جلسة 20 من إبريل سنة 2016
(53)
الطعن رقم 17275 لسنة 84 القضائية
(1) حكم "
بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب
غير معيب " . جريمة " أركانها " . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . تزوير " أوراق
رسمية " . إضرار عمدي .
حكم
الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات .
جريمة
تسهيل الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها بالمادة 113/1 عقوبات . مفادها
ومناط تحققها ؟
تحدث الحكم
صراحة عن كل ركن من أركان جريمة التزوير . غير لازم . ما دام أورد من الوقائع ما
يدل عليه .
جريمة
الإضرار العمدي المنصوص عليها بالمادة 116 مكرراً عقوبات . مناط تحققها ؟
مثال .
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . نقض " المصلحة في الطعن " . تسهيل
استيلاء على أموال أميرية . تزوير " أوراق رسمية " . إضرار عمدي .
بيان الحكم
واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية لجرائم تسهيل الاستيلاء على المال
العام والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام وإيراده
مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
نعي الطاعن على الحكم بشأن جرائم الاشتراك في تزوير محررات
رسمية واستعمالها والإضرار العمدي
بالمال العام . غير مجد . ما دام دانه بجريمة
تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بالتزوير في محررات رسمية . أساس ذلك ؟
(3) إثبات "
بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .
(4) إثبات " شهود
" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي
على الحكم بشأن عدم إيراد أقوال الشاهد . غير مقبول . ما دام قد أوردها.
(5)
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل
" .
تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقه أو في نتيجته . لا ينال من سلامته
.
مثال .
(6) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور
أمر بألَّا وجه فيها " . قوة الأمر المقضي . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " .
الدفع
بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى من النيابة العامة . دفع بقوة الشيء المحكوم فيه .
حجية الأحكام
. مناطها : وحدة الخصوم والموضوع والسبب .
وحدة
الخصوم . أن يكون المتهم الذي يحاكم هو بذاته الصادر بشأنه أمر بألَّا وجه ضمني
لإقامة الدعوى الجنائية . انتفاؤه في الواقعة . يوجب رفض الدفع بعدم جواز نظرها
لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية .
مثال .
(7) دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم مفردات المبالغ التي سهل الطاعن الاستيـلاء
عليها دون احتساب فوائد عليها . النعي
عليه خلاف ذلك . غير مقبول .
(8) قانون "
تفسيره " . دعوى جنائيـة " انقضاؤها بالتصالح " . صلح . محكمة
النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
المادة 18 مكرراً (ب) إجراءات جنائية المضافة
بالمادة الثانية من القانون 16 لسنة 2015 . مؤداها ؟
الدفع بالجهل بالقانون أو
ما أدخل عليه من تعديل أو الغلط فيه . غير مقبول . علة ذلك ؟
اتصال محكمة النقض بالطعن
اتصالاً قانونيًا صحيحًا بمجرد التقرير به في الميعاد القانوني . عدم التزام قلم الكتاب أو
النيابة العامة بإعلان الطاعن بجلسة الطعن .
عدم تقديم الطاعن أو وكيله
الخاص ما يفيد التصالح أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض . أثره : للمحكمة الفصل في
الطعن دون تطبيق النص المذكور. أساس وعلة ذلك؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى
في قوله " .... في أن
المتهمين .... – الطاعن – بصفته
موظف عام مدير فرع .... بشركة .... " .... " وهي إحدى وحدات القطاع
العام والمتهم / .... مدير الإدارة الاجتماعية بال... و.... رئيس مجلس إدارة
اللجنة النقابية للعاملين المدنيين بمصلحة .... ويعمل بمصلحة .... وآخرون سبق
الحكم عليهم قد توافقوا واتفقوا على العدوان على المال العام المملوك لشركة .... وهي
إحدى وحدات القطاع العام المملوك للدولة بدون وجه حق سلباً وإضراراً دون وازع من
ضمير أو إنسانية أو وطنية مستخدمين في مشروعهم الإجرامي الحيلة والغدر على المال
العام وبتزوير أوراق رسمية وتقليد أختام تتبع جهات عملهم واستخدام محررات مزورة مع
علمهم بتزويرها وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على مبلغ 9,243,541 جنيه تسعة ملايين ومائتي وثلاثة وأربعين ألفاً وخمسمائة وواحد
وأربعين جنيهاً على النحو الثابت بأقوال الشهود " ، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن على
هذه الصورة أدلة استقاها من أقوال الشهود / .... و.... و.... أعضاء لجنة
الخبراء بوزارة .... و.... عضو هيئة الرقابة الإدارية و .... الضابط بإدارة مكافحة
جرائم المال العام بوزارة الداخلية ، وإقرار المتهمين من سئل بالتحقيقات استدلالاً
والتقارير الطبية الصادرة من مصلحة الطب الشرعي التي أثبتت التزوير وهي أدلة سائغة
من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من
قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي أدان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها
ثبوت وقوعها منه ، وكان من المقرر أن جريمة تسهيل الاستيلاء على المال
العام المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق
أركانها متى قام الموظف بنشاط إيجابي أو سلبي بقصد
تسهيل استيلاء الغير على هذا المال ، فإنه وفقاً للقواعد العامة يعتبر الموظف في
هذه الحالة مجرد شريك بالمساعدة للغير الذي استولى على المال العام وقد
يكون هذا الغير فرداً عادياً من آحاد الناس مما يجعل جريمته سرقة عادية أو نصباً
فيستفيد الموظف باعتباره شريكاً له لذلك تدخل المشرع في المادة 113 من قانون
العقوبات للحيلولة دون هذه النتيجة باعتبار أن الموظف العام هو المسئول عن وقوع
هذه الجريمة ولولا فعله الإجرامي لما استولى الغير على هذا المال فاعتبر الموظف
العام فاعلاً أصلياً في جريمة خاصة تسمى بتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة
أو ما في حكمها وبناء على هذا الوصف الجديد ، فإن الغير يعتبر شريكاً للموظف العام
في هذه الجريمة الخاصة ما لم يكن هذا الغير موظفاً عاماً ؛ لأنه في هذه الحالة
الأخيرة يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام ، وكان
لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام
قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، كما وأن جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها في
المادة 116 مكرر من قانون العقوبات تتحقق متى قام الموظف العام أو من في حكمه
بالإضرار عمداً بالأموال والمصالح المعهودة إليه ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع
شخصي ويشترط في الضرر أن يكون محققاً .
2- لما كان الحكم قد أورد من الأدلة القولية
والفنية والقرائن ما يكشف عن اعتقاد المحكمة أن الطاعن بصفته موظفاً عاماً ( مدير
فرع .... بشركة .... " .... " ) سهل للغير الاستيلاء على المال العام
وهم باقي المحكوم عليهم وارتكب بالاشتراك معهم جريمتي التزوير في محررات رسمية
واستعمالها والإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي تعهد بالمحافظة عليها بأن
قام بتسليم كامل مشمول البضائع لكل من المتهمين الثاني والثالث خلافاً لاشتراطات
العقدين الموقعين بينهما والتي توجب التسليم للمستفيدين العاملين بتلك الجهات بموجب
تفويضات صدرت من المتهم الثاني بصفته مدير الإدارة الاجتماعية والتعهدات الصادرة
من المختص باللجنة النقابية للعاملين .... رغم عدم اختصاصه بذلك وثبت عدم استلام
أي من العاملين بالجهتين المتعاقدتين مع الشركة إدارة الطاعن للبضائع موضوع
العقدين وبلغت قيمة البضائع التي سلمها الطاعن للمتهم
الثاني وآخر سبق الحكم عليه مبلغ 4,222,133,45 جنيه أربعة ملايين ومائتين واثنين
وعشرين ألف جنيه ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً كما بلغت السلع
التي سلمها الطاعن للمتهم الثالث وآخر سبق الحكم مبلغ 4,760,656,30 جنيه أربعة
ملايين وسبعمائة وستين ألف جنيه وستمائة وستة
وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً مما ألحق الضرر بالجهة التي يعمل بها الطاعن
وذلك نتيجة تواطئ بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم مستخدمين في ذلك مستندات ومحررات
مزورة لتسهيل استيلائهم على أموال الشركة وأن مظاهر هذا التواطؤ تسليم البضائع
لغير من تضمنتهم العقود وبأوراق مزورة والاستمرار في تسليم البضائع بالرغم من
انتهاء مدة التعاقد وبدون ضمانات فعلية للشركة حتى يمكنها تحصيل مستحقاتها لدى
المستفيدين ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً وسائغاً في التدليل على توافر
أركان جرائم تسهيل استيلاء الغير على المال العام والتزوير في محررات رسمية
واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام في حق الطاعن ، وكان يبين مما سطره الحكم
المطعون فيه في إيراده لصورة الواقعة وأقوال الشهود ومدوناته أنه بيَّن واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم تسهيل الاستيلاء على المال
العام بغير حق والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام
التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة الأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها
محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها
من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور يكون في
غير محله ، فضلاً عن أنه لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أثبت
في حقه مقارفته لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي
بالمال العام ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته
بالعقوبة المقررة لجريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بالتزوير في
محررات رسمية التي أثبتها الحكم في حقه .
3- لما كان مفاد عدم إيراد
الحكم لأقوال كل من / .... و .... اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال
لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد
من أقوال الشهود إلَّا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا
تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا
الشأن لا محل له .
4- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد
أقوال الشاهد / .... – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد
.
5- لما
كان من المقرر أن البيان المعوِّل عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن نطاق
هذا الاقتناع – وأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه – من المدعو / .... هو
الموقع على التعهد المؤرخ .... ثم عودته من بعد إيراده أن هذا التوقيع مزور عليه
وقد أدانت المحكمة الطاعن عن اشتراكه في تزوير ذلك المحرر ، فإن ذلك لا يعيبه ما
دام أنه غير مؤثر في منطقه أو في النتيجة التي تناهى إليها ، وما دام أنه لم يوردها إلَّا بعد أن فرغ في منطق سائغ وتدليـل
مقبول يكفي لحمل قضائـه بإدانة الطاعن – وهو الحال في الدعوى – بما يكون معه النعي على الحكم باشتماله على صور متعارضة
غير سديد .
6- لما
كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على عدم جواز نظر الدعوى قِبـل
الطاعن لصدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في حق كلاً من / ....
رئيس مجلس إدارة الشركة " .... " و .... رئيس قطاعها المالي لتطابق
الموقف واطرحه في قوله " وحيث إنه وعما أثاره الدفاع من عدم جواز نظر الدعوى
لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى .... فإن ذلك مشروط بشرطين الأول هو أن
يكون هناك وحدة في الموضوع بأن تكون الواقعة الصادر بشأنها الأمر ذاتها المرفوعة
عنها الدعوى والثاني هو أن تكون هناك وحدة في الخصوم بمعنى أن يكون من رفعت عليه
الدعوى الجنائية هو ذاته المتهم الذي صدر بشأنه قرار بألا وجه لإقامة الدعوى
الجنائية ، ولما كان ذلك ، وكان الثابت بهذه المحكمة أن المراكز القانونية للمقاس
والمقاس عليه اختلفت من حيث اختصاصه ودور وظيفته ودوره من الوقائع وأنه ليس ذاته
المتهم المستبعد من الاتهام في مراحـل التحقيق لانتفاء دوره في الجريمة المقدم بها
المتهم لهذه المحكمة ، فإنه يكون دفع فاسد تلتفت عنه المحكمة " ، لما كان ذلك
، وكان الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر ضمني
بألا وجه لإقامة الدعوى من النيابة العامة هو من قبيـل الدفع بقوة الشيء المحكوم
فيه ، وكان من المقرر أن مناط الحجية هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب والقول
بوحدة الخصوم هو أن يكون المتهم الذي يحاكم هو بذاته الصادر بشأنه أمر بألا وجه
ضمني لإقامة الدعوى الجنائية حتى يحوز قوة الأمر المقضي وهو الأمر المنتفي في هذه
الواقعة ، ومن ثم لا يكون لهذا الدفع محل ويكون
الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون إذ قضي برفضه ، ويكون ما يثيره
الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
7- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بيَّن
مفردات المبالغ التي سهل الطاعن الاستيـلاء عليها – على النحو السالف بيانه – ولم
يحتسب ثمة فوائد عليها – وذلك كله خلافاً لما يزعمه الطاعن في أسباب طعنه ، ومن ثم فإن ما يرمي به الحكم في هذا
الصدد لا يكون له وجه.
8- لما كان الطاعن قد عُوقب عن جريمة من الجرائم التي يجوز فيها التصالح وفقاً للقانون رقم 16 لسنة 2015 الصادر بتعديل قانون الإجراءات الجنائية والذي نص في مادته الثانية على إضافة مادة جديدة برقم 18 مكرراً ( ب ) والمعمول به من اليوم التالي لنشره في 12 من مارس سنة 2015 والتي جرى نصها على أنه " يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلَّا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر لتصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم الصلح قبل صيرورة الحكم باتاً ، فإذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له ، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه .... " ، وكان مؤدى هذا النص أن القانون رتب آثاراً على التصالح في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي أشارت إليها المادة المذكورة – تختلف حسب ما إذا كان الحكم الصادر بالعقوبة لم يصبح باتاً أو أنه قد صار كذلك إذ إنه في الحالة الأولى يترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية ووقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها وينعقد الاختصاص بوقف التنفيذ للنيابة العامة بينما في الحالة الثانية يقتصر أثر التصالح على وقف تنفيذ العقوبة باعتباره أن صيرورة الحكم نهائياً يكون القضاء في موضوع الدعوى قد حاز قوة الأمر المقضي وينعقد الاختصاص بوقف التنفيذ في هذا الحالة لمحكمة النقض الدائرة الجنائية منعقدة في غرفة المشورة – ولكي ينتج التصالح أثره بوقف التنفيذ في هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون المحكوم عليه أو وكيله الخاص قد استوفى التصالح على النحو المبين بالنص المار ذكره فالصلح يعد – في حدود تطبيق هذا القانون – بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه التصالح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضي من المحكمة إذا ما تم التصالح في أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية أما إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى ، فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها ، فنظام الصلح على نحو ما سلف اختياري للمتهم فهو يتيح له أن يتمسك بتطبيق القانون الأصلح عليه ويتجنب صدور حكم عليه إذا رجح الإدانة وله أن يرفضه إذا رجع البراءة بل قد يقبله حتى في الحالة الأخيرة تجنباً للمساس الأدبي به من وقوفه موقف المتهم أمام السلطات القضائية ، لما كان ذلك ، وكان قد جرى قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كما أنه لا يسوغ الدفع بالجهل بما أدخل على القانون من تعديل إذ إن ذلك حسبما يقره القانون داخلاً في علم كافة الناس ، لما كان ذلك ، وكان مجرد التقرير بالطعن في قلم الكتاب تصبح محكمة النقض متصلة بالطعن اتصالاً قانونياً صحيحاً متى تم التقرير في ميعاده القانوني – كما هو حال هذا الطعن – ويتعين على الطاعن أن يتابع طعنه دون أن يلتزم قلم الكتاب أو النيابة العامة بإعلانه ، لما كان ذلك ، وكان النص سالف الذكر وإن كان ظاهره إجرائي إلَّا أنه يقرر قاعدة موضوعية مفادها تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح في مفهوم المادة الخامسة من قانون العقوبات ما دام قد أنشأ له وضعاً أفضل ، لما كان ذلك ، وكان القانون قد رخص للطاعن أن يتفادى الحكم عليه بالعقوبة السالبة للحرية إذا ما بادر إلى إثبات تصالحه قبل صدور حكم باتاً في الدعوى إلَّا أن الطاعن تراخى ولم يقدم أو وكيله الخاص ما يفيد إثبات تصالحه إبان نظر الطعن أمام هذه المحكمة برغم أن هذا النص من العلم العام وإزاء ذلك فإن موجب النص لم يتحقق بعد ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي انتهت إلى عدم تطبيق النص ، والقول بغير ذلك إطالة لأمد التقاضي وتعطيل الفصل في طعن بحالته صالح للفصل فيه عملاً بنص المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، كما يتعارض هذا الأمر مع العدالة الناجزة انتظاراً لتصالح الطاعن أو وكيله الخاص أو تراخيهما .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمـت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :
أولاً : المتهمان الأول ( الطاعن ) والثاني :
بصفتهما موظفين عامين " الأول مدير فرع ... بشركة .... والثاني بصفته مدير الإدارة الاجتماعية ... التابعة لمديرية الشئون الاجتماعية ... " سهلا للمتهمين الثالث والرابع الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على البضائع والسلع المبينة بالأوراق البالغ قيمتها 4222133,45 جنيهاً " أربعة ملايين ومائتين واثنين وعشرين ألفاً ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً " والمملوكة لجهة عمل المتهم الأول وكان ذلك حيلة بأن قام المتهم الأول بتسليمهما كامل مشمول تلك البضائع والسلع بالمخالفة لشروط عقد البيع بالتقسيط المبرم بين الشركة جهة عمله والجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بالشئون الاجتماعية ... جهة عمل المتهمين الثالث والرابع ولمنشورات البيع الدورية ودون الحصول على الضمانات الواردة بالعقد وبموجب محررات مزورة أصدرها المتهم الثاني فمكنهما من الاستيلاء عليها ، وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفتهما آنفتي البيان اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثالث والرابع وآخر مجهول في تزوير محررات لجهة عمل المتهم الثاني هي تعهدا السداد المؤرخان .... و... والتفويض المؤرخ ... والخطاب المؤرخ .... ومحرران آخران منسوبان لجهة عمل المتهم الثالث هما محضر اجتماع الجمعية العمومية للجمعية المؤرخ ... واجتماع مجلس إدارتها المؤرخ ... وكان ذلك بطريق الاصطناع والإضافة ووضع إمضاءات مزورة وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها حال تحريرها المختص بوظيفته بأن اتفقوا مع المجهول على تزويرها وأمدوه بالبيانات اللازمة فاصطنعها على غرار الصحيح منها وأثبت بالتعهدين والتفويض والخطاب على خلاف الحقيقة تعهد الإدارة بخصم وسداد الأقساط المستحقة على العاملين بها المستفيدين من شراء السلع من الشركة جهة عمل المتهم الأول وتفويضها المتهم الثالث في استلام البضاعة مشمول العقد وإقرارها بتمام الاستلام وتحديدها قيمة السلع المسلمة وأثبت بمحضري الاجتماع على خلاف الحقيقة تفويض المتهمين الثالث والرابع في التعاقد مع الشركة جهة عمل المتهم الأول وتعيين المتهم الرابع أميناً لصندوق الجمعية وذيل التعهد المؤرخ .... والتفويض بتوقيع نسبه زوراً لمسئول شئون العاملين بالإدارة " .... " وأضاف عبارة " بالتضامن مع الجمعية الاستهلاكية للعاملين بالشئون الاجتماعية " للتعهد المؤرخ .... وذيل محضري الاجتماع بتوقيعات عزاها زوراً للمختصين بالجمعية ، ومهر المتهم الثاني التعهدين والتفويض والخطاب بتوقيعه وبصم عليهم بخاتم شعار الجمهورية عهدته الخاص بالإدارة وأضفى على التعهدين والتفويض تواريخاً غير صحيحة ، وضمن المتهمون من الثاني للرابع في العقد تمثيل الأخير به بصفة غير صحيحة باعتباره أميناً لصندوق اللجنة ووقع المتهم الرابع على العقد بهذه الصفة ، فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة ، واستعمل المتهمون من الأول حتى الرابع المحررات المزورة آنفة البيان فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها للشركة جهة عمل المتهم الأول محتجين بصحة ما دون بها ولإعمال أثارها .
ثانياً : المتهمون من
الأول ( الطاعن ) حتى الثالث :
بصفتهم سالفة الذكر أضروا عمداً بأموال الشركة جهة عمل
المتهم الأول والتي اتصل بها المتهمان الثاني والثالث بحكم عملهما بأن ارتكبوا
وقائع الاتهام المبينة بالوصفين السابقين مما أضاع على الشركة مبلغ 3516893,45
جنيهاً " ثلاثة ملايين وخمسمائة وستة عشر ألفاً وثمانمائة وثلاثة وتسعين
جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً " قيمة المديونية المستحقة على الجمعية جهة عمل
المتهم الثالث على النحو المبين بالأوراق .
ثالثاً : المتهم الأول
( الطاعن ) :
أ- بصفته سالفة الذكر سهل للمتهمين الخامس والسادس
الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على البضائع والسلع المبينين بالأوراق البالغ
قيمتها 4760656,30 جنيهاً " أربعة ملايين وسبعمائة وستين ألفاً وستمائة وستة
وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً " والمملوكة لجهة عمله وكان ذلك حيلة بأن قام بتسليمهما كامل مشمول تلك البضائع والسلع
بالمخالفة لشروط عقد البيع بالتقسيط المبرم بين الشركة جهة عمله واللجنة
النقابية للعاملين بقطاع مصلحة .... جهة عملهما ولمنشورات البيع الدورية ودون الحصول على الضمانات الواردة بالعقد وبموجب
محررات مزورة فمكنهما من الاستيلاء عليها ، وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي
تزوير في محررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان
والمكان سالفي الذكر وبصفته آنفة البيان اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع
المتهمين الخامس والسادس وآخر مجهول في تزوير محررات بجهتي عمل المتهمين الخامس
والسادس هي ثلاثة تعهدات وإقرارات بالسداد منسوب صدورها لإدارة شئون العاملين
بقطاع مصلحة .... وتعهد بالسداد منسوب صدوره للجنة النقابية سالفة الذكر ومحضرا
اجتماع مجلس إدارة ذات اللجنة المؤرخ .... وعدد ثمانية عشر شيكاً منسوب صدورها
لذات اللجنة لصالح الشركة جهـة عمـل المتهـم الأول وأذون الاستـلام أرقـام 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 13 ، 16 ، 17 ، 18 ، 19 ، 20 ، 21 ، 22 ،
23 ، 24 ، 25 ، 26 ، 27 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ،
35 ، 36 ، 37 ، وذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة وجعل واقعة مزورة في
صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها حال تحريرها المختص بوظيفته بأن اتفقوا مع
المجهول على تزويرها وأمدوه بالبيانات اللازمة فاصطنع التعهدات ومحضر الاجتماع
وأذون الاستلام على غرار الصحيح منها وأثبت بالتعهدات الثلاثة المنسوبة لمصلحة ....
تعهدها بخصم وسداد الأقساط المستحقة على العاملين بها المستفيدين من شراء السلع من
الشركة جهة عمل المتهم الأول وذيلها بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بالمصلحة
" رئيس قسم الأجور والمرتبات للمدنيين - رئيس قسم أجور الضباط والأفراد - مدير
الحسابات - مدير إدارة شئون العاملين " وأثبت بالتعهد المنسوب للجنة النقابية التزامها بتحصيل الشيكات من العاملين
وذيله بتوقيع نسبه زوراً لأمينة الصندوق " .... " وأثبت بمحضر
اجتماع المجلس صدور قرار بالموافقة على التعاقد مع الشركة جهة عمل المتهم الأول
وبتكليف المتهمين الخامس والسادس بالتوقيع على مستندات التعاقد وبتكليف المتهم
الخامس وأمينة الصندوق سالفة الذكر بالتوقيع على شيكات بقيمة السلع وذيل المحضر
بتوقيعات نسبها زوراً لأعضاء المجلس وأثبت بالأذون سالفة الذكر استلام المتهمين
الخامس والسادس مشمول السلع وذيلها بتوقيعات عزاها زوراً للمتهم الخامس ، ومهر
الشيكات بتوقيعات نسبها زوراً لأمينة الصندوق سالفة الذكر ، ومهر المتهمان الخامس
والسادس التعهد المنسوب للجنة النقابية ومحضر اجتماع مجلس إدارتها بتوقيعها وبصما عليها وعلى أربعة وثلاثين إذن استلام بضاعة
ببصمة خاتم مزور نسباه زورا ًلجهة عملهما كما مهر المتهم الخامس محضر
الاجتماع بتوقيع عزاه زوراً لعضوة مجلس الإدارة " .... " وبصم المتهم
السادس على التعهدات الثلاثة المنسوبة لإدارة شئون العاملين بمصلحة .... ببصمة خاتم شعار الجمهورية الخاص بتلك الإدارة بعد استحصاله عليه بغير حق ، فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك
المساعدة واستعمل المتهمون الأول والخامس والسادس المحررات المزورة آنفة
البيان فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها للشركة جهة عمل المتهم
الأول محتجين بصحة ما دون بها ولإعمال أثارها .
ب- بصفته آنفة البيان أضر عمداً بأموال جهة عمله بأن
ارتكب وقائع الاتهام المبينة بالبند خامساً مما أضاع على جهة عمله مبلغ 3792656,20
جنيهاً " ثلاثة ملايين وسبعمائة واثنين وتسعين ألفاً وستمائة وستة وخمسين
جنيهاً وعشرين قرشاً " قيمة المديونية المستحقة على اللجنة النقابية جهة عمل
المتهمين الآخرين على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصـف الواردين بأمر الإحالة
.
وادعت الشركة المجني عليها – .... - مدنياً قِبل
المتهمين بالتعويض المدني المؤقت .
ومحكمة الجنايات قضت حضورياً – للطاعن -
بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته وبتغريمه
والآخرين متضامنين مبلغ 9,234,541,64 جنيه وبرد ذات المبلغ للشركة المجني عليها
وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة ، وفي الدعوى المدنية بإلزام المحكوم عليهم
متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ 100001 جنيهاً على سبيل التعويض
المدني المؤقت .
فطعن المحكوم عليه – الطاعن - في هذا الحكم بطريق النقض .
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض
الحكم المطعون فيه والإعادة .
ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة - قضت حضورياً – للطاعن -
عملاً بالمواد 41 /1 ، 112/ 1 ، 113/ 2،1 ، 116 مكرراً ، 118 ، 119/ ب ، 119 مكرر / أ
، ج ، 206 /1 ، 206 مكرر / أ ، 207 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 32 من ذات
القانون ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبعزله من وظيفته وبتغريمه
والثاني مبلغ 4,222,133,45 جنيهاً أربعة
ملايين ومائتين واثنين وعشرين ألف ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً وخمسة وأربعين
قرشاً متضامنين ، وبتغريمه والثالث مبلغ 4,760,656,30 جنيهاً أربعة
ملايين وسبعمائة وستين ألف وستمائة وستة وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً وبإلزام
المتهمين جميعاً برد ذات المبلغ المقضي به كل للشركة المجني عليها ومصادرة
المحررات المزورة المضبوطة ، وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية
المختصة بلا مصروفات .
فطعن المحكوم عليه – الطاعن - في
هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث
إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق
على مال الدولة الذي ارتبط بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار
العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في
الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبيِّن الأدلة والقرائن التي
استخلص منها تواطؤ الطاعن واتفاقه مع باقي المحكوم عليهم للاستيلاء على المال
المملوك لجهة عمله ، كما لم يدلل تدليلاً سائغاً على اشتراكه في جريمتي التزوير
والاستعمال اللتين دانه بهما والإضرار العمدي بالمال العام سيما وقد خلت الأوراق
مما يفيد إضراراً بأموال الشركة فجاء قاصراً في بيان الأركان القانونية للجرائم
التي دانه بها ، ولم يورد مؤدى شهادة كل من / .... و.... ، و.... بالمخالفة لنص
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، واشتمل الحكم على صورة متعارضة لواقعة
الدعوى فتارة يذهب إلى أن .... هو الموقع على التعهد المؤرخ .... ثم يعود وينتهي
إلى أن التوقيع المذيل به التعهد المذكور ليس توقيعه ومزور عليه وقد دانه الحكم عن
اشتراكه في تزوير ذلك المحرر ، كما دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر ضمني
بألا وجه لإقامة الدعوى من النيابة العامة قِبل كل من / .... رئيس مجلس إدارة
الشركة المجني عليها و.... رئيس القطاع المالي بها نظراً لتماثل المراكز القانونية
مع الطاعن بشأن الاتهامات الموجهة إليه إلَّا أن الحكم اطرح ذلك الدفاع بتسبيب
قاصر مخالف للقانون ، ولم يبيِّن بوضوح وتفصيل
المبالغ المقضي بها عليه ، فضلاً عن احتسابه للفوائد والغرامات ضمن هذه المبالغ ،
كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى في قوله
" .... في أن المتهمين .... – الطاعن – بصفته موظف عام مدير فرع .... بشركة .... "
.... " وهي إحدى وحدات القطاع العام والمتهم / .... مدير الإدارة الاجتماعية بالواسطي و.... رئيس مجلس إدارة
اللجنة النقابية للعاملين المدنيين بمصلحة .... ويعمل بمصلحة .... وآخرون سبق
الحكم عليهم قد توافقوا واتفقوا على العدوان على المال العام المملوك لشركة .... وهي
إحدى وحدات القطاع العام المملوك للدولة بدون وجه حق سلباً وإضراراً دون وازع من
ضمير أو إنسانية أو وطنية مستخدمين في مشروعهم الإجرامي الحيلة والغدر على المال
العام وبتزوير أوراق رسمية وتقليد أختام تتبع جهات عملهم واستخدام محررات مزورة مع
علمهم بتزويرها وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على مبلغ 9,243,541 جنيهاً تسعة ملايين ومائتي وثلاثة وأربعين ألفاً وخمسمائة وواحد
وأربعين جنيهاً على النحو الثابت بأقوال الشهود " وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن على
هذه الصورة أدلة استقاها من أقوال الشهود / .... و.... و.... أعضاء لجنة
الخبراء بوزارة .... و.... عضو هيئة الرقابة الإدارية و .... الضابط بإدارة مكافحة
جرائم المال العام بوزارة الداخلية ، وإقرار المتهمين من سئل بالتحقيقات استدلالاً
والتقارير الطبية الصادرة من مصلحة الطب
الشرعي التي أثبتت التزوير وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم
عليها ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد
أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً
تتحقق به أركان الجريمة التي أدان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي
استخلصت منها ثبوت وقوعها منه ، وكان من المقرر أن جريمة تسهيل الاستيلاء على
المال العام المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق
أركانها متى قام الموظف بنشاط إيجابي أو سلبي بقصد تسهيل استيلاء الغير على هذا
المال ، فإنه وفقاً للقواعد العامة يعتبر الموظف في هذه الحالة مجرد شريك
بالمساعدة للغير الذي استولى على المال العام وقد يكون هذا الغير فرداً عادياً من
آحاد الناس مما يجعل جريمته سرقة عادية أو نصباً فيستفيد الموظف باعتباره شريكاً
له لذلك تدخل المشرع في المادة 113 من قانون العقوبات للحيلولة دون هذه النتيجة
باعتبار أن الموظف العام هو المسئول عن وقوع هذه الجريمة ولولا فعله الإجرامي لما
استولى الغير على هذا المال فاعتبر الموظف العام فاعلاً أصلياً في جريمة خاصة تسمى
بتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة أو ما في حكمها وبناء على هذا الوصف
الجديد ، فإن الغير يعتبر شريكاً للموظف العام في هذه الجريمة الخاصة ما لم يكن
هذا الغير موظفاً عاماً ؛ لأنه في هذه الحالة الأخيرة يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً في
جريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام ، وكان لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من
الوقائع ما يدل عليه ، كما وأن جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116
مكرر من قانون العقوبات تتحقق متى قام الموظف العام أو من في حكمه بالإضرار عمداً
بالأموال والمصالح المعهودة إليه ولو لم يترتب
على الجريمة أي نفع شخصي ويشترط في الضرر أن يكون محققاً . لما كان ذلك ،
وكان الحكم قد أورد من الأدلة القولية والفنية والقرائن ما يكشف عن اعتقاد المحكمة أن الطاعن بصفته موظفاً عاماً ( مدير
فرع .... بشركة .... " .... " ) سهل للغير الاستيلاء على المال العام وهم باقي المحكوم
عليهم وارتكب بالاشتراك معهم جريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار
العمدي بأموال ومصالح الجهة التي تعهد بالمحافظة عليها بأن قام بتسليم كامل مشمول
البضائع لكل من المتهمين الثاني والثالث خلافاً لاشتراطات العقدين الموقعين بينهما
والتي توجب التسليم للمستفيدين العاملين بتلك الجهات بموجب تفويضات صدرت من المتهم
الثاني بصفته مدير الإدارة الاجتماعية والتعهدات الصادرة من المختص باللجنة
النقابية للعاملين .... رغم عدم اختصاصه بذلك وثبت عدم استلام أي من العاملين
بالجهتين المتعاقدتين مع الشركة إدارة الطاعن للبضائع موضوع العقدين وبلغت قيمة
البضائع التي سلمها الطاعن للمتهم الثاني وآخر سبق الحكم عليه مبلغ 4,222,133,45
جنيه أربعة ملايين ومائتي واثنين وعشرين ألف جنيه ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً
وخمسة وأربعين قرشاً كما بلغت السلع التي سلمها الطاعن للمتهم الثالث وآخر سبق
الحكم مبلغ 4,760,656,30 جنيه أربعة ملايين وسبعمائة وستين ألف جنيه وستمائة وستة
وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً مما ألحق الضرر بالجهة التي يعمل بها الطاعن وذلك
نتيجة تواطئ بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم مستخدمين في ذلك مستندات ومحررات
مزورة لتسهيل استيلائهم على أموال الشركة وأن مظاهر هذا التواطؤ تسليم البضائع
لغير من تضمنتهم العقود وبأوراق مزورة والاستمرار في تسليم البضائع بالرغم من
انتهاء مدة التعاقد وبدون ضمانات فعلية للشركة حتى يمكنها تحصيل مستحقاتها لدى
المستفيدين ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً وسائغاً في التدليل على توافر
أركان جرائم تسهيل استيلاء الغير على المال العام والتزوير في محررات رسمية
واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام في حق الطاعن ، وكان يبين مما سطره الحكم
المطعون فيه في إيراده لصورة الواقعة وأقوال الشهود ومدوناته أنه بيَّن واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم تسهيل الاستيلاء على المال
العام بغير حق والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام
التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة الأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها
محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها
من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور يكون في
غير محله ، فضلاً عن أنه لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أثبت
في حقه مقارفته لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي
بالمال العام ما دامت المحكمة قد طبقت المادة
32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة المقررة لجريمة تسهيل الاستيلاء على المال
العام المرتبطة بالتزوير في محررات رسمية التي أثبتها الحكم في حقه . لما كان ذلك
، وكان مفاد عدم إيراد الحكم لأقوال كل من / .... و .... اطراحه لها ، إذ إن
المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر
في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه
قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن
ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد
أقوال الشاهد / .... – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - ومن ثم يكون منعاه
في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ذلك من المقرر أن البيان المعوِّل
عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء
الخارجة عن نطاق هذا الاقتناع – وأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه – من المدعو / ....
هو الموقع على التعهد المؤرخ .... ثم عودته من بعد إيراده أن هذا التوقيع مزور
عليه وقد أدانت المحكمة الطاعن عن اشتراكه في تزوير ذلك المحرر ، فإن ذلك لا يعيبه
ما دام أنه غير مؤثر في منطقه أو في النتيجة التي تناهى إليها ، وما دام أنه لم
يوردها إلَّا بعد أن فرغ في منطق سائغ وتدليـل مقبول يكفي لحمل قضائـه بإدانة
الطاعن – وهو الحال في الدعوى – بما يكون معه النعي على الحكم باشتماله على صور
متعارضة غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن
القائم على عدم جواز نظر الدعوى قِبـل الطاعن لصدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية في حق كلاً من / .... رئيس مجلس إدارة الشركة " .... "
و .... رئيس قطاعها المالي لتطابق الموقف واطرحه في قوله " وحيث إنه وعما
أثاره الدفاع من عدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى
.... فإن ذلك مشروط بشرطين الأول هو أن يكون هناك وحدة في الموضوع بأن تكون
الواقعة الصادر بشأنها الأمر ذاتها المرفوعة عنها الدعوى والثاني هو أن تكون هناك
وحدة في الخصوم بمعنى أن يكون من رفعت عليه
الدعوى الجنائية هو ذاته المتهم الذي صدر بشأنه قرار بألا وجه لإقامة الدعوى
الجنائية ، ولما كان ذلك ، وكان الثابت
بهذه المحكمة أن المراكز القانونية للمقاس والمقاس عليه اختلفت من حيث اختصاصه
ودور وظيفته ودوره من الوقائع وأنه ليس ذاته المتهم المستبعد من الاتهام في مراحـل
التحقيق لانتفاء دوره في الجريمة المقدم بها المتهم لهذه المحكمة ، فإنه يكون دفع
فاسد تلتفت عنه المحكمة " ، لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم قبول الدعوى
الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى من
النيابة العامة هو من قبيـل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه ، وكان من المقرر أن
مناط الحجية هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب والقول بوحدة الخصوم هو أن يكون
المتهم الذي يحاكم هو بذاته الصادر بشأنه أمر بألا وجه ضمني لإقامة الدعوى
الجنائية حتى يحوز قوة الأمر المقضي وهو الأمر المنتفي في هذه الواقعة ، ومن ثم لا
يكون لهذا الدفع محل ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون إذ قضي برفضه ،
ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بيَّن
مفردات المبالغ التي سهل الطاعن الاستيـلاء عليها – على النحو السالف بيانه – ولم
يحتسب ثمة فوائد عليها – وذلك كله خلافاً لما يزعمه – الطاعن – في أسباب طعنه ،
ومن ثم فإن ما يرمي به الحكم في هذا الصدد لا يكون له وجه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على
غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ولا
يفوت المحكمة أن تشير إلى أن الطاعن قد عُوقب عن جريمة من الجرائم التي يجوز فيها
التصالح وفقاً للقانون رقم 16 لسنة 2015 الصادر بتعديل قانون الإجراءات الجنائية
والذي نص في مادته الثانية على إضافة مادة جديدة برقم 18 مكرر ( ب ) والمعمول به
من اليوم التالي لنشره في 12 من مارس سنة 2015 والتي جرى نصها على أنه " يجوز
التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون
العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من
رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا
يكون التصالح نافذاً إلَّا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له
وبدون رسوم ويكون لمحضر لتصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ، ويتولى مجلس
الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة
ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر
النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم الصلح قبل صيرورة الحكم باتاً ، فإذا تم التصالح بعد
صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو
وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات
المؤيدة له ، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه
ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر
بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه
كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة
عشر يوماً من تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه ....
" ، وكان مؤدى هذا النص أن القانون رتب آثاراً على التصالح في هذه الجريمة
وغيرها من الجرائم التي أشارت إليها المادة المذكورة – تختلف حسب ما إذا كان الحكم
الصادر بالعقوبة لم يصبح باتاً أو أنه قد صار كذلك إذ إنه في الحالة الأولى يترتب
على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية ووقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها وينعقد
الاختصاص بوقف التنفيذ للنيابة العامة بينما في الحالة الثانية يقتصر أثر التصالح
على وقف تنفيذ العقوبة باعتباره أن صيرورة الحكم نهائياً يكون القضاء في موضوع
الدعوى قد حاز قوة الأمر المقضي وينعقد الاختصاص بوقف التنفيذ في هذا الحالة
لمحكمة النقض الدائرة الجنائية منعقدة في غرفة المشورة – ولكي ينتج التصالح أثره
بوقف التنفيذ في هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون المحكوم عليه أو وكيله الخاص قد
استوفى التصالح على النحو المبين بالنص المار ذكره فالصلح يعد – في حدود تطبيق هذا
القانون – بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل
الجعل الذي قام عليه التصالح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضي من المحكمة إذا ما
تم التصالح في أثناء نظر الدعوى أن تحكم
بانقضاء الدعوى الجنائية أما إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى ، فإنه
يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها ، فنظام الصلح على نحو
ما سلف اختياري للمتهم فهو يتيح له أن يتمسك
بتطبيق القانون الأصلح عليه ويتجنب صدور حكم عليه إذا رجح الإدانة وله أن
يرفضه إذا رجع البراءة بل قد يقبله حتى في الحالة الأخيرة تجنباً للمساس الأدبي به
من وقوفه موقف المتهم أمام السلطات القضائية ، لما كان ذلك ، وكان قد جرى قضاء هذه
المحكمة – محكمة النقض – على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية
المكملة له مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كما
أنه لا يسوغ الدفع بالجهل بما أدخل على القانون
من تعديل إذ أن ذلك حسبما يقره القانون داخلاً في علم كافة الناس ، لما كان
ذلك ، وكان مجرد التقرير بالطعن في قلم الكتاب تصبح محكمة النقض متصلة بالطعن
اتصالاً قانونياً صحيحاً متى تم التقرير في ميعاده القانوني – كما هو حال هذا
الطعن – ويتعين على الطاعن أن يتابع طعنه دون أن يلتزم قلم الكتاب أو النيابة
العامة بإعلانه ، لما كان ذلك ، وكان النص سالف الذكر وإن كان ظاهره إجرائي إلَّا
أنه يقرر قاعدة موضوعية مفادها تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى
الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح في
مفهوم المادة الخامسة من قانون العقوبات ما دام قد أنشأ له وضعاً أفضل ، لما كان
ذلك ، وكان القانون قد رخص للطاعن أن يتفادى الحكم عليه بالعقوبة السالبة للحرية
إذا ما بادر إلى إثبات تصالحه قبل صدور حكم باتاً في الدعوى إلَّا أن الطاعن تراخى
ولم يقدم أو وكيله الخاص ما يفيد إثبات تصالحه إبان نظر الطعن أمام هذه المحكمة
برغم أن هذا النص من العلم العام وإزاء ذلك فإن موجب النص لم يتحقق بعد ، ومن ثم
فلا تثريب على المحكمة إن هي انتهت إلى عدم تطبيق النص ، والقول بغير ذلك إطالة
لأمد التقاضي وتعطيل الفصل في طعن بحالته صالح للفصل فيه عملاً بنص المادة 39 من
القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، كما
يتعارض هذا الأمر مع العدالة الناجزة انتظاراً لتصالح الطاعن أو وكيله الخاص أو
تراخيهما .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق