جلسة 10 من أبريل سنة 2016
(48)
الطعن رقم 10266
لسنة 80 القضائية
(1) مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " "
سلطاتهم " . استدلالات . قبض . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
واجبات رجال
الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم بشأن إبلاغهم عن الجرائم . ماهيتها ؟
المادة 29 إجراءات جنائية . مؤداها ؟
استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن
الاتهام الذي حام حوله في نطاق التحريات عنه وجمع الاستدلالات . ليس قبضاً محظوراً
عليه .
اطراح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش استنادًا إلى أن استدعاء
الطاعن لم يكن مقرونًا بإكراه ينتقص من حريته وعدم تفتيش مأمور الضبط القضائي له .
صحيح .
(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع
" سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في
تقدير الدليل " . نقض "
أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغًا .
تساند الأدلة في المواد
الجنائية . مؤداه ؟
منازعة
الطاعن بشأن تدليل الحكم على مقارفته الجرائم التي دانه بها . جدل موضوعي
غير جائز أمام النقض .
(3) عقوبة " العقوبة المبررة " " عقوبة الجريمة
الأشد " . ارتباط . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي
على الحكم بشأن جرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية والشروع في تهريب آثار .
ما دام عاقبه بعقوبة جريمة الرشوة باعتبارها الأشد عملًا بالمادة 32 عقوبات .
(4)
إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن
سماع شهود الإثبات مع الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات. شرط ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها
عن سماع شهود الإثبات . غير مقبول . مادام الثابت بمحضر الجلسة أن النيابة العامة
والدفاع اكتفيا بتلاوتها دون طلب سماعهم .
(5) إثبات "
بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في
تقدير الدليل " .
الأدلة
في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق
رسمية . شرط ذلك ؟
(6) إجراءات "
إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها
عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر لزوماً لإجرائه. غير مقبول . ما دامت الواقعة وضحت لديها .
(7) محكمة الإعادة . حكم
" بيانات التسبيب " " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
للمحكمة إيراد الأسباب
التي اتخذها الحكم المنقوض أسباباً لحكمها . ما دامت تصلح لإقامة قضائها بالإدانة
.
(8) محكمة
النقض " سلطتها " . نقض " نطاق الطعن " .
الإحالة في بيان وجه
الطعن لطعن آخر مقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى . غير جائز .
(9) عقوبـة "
عقوبة الجريمة الأشد" " العقوبة التكميلية " . عزل . اختلاس أموال
أميرية . محكمة النقض
" سلطتها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " عدم
جواز مضارة الطاعن بطعنه " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
إدانة
الحكم الطاعن بجرائم ومعاقبته بالعقوبة المقررة لأشدها وهي الرشوة إعمالاً للمادة 32 عقوبات دون قضائه بعزله من وظيفته باعتبارها العقوبة التكميلية الوجوبية
لجريمة الاختلاس . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
(10) آثار . عقوبـة "
تطبيقها " " العقوبة التكميلية " . مصادرة . شروع . نقض
" حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال
الحكم القضاء في منطوقه بمصادرة القطع الأثرية محل جريمة الشروع في تهريب آثار.
خطأ . يوجب القضاء بمصادرتها إدارياً . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن من الواجبات المفروضة
على رجال الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم
بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن
الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يتحصَّلوا على جميع الإيضاحات
والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها
بأنفسهم ، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي
أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية
ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي
للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه
جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضًا ماسًا بحريته الشخصية أو تقييدًا لها مما
قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في
حالة تلبس ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء
الطاعن لم يكن مقرونًا بإكراه ينتقص من حريته وأن مأمور الضبط القضائي لم يقم
بتفتيشه ، فإن رفضها للدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون سليمًا بما تنتفي عنه قالة
الخطأ في تطبيق القانون .
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى
كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ولا
يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من
جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها
مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي
الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها
ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولما كان ما
أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كافيًا وسائغًا ولا
يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما
استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلًا
موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز
إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد
دان الطاعن بجرائم الرشوة والاختلاس المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية
واستعمالها ، والشروع في تهريب آثار ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون
لجريمة الرشوة باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملًا بنص المادة 32 من قانون
العقوبات ، فإنه لا مصلحة له ولا وجه لما يثيره بشأن جرائم الاختلاس والتزوير
والشروع في تهريب آثار .
4- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني
عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنًا دون أن
يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما
دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن
النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت
بتلاوتها وتليت – ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك – ثم مضى الدفاع في مرافعته
إلى أن ختمها بطلب الحكم بالبراءة دون أن يطلب سماع شهود الإثبات ، فليس له - من
بعد - أن ينعي على المحكمة قعودها عن سماعهم .
5- من المقرر أن الأدلة في المواد
الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته
أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد
يكون في غير محله .
6- لما كان يبيِّن من الاطلاع على
محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب إجراء تحقيق ما بشأن ما يثيره بوجه الطعن ، فإنه لا يقبل منه النعي على
المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزومًا لإجرائه ما دامت
الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا .
7- لما كان للمحكمة أن تورد في
حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمه ما دامت تصلح في ذاتها
لإقامة قضائها بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
8- من المقرر أنه لا يجوز في بيان
وجه الطعن الإحالة إلى طعن آخر مُقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى ، فإن
محكمة النقض وهي تفصل في طعن لا يصح مطالبتها بالبحث عن أسباب نقض مقدمة في طعن
آخر .
9- لما كان الحكم
المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانه بها وهي
جريمة الرشوة بيد أنه لم يقض بعزل الطاعن من وظيفته وهي عقوبة
تكميلية وجوبية لجريمة الاختلاس باعتبارها إحدى الجرائم المرتبطة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان
الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك
من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن
المرفوع منه وحده .
10- من المقرر أنه وإن أخطأ الحكم
المطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة القطع الأثرية المضبوطة – محل جريمة
الشروع في تهريب آثار وهي إحدى الجرائم المرتبطة – إعمالًا لنص المادة 41 من
القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون حماية الآثار ، مما لا يجوز لهذه
المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقًا للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، إلَّا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم ، وهو الأمر
المنتفي في هذه الدعوى ، إلَّا أنه لما كانت مصادرة هذه القطع الأثرية يقتضيها
النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروع حيازته ،
فإنه من المتعين مصادرتها إداريًا كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة
الكافة رفعًا للضرر ودفعًا للخطر ، وتكتفي المحكمة بذكر ذلك في الأسباب دون الحاجة
إلى النص عليه المنطوق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلًا من : 1– …. (
طاعن ) ، 2- ... ، 3- .... ، 4- .... بأنهم :
أولًا
: المتهمون جميعًا : شرعوا في تهريب الآثار غير المسجلة في سجلات المتحف المصري
والمبينة وصفًا بالتحقيقات إلى خارج جمهورية مصر العربية وخاب أثر الجريمة لسبب لا
دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط الجريمة متلبسًا بها على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانيًا
: المتهم الأول :
(1)
بصفته موظفًا عموميًا .... قبل وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن قبل وأخذ من المتهم
الثاني مبلغ ثمانمائة جنيه مصري على سبيل الرشوة ليمده بثمانية نماذج 13 جمارك
ومرفقاته والتي استخدمت إحداها في ارتكاب الجريمة محل الوصف السابق مخالفًا بذلك
تعليمات جهة عمله بقصرها على أعضاء البعثات الدبلوماسية دون غيرهم على النحو
المبين بالتحقيقات .
(2) بصفته سالفة الذكر اختلس أوراقًا لجهة عمله سالفة الإشارة -
عدد ثمانية نماذج 13 جمارك ومرفقاتها - المبينة وصفًا بالتحقيقات والتي وجدت في
حيازته بسبب وظيفته على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي
: تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطًا لا يقبل التجزئة وهي : أنه في ذات
الزمان والمكان آنفي البيان اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في تزوير
محررين رسميين هما الإقرار الجمركي رقم …. وموافقة الخارجية رقم …. المبينين بتقريري
قسم أبحاث التزييف التزوير بمصلحة الطب الشرعي بطريق تغيير المحررات بأن اتفق معه
على ذلك وساعده بأن أمده بهذين المحررين لتغيير التاريخ الوارد بهما بما يتناسب
وتاريخ تهريب الآثار موضوع التهمة الأولى فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك
المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالثًا
: المتهم الثاني :
(1) قدم رشوة للمتهم الأول للإخلال بواجبات وظيفته بأن أنقده مبلغ
" ثمانمائة جنيه " مقابل استلامه نماذج 13 جمارك سالفة الذكر الخاصة
بتصدير متعلقات أعضاء البعثات الدبلوماسية وحدهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات
.
(2) وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويرًا في المحررين
الرسميين المبينين بوصف التهمة الثانية من هذا الأمر وذلك بأن عدل التاريخ الوارد
بالمحررين سالفي الذكر بجعلهما صادرين عام 1997 بدلًا من عام 1991 خلافًا للحقيقة
على النحو المبين بالتحقيقات .
(3) استعمل المحررين سالفي الذكر فيما زورا من أجله بأن قدمهما
لموظفي …. وشركة .... محتجًا بما ورد بهما من بيانات مع علمه بتزويرهما على النحو
المبين بالتحقيقات .
رابعًا
: المتهمان الثالث والرابع :
أخفيا
الآثار الغير مسجلة بسجلات المتحف المصري والمملوكة للدولة والمبينة وصفًا
بالأوراق وكان ذلك بقصد تهريبها للخارج على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة
العليا بــ .... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
ومحكمة الجنايات قضت
حضوريًا للأول والرابع وغيابيًا للثاني والثالث عملًا بالمواد 40/2 ،3،
41 /1 ، 45/1 ، 46/3 ، 103 ، 104 ، 112 /1 ، 2 ب ، 118 ، 118 مكررًا/1، 119أ، 119
مكرر/ أ ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 6 ، 40 ، 41 ، 42 /أ من
القانون 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من
قانون العقوبات : أولًا : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه
ألفي جنيه عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية . ثانيًا : بمعاقبة المتهمين الثاني
والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إلى كل منهما وألزمتهما المصاريف
الجنائية . ثالثًا : ببراءة المتهم الرابع مما أسند إليه . رابعًا : مصادرة
المستندات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في
هذا الحكم بطريق النقض .
ومحكمة
النقض قضت بقبول طعن النيابة العامة والمحكوم عليه شكلًا ، وفي الموضوع بنقض الحكم
المطعون فيه والإعادة .
ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة - قضت
حضوريًا عملًا بالمواد 40/ ثانيًا وثالثًا ، 41/1، 45/1 ، 46/3 ، 103 ، 104 ، 112
/1 ، 2 ب ، 118 ، 119/ أ ، 119 مكرراً/أ ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات
والمواد 1 ، 6 ، 40 ، 41 ، 42/أ من القانون رقم 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية
الآثار ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث
سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه عما أسند إليه ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة
وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم
بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الرشوة واختلاس أوراق وجدت في حيازته بسبب وظيفته
المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها والشروع في تهريب آثار قد
شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال
بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه اطرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من
النيابة العامة وفي غير حالة من حالات التلبس بما لا يسوغ به اطراحه ، ودانه رغم
عدم معقولية الواقعة وخلو الأوراق من أي دليل قبله وانتفاء أركان جرائم الاختلاس
والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والشروع في تهريب آثار في حقه ، هذا إلى أن
المحكمة لم تجبه إلى طلب سماع شهود الإثبات ولم تعرض للمستندات التي قدمها للتدليل
على نفي الاتهام عنه ولم تعن بإجراء تحقيق عن طريق المختصين فنيًا لاستجلاء وجه الحق في الدعوى ، وأخيرًا فقد أوردت المحكمة في حكمها ذات الأسباب التي
اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمه وهو ما يحق له أن يحيل في بيان باقي أوجه
الطعن إلى ما تضمنته مذكرة أسباب طعنه الأول على الحكم المنقوض ، كل ذلك مما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها
وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة على رجال الضبط القضائي في
دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا
بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي
كيفية كانت وأن يتحصَّلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات
المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم ، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي
أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية
ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي
للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضًا ماسًا بحريته
الشخصية أو تقييدًا لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي
إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس ، وإذ كانت المحكمة قد
اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقرونًا بإكراه ينتقص من حريته وأن مأمور الضبط القضائي لم يقم بتفتيشه ،
فإن رفضها للدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون سليمًا بما تنتفي عنه قالة الخطأ في تطبيق
القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة
الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية
، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية
من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها
مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية
إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت
إليه ، ولما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي
دين بها كافيًا وسائغًا ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى
وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة
الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الرشوة
والاختلاس المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، والشروع في
تهريب آثار ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون لجريمة الرشوة باعتبارها
عقوبة الجريمة الأشد عملًا بنص المادة 32 من قانون العقوبات ، فإنه لا مصلحة له
ولا وجه لما يثيره بشأن جرائم الاختلاس والتزوير والشروع في تهريب آثار . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل
المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنًا دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في
حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على
بساط البحث ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة
أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت – ولم يثبت أن
الطاعن قد اعترض على ذلك – ثم مضى الدفاع في مرافعته إلى أن ختمها بطلب الحكم
بالبراءة دون أن يطلب سماع شهود الإثبات ، فليس له - من بعد - أن ينعي على المحكمة
قعودها عن سماعهم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية
، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن
يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن
النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يبيِّن من
الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب إجراء تحقيق ما بشأن
ما يثيره بوجه الطعن ، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم
يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزومًا لإجرائه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ،
فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تورد
في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمه ما دامت تصلح في ذاتها
لإقامة قضائها بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يجوز في بيان وجه الطعن الإحالة إلى طعن آخر مُقدم من
متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى ، فإن محكمة
النقض وهي تفصل في طعن لا يصح مطالبتها بالبحث عن أسباب نقض مقدمة في طعن آخر . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون
فيه قد أعمل في حق الطاعن الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع
عليه العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانه بها وهي جريمة الرشوة بيد أنه لم يقض بعزل الطاعن من وظيفته وهي عقوبة تكميلية وجوبية لجريمة
الاختلاس باعتبارها إحدى الجرائم المرتبطة ، فإنه يكون
قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم
عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .
وجدير بالإشارة إلى أنه وإن أخطأ الحكم المطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة
القطع الأثرية المضبوطة – محل جريمة الشروع في تهريب آثار وهي إحدى الجرائم
المرتبطة – إعمالًا لنص المادة 41 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون
حماية الآثار ، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقًا
للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلَّا أن
يكون ذلك لمصلحة المتهم ، وهو الأمر المنتفي في هذه الدعوى ، إلَّا أنه لما كانت
مصادرة هذه القطع الأثرية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن
دائرة التعامل وغير مشروع حيازته ، فإنه من المتعين مصادرتها إداريًا كتدبير وقائي
وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة رفعًا للضرر ودفعًا للخطر ، وتكتفي
المحكمة بذكر ذلك في الأسباب دون الحاجة إلى النص عليه المنطوق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق