب في اللائحة 1598 سنة 1961. قبل صدور القانون 51 سنة 1968. عدم قبول طلب المساواة بهم. علة ذلك.
(4) شركات. عمل. قانون. مقاصة.
اقتطاع الشركة من أجر العامل نسبة لا تتجاوز الربع الجائز الحجز عليه مقابل إلغاء تسوية لا يستحقها. لا مخالفة في ذلك لأحكام قانون العمل الذي حدد حالتين لإجراء المقاصة القانونية بين دين رب العمل الناشئ عن قرض أو تعويض أو الإتلاف وبين أجر العامل. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم.... عمال كلي القاهرة على المطعون ضدها شركة....... طالباً الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف إجراء الخصم بواقع 10% من مرتبه الشهري حتى يفصل في الطلب الموضوعي بحكم نهائي، ثانياً وأصلياً ببطلان حق الشركة المطعون ضدها من استرداد ما سبق صرفه له وقدرته هي بمبلغ 354.877 جنيهاً مع رد ما تكون قد قامت بخصمه من مرتبه، واحتياطياً ببطلان حقها في استرداد ما سبق صرفه له عن المدة من 29/ 12/ 62 حتى 30/ 6/ 65 مع رد ما تكون قد قامت بخصمه من مرتبه وقال بياناً لها أنه التحق بخدمة الشركة في 1/ 6/ 1962 في وظيفة بالكادر العالي عملاً بالمادة الثالثة من لائحة موظفي وعمال الشركات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 1598 لسنة 1961، وأنه في 9/ 5/ 1965 قررت الشركة تسوية مرتبه بواقع 20 جنيهاً شهرياً يضاف إليه ستة جنيهات وخمسمائة مليم إعانة غلاء المعيشة اعتباراً من تاريخ تعيينه طبقاً للجدول الملحق بهذه اللائحة، إلا أنها عادت وأخطرته في 22/ 4/ 1969 بأن رفع مرتبه إلى الحد الأدنى المقرر في تلك اللائحة قد تم بالمخالفة لأحكام القانون رقم 51 لسنة 1968 وطالبته بسداد ما سبق صرفه له بناء على تلك التسوية عن الفترة من 1/ 6/ 1962 حتى 30/ 6/ 1965 وجملته 354 جنيهاً و877 مليماً، وبأنها في حالة عدم سداده ذلك المبلغ ستقوم بخصمه من مرتبه بنسبة 10% منه شهرياً اعتباراً من شهر مايو سنة 1969، وإذ كان هذا الذي ذهبت إليه الشركة لا يتفق وصحيح القانون فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان، وفي 30/ 5/ 1970 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم...... وأضاف في صحيفته طلباً ثالثاً هو إلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ 100 جنيهاً تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية وأدبية، وفي 25/ 3/ 1971 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 28/ 1/ 1978 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل الوجه الثالث من السبب الأول منها الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيانه يقول الطاعن أن القانون رقم 51 لسنة 1968 والصادر بقرار من رئيس الجمهورية استناداً إلى القانون رقم 15 لسنة 1967 بتفويضه بإصدار قرارات لها قوة القانون قد جاوز حدود ذلك التفويض عندما نص في المادة الثانية منه على سريانه اعتباراً من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961، ذلك أن المادة 163 من دستور 24/ 3/ 1964 تستلزم لتقرير الأثر الرجعي للقانون موافقة أعضاء مجلس الأمة ولا يسوغ أن يحل رئيس الجمهورية محل هذا المجلس وهو هيئة منتخبة في إصدار قانون له هذا الأثر.
وحيث إن هذا النعي وهو لا يعدو أن يكون دفعاً بعدم دستورية القانون رقم 51 لسنة 1968 غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفع بعدم دستورية القوانين غير متعلق بالنظام العام، ولا يجوز للمحكمة أن تعرض له من تلقاء نفسها، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن لم يثر هذا الدفع أمام محكمة الموضوع فإنه لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجهين الأول والثاني من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال، وفي بيانها يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن المشرع لم يستثن من تطبيق حكم القانون رقم 51 لسنة 1968 إلا من حصل على حكم قضائي نهائي كما أخذ بأسباب الحكم الابتدائي التي استعانت على القول بانسحاب أثره إلى ما تم من تسويات ودية بما جاء بمذكرته الإيضاحية من اتجاه إرادة المشرع إلى التقليل من ضغط الإنفاق المالي، في حين أن الواضح من عبارة هذا القانون وقصد المشرع منه أن حكمه إنما ينصرف إلى المطالبات المستقبلة وتلك التي ما زالت محل نزاع بين العامل ورب العمل دون التسويات الودية التي تمت فعلاً قبل نفاذه والتي سكت عن النعي عليها، كما أن ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون لا يصلح سنداً لإعمال حكمه على هذه التسويات لما في ذلك من مساس بالحقوق المكتسبة التي رتبتها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الشارع إذ نص في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية لا يجوز للعاملين الذين سرت في شأنهم لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 الاستناد إلى الحد الأدنى المقرر في الجدول المرافق لهذه اللائحة للمطالبة برفع مرتباتهم، أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف أية فروق عن الماضي "ونص في مادته الثانية على أن ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ويكون له قوة القانون ويعمل به اعتباراً من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 المشار إليه" فقد أراد بعبارة صريحة أن يحظر الاستناد إلى الحدود الدنيا للمرتبات التي عينها بالجدول المرافق لتلك اللائحة لرفع مرتبات العاملين أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف فروق عن الماضي وأن يرتد بحكم القانون إلى تاريخ العمل بهذه اللائحة فألغى بذلك مالها من آثار في هذا الخصوص بالنسبة للعاملين سواء من سويت حالاتهم تسوية تلقائية أو من لم تسو حالاتهم على هذا النحو، ولم يستثن من هذا الحكم سوى العاملين الذين سبق أن صدرت لهم أحكام قضائية نهائية، ومتى كان النص صريحاً قاطعاً في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بهدف التشريع وقصد المشرع منه لأن البحث في ذلك إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، كما أنه لا وجه لتحدي الطاعن بأن إعمال حكم ذلك القانون على التسويات التي تمت وفقاً للائحة سالفة الذكر يمس الحقوق المكتسبة للعاملين لأن هؤلاء العاملين لا يستمدون حقوقهم في الحدود الدنيا للمرتبات من هذه اللائحة مباشرة بل كان يتعين لنشوء هذه الحقوق وضع جداول الوظائف المنصوص عليها في المادتين الثانية والثالثة منها وهو ما لم يتم حتى ألغيت بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذه الأوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الثاني والوجه الأول من السبب الثالث القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن التسوية التي تمت بالنسبة له مردها أن الشركة رأت تطبيق قاعدة المساواة حين قدم إليها حكم قضائي صدر لأحد العاملين بالقطاع العام وأنها لم تستند فيها إلى أحكام لائحة موظفي وعمال الشركات الصادر بها القرار الجمهوري رقم 1598 لسنة 1961 كما طالب بمساواته بزميل له قضى لصالحه كذلك في دعوى مماثلة إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان القانون رقم 51 لسنة 1968 قد حظر الاستناد إلى الحدود الدنيا للمرتبات المقررة بالجدول المرافق للائحة موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 لرفع مرتبات العاملين، ولم يستثن من حكمه سوى للعاملين الذين سبق أن صدرت لهم أحكام قضائية نهائية، وكان العاملون الذي سرت في شأنهم تلك اللائحة لم تنشأ لهم حقوق في تلك المرتبات حتى ألغيت على ما سبق بيانه في الرد على الأوجه السابقة، وكان مقتضى ذلك أن الاستثناء الذي أورده القانون لا يصلح سنداً لطلب المساواة لأن المساواة بين العاملين إنما تكون في الحقوق التي يكفلها القانون وفي الحماية التي يضيفها على أصحاب هذه الحقوق ومن، ثم لا يعد دفاع الطاعن القائم على هذا الأساس دفاعاً جوهرياً قد يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإن النعي على الحكم بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع لإغفاله الرد عليه يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الثالث أن نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 لم يرد به نص خاص يجيز لرب العمل أن يقتطع جزءاً من مرتب العامل، وأحالت المادة 1/ 2 من مواد إصداره على قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فيما لم يرد به نص خاص في ذلك النظام، وهذا القانون لم يجز لرب العمل هذا الاقتطاع إلا في حالتين نصت عليهما المادتان 51، 54 منه وهما الاقتطاع مقابل القرض أو مقابل قيمة ما أتلفه العامل بخطئه من آلات أو منتجات وهو الأمر الذي كان يتعين معه على الشركة المطعون ضدها أن تلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بالمبالغ التي صرفتها للطاعن بناء على تلك التسوية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقر الشركة على اقتطاع هذه المبالغ من مرتبه وانتهى إلى رفض دعواه ورتب على ذلك عدم إجابته إلى طلب تعويضه عما ناله من أضرار نتجت عن إخلال الشركة بالالتزام القانوني الذي يحظر هذا الإجراء فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن كان الشارع قد نص في المادتين 51، 54 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 على حالتين تقع فيها المقاصة القانونية بين أجر العامل وبين دين رب العمل الناشئ عن قرض أو تعويض الإتلاف وجعل لكل منهما حكماً خاصاً إلا أنه فيما عدا هاتين الحالتين تظل تلك المقاصة ووفقاً للقاعدة العامة المقررة بالمادة 364 من القانون المدني جائزة بين ديون رب العمل الأخرى وبين أجر العامل بالقدر المقابل للحجز عليه من هذا الأجر، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن ما تقتطعه الشركة المطعون ضدها من مرتب الطاعن - استيفاء لدينها المترتب على إلغاء تلك التسوية - لا يجاوز الريع الجائز الحجز عليه طبقاً للمادة 52 من قانون العمل المشار إليه فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق