الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أبريل 2023

الطعن 33 لسنة 10 ق جلسة 21 / 11 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 76 ص 273

جلسة 21 نوفمبر سنة 1940

برياسة حضرة محمد فهمي حسين بك وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-------------------

(76)
القضية رقم 33 سنة 10 القضائية

إعلان. 

محل الخصم. ما هو؟ متى يجوز أن يحصل الإعلان في غير المحل الأصلي؟ الطعن بطريق النقض. دعوى مستقلة عن إجراءات التقاضي الموضوعية. إعلان الطعن. يجب أن يكون في المحل الأصلي. متى يصح الإعلان في غير هذا المحل؟ 

(المادتان 6 مرافعات و17 من قانون محكمة النقض)

-----------------
إنه وإن كان المقصود من محل الخصم الوارد ذكره في المادة 6 مرافعات هو المحل الأصلي إلا أن القانون ليس فيه ما يمنع الخصم من التنازل عن حقه في أن يكون إعلانه بهذا المحل، بل إن المستفاد من مجموع النصوص أنه يجوز للخصم أن يعين محلاً يخصص لإعلانه فيه في دعوى واحدة معينة أو أكثر حسبما يشاء. واختيار المحل في هذه الحالة يجب - لمجيئه على خلاف الأصل ولما تضمن من تنازل عن حق - أن يكون ثابتاً على وجه لا يحتمل الشك. وإذن فإعلان الطعن بالنقض يجب، إن لم يكن لشخص الخصم، أن يكون لمحله الأصلي. ولا يجوز أن يحصل في غير هذا المحل إلا إذا ثبت أنه قد اختار محلاً آخر، وكان قد خصصه ليعلن فيه بإجراءات الطعن؛ إذ الطعن بطريق النقض إنما هو دعوى مستقلة عن إجراءات التقاضي الموضوعية وله إجراءاته الخاصة به، فلا يكفي أن يعلن الخصم به في المحل الذي كان قد اختاره ليعلن فيه بالإجراءات أمام محكمة الموضوع.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة وكانت مقدّمة من قبل لمحكمة الموضوع - فيما يأتي:
رفعت الست سكينة محمد حسين (الطاعنة) عن نفسها وبصفتها الدعوى رقم 143 سنة 1939 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على الشيخ بدر الدين شريف وعثمان محمد خليل أفندي (المطعون ضدّهما) وباشمحضر محكمة كرموز الجزئية وطلبت فيها الحكم على الأوّلين في مواجهة الثالث: (أوّلاً) وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في دعوى البيع رقم 570 سنة 1938 كلي وبعدم جواز تنفيذه. (ثانياً) ببطلان حكم مرسى المزاد الصادر من محكمة الإسكندرية بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1938 في الدعوى رقم 570 سنة 1938 السالف ذكرها، وبطلان ما ترتب عليه من التسجيلات والإجراءات وتثبيت ملكيتها بصفتيها إلى الحصة التي قضى بنزع ملكيتها وقدرها ثمانية قراريط شائعة في أرض وبناء المنزل الكائن بشارع الثريا رقم 51 بالإسكندرية بقسم كرموز والمبينة حدوده ومعالمه بصحيفة دعوى نزع الملكية وشطب ما توقع عليه من التسجيلات. (ثالثاً) بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها بصفتيها مائة جنيه على سبيل التعويض. كل ذلك للأسباب التي بينتها في صحيفة دعواها المعلنة بتاريخ 18 و24 من يناير سنة 1939 مع إلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 12 من إبريل سنة 1939 قضت المحكمة: (أوّلاً) برفض الطلب الأوّل الخاص بوقف تنفيذ الحكم الصادر في دعوى البيع رقم 570 سنة 1938 كلي الإسكندرية مع إلزام الطاعنة بالمصاريف الخاصة بذلك. (ثانياً) بعدم قبول الطلب الثاني الخاص ببطلان حكم مرسى المزاد الصادر في الدعوى سالفة الذكر بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1938 مع إلزام الطاعنة بالمصاريف الخاصة بذلك. (ثالثاً) بإلزام المطعون ضدّهما الشيخ بدر الدين شريف رئيس جمعية العهد الوثيق السكوتية وعثمان محمد خليل أفندي الوكيل والنائب عن الجمعية المذكورة بطريق التضامن بأن يدفعا للطاعنة عن نفسها وبصفتها مائة جنيه على سبيل التعويض مع إلزامهما بالمصاريف الخاصة بذلك. (رابعاً) بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبت بصحيفة استئنافها المعلنة بتاريخ 20 و21 من مايو سنة 1939 والمقيدة برقم 604 سنة 56 قضائية إلغاءه بالنسبة للطلبات المحكوم برفضها، كما استأنفه المطعون ضدّهما وطلبا بصحيفة استئنافهما المعلنة بتاريخ 29 من مايو سنة 1939 والمقيدة برقم 670 سنة 56 قضائية إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به عليهما وفض دعوى الطاعنة.
وبتاريخ 16 من يناير سنة 1940 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما: (أوّلاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ حكم مرسى المزاد ومن عدم قبول طلب بطلان حكم مرسى المزاد. (ثانياً) بتعديله فيما قضى به من مبلغ التعويض وإلزام الشيخ بدر الدين شريف رئيس جمعية العهد الوثيق السكوتية وعثمان محمد خليل أفندي الوكيل والنائب عن تلك الجمعية بأن يدفعا بطريق التضامن للست سكينة محمد حسين بصفتيها 50 جنيهاً على سبيل التعويض. (ثالثاً) بإلزام الست سكينة محمد حسين بمصاريف استئنافها وبإلزام الشيخ بدر الدين شريف وعثمان محمد خليل أفندي بصفتهما بالمصاريف المناسبة لمبلغ 50 جنيهاً عن الدرجتين عن طلب التعويض وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
وقد طعن وكيل الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض في 11 من مايو سنة 1940 بتقرير أعلن في 21 من ذلك الشهر إلى المطعون ضدّه الأوّل في مكتب الأستاذ أحمد محمود حمادي المحامي. وفي 23 منه إلى المطعون ضدّه الثاني في مكتب الأستاذ زكريا العزوني المحامي... إلخ.


المحكمة

من حيث إن محامي المطعون ضدّهما دفع في المذكرة المقدّمة منه ببطلان الطعن وما ترتب عليه من إجراءات، لأن الطاعنة أعلنت تقرير الطعن للمدعى عليهما لا في محل إقامتهما الذي لا تجهله الطاعنة بل في مكتب المحاميين عنهما أمام محكمة الموضوع باعتباره محلاً مختاراً لهما في إجراءات النقض، مع أنهما لم يختارا هذا المحل لا صراحة ولا دلالة لتسلم الأوراق الخاصة بالنقض، فضلاً عن أن المحاميين المعلن إليهما تقرير الطعن غير مقرّرين أمام محكمة النقض والإبرام. وقد قدّم المحامي عن المطعون ضدّهما للتدليل على علم الطاعنة بمحل إقامتهما: (1) صحيفة استئناف معلنة بتاريخ 21 من مايو سنة 1939 بناء على طلب الطاعنة ومبين بها محل إقامة المطعون ضدّهما. (2) صورة من الحكم الابتدائي معلنة إليهما في 23 من مايو سنة 1939 بناء على طلب الطاعنة ومبين بالحكم محل إقامة المطعون ضدّهما أيضاً.
ومن حيث إن الطاعنة قالت في ردّها على هذا الدفع ما يأتي:
(1) إن إجراءات نزع الملكية ورسوّ المزاد ودعوى بطلان الإجراءات لم توجه إلى المطعون ضدّهما شخصياً بل وجهت إلى جمعية العهد الوثيق السكوتية التي يمثلها المطعون ضدّهما، وقد قضى في الدعوى عليهما بهذه الصفة، ورفع النقض بهذه الصفة أيضاً. ولما كانت الإعلانات يجب أن تعلن إلى محل الجمعية ولم يكن لها محل معروف بالإسكندرية بل كل ما تعرفه الطاعنة أن لهما محلاً مختاراً قضائياً هو مكتب المحاميين عنهما فقد أعلنتهما بتقرير الطعن في هذا المكتب باعتباره مقرّ الجمعية، ولم يعترض المحاميان على تسليم الإعلانات في مكتبهما.
(2) إن الحكم المطعون فيه قد أعلن بهذا المحل ودفع المبلغ المقضى به فيه.
(3) إن صحيفة الإعلان التي يستند إليها المطعون ضدّهما للتدليل على علم الطاعنة بمحل إقامتهما وأنه ذكر بها محل إقامتهما، فإن الطاعنة طلبت في الإعلان أن يعلنا في مكتب المحامي.
(4) إن القانون يقضي بأن الإعلان إذا كان باطلاً فإن البطلان يزول بحضور المعلن إليه لأن الحكمة التي توخاها الشارع هي أن يصل الإعلان إلى الخصم ليعلم بالدعوى ويجيب عنها، وقد تسلم المطعون ضدّهما الإعلانات وردا عليها في الميعاد القانوني.
(5) إن المطعون ضدّهما أعلناها في دعوى أخرى بعد صدور الحكم المطعون فيه وذكرا في الإعلان أنهما متخذان نفس المكتبين المذكورين محلاً مختاراً لهما.
ومن حيث إن صيغة إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدّهما قد جاء فيها أن المحضر أعلن: (1) الشيخ بدر الدين شريف (المطعون ضدّه الأوّل) عن نفسه وبصفته المدعاة كرئيس الشركة المدنية المسماة جمعية العهد الوثيق السكوتية المقيم بالإسكندرية والمتخذ له محلاً مختاراً مكتب الأستاذ أحمد محمود حمادي المحامي. (2) عثمان محمد خليل أفندي (المطعون ضدّه الثاني) عن نفسه وبصفته المدعاة كوكيل ونائب عن جمعية العهد الوثيق السكوتية المقيم بالإسكندرية والمتخذ له محلاً مختاراً مكتب الأستاذ زكريا العزوني المحامي. الأوّل في يوم 21 من مايو سنة 1940 والثاني في يوم 23 من ذلك الشهر مخاطباً مع فرّاش كل من المكتبين المذكورين.
ومن حيث إن المادة 17 من قانون إنشاء محكمة النقض والإبرام نصت على وجوب إعلان الطعن في الخمسة عشر يوماً التالية للتقرير إلى جميع الخصوم الذين وجه الطعن ضدّهم وإلا كان الطعن باطلاً، وعلى أن الإعلان يكون بورقة من أوراق المحضرين وبالأوضاع العادية.
ومن حيث إن المادة 6 من قانون المرافعات نصت على وجوب تسليم الأوراق المقتضى إعلانها لنفس الخصم المراد إعلانه أو لمحله.
ومن حيث إنه وإن كان المقصود من محل الخصم هو محله الأصلي فإن القانون لم يمنع الخصوم من التنازل عن حقهم في أن يعلنوا بمحلهم الأصلي، وأجاز لهم - كما يستفاد من مجموع نصوصه (في غير الأحوال التي يلزمهم فيها بذلك) - أن يعينوا محلاً يخصص لإعلانهم فيه في دعوى واحدة معينة أو أكثر حسبما يشاءون. واختيار المحل على هذه الصورة يجب - لمجيئه على خلاف الأصل ولما تضمن من تنازل عن حق - أن يكون ثابتاً على وجه لا يحتمل الشك.
ومن حيث إنه لما تقدّم يتعين القول بأن إعلان الطعن بالنقض يجب أن يكون للمحل الأصلي، ولا يجوز أن يحصل في محل آخر إلا إذا ثبت أن المطعون ضدّه قد اختار هذا المحل الآخر خصيصاً ليعلن فيه بإجراءات ذلك الطعن. لأن الطعن بطريق النقض إنما هو دعوى مستقلة عن إجراءات التقاضي الموضوعية ولها إجراءاتها الخاصة بها، ولا يكفي لإعلان الخصم به في محل مختار أن يكون هذا المحل قد اختير ليعلن فيه بالإجراءات أمام محكمة الموضوع.
ومن حيث إنه متى تقرّر ذلك يكون إعلان الطاعنة تقرير الطعن إلى المطعون ضدّهما في مكتبي الأستاذين أحمد محمود حمادي وزكريا العزوني المحاميين قد جاء على صورة مخالفة للقانون، لأنهما لم يتخذا مكتبي هذين المحاميين محلاً مختاراً لهما إلا لمناسبة توكيلهما لمباشرة إجراءات الدعوى لدى محكمة الموضوع، ولم يثبت أنهما اتخذا المكتبين المذكورين لإعلانهما بالإجراءات الخاصة بالنقض أيضاً.
ومن حيث إنه لا يشفع للطاعنة ادعاؤها أنها تجهل مقرّ الشركة، وأنها رفعت الدعوى على المطعون ضدّهما (الأوّل بصفته رئيساً للشركة والثاني وكيلاً لها) لأن الإعلان في حالة عدم وجود محل معلوم للخصم المراد إعلانه له إجراءات خاصة في القانون كان عليها أن تلتزم اتباعها. ولا يصح أن تتخذ جهلها عذراً لتسلك سبيلاً آخر في الإعلان. كما لا يشفع لها ما تدّعيه من أنها أعلنت المطعون ضدّهما بالحكم الاستئنافي في المكتبين المتقدّم ذكرهما فإن ذلك، مع التسليم به، لا يفيد إلا بقاء المكتبين محلاً مختاراً إلى وقت الإعلان بالحكم المذكور الذي لا يعدو أن يكون من الإجراءات الخاصة بالدعوى أمام محكمة الموضوع. ولا يشفع لها أيضاً ما تقوله من أن بطلان الإعلان قد صححه تسلم المطعون ضدّهما الإعلان وتقديم مذكرتهما في الميعاد. ذلك لأنه إن جاز القول بأن وصول ورقة الإعلان الباطل إلى المعلن إليه قد يزيل هذا البطلان فإنه على كل حال لم يقم في هذه الدعوى أي دليل على تسلم المطعون ضدّهما ورقة الإعلان في الميعاد القانوني. يضاف إلى هذا أن مذكرة المطعون ضدّهما لم تتضمن سوى الدفع ببطلان الطعن بناء على بطلان الإعلان. ولا يشفع لها أخيراً ما تمسكت به من أن المطعون ضدّهما أعلناها بعد صدور الحكم المطعون فيه بصحيفة خاصة بدعوى أخرى ذكرا فيها أن المكتبين المذكورين هما محلهما المختار. وذلك لأن اختيارهما هذا المحل إنما كان في الدعوى الجديدة التي أعلناها بها، ولا علاقة له بالنقض.
ومن حيث إنه لما تقدّم يتعين قبول الدفع والقضاء ببطلان الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق