الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أبريل 2023

الطعن 10 لسنة 10 ق جلسة 9 / 5 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 60 ص 205

جلسة 9 مايو سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-------------------

(60)
القضية رقم 10 سنة 10 القضائية

دعوى الملك. 

دعوى اليد. عدم الجمع بينهما. متى يكون؟ عند حصول التعرّض قبل رفع دعوى الملك. حصوله بعد رفعها. لا مانع في هذه الحالة من الجمع بين الدعويين. 

(المادة 29 مرافعات)

-----------------
إن حظر الجمع بين دعوى الملك ودعوى اليد لا يكون إلا في الأحوال التي يعتبر فيها رافع دعوى الملك متنازلاً عن دعوى اليد الأمر الذي لا يمكن أن يصدق إلا إذا كان التعرّض في وضع اليد قد حصل قبل أن ترفع دعوى الملك. أما إذا كان قد حصل بعد رفعها فإنه لا مانع يمنع مدّعي الملكية من أن يلحق بدعواه دعوى اليد.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة وكانت من قبل تحت نظر محكمة الموضوع - في أن محمود محمد الفقي زوج المطعون ضدّها كان قد اشترى من شركة السيكورتاه "ذي يونيون أندروك" 15 فداناً و4 أسهم بعقد عرفي لم يسجل، ثم باعها إلى مورّث الطاعنين بعقد عرفي تاريخه 10 من ديسمبر سنة 1932 لم يسجل أيضاً، واستلم مورث الطاعنين الأرض وجعل ينتفع بها نفاذاً لعقد مشتراه. بعد ذلك قام نزاع بينه وبين زوج المطعون ضدّها بشأن تنفيذ مورّث الطاعنين لتعهداته الواردة في عقد البيع، وترتب على هذا النزاع أن رفع زوج المطعون ضدّها عليه عدّة دعاوى بعضها باسمه وبعضها باسم المطعون ضدّها فشل فيها جميعاً. ثم لجأ إلى شركة السيكورتاه "ذي يونيون أندروك" المالكة أصلاً للأرض واستصدر منها عقداً رسمياً حرّر بمحكمة إسكندرية المختلطة في 15 من يونيه سنة 1935 وسجل في 10 من أغسطس سنة 1935 ببيع الأرض المتنازع عليها لزوجته.
علم مورّث الطاعنين بتصرف الشركة فبادر في 5 من فبراير سنة 1936 برفع دعوى أمام محكمة المنصورة المختلطة ضدّها وضدّ المطعون ضدّها وزوجها طلب فيها ثبوت ملكيته للأرض وإلغاء عقد البيع الصادر بشأنها من الشركة إلى المطعون ضدّها.
وفي 12 من سبتمبر سنة 1936 نفذت المطعون ضدّها عقد البيع الرسمي بتسلم الأرض تسلماً فعلياً في غيبة مورّث الطاعنين الذي عندما علم بالأمر تعرّض بالقوّة للمطعون ضدّها في وضع يدها وأحيل من أجل ذلك إلى المحاكمة الجنائية. ثم رفع في 10 من أكتوبر سنة 1936 الدعوى رقم 1791 سنة 1936 أمام محكمة شربين الجزئية ضدّ المطعون ضدّها وطلب الحكم له بمنع تعرّضها له في وضع يده على الأرض وإلزامها بتسليمها إليه. وقد توفى مورّث الطاعنين أثناء نظر تلك الدعوى وحل ورثته وهم الطاعنون محله فيها.
وفي 10 من أكتوبر سنة 1938 قضت محكمة شربين برفض الدفع المقدّم من المطعون ضدّها بعدم اختصاص المحاكم الأهلية وفي الموضوع بمنع تعرّضها للطاعنين في الأرض وتسليمها لهم مع إلزامها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
استأنفت المطعون ضدّها حكم محكمة شربين أمام محكمة المنصورة الابتدائية وطلبت القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وفي الموضوع بإيقافها لحين الفصل في النزاع المطروح أمام المحكمة المختلطة أو إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وفي 30 من إبريل سنة 1939 حكمت محكمة المنصورة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط حق الطاعنين في رفع الدعوى مع إلزامهم بالمصاريف.
لم يعلن هذا الحكم للطاعنين فطعنوا فيه أخيراً بطريق النقض في 15 من فبراير سنة 1940 وقد أعلنوا تقريرهم إلى المطعون ضدّها في 24 من ذلك الشهر... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنين يبنون طعنهم على وجهين: (الأوّل) مخالفة الحكم المطعون فيه لما نصت عليه المادة 29 من قانون المرافعات، (الثاني) قصوره في التسبيب. ويقولون في بيان الوجه الأوّل إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في اعتبار دعوى النزاع في الملك التي رفعها مورّث الطاعنين مانعة من رفع دعوى منع التعرّض بمقولة عدم جواز الجمع بين دعوى الملك ودعوى وضع اليد. ويقولون في بيان الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه لم يبين الأسباب التي حملته على مخالفة صريح نص المادة 29 من قانون المرافعات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بني على السببين الآتيين:
"وحيث إنه ثابت من العريضة المعلنة للمستأنفة (المطعون ضدّها) في هذه القضية أن مورّث المستأنف عليهم (الطاعنين) رفع دعوى أمام المحكمة المختلطة ضدّ المستأنفة وزوجها محمود محمد الفقي وشركة السيكورتاه الإنجليزية يطلب فيها تثبيت عقد البيع الصادر له من زوج المستأنفة وبطلان عقد البيع الصادر من الشركة للمستأنفة وهذه القضية لا زالت منظورة منذ سنة 1936".
"وحيث إنه بمقتضى المادة 29 مرافعات لا يجوز الجمع بين دعوى اليد ودعوى الملك، وإنه بناء على هذه القاعدة القانونية يكون حق المستأنف عليهم ساقطاً في دعوى إعادة وضع اليد ما دام قد سبق لمورّثهم أن رفع دعوى الملك أمام المحاكم المختلطة ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف".
هذا ما بني عليه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المادة 29 من قانون المرافعات لم تنص على عدم الجمع بين دعوى اليد ودعوى الملك إطلاقاً كما قال الحكم المطعون فيه ولكنها تنص على أنه "ليس للخصم الذي يتطلب وضع يده على العقار وضعاً قانونياً أن يطلب أيضاً الحكم بثبوت الملك له فإذا فعل ذلك سقط حقه في طلب وضع اليد". وهذا النص الجلي لا يحتمل التأويل الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ذلك التأويل الذي يعتبر تقوّلاً على الشارع بما لم يقله من حرمان المالك من الدفاع عن وضع يده إذا ما حصل التعرّض له فيه أثناء نظر دعوى النزاع في الملك المرفوعة وقت قيام وضع يده.
وحيث إن القول بحرمان المالك الحائز لما يملك من حماية وضع يده إذا طالب بثبوت الملك له - هذا القول يؤدّي إلى نتائج يتنزه الشارع عن إقرارها. ومن هذه النتائج تحريض المنازع في الملك على انتهاز فرصة مطالبة خصمه بثبوت الملك له ويبادر إلى رفع يد ذلك الخصم عن العين المتنازع عليها ثم لا يكون لهذا الاعتداء الصارخ من دافع.
وحيث إن الحرمان من الجمع بين دعوى الملك وبين دعوى اليد لا يكون إلا حيث يعتبر المطالب بثبوت الملك متنازلاً عن حقه في طلب وضع اليد، وهذا الاعتبار لا يقوم إلا إذا كان التعرّض في وضع اليد قد حصل قبل الدخول في دعوى الملك. وليس من المعقول أن يعتبر الشخص متنازلاً عن حقه في طلب وضع اليد في وقت تكون فيه يده ثابتة على العين ولم يتعرّض له فيها أحد، وبعبارة أخرى في وقت لم يولد فيه حق طلب منع التعرّض أو إعادة وضع اليد.
وحيث إنه مما يصح ذكره في شأن هذه المسألة أن قانون المرافعات الفرنسي يقول في المادة 25:
"Le possessoire et le pétitoire ne seront jamais cumulés".
ويقول في المادة 26:
"Le demandeur au pétitoire ne sera plus recevable à agir" "au possessoire".
ورغما من اختلاف عبارات هذين النصين اختلافاً كبيراً عن عبارة نص المادة 29 من قانون المرافعات الأهلي، فإن الفقه الفرنسي وقضاء محكمة النقض الفرنسية مجمعان على أنه إذا رفعت دعوى الملك في وقت لم يكن قد حصل فيه تعرّض في وضع اليد فليس هناك ما يمنع قانوناً من رفع دعوى وضع اليد متى حصل التعرّض بعد ذلك.
وحيث إن الثابت في هذه الدعوى، كما سبق البيان في الوقائع، هو أن منازعة المطعون ضدّها في وضع يد الطاعنين لم تحصل إلا عند تنفيذ عقد البيع الرسمي بالتسليم في 12 من سبتمبر سنة 1936 بعد رفع دعوى ثبوت الملك في 5 من فبراير سنة 1936. وليس بصحيح قانوناً ما تدعيه المطعون ضدّها من أن صدور البيع إليها من شركة السيكورتاه في 15 من يونيه سنة 1925 يعتبر في ذاته تعرّضاً في وضع اليد.
وحيث إنه لما تقدّم يكون من حق مورّث الطاعنين أن يرفع دعوى منع التعرّض والتسليم بعد رفعه دعوى ثبوت الملك، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فهم قصد الشارع من عبارة المادة 29 مرافعات ويتعين إذن نقضه.
وحيث عن المحكمة لا ترى محلاً للكلام في الوجه الثاني ما دام أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تعرّف الوجه الصحيح للقانون.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها بما توافر فيها من المستندات.
وحيث إن الحكم الابتدائي الصادر من محكمة شربين الجزئية في 10 من أكتوبر سنة 1938 قد أصاب وجه الحق فيما قضى به للأسباب التي بني عليها فيتعين تأييده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق