مهن
مهنة التحاليل الطبية البشرية- الترخيص في ممارستها- يجوز الترخيص لغير الأطباء البشريين من الحاصلين على المؤهلات ودرجات أو شهادات التخصص المنصوص عليها في المادة (3/ب) من القانون رقم 367 لسنة 1954، كل في تخصصه، في ممارسة مهنة التحاليل الطبية البشرية في مجالات الكيمياء الطبية والبكتريولوجيا والباثولوجيا- لا يجوز قصر إجراء هذه التحاليل على الأطباء البشريين فقط- حَظْر المشرع أخذ بعض عينات المرضى الآدميين إلا بواسطة طبيب بشري لا يحول بين الفئات الأخرى المنصوص عليها في تلك المادة وتحليل تلك العينات؛ لاختلاف أخذ العينات تماما عن تحليلها( ).
--------------
الوقائع
في يوم السبت الموافق 17/3/2004 أودعت هيئة قضايا الدولة -بصفتها نائبة عن الطاعن- قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه، القاضي بقبول الدعوى شكلا، وفي الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظــــــر الطعن أمام الدائرة السادسة عليا (فحص طعون) التي قررت بجلسة 7/7/2010 إحالته إلى الدائرة السادسة عليا (موضوع)، وبعد تداول الطعن أمام المحكمة على النحو المثبت بمحاضر الجلسات قررت بجلسة 26/1/2011 إحالته إلى الدائرة المنصوص عليها بالمادة (54 مكررا) من قــــانون مجلس الدولة في ضوء ما تبين لها من صدور أحكام متعارضة عن المحكمة الإدارية العليا بشأن مدى جواز الترخيص لغير الأطباء البشريين في مزاولــــة مهنة التحاليل الطبيـــــة البشرية، حيث أجازت ذلك أغلبية الأحكام الصادرة عن هذه المحكمـــــة (على سبيل المثال الحكم الصادر في الطعن رقم 1153 لسنة 46 ق. عليا بجلسة 15/3/2003، والحكم الصادر في الطعن رقم 7312 لسنة 44 ق. عليا بجلسة 15/3/2003، والحكــــم الصادر في الطعن رقم 7101 لسنة 46 ق. عليا بجلسة 3/1/2004)، فى حين أصدرت المحكمة حكمين بعكس هذا الاتجاه: أحدهما في الطعن رقم 14668 لسنة 52 ق. عليا بجلسة 24/2/2010، والآخر في الطعن رقم 6238 لسنة 55 ق. عليا بجلسة 2/6/2010.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بجواز الترخيص في مزاولة مهنة الكيمياء الطبية ومهنة البكتريولوجيا ومهنة الباثولوجيا والواردة بالقانون رقم 367 لسنة 1954 فيما يتعلق بالآدميين لخريجي كليات الصيدلة والعلوم (الكيمياء) والطب البيطري والزراعة، كلٌ حسب درجة أو شهادة التخصص الحاصل عليها، إذا توفرت في شأنهم الشروط المقررة قانونا، وأن قصر الترخيص في مزاولة تلك الأعمال على الإنسان أو الحيوان أو النبات على خريجي كليات معينة دون غيرهم يحتاج إلى تدخل تشريعي يقرر ذلك، مع إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه على هذا الأساس.
وتم نظر الطعن أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 5/5/2012 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4385 لسنة 57 ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 19/11/2002، طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء قرار الجهة الإدارية فيما تضمنه من الترخيص له في مزاولة مهنة التحاليل الطبية البيطرية فقط دون التحاليل الطبية البشرية.
وقال المدعي شرحا لدعواه إنه حاصل على بكالوريوس العلوم الطبية البيطرية من جامعة الزقازيق عام 1986 ودبلوم الميكروبيولوجيا عام 2000 من جامعة طنطا، وإنه تقدم بطلب إلى إدارة التراخيص الطبية لاستخراج ترخيص في مزاولة مهنة البكتريولوجيين، إلا أن الجهة الإدارية وافقت على قيده في سجل البكتريولوجيين لغير الأطباء البشريين لمزاولة مهنة التحاليل البيطرية فقط، ولم توافق على منحه ترخيصا في مزاولة مهنة التحاليل الطبية للإنسان في فرع تخصصه.
وخلص المدعى إلى طلب الحكم له بطلباته المبينة سالفا.
وبجلسة 27/1/2004 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وشيدت قضاءها –بعد أن استعرضت نصوص المواد 1 و 6 و 10 من القانون رقم 367 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الكيمياء الطبية والبكتريولوجيا والباثولوجيا وتنظيم معامل التشخيص الطبي ومعامل الأبحاث العلمية ومعامل المستحضرات الحيوية– على أن المشرع لم يحد من الأعمال التي يجوز لمن يقيد في السجلات المنصوص عليها أن يباشرها في مجال الكيمياء الطبية أو البكتريولوجيا أو الباثولوجيا، مادام قد حصل على شهادة التخصص المطلوبة، ولم يفرق النص بين ما يتعلق من هذه الأعمال بالإنسان أو الحيوان، بل جعل مناط مزاولة المهنة هو شهادة التخصص، وهو ما يتوفر معه ركن الجدية، فضلا عن تحقق ركن الاستعجال نظرا إلى تعلق الترخيص بحق المدعي في مزاولة مهنته.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية، فقد أقامت طعنها الماثل تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ إذ إن اللجنة المنصوص عليها في المادة (4) من القانون رقم 367 لسنة 1954 المشار إليه وضعت قواعد إرشادية يتم بموجبها قيد خريجي كليات الطب البيطري في مجال التحاليل الطبية البيطرية دون البشرية.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في بيان مدى جواز الترخيص لغير الأطباء البشريين في مزاولة مهنة التحاليل الطبية البشرية في مجالات الكيمياء الطبية والبكتريولوجيا والباثولوجيا.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 367 لسنة 1954 المشار إليه تنص على أنه: "لا يجوز لغير الأشخاص المقيدة أسماؤهم في السجل الخاص بوزارة الصحة العمومية القيام بالأعمال الآتية:
(أ) الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات الكيميائية الطبية وإبداء آراء في مسائل أو تحاليل كيميائية طبية، وبوجه عام مزاولة مهنة الكيمياء الطبية بأية صفة عامة كانت أو خاصة.
(ب) الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات البكتريولوجية، أو تحضير أي نوع من أنواع المستحضرات الحيوية، أو إبداء آراء في مسائل أو تحاليل بكتريولوجية، وبوجه عام مزاولة مهنة البكتريولوجيا بأية صفة عامة كانت أو خاصة.
(ج) الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات الباثولوجية أو تحضير أي نوع من أنواع المستحضرات الحيوية، أو إبداء آراء في مسائل أو تحاليل باثولوجية، وبوجه عام مزاولة مهنة الباثولوجيا بأية صفة عامة كانت أو خاصة".
وتنص المادة (3) من القانون المذكور على أنه: "يشترط للقيد في السجل المنصوص عليه في المادة (1) أن تتوافر في الطالب الشروط الآتية:
1- أن يكون مصري الجنس...
2- أن يكون حاصلا على:
(أ) بكالوريوس في الطب والجراحة من إحدى الجامعات المصرية، وكذا على دبلوم في الباثولوجيا الإكلينيكية.
(ب) أو بكالوريوس في الطب والجراحة أو في الصيدلة أو في العلوم (الكيمياء) أو في الطب البيطرى أو في الزراعة من إحدى الجامعات المصرية، وكذا على درجة أو شهادة تخصص من إحدى الجامعات المصرية في الكيمياء الحيوية أو كيمياء تحليل الأغذية أو كيمياء تحليل الأدوية أو في البكتريولوجيا أو في الباثولوجيا حسب الأحوال.
(ج)...
(3)...".
كما تنص المادة (4) من القانون المشار إليه على أن: "تقدر قيمة شهادات التخصص... لجنة مكونة من...".
وتنص المادة (6) من هذا القانـون (معدلة بموجب القانون رقم 270 لسنة 1955) على أن: "تنشأ بوزارة الصحة العمومية أربعة سجلات لقيد أسماء الأشخاص الذين تتوافر فيهم الاشتراطات المنصوص عليها في المواد السابقة، على أن يخصص سجل لكل من الكيميائيين الطبيين والبكتريولوجيين والباثولوجيين والباثولوجيين الإكلينيكيين من الأطباء البشريين. ويجوز قيد الاسم في أكثر من سجل متى توافرت في صاحبه الشروط اللازمة لقيده فيه...".
وحيث إن مفاد ما تقدم من النصوص أن المشرع قد اشترط للقيد في سجلات الكيميائيين الطبيين والبكتريولوجيين والباثولوجيين الحصول على بكالوريوس في الطب والجراحة أو في الصيدلة أو في العلوم (كيمياء)، أو في الطب البيطري أو في الزراعة، فضلا عن الحصول على درجة أو شهادة تخصص في الكيمياء الحيوية أو كيمياء تحليل الأغذية أو كيمياء تحليل الأدوية أو البكتريولوجيا أو في الباثولوجيا، وناط المشرع باللجنة المنصوص عليها في المادة (4) من القانون المشار إليه تقدير قيمة درجة أو شهادة التخصص الحاصل عليها طالب القيد لبيان ما إذا كانت مناسبة من الناحية العلمية للقيد في السجل من عدمه، بمعنى أن القيد في أحد السجلات المذكورة يختلف باختلاف درجـــــة أو شهادة التخصص، بحيث يتم القيد في السجل الذى يتناسب مع درجة أو شهادة التخصص، وذلك مادام أن طالب القيد حاصل على أحد المؤهــــلات المنصـــوص عليها في المادة (3/ب) من القانون المذكور سالفا.
وقد ساوى المشرع تماما بين الحاصلين على بكالوريوس الطب والجراحة والصيدلة والعلوم (كيمياء) والطب البيطرى والزراعة، وجعل الفيصل في تحديد السجل الذي يتم القيد فيه هو درجة أو شهادة التخصص، سواء كانت في الكيمياء الحيويــة أو كيميـــاء تحليل الأغذيـــــة أو كيميـــــاء تحليل الأدويــــــة أو البكتريولوجيا أو الباثولوجيا، ويتم القيد في السجل الذي يتناسب مع درجة أو شهادة التخصص الحاصل عليها طالب القيد.
ولما كان نص المادة (3/ب) من القانون المشار إليه قد ورد مطلقا، حيث ساوى بين الحاصلين على المؤهلات المشار إليها في القيد في السجل الذي يتناسب مع درجة أو شهادة التخصص الحاصلين عليها، فمن ثم لا يجوز التقييد من عمومية هذا النص بقصر القيد في بعض السجلات المشار إليها على الحاصلين على مؤهل معين من بين المؤهلات المذكورة سالفا، أو بالتفرقة بين التحاليل التي تجرى للإنسان وتلك التي تجرى لغيره، بحيث يستأثر الأطباء البشريون -وحدهم دون غيرهم من الحاصلين على المؤهلات المشار إليها– بإجراء التحاليل التي تجرى للإنسان؛ إذ إن المشرع لم يقصد هذا المعنى وإلا لنص على ذلك صراحة على النحو الذي جرت عليه صياغة المادة (3/أ) والمادة (6) من القانون المشار إليه، حيث قصر المشرع القيد في سجل الباثولوجيين الإكلينيكيين على الأطباء البشريين الحاصلين على دبلوم في الباثولوجيا الإكلينيكية دون غيرهم.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما نصت عليه المادة (1) من قانون مزاولة مهنة الطب (الصادر بالقانون رقم 415 لسنة 1954) من عدم جواز أخذ عينة من العينات التي تحدد بقرار من وزير الصحة من أجسام المرضى الآدميين للتشخيص الطبي المعملي بأية طريقة كانت إلا بواسطة طبيب بشري مقيد بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجدول نقابة الأطباء؛ ذلك أن أخذ العينة من المرضى الآدميين يختلف تماما عن تحليل هذه العينة، وإذا كان المشرع قد اشترط –في بعض عينات المرضى الآدميين– أن يتم أخذها بواسطة طبيب بشري، فإن تحليل هذه العينات في مجالات الكيمياء الطبية والبكتريولوجيا والباثولوجيا يجوز للأشخاص الحاصلين على المؤهلات ودرجات أو شهادات التخصص المنصوص عليها في المادة (3/ب) من القانون رقم 367 لسنة 1954 المشار إليه، كل في تخصصه، ولا يجوز قصر إجراء هذه التحاليل على الأطباء البشريين فقط حسبما سلف البيان، ومن ثم فإنه لا يوجد تعارض بين أحكام القانون رقم 367 لسنة 1954 المذكور سالفا، ونص المادة (1) من القانون رقم 415 لسنة 1954 المشار إليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بأنه يجوز الترخيص لغير الأطباء البشريين من الحاصلين على المؤهلات ودرجات أو شهادات التخصص المنصوص عليها فى المادة (3/ب) من القانون رقم 367 لسنة 1954 المشار إليه، كل في تخصصه، في ممارسة مهنة التحاليل الطبية البشرية في مجالات الكيمياء الطبية والبكتريولوجيا والباثولوجيا على النحو المبين بالأسباب، وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق