جلسة 2 من يناير سنة 2016
برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكــمة وعضوية السادة القضاة / محمود خضر ، بدر خليفة ، أسامة عباس وخالد إلهامي نواب رئيس المحكمة .
----------
(1)
الطعن رقم 12589 لسنة 83 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سرقة . إكراه . سلاح . ذخائر .
اشتراك .
حكم الإدانة وفقاً للمادة 310 إجراءات
. بياناته ؟
عدم رسم القانون
شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة
في جرائم السرقة بالإكراه والاشتراك فيها وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر مما تستخدم
فيه بغير ترخيص .
(2) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها
في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال
الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بأقوال
شاهد . مفاده ؟
تناقض
الشاهد في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . شرط ذلك ؟
النعي بشأن استخلاص محكمة
الموضوع صورة الواقعة مما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى . إثارته أمام النقض .
غير جائز.
(3) استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة
معززة لما ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير محكمة
الموضوع للأدلة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة
الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بأن الواقعة شروع في سرقة . منازعة في الصورة التي
اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في
سلطتها في استخلاصها . غير جائز . مادامت اطرحته برد سائغ .
اطمئنان المحكمة من أدلة الدعوى أن باقي المشتركين في جريمة السرقة
بالإكراه تمكنوا من الهرب ببعض المسروقات . مفاده : تمام جريمة السرقة .
(5) إثبات " اعتراف " .
إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الاعتراف في
المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . لمحكمة الموضوع تقدير صحته وقيمته في الإثبات والأخذ به في أي دور
من أدوار التحقيق وإن عُدل عنه مرة أخرى . متى اطمأنت لصدقه .
الدفع ببطلان
الاعتراف لكونه وليد إكراه لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(6) إجراءات
" إجراءات التحقيق " . إثبات " معاينة " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها".
النعي
على النيابة العامة إغفالها إجراء معاينة لمكان الواقعة وسماع شاهدين . تعييب للإجراءات
السابقة على المحاكمة . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(7) استجواب . حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب " .
نعي الطاعن بشأن استجوابه بمحضر
الضبط . غير مقبول . ما دام الحكم لم يعول على دليل مستمد منه .
(8) إثبات " بوجه عام
" . اشتراك . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تدليل الحكم على اشتراك الطاعن مع باقي المتهمين بالاتفاق
والمساعدة والتحريض على ارتكاب جريمة السرقة بالإكراه التي دانه بها . كفايته . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن الدعوى في قوله :
" .... تخلص في أن المتهم الثالث اعتاد شراء مواد بناء .... من المجني عليهما
من المستودع الخاص بهما .... ويرتبط معهما بمعاملات مالية ويتردد عليهما ومدين
لهما بمبلغ .... ونظراً لهذه المعاملات ولعلمه بأن المجني عليهما يقومان بتحصيل
مبالغ مالية ثمناً للمواد والتي يقومان ببيعها في أيام بعينها ومن بينها يوم
الواقعة فقد اتفق مع المتهمين الأول والثاني وآخرين مجهولين على سرقة نقود المجني
عليهما حال تواجدهما بالمستودع على أن يتم اقتسام المبلغ المسروق فيما بينهما
وحرضهما على ذلك وأخبرهما بالوقت المناسب لقيامهما بتنفيذ واقعة السرقة وذلك بأن
أخبرهما يوم الواقعة بتواجد المجني عليهما بالمستودع ومعهما مبلغ مالي كبير فما
كان منهم إلَّا أن توجهوا إلى المكان مستقلين سيارة مع المتهم الثاني والذي أوصلهم
لمكان المستودع ثم وقف ينتظرهم حتى إتمام مهمتهم حيث قام المتهم الأول والآخرون
المجهولون بالدخول إلى مكان تواجد المجني عليهما بالمستودع وقاموا بإشهار أسلحتهم
في مواجهة المجني عليهما حيث هددهما المتهم الأول بسلاح ناري فرد خرطوش وهددهما المجهولان بسلاح أبيض " مطواه "
ومسدس صوت وقام المتهم الأول في هذه الأثناء بضرب المجني عليه .... بالسلاح
الناري محدثاً إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق حيث أصيب بجرح قطعي بفروة
الرأس وتمكنوا بهذه الوسيلة القسرية من سرقة المبلغ النقدي وهاتفين محمول
والمملوكين للمجني عليهما وفروا هاربين إلَّا أن المتهم الأول تعثر وسقط أرضاً حيث
تمكن المجني عليهما والأهالي من الإمساك به والسلاح الذي كان معه وجزء من المبلغ
المسروق وثم تسليمه للشرطة التي حضرت عقب إبلاغها بالواقعة " ، واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه - على هذا النحو - إلى أدلة استقاها مما شهد به كل من .... و
.... والنقيب .... معاون مباحث شرطة .... ومما ثبت من تقرير المعمل الجنائي بشأن
فحص السلاح الناري والطلقة الفارغ والتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه .... واعتراف
المتهم الأول بارتكابه والمتهمين للواقعة ، وحصَّل الحكم مؤدى تلك الأدلة في بيانٍ
وافٍ بما لا يخرج عما أورده في بيانه لواقعة الدعوى . لما كان ذلك ، ولئن كانت
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على
بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن
بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ،
إلَّا أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ فيه الحكم بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده
الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً
لحكم القانون ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بيًّن واقعة الدعوى واستعرض أدلتها عل نحو
يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها
قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن النعي عليه بالغموض
والإبهام وعدم الإلمام بواقعات الدعوى وأدلتها يكون لا محل له .
2- من المقرر أن من حق محكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح
ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في
العقل والمنطق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي
تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها
اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان
تناقض الشاهد في أقوالهم أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ، مادام قد استخلص
الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ، وكانت محكمة الموضوع قد
استخلصت صورة واقعة الدعوى التي وقرت في وجدانها مما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت
في الدعوى ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون
مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستخلاص معتقدها منها مما لا
يجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تعوِّل في تكوين
عقيدتها على تحريات الشرطة وأقوال مجريها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة
، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً حول
حق محكمة الموضوع في تقديرها لأدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان النعي بأن الواقعة شروع في سرقة وليست جريمة
سرقة بطريق الإكراه لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً
في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل
بالفصل فيه بغير معقب طالما أنها تناولت ما أثاره الطاعن من دفاع وردت عليه رداً
سليماً بما يسوغ به اطراحه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – هذا إلى أن الحكم
أثبت بما ساقه من أدلة ثبوت اطمأنت إليها المحكمة أن باقي المتهمين الذين اشتركوا
مع الطاعن في ارتكاب جريمة السرقة بالإكراه موضوع الدعوى تمكنوا من الهرب ببعض المسروقات وهو ما يفيد تمام جريمة
السرقة خلافاً لما يدعيه بأسباب طعنه .
5- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من
عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في
الإثبات ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ،
متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه مرة أخرى . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه قد عوَّل على اعتراف الطاعن الأول بالتحقيقات بعد أن اطمأن إليه
ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكان الطاعن لم يدفع ببطلان اعترافه لأنه وليد إكراه
فلا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
6- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن إغفال النيابة العامة
إجراء معاينة لمكان الواقعة وعدم سماعها لشاهدي
الواقعة اللذين ادعى المجني عليهما تواجدهما بمكان الواقعة وقت حدوثها لا يعدو أن يكون تعييباً لإجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة لا يجوز
إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
7- لما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يعوِّل
على دليل مستمد من استجواب الطاعن الأول بمحضر الضبط فلا يقبل منه النعي على الحكم
المطعون فيه في هذا الشأن .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل بما ساقه من أدلة
اطمأنت إليها المحكمة على اشتراك الطاعن الثاني مع باقي المتهمين بالاتفاق
والتحريض والمساعدة في ارتكاب جريمة السرقة بالإكراه التي دانه بها فلا محل للنعي
عليه في هذا الخصوص ، لما هو مقرر من أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع
قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح
مطالبته بالأخذ بدليل معين إلَّا في الأحوال التي يقررها القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاًّ من : (1) .... " طاعن " (2) .... (3) .... " طاعن
" بأنهم :
أولاً
: المتهمان الأول والثاني وآخرون مجهولون : سرقوا المبلغ
النقدي والمنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجنى عليهما .... ،
.... وكان ذلك ليلاً وبطريق الإكراه الواقع عليهما بأن توجهوا إلى محل عملهما وأشهروا
أسلحة نارية وبيضاء في وجههما وتعدوا بالضرب على المجني عليه الثاني بسلاح ناري
كان بحوزة المتهم الأول فأحدثوا إصابته الواردة بالتقرير الطبي المرفق وبثوا الرعب
في نفسيهما وتمكنوا بهذه الوسيلة القسرية شل مقاومتهما والاستيلاء على المسروقات .
ثانياً : المتهم الثالث : اشترك بطريق التحريض والاتفاق
والمساعدة مع باقي المتهمين في ارتكاب الجريمة محل التهمة الأولى بأن اتفق معهم
وحرضهم على ارتكابها وساعدهم في ذلك بأن أمدهم بالمعلومات اللازمة فوقعت الجريمة
بناء على ذلك التحريض والاتفاق وتلك المساعدة .
ثالثاً : المتهم الأول : 1- أحرز بغير ترخيص سلاحاً
نارياً غير مششخن " فرد " .
2- أحرز ذخائر " طلقة واحدة فارغة " مما
تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه .
وأحالتهم
إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصـــف الواردين بأمـر الإحالة .
ومحكمة الجنايات
قضت حضورياً للأول والثالث وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 40 ، 41 ، 314 ، 316 من
قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 6 ، 25 مكرراً ، 26/1-4 ، 30/1 من القانون رقم 394
لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 95 لسنة 2003
والبند رقم (5) من الجدول رقم (1) والجدول رقم (2) الملحقين بالقانون الأول وقرار
المجلس العسكري رقم 59 لسنة 2012 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 ، مع إعمال
المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة
عشر سنوات وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثالث في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه
بالمذكرات الثلاث لأسباب الطعن أنه إذ دان الطاعن الأول بجرائم السرقة بطريق
الإكراه وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر مما تستخدم فيه بغير ترخيص ، ودان
الطاعن الثاني بالاشتراك بالاتفاق والتحريض والمساعدة في ارتكاب جريمة السرقة
المسندة للطاعن الأول وآخرين قد شابه القصور في التسبب ، والفساد في الاستدلال
والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن أسبابه جاءت في
عبارات عامة شابها الإجمال والغموض والابهام لا يبين منها واقعة الدعوى بما تتوافر
به أركان الجرائم التي دانهما بها ، ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة ووجه
استدلاله بها ، واعتنق صورة غير صحيحة لواقعة الدعوى أخذاً من أقوال المجني عليهما
التي شابها التناقض في شأن بيان مالك المال المسروق ومحدث إصابة المجني عليه
الثاني وسببها ، كما عوَّل في قضائه على أقوال ضابط المباحث المستمدة من تحرياته
والتي لا تعدو أن تكون أقوالاً مرسلة لا تستند إلى واقع ، ولم تضف المحكمة الوصف
الصحيح على واقعة الدعوى استناداً إلى أن جريمة السرقة لم تكتمل وأن الواقعة لا
تعدو أن تكون شروعاً في سرقة ، وعوَّل الحكم في قضائه على الاعتراف المعزو إلى
الطاعن الأول رغم إكراهه على ذلك ، ولم تجر النيابة العامة معاينة لمكان الواقعة ولم تستمع لأقوال
الشاهدين اللذين ادعى المجني عليهما تواجدهما بمكان الحادث وقت وقوعه ، وأغفل
الحكم دفاع الطاعن الأول بعدم معقولية حدوث الواقعة بالصورة التي قال بها المجني عليهما ، وببطلان استجوابه بمحضر الضبط ، ولم
يدلل تدليلاً سائغاً على اشتراك الطاعن الثاني في ارتكاب جريمة السرقة ،
فضلاً عن أن أياً من المجني عليهما لم يسند إليه أية اتهام ، مما يعيب الحكم
المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله :
" إنها تخلص في أن المتهم الثالث اعتاد شراء مواد بناء .... من المجني عليهما
من المستودع الخاص بهما .... ويرتبط معهما بمعاملات مالية ويتردد عليهما ومدين
لهما بمبلغ .... ونظراً لهذه المعاملات ولعلمه بأن المجني عليهما يقومان بتحصيل
مبالغ مالية ثمناً للمواد والتي يقومان ببيعها في أيام بعينها ومن بينها يوم
الواقعة فقد اتفق مع المتهمين الأول والثاني وآخرين مجهولين على سرقة نقود المجني
عليهما حال تواجدهما بالمستودع على أن يتم اقتسام المبلغ المسروق فيما بينهما
وحرضهما على ذلك وأخبرهما بالوقت المناسب لقيامهما بتنفيذ واقعة السرقة وذلك بأن
أخبرهما يوم الواقعة بتواجد المجني عليهما بالمستودع ومعهما مبلغ مالي كبير فما
كان منهم إلَّا أن توجهوا إلى المكان مستقلين سيارة مع المتهم الثاني والذي أوصلهم
لمكان المستودع ثم وقف ينتظرهم حتى إتمام مهمتهم حيث قام المتهم الأول والآخرون
المجهولون بالدخول إلى مكان تواجد المجني عليهما بالمستودع وقاموا بإشهار أسلحتهم
في مواجهة المجني عليهما حيث هددهما المتهم الأول بسلاح ناري فرد خرطوش وهددهما المجهولان بسلاح أبيض " مطواه "
ومسدس صوت وقام المتهم الأول في هذه الأثناء بضرب المجني عليه .... بالسلاح
الناري محدثاً إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق
حيث أصيب بجرح قطعي بفروة الرأس وتمكنوا بهذه الوسيلة القسرية من سرقة المبلغ
النقدي وهاتفي محمول والمملوكين للمجني عليهما وفروا هاربين إلَّا أن المتهم الأول
تعثر وسقط أرضاً حيث تمكن المجني عليهما والأهالي من الإمساك به والسلاح الذي كان
معه وجزء من المبلغ المسروق وثم تسليمه للشرطة التي حضرت عقب إبلاغها بالواقعة
" ، واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه - على هذا النحو - إلى أدلة استقاها
مما شهد به كل من .... و .... والنقيب .... معاون مباحث شرطة .... ومما ثبت من تقرير المعمل الجنائي بشأن فحص السلاح
الناري والطلقة الفارغ والتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه .... واعتراف المتهم
الأول بارتكابه والمتهمين للواقعة ، وحصَّل الحكم مؤدى تلك الأدلة في بيان واف بما
لا يخرج عما أورده في بيانه لواقعة الدعوى . لما كان ذلك ، ولئن كانت المادة 310
من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها
والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، إلَّا
أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً
في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً
لحكم القانون ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى واستعرض أدلتها
عل نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد
أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن النعي عليه بالغموض
والإبهام وعدم الإلمام بواقعات الدعوى وأدلتها يكون لا محل له . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها
وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة
مقبولة في العقل والمنطق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها
شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات
كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد في أقوالهم أو مع
أقوال غيره لا يعيب الحكم، مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً
بما لا تناقض فيه ، وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت صورة واقعة الدعوى التي وقرت
في وجدانها مما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت في الدعوى ، فإن النعي على الحكم
المطعون فيه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة في سلطة محكمة الموضوع في تقدير
أدلة الدعوى واستخلاص معتقدها منها مما لا يجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تعوِّل في تكوين عقيدتها
على تحريات الشرطة وأقوال مجريها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، ومن
ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً حول حق
محكمة الموضوع في تقديرها لأدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما
كان ذلك ، وكان النعي بأن الواقعة شروع في سرقة وليست جريمة سرقة بطريق الإكراه لا
يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في
سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل
بالفصل فيه بغير معقب طالما أنها تناولت ما أثاره الطاعن من دفاع وردت عليه رداً
سليماً بما يسوغ به اطراحه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – هذا إلى أن الحكم
أثبت بما ساقه من أدلة ثبوت اطمأنت إليها المحكمة
أن باقي المتهمين الذين اشتركوا مع الطاعن في ارتكاب جريمة السرقة بالإكراه
موضوع الدعوى تمكنوا من الهرب ببعض المسروقات
وهو ما يفيد تمام جريمة السرقة خلافاً لما يدعيه بأسباب طعنه . لما كان ذلك
، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي
تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير
صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من
أدوار التحقيق ، متى اطمأنت إلى صدقه
ومطابقته للواقع وإن عدل عنه مرة أخرى . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عوَّل على اعتراف
الطاعن الأول بالتحقيقات بعد أن اطمأن إليه ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكان
الطاعن لم يدفع ببطلان اعترافه لأنه وليد إكراه فلا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة
أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن إغفال النيابة العامة
إجراء معاينة لمكان الواقعة وعدم سماعها لشاهدي الواقعة اللذين ادعى المجني عليهما
تواجدهما بمكان الواقعة وقت حدوثها لا يعدو أن يكون تعييباً لإجراءات التحقيق
السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ،
وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يعوِّل على ثمة دليل مستمد من استجواب
الطاعن الأول بمحضر الضبط فلا يقبل منه النعي
على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد دلَّل بما ساقه من أدلة اطمأنت إليها المحكمة على اشتراك الطاعن الثاني مع
باقي المتهمين بالاتفاق والتحريض والمساعدة في ارتكاب جريمة السرقة بالإكراه التي
دانه بها فلا محل للنعي عليه في هذا الخصوص ، لما هو مقرر من أن العبرة في
المحاكمات الجنائيــة هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه
بإدانة المتهم أو براءته فلا يصح مطالبته
بالأخذ بدليل معين إلَّا في الأحوال التي يقررها القانون . لما كان ما تقدم
، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق