الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 نوفمبر 2020

الطعن 44 لسنة 29 ق جلسة 30 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 93 ص 577

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

-------------

(93)
الطعن رقم 44 لسنة 29 القضائية

(أ) إصلاح زراعي. "المرسوم بقانون 178 لسنة 1952". "تطبيقه". نظام عام.
تحريم امتلاك أكثر من مائتي فدان. من النظام العام. سريانه بأثر مباشر على كل من يمتلك وقت العمل بالقانون 178 لسنة 1952 أكثر من هذا القدر. حظر تجاوز الملكية هذا الحد في المستقبل.
(ب) إصلاح زراعي. "المرسوم بقانون 178 لسنة 1952". "تصرفات المالك". بيع. بطلان.
البطلان الوارد في المادة الأولى من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952. مجاله، التصرفات المبرمة بعد 9/ 9/ 1952 تاريخ العمل به دون تلك السابقة عليه. عدم المساس بالتصرفات السابقة عليه متى كانت ثابتة التاريخ قبل 23/ 7/ 1952.
(جـ) إصلاح زراعي. "المرسوم بقانون 178 لسنة 1952". "تصرفات المالك غير المشهرة". "الاعتداد بها". بيع.
المناط في الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة هو ثبوت تاريخها قبل 23/ 7/ 1952. عدم الاعتداد بما لم يكن ثابت التاريخ قبله، بقاء المتصرف فيه على ملك المتصرف فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء. تصرفات المالك إلى غير فروعه وزوجه وأزواج فروعه الثابتة التاريخ قبل 23/ 7/ 1952. الاعتداد بها متى وقعت صحيحة طبقاً لأحكام القانون المدني. بقاؤها ملزمة لعاقديها وسريانها قبل جهة الإصلاح الزراعي. جواز شهرها بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنها جعل المنصرف إليه مالكاً لأكثر من مائتي فدان. خضوع الزيادة لأحكام الاستيلاء. جريان الاستيلاء عليها لدى المتصرف إليه.
(د) إصلاح زراعي. "المرسوم بقانون 178 لسنة 1952". "تصرفات المالك". "المقصود بالمالك".
المالك الذي يعنيه المشرع في البندين أ وب من المادة 3 من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952، هو المالك الذي تجاوز ملكيته مائتي فدان. لا شأن للقانون بمن عداه ولا تأثير له على تصرفاته.
(هـ) إصلاح زراعي. "القانون رقم 452 لسنة 1953". "سند المشتري المستولى لديه". بيع.
المقصود بسند المشتري المستولى لديه في حكم القانون 452 لسنة 1953، أن يكون عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23/ 7/ 1952. عدم اشتراط تسجيله.
(و) إصلاح زراعي. "المرسوم بقانون 178 لسنة 1952". "الاستيلاء على الأطيان المبيعة".
تقصير المشتري في تقديم إقرار إلى اللجنة العليا عن الأرض المبيعة لا يمنع من خضوعها لأحكام الاستيلاء متى كان يملك قبل الشراء الحد الأقصى للملكية.

------------
1 - أورد المشرع بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي من أنه "لا يجوز لأي شخص أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائتي فدان" قاعدة لا شبهة في أنها من القواعد المتصلة بالنظام العام فيسري حكمها بأثر مباشر على كل من يمتلك وقت العمل به في 9 سبتمبر سنة 1952 أكثر من القدر الجائز تملكه، كما يحظر تجاوز الملكية هذا الحد في المستقبل (1).
2 - حكم البطلان الوارد في الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي لا مجال لإعماله إلا بالنسبة للتصرفات التي تبرم بعد 9 سبتمبر سنة 1952 تاريخ العمل بهذا القانون. أما التصرفات السابقة على هذا التاريخ فإن هذا الحكم لا ينسحب عليها لأن المشرع عالجها بحكم خاص في المادة الثالثة راعى فيه عدم المساس بها متى انتفت عنها مظنة الصورية والتلاعب وهي لا تنتفي في نظر القانون رقم 178 لسنة 1952 إلا بثبوت تاريخ التصرف قبل 23 يوليو سنة 1952. على أن المشرع بإصداره القانون رقم 452 لسنة 1953 قد قضى على كل شك يمكن أن يثور في صحة ونفاذ التصرفات الثابتة التاريخ قبل اليوم المذكور وفي إمكان شهرها بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنها زيادة ما يملكه المتصرف إليه عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية. إذ لو كان حكم البطلان الوارد في المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي يمتد إلى العقود الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 لما كان ثمة محل لإصدار القانون 452 لسنة 1953 ولبقيت الأطيان المبيعة على ملك البائع ولما أمكن اعتبار المشتري ملزماً بدفع الثمن المتفق عليه في العقد بل ولحق له أن يسترد ما يكون قد عجله منه ولما تحمل في جميع الأحوال غرما حتى يلزم البائع بالمساهمة فيه (2).
3 - المناط في الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة هو ثبوت تاريخها قبل 23 يوليو سنة 1952 فما لم يكن ثابت التاريخ قبل هذا اليوم لا يعتد به بمعنى أن يعتبر المتصرف فيه فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء باقياً على ملك المتصرف. ومن ثم فإن تصرف المالك إلى غير فروعه وزوجه وأزواج فروعه متى كان ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 فإنه يظل على أصله قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي، فإن كان هذا التصرف قد وقع صحيحاً طبقاً لأحكام القانون المدني فإنه يبقى على صحته ملزماً لعاقديه ويسري قبل جهة الإصلاح الزراعي ويجوز شهره بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنه أن يجعل المتصرف إليه مالكاً لأكثر من مائتي فدان، وفي هذه الحالة تخضع الزيادة لأحكام الاستيلاء المقررة في القانون ويجرى الاستيلاء عليها لدى المتصرف إليه. وليس في اعتبار هذا التصرف صحيحاً ونافذاً ما يتعارض مع قاعدة تحديد الملكية الزراعية بما لا يجاوز مائتي فدان ما دام الاستيلاء سيقع في النهاية على القدر الزائد عن هذا الحد لدى المتصرف إليه.
4 - المالك الذي يعنيه المشرع في البندين أ وب من المادة الثالثة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 هو المالك الذي يخضع لأحكام هذا القانون أي الذي تجاوز ملكيته مائتي فدان، أما من عداه فلا شأن لهذا القانون به ولا تأثير له على تصرفاته.
5 - عرف المشرع في القانون رقم 452 لسنة 1953 سند المشتري المستولى لديه بأنه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952 ولم يشترط فيه أن يكون مسجلاً. إذ لو قصد العقد المسجل لما كان هناك داع لأن يصفه بأنه ثابت التاريخ لأن مجرد التسجيل يجعل للعقد تاريخاً ثابتاً. هذا إلى أن المشرع لم يكن بحاجة إلى التعرض للعقود المسجلة قبل تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي لأن الملك يكون قد انتقل بها قبل هذا التاريخ وتحدد بها المالك الذي يجرى الاستيلاء لديه على الزائد عن الحد الأقصى للملكية. وليس للقانون المذكور أثر رجعي على كما انتقلت ملكيته فعلاً قبل صدوره وإنما يكون له أثره المباشر فيما يختص بالاستيلاء على الزيادة لدى المالك لها في تاريخ العمل به، ولهذا لم يتعرض للعقود المسجلة قبل هذا التاريخ في أي نص من نصوصه.
6 - تقصير المشتري في تقديم إقرار إلى اللجنة العليا للإصلاح الزراعي عن الأرض المبيعة لا يمنع من خضوعها لأحكام الاستيلاء متى كان يملك قبل الشراء الحد الأقصى للملكية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ 17 فبراير سنة 1952 باع الطاعن للمطعون عليهما 650 فداناً و10 قراريط و21 سهماً أطياناً زراعية كائنة بناحية قصاصين السباخ مركز كفر صقر لقاء ثمن قدره 200 جنيه للفدان وبهذا بلغت جملة الثمن 130090 ج و625 م دفع منه المشتريان وقت تحرير العقد مبلغ ثلاثين ألف جنيه وتعهدا متضامنين بدفع ثلاثين ألف جنيه أخرى عند التوقيع على العقد النهائي الذي حدد له يوم 30 من نوفمبر سنة 1952 واتفق على تقسيط الباقي على ثلاثة أقساط سنوية يحل أولها في نوفمبر سنة 1953 وعلى أنه إذا تأخر المشتريان عن الوفاء بأي قسط في ميعاده تحل باقي الأقساط فوراً بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار - وعقب تحرير العقد الابتدائي تقدم الطرفان إلى مأمورية الشهر العقاري بكفر صقر بطلب استخراج كشف تحديد للأطيان المبيعة تمهيداً لإعداد العقد النهائي وقيد هذا الطلب برقم 193 بتاريخ 23 من فبراير سنة 1952 وسارت إجراءات الشهر إلى أن تم تحرير المشروع وأعطى له الشهر العقاري رقم 555 في 25 من أغسطس سنة 1952 كما قام الطرفان المتعاقدان بتوجيه إنذار في 5 من يونيه سنة 1952 إلى المستأجرين للأطيان المبيعة ينبهان فيه عليهم بحصول البيع وبتمكين المشتريين من تسلم هذه الأطيان عند انتهاء مدة الإجارة وتم ذلك كله قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وبعد أن صدر هذا القانون بتاريخ 9 من سبتمبر سنة 1952 قام المشتريان (المطعون عليهما) بتوجيه إنذار إلى البائع (الطاعن) في 23 من الشهر المذكور ضمناه أن عقد البيع أصبح باطلاً نتيجة لصدور قانون الإصلاح الزراعي لأن نقل ملكية المبيع إليهما أضحى مستحيلاً بسبب أن كل منهما يملك من الأصل أكثر من مائتي فدان ورد الطاعن بإنذار أعلنه إلى المطعون عليهما في 30 من ذات الشهر تمسك فيه بصحة العقد وطالبهما بتنفيذ التزاماتهما المترتبة عليه ولما أصرا على موقفهما أقام عليهما الدعوى رقم 268 سنة 1953 كلي المنصورة التي انتهت فيها إلى طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي السالف الذكر وإلزام المطعون عليهما بأن يؤديا له باقي الثمن وقدره مائة ألف وتسعون جنيهاً وستمائة وخمسة وعشرون مليماً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية وطلب على سبيل الاحتياط في حالة ما إذا رأت المحكمة إرجاء القضاء بباقي الثمن إلى ما بعد أي إجراء تمهيدي أن تحكم له مؤقتاً بإلزام المطعون عليهما بأن يؤديا له مبلغ أربعين ألف جنيه من أصل مطلوبه في ذمتهما. وقرن الطاعن هذه الدعوى باستصدار أمر بالحجز على ما للمطعون عليهما لدى البنوك وفاء لباقي الثمن ونفذ هذا الأمر بتوقيع الحجز في 20 من يوليو سنة 1953 وبتاريخ 4 من مايو سنة 1953 أقام المطعون عليهما على الطاعن دعوى عارضة طلبا فيها: أولاً - الحكم على وجه السرعة بقبول تظلمهما من أمر الحجز وبإلغاء هذا الحجز. ثانياً - إلزام الطاعن بأن يرد إليهما ما عجلاه إليه من الثمن وقدره ثلاثون ألف جنيه مع فوائده القانونية - كما طلبا رفض دعوى الطاعن قبلهما استناداً إلى أن عقد البيع أصبح باطلاً ولا يمكن تسجيله عملاً بحكم المادة الأولى من القانون 178 لسنة 1952 وإلى أنه قد ترتب على صدور هذا القانون قيام استحالة قانونية تحول دون تنفيذ الطاعن لالتزامه بنقل الملكية مما يجعل العقد منفسخاً طبقاً لنص المادة 159 من القانون المدني - ورد الطاعن على ذلك بأنه ما دام العقد قد ثبت تاريخه قبل 23 يوليه سنة 1952 فإنه يظل صحيحاً ونافذاً بين طرفيه كما يعتد به في مواجهة جهة الإصلاح الزراعي عملاً بالمادة الثالثة من قانون الإصلاح الزراعي ويجوز تسجيله وبالتالي فليس من حائل يحول دون تنفيذ التزامه بنقل الملكية وبتاريخ 10 من يناير سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية بقبول التظلم من أمر الحجز وبإلغاء الحجوز الموقعة تنفيذاً له وبوقف الفصل في الطلبات الموضوعية في الدعويين الأصلية والفرعية حتى يقضى من المحكمة المختصة المنشأة بالقانون رقم 494 لسنة 1953 في طلب المشتريين الخاص ببطلان عقد البيع محل النزاع. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة التي قضت في 14 من مارس سنة 1956 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من وقف الدعوى وبإعادتها إلى محكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها - وبتاريخ 28 من يناير سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية: أولاً - وفي الدعوى الأصلية "أ" بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 17 فبراير سنة 1952 الصادر من الطاعن إلى المطعون عليهما ببيعه لهما 650 ف و10 ط و21 س المبينة بالعقد المذكور وبصحيفة الدعوى "ب" بوقف الدعوى بالنسبة لطلب باقي الثمن والفوائد حتى يفصل نهائياً في قيمة التعويض الذي تقرره الحكومة للأرض المستولى عليها وإبقاء الفصل في المصروفات. ثانياً - وفي الدعوى الفرعية برفضها وإلزام رافعيها بمصروفاتها.... وبعد صدور هذا الحكم عاد الطاعن وعجل الدعوى أمام نفس المحكمة بعريضة ضمنها أن المحكمة أغفلت الفصل في طلبه الاحتياطي الخاص بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا له مؤقتاً مبلغ أربعين ألف جنيه من ضمن باقي الثمن وطلب من المحكمة أن تحكم له بهذا الطلب وبتاريخ 3 من يونيه سنة 1957 قضت المحكمة بإعادة الدعوى للإيقاف لعدم زوال سببه تأسيساً على أن هذا الطلب سبق أن فصل فيه بالوقف بالحكم السابق. استأنف الطاعن الحكمين أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 238 سنة 9 ق وطلب إلغاءهما فيما قضيا به من وقف الفصل في طلبه الخاص بباقي الثمن والحكم بإلزام المستأنف عليهما (المطعون عليهما) بأن يدفعا له باقي الثمن وقدره 100090 ج و625 م وفوائده القانونية واحتياطياً في حالة ما إذا رأت محكمة الاستئناف تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إرجاء الفصل في ذلك الطلب إلى ما بعد تحديد قيمة التعويض الذي سوف تدفعه الحكومة أن تقضي له بإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغ أربعين ألف جنيه أو أي مبلغ ترى المحكمة الحكم به مؤقتاً ورفع المطعون عليهما بدورهما استئنافاً عن الحكم الصادر في 28 يناير سنة 1957 طالبين إلغاءه والقضاء برفض دعوى الطاعن وقيد استئنافهما برقم 305 سنة 9 ق المنصورة وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1958 حكمت محكمة الاستئناف في الاستئنافين بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه ورفض دعوى الطاعن وبإلزامه بأن يدفع للمطعون عليهما مبلغ ثلاثين ألفاً من الجنيهات والفوائد بواقع 4% من 18 أكتوبر سنة 1954 حتى السداد. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 4 مارس 1962 وفيها صممت النيابة على المذكرة المقدمة منها والتي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في الثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم أقام قضاءه برفض دعواه على أن عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون عليهما يعتبر باطلاً بحكم المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وأن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون المذكور التي تقضى بالاعتداد بالتصرفات الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 لا تتناول حالة هذا العقد كما ذكر الحكم أنه لا يجوز الاستناد إلى القانون رقم 452 لسنة 1953 للقول بصحة العقد لعدم انطباق القانون المذكور عليه - ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه مخالف لصريح قانون الإصلاح الزراعي ولصريح أحكام القانون رقم 452 لسنة 1953 وما ورد في مذكرته الإيضاحية ذلك أن المادة الأولى من القانون الأول رقم 178 لسنة 1952 وإن نصت على أنه لا يجوز لأي شخص أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائتي فدان وأن كل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم يعتبر باطلاً ولا يجوز تسجيله إلا أن القانون المذكور أورد على هذه القاعدة استثناءات منها ما نص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من جواز الاعتداد بتصرفات المالك التي ثبت تاريخها قبل 23 يوليه سنة 1952 فهذه التصرفات - ومنها التصرف محل النزاع - تظل صحيحة ونافذة بين عاقديها وفي مواجهة جهة الإصلاح الزراعي ويجوز شهرها وينتقل بمقتضاها الملك إلى المتصرف إليه ولو كان يملك أكثر من مائتي فدان وكل ما هناك أنه إذا ترتب عليها زيادة ما يملكه على هذا القدر خضع الزائد لأحكام الاستيلاء المقررة في ذلك القانون ويجوز للمتصرف إليه طبقاً للمادة الرابعة أن يتصرف في هذه الزيادة إلى صغار المزارعين الذين أشارت إليهم هذه المادة - يؤكد هذا النظر صدور القانون رقم 452 لسنة 1953 الذي يستنبط من دلالته التشريعية ومما ورد في مذكرته الإيضاحية أنه يقوم على اعتبار أن هذه العقود صحيحة ونافذة بين أطرافها بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي وأن الاستيلاء إنما يقع في هذه الحالة على ملك المتصرف إليه إذا ترتب على التصرف زيادة ما يملكه على مائتي فدان ولقد أراد المشرع بهذا القانون تحقيقاً للعدالة أن يقسم المغارم بين المتصرف والمتصرف إليه في حالة ما إذا كان الأجل المحدد للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد 23 يوليه سنة 1952. ولو كانت أمثال هذه العقود تعتبر باطلة طبقاً للمادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي لما ألزم المتصرف إليه بشيء ولوقع الاستيلاء على ملك المتصرف. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه فهم الدلالة التشريعية للقانون 452 لسنة 1953 كما أخطأ في تأويله بتقريره أن ذلك القانون إنما يعني المشتري المالك الذي سجل عقده والذي وضع اليد على المبيع وصدر ضده قرار بالاستيلاء النهائي على بعض ما اشتراه إذ هذا التأويل لا يحتمله إطلاق النص بل إنه يناقض صريحة الذي يفترض أن سند المشتري عقد غير مسجل ولكنه ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وأن المتصرف إليه يملك أكثر من القدر الجائز تملكه بدليل أن القانون اعتبره مستولى لديه وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان يملك أزيد من مائتي فدان. ولم يشترط القانون فيه أن يكون قد وضع يده فعلاً على الأطيان المبيعة كما أن خضوع هذه الزيادة لأحكام الاستيلاء إنما هو الواقعة التي تفسح المجال لتطبيق هذا التشريع ثم إن الفقرة الأخيرة من المادة 3 من قانون الإصلاح الزراعي لا تفترض فقط - كما ذهب الحكم المطعون فيه خطأ - كون المتصرف إليه لا يملك أصلاً شيئاً من الأطيان أو أنه لا يصبح بعد التصرف مالكاً لأكثر من مائتي فدان وإنما القانون بنصه الصريح يفترض أن استيلاء تم لدى المتصرف إليه ولا يتأتى هذا إلا إذا كان هذا المتصرف إليه سواء قبل التصرف أو بعده يملك أكثر من مائتي فدان ولقد أراد المشرع بإصدار القانون رقم 452 لسنة 1953 أن يورد حكماً تكميلياً للفقرة المذكورة التي اعتبرت العقد الثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 صحيحاً لا يمتد إليه البطلان الوارد في المادة الأولى ولو كان المشرع يقصر الصحة على العقود المسجلة قبل هذا التاريخ لما أعوزه أن يورد هذا التعبير وهو يعلم الفارق بين عقد مسجل وعقد ثابت التاريخ ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن الشهر العقاري قد نفذ القانون على وجهه الصحيح وقبل التأشير على عريضة الدعوى بصلاحيتها للشهر مما يفيد صلاحية الحكم الذي يصدر فيها بصحة التعاقد للشهر وبالتالي صلاحية عقد البيع للشهر وذلك ينفي قول الحكم باستحالة تنفيذ الطاعن لالتزامه بنقل الملكية لعدم إمكان تسجيل العقد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن وبإلزامه برد معجل الثمن الذي قبضه على قوله "وحيث إن الحكم المستأنف إذ قضى بصحة ونفاذ العقد موضوع الدعوى تأسيساً على أن هذا العقد ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 يكون قد أخطأ لأن المقصود بالمتصرف إليه في صدد تطبيق البند ( أ ) من الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون الإصلاح الزراعي هو المشتري الذي في مكنته الاحتفاظ بالقدر المبيع أي الذي لا يملك أكثر من مائتي فدان. وثبوت التاريخ إنما شرع لسريان التصرف أو عدم سريانه في حق الحكومة فقط للأسباب سالفة الذكر. وخطأ الحكم المستأنف يتمثل أيضاً في أنه نظر إلى جواز إتمام هذه الصفقة من جانب واحد أي من جهة البائع دون أن ينظر إليها من الجانب الآخر أي من جهة المشتري الذي يستحيل عليه تنفيذ العقد لسريان حكم المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي عليه. وحيث إنه متى تقرر ذلك وكان نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 يحدد ملكية الأفراد وقت العمل بالقانون ويمنع أي تصرف إرادي من شأنه زيادة هذه الملكية عن النصاب القانوني فإن هذا النص يسري على العقود القائمة وقت العمل بالقانون طالما أن هذه العقود لم تسجل بعد ولم تنتقل الملكية إلى المتصرف إليه بالمعنى الوارد في الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بالشهر العقاري... ذلك لأن الملكية باقية على ذمة المتصرف حتى ينقلها التسجيل إلى المتصرف إليه ولا يجوز لأيهما أن يدعى حقا مكتسباً بمقتضى العقد غير المسجل وكل الذي يرتبه هذا العقد غير المسجل هو مجرد التزامات شخصية لا ترقى إلى مرتبة الحقوق المكتسبة. وحيث إنه ما دام الأمر كذلك فإن قانون الإصلاح الزراعي يسري على العقد موضوع الدعوى سواء بالأثر المباشر للقانون أو بالأثر الرجعي لكونه من النظام العام فالثابت أن كلاً من المشتريين يمتلك أكثر من مائتي فدان قبل العمل بالقانون ولم تكن ملكية القدر المبيع قد انتقلت إليهما حتى بعد صدور القانون ما دام قد تحدد انتقالها عند التوقيع على العقد النهائي في 30/ 11/ 1952 ولم يكن يربط طرفي العقد سوى ذلك العقد الابتدائي المؤرخ 17/ 2/ 1952 الذي ليس من شأنه أن يرتب أي حقوق مكتسبة للبائع أو للمشتري والذي لا يجوز تسجيله عملاً بالمادة الأولى من القانون فضلاً عن كونه باطلاً بحكم هذه المادة كما لا يجوز الاعتداد بالعقد لثبوت تاريخه تمشياً مع نظرية الحكم المستأنف وذلك للأسباب السابق ذكرها. وحيث إنه لا محل لانطباق أحكام القانون 452 لسنة 1953 المعدل لبعض أحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 للحكم بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع الدعوى ذلك لأن ما أورده هذا القانون من حكم لم يقصد به تصحيح عقد باطل بنص المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي وإنما قصد به معالجة حالة خاصة وهي تخفيف العبء على المشتري المالك في حالة عجزه عن الوفاء بالتزامه بعد انخفاض ثمن الأراضي الزراعية وتحديد قيمة إيجارها. ولما كان هذا التشريع من قوانين الضرورة التي أملتها ظروف خاصة فلا يجوز إعمال حكمه في غير الحالة التي صدر لمعالجتها وبالشروط التي وضعها" وأورد الحكم نص القانون 452 لسنة 1953 وما ورد في مذكرته الإيضاحية ثم قال "وحيث إن الذي يستفاد من نصوص هذا القانون ومن مذكرته الإيضاحية أنه يشترط لتطبيق أحكامه: أولاً - أن يكون المشتري واضعاً يده على الأرض التي اشتراها وأن تكون هذه الأرض في حيازته يستغلها استغلال المالك وهو ما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية عند تحدثها عن المشتري. ثانياً - أن تكون جهة الاستيلاء قد استولت فعلاً على هذه الأرض أو على بعضها والاستيلاء لا يتأتى إلا إذا كان المشتري قد أخطر اللجنة العليا للإصلاح الزراعي عن مقدار ما يملكه وما هو واضع اليد عليه. ثالثاً - أن يكون عقد الشراء ثابت التاريخ على الأقل لكي يسري في حق جهة الاستيلاء. رابعاً - أن يكون الأجل المعين للوفاء وبالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد 23 يوليه سنة 1952" وخلص الحكم إلى عدم توافر الشرطين الأولين لأن المشتريين لم يضعا اليد على الأرض المبيعة إذ رفضا استلامها في اليوم الذي حدد لذلك وهو يوم 30/ 11/ 1952 كما أنهما لم يخطرا عنها اللجنة العليا للإصلاح الزراعي ولم يصدر بعد قرار نهائي بالاستيلاء عليها وانتهى الحكم من ذلك إلى القول "وحيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المستأنف إذ قضى بصحة ونفاذ العقد موضوع الدعوى قد أخطأ في تطبيق القانون لبطلان العقد وعدم جواز تسجيله". وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أنه يبين من استقراء نصوص المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي أن المشرع أورد في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه القاعدة الأساسية التي يقوم عليها هذا الإصلاح فنص على أنه "لا يجوز لأي شخص أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائتي فدان" ولا شبهة في أن هذه القاعدة من القواعد المتصلة بالنظام العام فيسري حكم هذه الفقرة بأثر مباشر على كل من يمتلك وقت العمل به في 9 من سبتمبر سنة 1952 أكثر من القدر الجائز تملكه كما يحظر تجاوز الملكية هذا الحد في المستقبل وبعد أن أرسى المشرع هذه القاعدة الأصلية نظم الأحكام التي تكفل تنفيذها بالنسبة للحاضر والمستقبل ورأى في سبيل توقي زيادة الملكية على هذا الحد في المستقبل أن يضمن عدم تملك الزيادة ابتداء عن تقرير بطلان العقود التي تؤدى إلى هذا الشك ومنع تسجيلها حتى يوفر على نفسه متابعة التصرفات المستقبلة وملاحقتها على الدوام بالاستيلاء ولهذا نص في الفقرة الثانية من المادة الأولى على أن "كل عقد يترتب عليه مخالفة حكم الفقرة الأولى يقع باطلاً ولا يجوز تسجيله" ثم عالج بعد ذلك في المادة الثالثة تصفية تركة الماضي من الملكيات الزائدة على مائتي فدان فنص على أن "تستولي الحكومة في خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ العمل بهذا القانون على ملكية ما يجاوز مائتي فدان التي يستبقيها المالك لنفسه على ألا يقل المستولى عليه كل سنة عن خمس مجموع الأراضي الواجب الاستيلاء عليها. ويبدأ الاستيلاء على أكبر الملكيات الزراعية" وأجاز في المادة الرابعة للمالك أن يتصرف في خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان إلى من عينتهم هذه المادة وبالقيود الواردة فيها وقد حرص المشرع وهو يقرر الاستيلاء على المساحات الزائدة وقت العمل بالقانون على ألا يمس تصرفات الملاك السابقة على هذا التاريخ ولو كانت غير مشهرة متى تيقن من سلامتها من شبهة الصورية والتهرب من القانون وإذ لاحظ أن كثيرين منهم لجأوا بعد قيام الثورة إلى التصرف في أطيانهم بقصد تهريبها من قانون تحديد الملكية الذي بات مرتقباً صدوره منذ قامت هذه الثورة باعتبار أنه يحقق أحد أهدافها الرئيسية فقد جعل المناط في الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة هو ثبوت تاريخها قبل 23 يوليه سنة 1952 وهو يوم قيام الثورة فما لم يكن ثابت التاريخ قبل هذا اليوم لا يعتد به بمعنى أن يعتبر المتصرف فيه فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء باقياً على ملك المتصرف وهو ما نص عليه المشرع في البند ( أ ) من الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة بقوله "ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون ( أ ) بتصرفات المالك ولا بالرهون التي لم يثبت تاريخها قبل يوم 23 يوليه سنة 1952" واستثنى المشرع من ذلك تصرفات المالك إلى فروعه وزوجه وأزواج فروعه إذ استلزم في البند (ب) للاعتداد بها أن تكون ثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1944 وهي السنة التي تقرر فيها رسم الأيلولة على التركات وذلك لما صرح به في المذكرة الإيضاحية من أن بعض الملاك لجأوا إلى التصرف في أملاكهم تصرفاً صورياً بقصد التهرب من هذا الرسم كما نص المشرع على أن الحكم الوارد في هذا البند الأخير لا يضر بحقوق الغير الذين تلقوها عن المذكورين فيه بتصرفات ثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 ومن ثم فإن تصرف المالك إلى غير فروعه وزوجه وأزواج فروعه متى كان ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 فإنه يظل على أصله قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي فإن كان هذا التصرف قد وقع صحيحاً طبقاً لأحكام القانون المدني فإنه يبقى على صحته ملزماً لعاقديه كما يسري قبل جهة الإصلاح الزراعي ويجوز شهره بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنه أن يجعل المتصرف إليه مالكاً لأكثر من مائتي فدان وفي هذه الحالة تخضع الزيادة لأحكام الاستيلاء المقررة في القانون ويجرى الاستيلاء عليها لدى المتصرف إليه. والمالك الذي يعينه المشرع في البندين ( أ ) و(ب) من المادة الثالثة هو المالك الذي يخضع لأحكام قانون الإصلاح الزراعي أي الذي تجاوز ملكيته مائتي فدان أما من عاداه فلا شأن لهذا القانون به ولا تأثير له على تصرفاته - ولقد نفذ الشهر العقاري مقتضى النظر السابق بإصداره منشوره رقم 6 فني بتاريخ 25 مارس سنة 1953 الذي ورد فيه ما يلي:" تفسيراً للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وبالإحالة إلى البند (ب) من المنشور رقم 11 بتاريخ 14/ 9/ 1952 يراعى بالنسبة للتصرفات التي ثبت تاريخها قبل يوم 23/ 7/ 1952 إمكان شهرها ولو كان يترتب عليها إبلاغ ملكية المشتري إلى ما يجاوز مائتي فدان من الأراضي الزراعية وجاء هذا المنشور مزيلاً لما كان قد أثاره المنشور السابق الصادر في 14/ 9/ 1952 من شك في إمكان شهر تلك التصرفات - ولا يصح في هذا المقام ما يقوله المطعون عليهما وسايرهما فيه الحكم المطعون فيه من أن ما يعنيه المشرع بالاعتداد بالتصرف الثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 هو مجرد جواز الاحتجاج به قبل جهة الإصلاح الزراعي دون نفاذه بين عاقديه ذلك أنه وإن كان صحيحاً أن المقصود بالاعتداد بالتصرف في معنى المادة الثالثة هو نفاذه قبل جهة الإصلاح الزراعي إلا أن الأصل أن عقد البيع متى استكمل شرائط صحته وفقاً لأحكام القانون المدني يكون ملزماً لعاقديه وتتنقل به الملكية متى أشهر إلا إذا حال دون ذلك الصالح العام الذي يكفله قانون الإصلاح الزراعي وعلى ذلك فإن مؤدى اعتبار هذا العقد نافذاً في حق جهة الإصلاح الزراعي - وهي معتبرة من الغير في تطبيق أحكام ذلك القانون - انتفاء ذلك الصالح العام الذي كان يمكن أن يتأثر به العقد أو يحول دون تسجيله وبالتالي ترك روابط عاقديه على أصلها ولو كان حكم البطلان الوارد في المادة الأولى يتناول مثل هذا العقد لما أمكن اعتباره نافذاً قبل الغير إذ لا يتأتى أن يكون العقد نافذاً في حق هذا الغير إلا إذا كانت له قوته الملزمة بين عاقديه وليس في اعتبار مثل هذا التصرف صحيحاً ونافذاً ما يتعارض مع قاعدة تحديد الملكية الزراعية بما لا يجاوز مائتي فدان ما دام الاستيلاء سيقع في النهاية على ما يزيد على هذا القدر لدى المتصرف إليه - ويخلص مما تقدم أن حكم البطلان الوارد في الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 لا مجال لإعماله إلا بالنسبة للتصرفات التي تبرم بعد 9 سبتمبر سنة 1952 تاريخ العمل بهذا القانون أما التصرفات السابقة على هذا التاريخ فإن هذا الحكم لا ينسحب عليها لأن المشرع قد عالجها في المادة الثالثة بحكم خاص راعي فيه عدم المساس بها متى انتفت عنها مظنة الصورية والتلاعب وهي لا تنتفي في نظر القانون رقم 178 لسنة 1952 إلا بثبوت تاريخ التصرف قبل يوم 23 يوليه سنة 1952 - على أن المشرع بإصداره القانون رقم 452 لسنة 1953 قد قضى على كل شك يمكن أن يثور في صحة ونفاذ التصرفات الثابتة التاريخ قبل اليوم المذكور وفي إمكان شهرها بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنها زيادة ما يملكه المتصرف إليه عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية إذ نص القانون رقم 452 لسنة 1953 على أنه "إذا كان سند المستولى لديه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ تحمل كل من البائع والمشتري نصف الفرق بين ثمن المستولى عليه من الأرض المبيعة والتعويض المستحق له على ألا يجاوز ما يتحمله البائع الباقي من الثمن وذلك كله دون إخلال بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة" فالمشرع بما نص عليه في هذا القانون وبما صرح به في مذكرته الإيضاحية قد أكد أن العقد الثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 يظل بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي نافذاً بين طرفيه وواجب الاحترام ويلتزم على أساسه المشتري بالوفاء بالثمن المتفق عليه ولو كان يترتب على تنفيذ هذا العقد زيادة ما يملكه على مائتي فدان واعتبر المشرع أن الاستيلاء في هذه الحالة يقع على الزيادة لدى هذا المشتري بدليل أنه عبر عنه بأنه مستولى لديه غير أن المشرع رأى تحقيقاً للعدالة أن يتدخل لرفع بعض العنت عنه عن طريق إلزام البائع بالمساهمة بنصيب معين في الغرم الذي غرمه المشتري بسبب الاستيلاء على الأرض المبيعة كلها أو بعضها وذلك متى كان الأجل المعين للوفاء ببعض الثمن أو بجمعيه يحل أصلاً بعد 23 يوليه سنة 1952 - ولو كان حكم البطلان المقرر في المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي يمتد إلى العقود الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 لما كان ثمة محل لإصدار القانون رقم 452 لسنة 1953 ولبقيت الأطيان المبيعة على ملك البائع ولما أمكن اعتبار المشتري ملزماً بدفع الثمن المتفق عليه في العقد بل ولحق له أن يسترد ما يكون قد عجله منه ولما تحمل في جميع الأحوال غرماً حتى يلزم البائع بالمساهمة فيه. ولا عبرة بما يقوله المطعون عليهما من أن المقصود بالمشتري في هذا التشريع هو المالك الذي سجل عقده وانتقلت ملكية المبيع إليه ذلك أن المشرع عرف في هذا القانون سند المشتري المستولي لديه بأنه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 ولم يشترط فيه أن يكون مسجلاً ولا مراء في أن المشرع يدرك الفارق بين العقد المسجل والعقد الثابت التاريخ وهو إذا اختار أحد التعبيرين فإنما يعنيه حتماً ولو أنه قصد العقد المسجل لما كان هناك داع لأن يصفه بأنه ثابت التاريخ لأن مجرد التسجيل يجعل للعقد تاريخاً ثابتاً هذا إلى أن المشرع لم يكن بحاجة إلى التعرض إلى العقود المسجلة قبل تاريخ العمل بقانون الإصلاح الزراعي لأن الملك يكون قد انتقل بها قبل هذا التاريخ وتحدد بها المالك الذي يجرى الاستيلاء لديه على الزائد عن الحد الأقصى للملكية وليس للقانون المذكور أثر رجعي على ما انتقلت ملكيته فعلاً قبل صدوره وإنما يكون له أثره المباشر فيما يختص بالاستيلاء على الزيادة لدى المالك لها في تاريخ العمل به ولهذا لم يتعرض للعقود المسجلة قبل هذا التاريخ في أي نص من نصوصه - وإزاء صراحة نصوص القانون رقم 452 لسنة 1953 وصراحة دلالته التشريعية في صحة ونفاذ العقود الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 لا يكون لما ورد في موضع من مذكرته الإيضاحية من وصف المشتري بأنه مالك دلالة ما على أن المشرع يعني المشتري الذي سجل عقده وبخاصة وأن هذا اللفظ العابر قد أردف بلفظ المشتري، على أن المذكرة الإيضاحية لا يمكن أن تضيف شرطاً جديداً لم يرد في القانون نفسه ولعل واضع المذكرة يقصد بلفظ المالك، المالك مآلا اعتباراً بأنه لا يوجد ما يحول دون تسجيل عقده وانتقال الملكية إليه. أما ما قرره الحكم المطعون فيه من أنه لا محل للاستناد إلى القانون رقم 452 لسنة 1953 في النزاع الحالي لعدم انطباقه عليه بحجة أن حيازة الأطيان المبيعة لم تنتقل إلى المطعون عليهما المشتريين قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي ولأنهما لم يخطرا اللجنة العليا بمقدار ما يملكانه وبما يضعان اليد عليه ولم يصدر قرار بالاستيلاء النهائي على الأرض المبيعة - وهي الأمور التي قال الحكم المطعون فيه بوجوب توافرها لإمكان تطبيق القانون المذكور هذا الذي قرره الحكم مردود بأنه علاوة على أن هذه الشروط التي استلزمها لا سند لها من ذلك القانون وأن تقصير المطعون عليهما في تقديم إقرار إلى اللجنة العليا عن الأرض المبيعة لا يمنع من خضوعها لأحكام الاستيلاء متى كان كل منهما يملك قبل الشراء الحد الأقصى، علاوة على هذا فإنه أياً كانت الشروط اللازمة لتطبيق القانون رقم 452 لسنة 1953 فإن ذلك لا يقدح في دلالته التشريعية السالف بيانها - كذلك فإنه لا حجة فيما يقوله المطعون عليهما من أن منطق القانون يأبى إلزامهما بأداء ثمن أرض لا يمكنها الاحتفاظ بملكيتها لأن مآلها الحتمي إلى الاستيلاء ذلك أن هذه النتيجة مهما أضرت بالمطعون عليهما فإنما هي من آثار تطبيق قانون الإصلاح الزراعي وليس للبائع دخل فيها هذا إلى أنه لم يكن من المحتم أن تستولي الدولة فعلاً على الأرض المبيعة للمطعون عليهما فقد كان مباحاً لهما في المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي التصرف بالبيع فيما يجاوز المائتي فدان التي يحق لكل منهما أن يستبقيها لنفسه - على أن يكون التصرف إلى صغار الزراع الذين عينتهم تلك المادة وبالقيود المنصوص عليها فيها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الأخير من أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 14/ 11/ 1957 الطعن 235 س 23 ق السنة الثامنة ص 798.
 (2) راجع نفض 3/ 1/ 1663 الطعن 263 س 26 ق السنة 14 ص 37، 3/ 5/ 1962 الطعن 325 س 26 ق السنة 13 ص 565.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق