جلسة 26 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الب، محمد طه سنجر، إبراهيم محمد فراج وصبحي رزق داود.
------------------
(177)
الطعن رقم 191 لسنة 46 القضائية
(1) إثبات "طرق الإثبات". صورية.
الغير في الصورية. هو كل ذي مصلحة ولو لم تكن بينه وبين طرفي العقد المطعون فيه رابطة عقدية. جواز إثباته الصورية بكافة طرق الإثبات.
(2 و3) إيجار. دعوى "التدخل في الدعوى".
(2) التدخل الانضمامي والتدخل الهجومي. ماهية كل منهما. الدعوى بطلب إخلاء المدعى عليه من العين. تدخل الغير في الدعوى طالباً رفضها لأنه هو مستأجر العين. تدخل هجومي.
(3) شروط قبول دعوى الإخلاء لعدم سداد الأجرة. مقررة لحماية المستأجر. لا مصلحة للغير في التمسك ببطلان تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى والثانية أقامتا الدعوى رقم 781 لسنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإخلاء المطعون عليها الثالثة من العين المبينة بالصحيفة تأسيساً على أنه بعقد مؤرخ 28/ 4/ 1972 اشترتا العقار المبين بالصحيفة من المطعون عليها الثالثة وباقي ورثة المرحوم... ونص في البند السادس من العقد على أحقيتهما في وضع يدهما على العين المبيعة اعتباراً من 27/ 1/ 1973 وإلا التزم البائعون بأجرتها وقدرها 20 ج شهرياً اعتباراً من الشهر التالي، وقد استمرت المطعون عليها الثالثة تقيم بالعين وتنتفع بها وحدها وامتنعت عن سداد أجرتها في المدة من فبراير سنة 1973 حتى يناير سنة 1974 رغم تكليفها بالوفاء، تدخل الطاعن في الدعوى طالباً الحكم برفضها استناداً إلى أنه استأجر شقة النزاع بعقد مؤرخ 1/ 3/ 1947 من مورث البائعين وبتاريخ 20/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعن خصماً في الدعوى وبإخلاء المطعون عليها الثالثة من عين النزاع ورفضت ما عدا ذلك، استأنف الطاعن والمطعون عليها الثالثة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3627/ 91 ق وبتاريخ 8/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الثاني والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه بصورية عقد إيجاره المؤرخ 1/ 3/ 1947، على عدم تقديمه إيصالات سداد الأجرة وأن الاحتجاج بالمانع الأدبي ينفيه حصوله على عقد الإيجار في حين أن عقد إيجاره صحيح ونفذ حال حياة المؤجر ومن بعده في مواجهة ورثته ولا يقبل القول بصوريته لمجرد عدم وجود إيصالات سداد الأجرة، كما أنه ما كان يجوز إثبات صورية عقده إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها، هذا وقد تمسك بأن عقد إيجاره ثابت التاريخ بوفاة المؤجر وقد أغفل الحكم الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الغير في الصورية هو كل ذي مصلحة ولو لم تكن بينه وبين الطاعنين رابطة عقدية، ولهذا الغير أن يثبت الصورية بجميع طرق الإثبات ومنها القرائن، كما وأن تقدير أدلة الصورية مما يستقل به قاضي الموضوع، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في التدليل على صورية عقد الإيجار الذي تمسك به الطاعن، إلى أن عقد البيع المؤرخ 28/ 4/ 1972 الصادر من المطعون عليها الثالثة - زوجة الطاعن - ومن باقي الورثة والمتضمن اعتبارهم مستأجرين إذا لم يقوموا بتسليم عين النزاع إلى المشتريتين - المطعون عليهما الأولى والثانية - عند التوقيع على عقد البيع النهائي، دون إشارة إلى أنها مشغولة بمستأجرين آخرين يفيد صورية عقد الطاعن، لا يغير من ذلك صدوره من مورث البائعين لأنه لم يقدم ما يفيد أداء أجرة العين إلى المؤجر قبل وفاته ولا يسوغ الاحتجاج في هذا الصدد بالمانع الأدبي لأنه كان بالأولى يحول دون الحصول على عقد مكتوب بالإيجار، ولا يجدي الطاعن تقديمه أدلة على إقامته بالعين طالما كانت لاحقة لزواجه بالمطعون عليها الثالثة المالكة لحصته في العين، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من قرائن من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه من صورية عقد الإيجار الصادر إلى الطاعن من مورث البائعين ولا يغير من ذلك أن هذا العقد سابق التاريخ على عقد البيع الصادر للمطعون عليهما الأولى والثانية من ورثة البائع، إذ ليس من شأن هذه الأسبقية أن تنفي الصورية عن عقد الطاعن وأنه غير موجود قانوناً. لما كان ذلك، فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه استند في تدخله وحيازته للعين المؤجرة إلى عقد إيجار مؤرخ 1/ 3/ 1947 وثابت التاريخ بوفاة المؤجر، ودفع بأن ما ورد بالبند السادس من عقد البيع الصادر إلى المطعون عليهما الأولى والثانية هو شرط جزائي ولا يمكن أن يكون عقد إيجار، وأنه لو صح قيام علاقة إيجارية بموجب هذا الاتفاق، فإن شروط تطبيق المادة 23/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لم تتوافر إذ أن تكليف المطعون عليها الثالثة تضمن التنبيه عليها بالإخلاء وليس بالوفاء كما أن هناك منازعة جدية في قانونية الأجرة المطالب بها، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول، بما سبق بيانه في الرد على السببين السابقين من أن الحكم المطعون فيه قد خلص ولأسباب سائغة إلى صورية عقد الطاعن صورية مطلقة مما لا محل معه لبحث نفاذه في مواجهة المطعون عليهما الأولى والثانية، وقد استخلص الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه بأن ما تضمنه البند السادس من عقد البيع من التزام المطعون عليها الثالثة وباقي البائعين بدفع أجرة شهرية لهما عن عين النزاع إذا لم يقوموا بتسليمها عند التوقيع على عقد البيع النهائي يعتبر بمثابة عقد إيجار بما يتفق وعبارات العقد ويدخل في سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود وتحصيل المعنى الذي قصده أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها، وهو مردود في وجهه الثاني، بأن نطاق التدخل الانضمامي على ما يبين من المادة 126 من قانون المرافعات مقصور على أن بيدي المتدخل ما يراه من أوجه الدفاع لتأييد طلب الخصم الذي تدخل إلى جانبه دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما، فإن طلب المتدخل لنفسه حقاً ذاتياً يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة فإن تدخله على هذا النحو يكون تدخلاً هجومياً يجرى عليه ما يجرى على الدعوى من أحكام، ولما كانت الدعوى قد رفعت ابتداء من المطعون عليهما الأولى والثانية ضد المطعون عليها الثالثة بطلب إخلائها من عين النزاع وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة تدخل الطاعن في الخصومة طالباً رفض الدعوى استناداً إلى أنه يستأجر عين النزاع بعقد مؤرخ 1/ 3/ 1947 صادر له من المالك الأصلي، فإن الطاعن يكون قد طلب الحكم لنفسه بحق ذاتي، ويكون هذا التدخل تدخلاً هجومياً، لما كان ذلك، وكانت الشروط التي وضعها القانون رقم 52 لسنة 1969 في المادة 23/ 1 منه لقبول دعوى الإخلاء للتأخر في سداد الأجرة مقررة لحماية المستأجر، فإنه لا يقبل من الطاعن التمسك ببطلان تكليف المطعون عليها الثالثة بالوفاء وبوجود منازعة جدية في قانونية الأجرة الملزمة بها، إذ لا مصلحة له في ذلك لأنه أجنبي عن العقد ولا تربطه بالمطعون عليهما الأولى والثانية، ثمة علاقة إيجارية بعد أن انتهت المحكمة ولأسباب سائغة إلى صورية عقده، وصاحبة المصلحة وهي المطعون عليها الثالثة المستأجرة لعين النزاع لم تطعن على الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق