جلسة 30 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.
------------------
(181)
الطعن رقم 2 لسنة 30 القضائية
(أ) تنفيذ. "إعلان السند التنفيذي".
وجوب إعلان الأحكام قبل تنفيذها لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي. يستثنى من هذه القاعدة العامة ما نصت عليه المادة 404 من قانون المرافعات القديم من جواز إعلان الأحكام إلى المحل المعين في مدة المرافعة. استثناء مشروط بأن يحصل الشروع في التنفيذ خلال الستة أشهر التالية لصدور الحكم.
(ب) تقادم. "قطع التقادم". محكمة الموضوع.
اعتبار الحكم تقديم المدين طلب تسوية الدين إلى لجنة التسوية العقارية إقراراً منه بالمديونية يقطع التقادم. تقدير ذلك لمحكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض. لا مخالفة في ذلك للقانون.
(ج) تقادم. "التمسك بالتقادم". استئناف. فوائد. تنفيذ.
تمسك الطاعن في الاعتراض على قائمة شروط البيع بتقادم الدين. يدخل في ذلك الفوائد باعتبارها من ملحقات الدين. انتقال النزاع بشأن سقوطها بالتقادم إلى محكمة الاستئناف.
(د) فوائد. "زيادة الفوائد على رأس المال". نظام عام. تنفيذ. استئناف.
عدم جواز التنفيذ بفوائد تزيد على رأس المال. قاعدة متعلقة بالنظام العام. جواز التمسك بذلك أمام محكمة الاستئناف لأول مرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه يداين الطاعن بموجب ثلاثة أحكام صادرة في الدعوى رقم 44 سنة 1935 كلي أسيوط الأول بتاريخ 16/ 11/ 1935 ويقضي بإلزامه هو وأخرى بأن يؤديا إلى المطعون عليه مبلغ 369 ج و690 م والمصروفات المناسبة، والثاني بتاريخ 16/ 5/ 1936 ويقضي بإلزامهما بأن يؤديا إليه مبلغ 59 ج و100 م والفوائد المستحقة على مبلغ 322 ج و702 م ابتداء من 24/ 10/ 1934 حتى تمام السداد بواقع 9% سنوياً والمصروفات ومبلغ 150 قرشاً مقابل أتعاب المحاماة، والثالث بتاريخ 22/ 12/ 1934 بتغريمه مبلغ 200 قرش واتخذ المطعون عليه إجراءات التنفيذ على عقار للطاعن فأعلنه بتنبيه نزع الملكية بتاريخ 28/ 4/ 1957 وأودع قائمة شروط البيع فاعترض عليها الطاعن بالدعوى رقم 17 سنة 1957 بيوع كلي سوهاج طالباً قبول اعتراضه ووقف إجراءات البيع وبطلان كافة الإجراءات التي ترتبت على التنبيه واعتبارها كأن لم تكن، وأقام الطاعن اعتراضه على أربعة أوجه (أولها) أن تنبيه نزع الملكية وقع باطلاً لأنه لم يعلن إليه في شخصه أو موطنه الأصلي عملاً بالمادة 610 مرافعات بل أعلن في سوهاج وليس بها موطنه. (وثانيها) أن حكم الدين الصادر بتاريخ 16/ 11/ 1935 لم يعلن إليه إعلاناً صحيحاً إذ أعلن في محل قيل إنه محله المختار وهو مكتب أحد المحامين مع أن موطنه معلوم للدائن مباشر الإجراءات. (وثالثها) إن أحكام الدين المنفذ بها قد سقطت بالتقادم. (ورابعها) أنه يعترض على الثمن الأساسي الثابت بالقائمة. وبتاريخ 20/ 10/ 1958 حكمت محكمة أول درجة بقبول الاعتراض شكلاً وبرفضه موضوعاً في جميع أوجهه. واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 284 سنة 33 ق وتمسك بأوجه اعتراضه التي أبداها أمام محكمة أول درجة وأضاف إليها أوجه أخرى من بينها أن المطعون عليه ينفذ ضده بفوائد بلغت أكثر من ثلاثة أمثال الدين الأصلي وهو ما لا يجوز قانوناً، وأنه لا يستحق فوائد إلا عن الخمس سنوات الأخيرة السابقة على تنبيه نزع الملكية. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 5/ 12/ 1959 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وفي 3/ 1/ 1960 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11/ 6/ 1963، وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها بطلب نقض الحكم، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أنه قرر أن إعلان تنبيه نزع الملكية إلى الطاعن في موطنه بسوهاج قد تم طبقاً للقانون حتى ولو صح ما قال به الطاعن من أنه يقيم في القاهرة لجواز أن يكون للشخص أكثر من موطن، هذا في حين أن مناط صحة الإعلان عند تعدد الموطن بالنسبة للشخص الواحد هو أن يثبت أن له موطناً في المكان الذي أعلن به، وقد استند الحكم فيما قرره من أن للطاعن موطناً بسوهاج إلى ما جاء في الدعوى رقم 44 سنة 1935 كلي أسيوط من أنه يقيم بها، دون أن يفطن إلى ما ورد في الأوراق من أن الإعلان الموجه من المطعون عليه إلى الطاعن في 28/ 11/ 1935 عن حكم الدين الصادر في 16/ 11/ 1935 ثابت فيه أنه لا يقيم في سوهاج، ومن أن الطاعن قد تمسك في مذكرته بالاستئناف بأن حافظة المستندات المقدمة من المطعون عليه عند إيداع قائمة شروط البيع قد ورد بها أنه - أي الطاعن - غير مقيم بسوهاج.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه أنه أورد في خصوص إعلان تنبيه نزع الملكية ما يلي "أن الثابت من الاطلاع على تنبيه نزع الملكية أنه أعلن للمعترض - الطاعن - بمنزله بسوهاج بشارع النيل وتسلم الإعلان تابعه فؤاد إسكندر الذي يقيم معه ومن ثم يكون قد تم صحيحاً ووفقاً للأوضاع التي رسمها القانون حتى لو صح ما ذهب إليه المعترض - الطاعن - من أنه يقيم بالقاهرة لأنه يصح أن يكون للشخص أكثر من موطن ولأن المشرع عندما أوجب الإعلان في الموطن لم تنصرف إرادته إلى المسكن لأنه لو أراد ذلك لأوجب أن يتم الإعلان في محل سكن الشخص المراد إعلانه بل انصرفت إلى المحل المنسوب للشخص والذي يفترض أنه عالم بما يجري فيه ولا شك أن هذا المعنى يتوافر في إعلان تنبيه نزع الملكية ما دام قد ثبت أن المعترض - الطاعن - له مسكن بمدينة سوهاج وبه من يمثله ولا أدل على ذلك مما هو ثابت في الدعوى رقم 44 سنة 1935 مدني كلي أسيوط والتي صدر فيها الحكم الذي قضى بإلزامه بأن يؤدي للمعترض ضده - المطعون عليه - المبلغ الذي ينفذ بموجبه من أن مدينة سوهاج هي موطنه" ويبين من ذلك أن الحكم استدل على صحة إعلان تنبيه نزع الملكية للطاعن وعلى وجود موطن له بسوهاج بما ثبت لديه من أن التنبيه قد أعلن إلى الطاعن بمنزله في سوهاج في شخص من يمثله وهو تابعه الذي يقيم معه وتسلم الإعلان نيابة عنه، وبما قرره من أنه ثابت في الدعوى رقم 44 سنة 1935 كلي أسيوط من أنه يقيم في سوهاج، وكان هذا الذي أورده الحكم في شأن صحة هذا الإعلان لا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمله ويتضمن الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم رفض الاعتراض على قائمة شروط البيع المؤسس على بطلان إعلان حكم 16/ 11/ 1935 الذي يجري التنفيذ بمقتضاه استناداً إلى أن هذا الحكم أعلن بتاريخ 16/ 1/ 1935 بمكتب الأستاذ زكي مرقس أبو غالي المحامي باعتباره وكيلاً عن الطاعن وإلى أن هذا الإعلان قد تم خلال الستة أشهر التالية لصدور الحكم ورتب الحكم على ذلك اعتباره إعلاناً صحيحاً طبقاً لنص المادة 404 من قانون المرافعات القديم، دون أن يبين أنه قد شرع في التنفيذ خلال الستة شهور التالية لصدور الحكم وهو شرط صحة الإعلان في المحل المختار طبقاً لهذه المادة وبغير أن يتحقق من صحة واقعة تعيين الطاعن لمكتب هذا المحامي محلاً مختاراً ليعلن فيه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 404 من قانون المرافعات القديم تقضي بأن إعلانات الأحكام الحاصلة إلى المحل المعين في مدة المرافعة تعتبر صحيحة إذا حصل الشروع في التنفيذ في ظرف ستة أشهر من تاريخ صدور الحكم ما لم ينص القانون على غير ذلك ولما كان هذا النص قد ورد استثناء من القاعدة العامة التي قررتها المادة 384 من هذا القانون من ضرورة إعلان الأحكام قبل تنفيذها لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي وكان إعمال هذا الاستثناء مشروط بأن يحصل الشروع في التنفيذ خلال الستة أشهر التالية لصدور الحكم لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد رد على اعتراض الطاعن ببطلان إعلانه بالحكم الصادر في 16/ 11/ 1935 بأن هذا الحكم قد أعلن إليه في مكتب الأستاذ زكي مرقص أبو غالي المحامي بأسيوط بوصفه محله المختار في ظرف الستة أشهر التالية لصدور الحكم ولم يبين ما إذا كان الشروع في التنفيذ قد حصل خلال هذه المدة وهو شرط صحة إعلان الحكم في المحل المختار قبل تنفيذه كما لم يتحقق من أن الطاعن قد عين مكتب هذا المحامي ليتم إعلانه فيه بوصفه محلاً مختاراً له، لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور مما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى برفض اعتراض الطاعن بسقوط الأحكام المنفذ بها بالتقادم تأسيساً على أن التقادم قد انقطع لأن الدائن سبق أن باشر التنفيذ بموجب هذه الأحكام ورفع دعوى نزع الملكية رقم 29 سنة 1939 كلي سوهاج واستمرت إجراءات التنفيذ سائرة إلى أن حكم في تلك الدعوى بانقطاع سير الخصومة في 24/ 4/ 1956 ولم تنقض مدة التقادم حتى أعلن بتنبيه نزع الملكية الجديد في 28/ 4/ 1957، كما أن التقادم قطع بإقرار المدين بالدين في دعوى نزع الملكية، وهذا من الحكم خطأ في القانون من شقين (الأول) تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بأن دعوى نزع الملكية انقطع سير الخصومة فيها ولم تعجل فتكون الخصومة قد سقطت وفقاً للمادة 301 مرافعات وتعود العلاقة بين الخصوم إلى ما كانت عليه قبل رفع الدعوى مما يترتب عليه أن يكون السبب الذي أدى إلى انقطاع التقادم قد زال بأثر رجعي ولكن المحكمة اعتبرت هذا الدفاع مما يثار عند نظر الدعوى بعد تعجيلها إذا توافرت شروطه. (والثاني) نعى الحكم بأن التقادم قطع بإقرار الطاعن بالدين إذ طلب إيقاف الدعوى رقم 29 سنة 1939 كلي سوهاج إلى أن يفصل في طلبه المقدم إلى لجنة التسوية العقارية وهذا من الحكم خطأ في الإسناد لأن الطلب المقدم إلى لجنة التسوية يشمل جميع ديون المدين ولو كانت محل نزاع ولا يمكن أن يستفاد منه الاعتراف بالمديونية كما فهم ذلك الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الثاني ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه حصل أن الطاعن تقدم إلى لجنة التسويات بطلب تسوية دينه وطلب من المحكمة في 11/ 1/ 1943 وقف إجراءات البيع حتى يفصل في طلب التسوية وأن المحكمة أجابته إلى هذا الطلب وظلت القضية موقوفة حتى 22/ 5/ 1951، وخلص الحكم من ذلك - وفي نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع التي تستقل بها بلا رقابة عليها من محكمة النقض - إلى أن تقديم هذا الطلب من الطاعن إلى لجنة التسوية العقارية يعتبر إقراراً منه بالمديونية يقطع التقادم، وهو ما يكفي وحده دعامة لحمل الحكم في خصوص اعتراض الطاعن المؤسس على سقوط الأحكام المنفذ بها بالتقادم وبالتالي يكون النعي في شقه الأول غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه رفض الاعتراض الخاص بسقوط الفوائد بالتقادم وبعدم جواز المطالبة بما زاد منها على قيمة رأس المال تأسيساً على أن الطاعن لم يثر هذا الاعتراض أمام محكمة أول درجة وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن الطاعن تمسك في تقرير اعتراضه بسقوط الدين بالتقادم وهي منازعة في أصل المديونية تنطوي على سقوط الفوائد بالتقادم أما الدفع بعدم جواز اقتضاء فوائد ربوية فهو دفع من النظام العام يجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الطاعن وقد تمسك أمام المحكمة الابتدائية بسقوط الدين بالتقادم فإن ذلك مما يدخل الفوائد في عموم اعتراضه باعتبارها من ملحقات الدين وبالتالي ينتقل النزاع بشأن سقوطها بالتقادم إلى محكمة الاستئناف. أما اعتراض الطاعن بأن المطعون عليه ينفذ ضده بفوائد تزيد على رأس المال، فإنه وإن كان الطاعن لم يتمسك به أمام محكمة أول درجة إلا أنه مؤسس على مخالفة قاعدة من النظام العام ويجوز لذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر عدم قبول اعتراض الطاعن بشقيه فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه لهذا السبب أيضاً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السببين الثاني والرابع.
(1) راجع نقض 27/ 6/ 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 936 ونقض 5/ 3/ 1964 س 15 ص 280 ونقض 7/ 6/ 1962 س 13 ص 774.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق