الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 أبريل 2023

الطعن 169 لسنة 36 ق جلسة 31 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 214 ص 1305

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

------------------

(214)
الطعن رقم 169 لسنة 36 القضائية

(أ) تأمين. "قاعدة النسبية". نظام عام.
جواز النص في وثيقة التأمين على قاعدة النسبية. هذه القاعدة لا تخالف النظام العام.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تفسير العقود".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمستندات.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز تفسير وثيقة التأمين بما يضر مصلحة الطرف المذعن. عدم قبول التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - لما كان العقد شريعة المتعاقدين، وكان قد حذف من القانون المدني نص المادة 1100/ 2 من المشروع التمهيدي لهذا القانون التي كانت تنص على قاعدة النسبية في التأمين بقولها "إذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء الحقيقية يوم وقوع الحريق كان المبلغ الواجب دفعه من مبلغ التأمين هو ما يعادل النسبة بين هذا المبلغ وقيمة الشيء المؤمن عليه وقت الحادث ما لم يتفق على غير ذلك" وكان حذف هذه المادة لتعلقها بجزئيات وتفاصيل يحسن أن تنظمها قوانين خاصة، لا لتعلقها بالنظام العام، لما كان ذلك فإن النص في وثيقة التأمين على إعمال قاعدة النسبية يكون جائزاً.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمستندات بما لا يخرج عن مدلول عباراتها.
3 - التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بعدم جواز تفسير وثيقة التأمين بما يضر بمصلحة الطرف المذعن طبقاً للمادة 151 من القانون المدني غير مقبول، ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ وزير الاقتصاد ومدير الهيئة العامة لشئون المعارض أقاما الدعوى رقم 1936 سنة 1964 كلي القاهرة ضد شركة مصر للتأمين يطلبان الحكم بإلزامها بأن تدفع لهما مبلغ 6642 ج والفوائد القانونية، وقالا شرحاً للدعوى إنه لمناسبة إقامة المعرض الزراعي الدولي لعام 1961 قامت إدارة المعارض في 25/ 12/ 1960 بالتأمين على المنشئات الخاصة بها ضد الحريق لمدة 6 شهور تبدأ من أول يناير سنة 1961 مقابل مبلغ 343000 ج لدى الشركة المدعى عليها وخص سراي 23 يوليو 13000 ج من هذه القيمة. وحدث في 26/ 4/ 1961 أن شب حريق بمبنى السراي سالفة الذكر وقدرت الخسائر الناتجة عنه بمعرفة الطرفين بمبلغ 6642 ج، وإذ قامت الشركة بتقدير قيمة المبنى يوم وقوع الحريق بمبلغ 25 ألف جنيه فقد امتنعت عن دفع قيمة التعويض فيما زاد عن مبلغ 3453 ج و840 م تأسيساً على قاعدة النسبية التي زعمت النص عليها في الفقرة جـ من البند 17 الوارد بوثيقة التأمين، وقد اضطرهما ذلك إلى رفع الدعوى بالطلبات سالفة البيان، وردت الشركة طالبة الحكم بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي، واحتياطياً رفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 3453 ج و840 م، ومن باب الاحتياط الكلي الحكم بندب خبراء لتقدير قيمة المبنى عملاً بأحكام الوثيقة. وفي 19/ 12/ 1964 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم (ثانياً) بإلزام الشركة بأن تدفع للمدعيين بصفتهما مبلغ 6642 ج والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة تعديله ورفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 3453 ج و840 م، وقيد هذا الاستئناف برقم 343 سنة 82 ق. وفي 18 يناير سنة 1966 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الشركة بأن تدفع للمستأنف عليهما مبلغ 3453 ج و840 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ الحكم حتى تمام الوفاء. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم أقام قضاءه على أن الفقرة (جـ) من البند 17 من وثيقة التأمين التي تتناول الحالة التي يكون فيها مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء المؤمن عليه وقت تحقق الخطر، تتضمن تطبيق قاعدة النسبية ومقتضاها ألا يلتزم المؤمن إلا بدفع النسبة الموجودة بين المبلغ المؤمن به وقيمة الشيء الحقيقية عند وقوع الحادث ولما كانت قيمة المبنى المؤمن عليه يوم وقوع الحريق هي 25000 ج وكان المبلغ المؤمن به هو 13000 ج فقد انتهى الحكم إلى تخفيض التعويض إلى ما يعادل 13 إلى 25 من قيمة الأضرار الفعلية الثابتة، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون، من وجوه "أولها" أن تطبيق قاعدة النسبية لا يكون إلا بنص صريح في القانون، وبالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للقانون المدني يبين أن لجنة المراجعة حذفت المادة 1100 من المشروع التمهيدي للقانون المدني التي كانت تأخذ بهذه القاعدة ويبين من المادتين 751، 766 من القانون المدني أن المؤمن يعتبر مسئولاً عن تعويض كافة الأضرار الناشئة عن الحريق سواء أكان هلاك الشيء المؤمن عليه كلياً أو جزئياً بشرط ألا يزيد التعويض عن مبلغ التأمين وذلك طبقاً لما تقضي به قاعدة النسبية، ولما كانت المادة 753 من القانون المدني تنص على بطلان كل اتفاق يخالف أحكام النصوص الواردة في الفصل الثالث من الباب الرابع إلا أن يكون ذلك لمصلحة المؤمن له أو لمصلحة المستفيد، وكانت قاعدة النسبية تنطوي على مخالفة صريحة للمادتين 751، 766 الواردتين في الفصل المشار إليه، فإن هذه القاعدة تعتبر مخالفة للنظام العام، ويكون نص الفقرة ج من البند 17 من وثيقة التأمين باطلاً بطلاناً مطلقاً، وإذ طبق الحكم المطعون فيه هذه القاعدة فإنه يكون قد خالف القانون. "وثانيها" أن الفقرة المشار إليها وردت في الشروط العامة ولم ترد بالشروط الخاصة من وثيقة التأمين ولما كانت المادة 750/ 3 من القانون المدني تنص على بطلان كل شرط مطبوع لم يبرز بشكل ظاهر وكان متعلقاً بحالة من الأحوال التي تؤدي إلى البطلان أو السقوط، فإن نص البند 17 ج يكون باطلاً ويكون الاستناد إليه مخالفاً للقانون، هذا علاوة على أن هذا البند لا يمكن أن يستخلص منه قاعدة النسبية حسبما انتهى إليها الحكم المطعون فيه، وإنما يضع قاعدة أخرى تعتبر تطبيقاً للمادة 751 من القانون المدني، ومقتضاها ألا يلتزم المؤمن إلا بدفع أقل القيمتين مبلغ التأمين المتفق عليه أو قيمة الخسائر الفعلية، وإذ عمد الحكم عن طريق تفسير ذلك البند إلى الخروج عن المعنى الظاهر لعبارته، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. "وثالثها" أنه لما كان عقد التأمين من أوضح عقود الإذعان وكانت المادة 151 من القانون المدني تنص على أنه لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ عمد إلى تفسير نص البند 17/ ج من وثيقة التأمين تفسيراً يضر بمصلحة الطاعنين يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه، ذلك أنه بالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للقانون المدني يبين أن المادة 1100/ 2 من المشروع التمهيدي لهذا القانون والتي كانت تنص على قاعدة النسبية بقولها "إذا كان مبلغ التأمين أقل من قيمة الشيء الحقيقية يوم وقوع الحريق كان المبلغ الواجب دفعه من مبلغ التأمين هو ما يعادل النسبة بين هذا المبلغ وقيمة الشيء المؤمن عليه وقت الحادث ما لم يتفق على غير ذلك" قد حذفت في لجنة المراجعة لتعلقها بجزئيات وتفاصيل يحسن أن تنظمها قوانين خاصة. لما كان ذلك وكان حذف المادة 1100/ 2 من المشروع التمهيدي لا يرجع لتعلقها بالنظام العام وكان العقد شريعة المتعاقدين، فإن النص في وثيقة التأمين على إعمال قاعدة النسبية يكون جائزاً، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذه القاعدة طبقاً لما ورد باتفاق الطرفين، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. ومردود في الوجه "الثاني" منه، ذلك أن عبارة البند 17/ ج من وثيقة التأمين كما ورد بسياق الحكم المطعون فيه تنص على أنه "إذا ثبت أن الأشياء المؤمن عليها كانت قيمتها وقت الحريق أزيد من المبلغ المؤمن به عليها بموجب هذه الوثيقة فإن المؤمن له يعتبر نفسه في هذه الحالة كأنه هو ذاته المؤمن عن نفسه فيما يختص بالفرق الزائد، ومن ثم يتحمل حصة نسبية من الخسائر والأضرار، وبناء على ذلك فلا تدفع من هذه الخسائر إلا بقدر النسبة الموجودة بين المبلغ المؤمن به وبين قيمة الشيء الحقيقية وقت وقوع الحريق" وهذه العبارة صريحة في وجوب إعمال قاعدة النسبية. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمستندات بما لا يخرج عن مدلول عباراتها، وكان غير صحيح ما يقرره الطاعنان من أن الفقرة ج المشار إليها ليس سوى مجرد تطبيق لنص المادة 751 من القانون المدني الخاصة بحالة الهلاك الكلي للشيء المؤمن عليه دون حالة الهلاك الجزئي الخاصة بواقعة هذا الطعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعمل اتفاق الطرفين في هذا الخصوص يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، أما عن القول ببطلان البند 17 ج لعدم إبرازه بشكل ظاهر، فهو مردود بأنه عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعنان لهذه المحكمة وثيقة التأمين للتحقق من صحته، والنعي في الوجه "الثالث" غير مقبول، ذلك أنه يتضمن دفاعاً جديداً لم يسبق طرحه أو التمسك به أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز إثارته لأول مرة لدى محكمة النقض.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض النسبي على أساس التقدير الذي قدره مندوب الشركة للمبنى المؤمن عليه وقت حصول الحريق بمبلغ 25000 ج، مستنداً في ذلك إلى أن الطاعنين لم يعترضا على هذا التقدير ولم يطعنا عليه بأي مطعن، وأن ذلك يعتبر تسليماً منهما بصحة التقدير وباعتباره القيمة الحقيقية للمبنى المؤمن عليه وقت تحقق الخطر، في حين أن الثابت بأوراق الدعوى أن الطاعنين قد تمسكا بأن الشركة قد بالغت في التقدير وبأنها لم تتبع إجراءات التقدير المنصوص عليها في وثيقة التأمين، هذا إلى أن الشركة نفسها قد طلبت في مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة إحالة الدعوى إلى خبير لتقدير قيمة المبنى طبقاً للإجراءات المتفق عليها في وثيقة التأمين ولم ير الحكم الابتدائي إجابة هذا الطلب لرفضه تطبيق قاعدة النسبية وإلزامه الشركة بدفع التعويض كاملاً، إلا أنه لما كان الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف، وكان الخلاف بين الطرفين لا زال قائماً أمام محكمة الاستئناف حول قيمة المبنى المؤمن عليه، فإن استخلاص الحكم المطعون فيه رضاء الطاعنين بذلك التقدير الذي أجرته الشركة يكون مخالفاً للثابت في الأوراق ومشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن "الشركة طلبت احتساب المبلغ الواجب دفعه على أساس التناسب بين مبلغ التأمين والقيمة الحقيقية للمبنى عند حصول الحريق وأنه في حالة اعتراض المستأنف عليهما "الطاعنين على التقدير الذي تم بمعرفة مندوب المستأنفة يتعين إعمال البند التاسع عشر من وثيقة التأمين بأن يعين كل طرف خبيراً وبعد تعيينهما يختاران خبيراً مرجحاً" كما أثبت الحكم أن "المستأنف عليهما ردا على دفاع الشركة بما سبق إيضاحه بالمذكرات المقدمة منهما لمحكمة أول درجة". ولما كانت المذكرة المقدمة من الطاعنين لتلك المحكمة بجلسة 19/ 12/ 1964 والمرفقة صورتها بملف الطعن قد ورد بها قولهما "والغريب من الأمر أن الشركة المدعى عليها قد استندت إلى تقدير المبنى بمعرفة مندوبها الفني دون أن تتبادل الهيئة أعضاء لجنة تشكل لهذا الغرض وتقوم المبنى على حقيقته إن كان صحيحاً ما تتمسك به ثم عولت على هذا التقدير وامتنعت عن الوفاء بالتزاماتها التي يرتبها عقد التأمين، ومن ثم يغدو في موقفها التعنت والخروج على أحكام وثيقة التأمين" وكان هذا القول منهما يتضمن اعتراضاً صريحاً على التقدير المشار إليه فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الاعتراض وعول في قضائه على أن الطاعنين قد ارتضيا هذا التقدير وسلما به، يكون قد خالف الثابت في الأوراق بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق