الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 أكتوبر 2020

حظر الدستور فرض الحراسة على النقابات لا يمنع القضاء من نظر الدعاوى بطلب فرضها

الدعوى رقم 9 لسنة 41 ق "تنازع" جلسة 5 / 9 / 2020

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من سبتمبر سنة 2020م، الموافق السابع عشر من المحرم سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو     رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا       نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع       أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

  في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 41 قضائية "تنازع".

المقامة من

أحمد محمد عبد الله عبيد

ضد

1 - وزير العدل

2 - رئيس محكمة جنوب القاهرة

3 - مدير إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة جنوب القاهرة

4 - قاضي عقبات التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة

5 - معاون أول تنفيذ الأحكام بمحكمة جنوب القاهرة

6 - رئيس قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة

7 - عبد العليم نجاح عبد العليم أبو الفتوح

الإجراءات

  بتاريخ السابع من شهر مارس سنة 2019، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بخروج طلب فرض الحراسة القضائية على النقابات المهنية عن ولاية القضاء، وتحديد جهة القضاء المختصة بنظر النزاع من بين محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 31716 لسنة 73 قضائية، ومحكمة القاهرة للأمور المستعجلة في الإشكال رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم (أصليًّا) أولا: بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر طلب خروج فرض الحراسة القضائية على النقابات المهنية من ولاية جهات القضاء. ثانيًا: بعدم قبول الدعوى. و(احتياطيًّا): باختصاص جهة القضاء العادي ولائيًّا بنظر دعوى الحراسة القضائية.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 8/8/2020، وفيها طلب الحاضر عن الحارس القضائي قبول تدخله في الدعوى إنضماميًّا للجهة الإدارية في طلباتها، كما قدم المدعى حافظة مستندات طويت على صورة رسمية من الحكم الصادر بجلسة 31/3/2019، في الإشكال رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل. وبالجلسة ذاتها، قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، مع التصريح للخصوم بتقديم مذكرات في أسبوع. قدم خلاله المدعى مذكرة تمسك فيها بطلب خروج فرض الحراسة على النقابات المهنية من ولاية القضاء، مضيفًا إليه طلبًا جديدًا بعدم دستورية نص المادة (730) من القانون المدني، ودفع بعدم قبول طلب التدخل في الدعوى، وطلب عدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 2030 لسنة 2018 مستعجل القاهرة، المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 197 لسنة 2019 مستأنف مستعجل القاهرة، والحكم الصادر في الدعوى رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل، والحكم الصادر في الدعوى رقم 34610 لسنة 73 قضائية، المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 74014 لسنة 65 قضائية، والحكم الصادر في الدعوى رقم 39888 لسنة 73 قضائية، المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 58038 لسنة 65 قضائية، وأرفق بمذكرته حافظة مستندات طويت على الأحكام القضائية التي استندت إليها. كما تقدم المدعى عليه السابع بمذكرة تمسك فيها بطلب الحكم بعدم قبول الدعوى.


المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

  حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليه السابع، كان قد أقام بتاريخ 11/10/2018، الدعوى رقم 2030 لسنة 2018 مستعجل القاهرة، أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، ضد نقيب الصيادلة آنئذ، السيد / محيى الدين حسن عبيد، بطلب الحكم بحل مجلس إدارة نقابة الصيادلة، رئيسًا وأعضاء. وذلك على سند مما نسب إليه من مخالفات. وإبان نظر الدعوى تقدم المدعى بمذكرة، أضاف فيها إلى طلبه الأصلي بحل مجلس إدارة النقابة، فرض الحراسة القضائية على نقابة صيادلة القاهرة، وتعيين حارس قضائي تكون مأموريته تشكيل لجنة من أقدم خمسة أعضاء بالجمعية العمومية، لمعاونته في إدارة النقابة، لحين الانتهاء من انتخاب نقيب وأعضاء مجلس جدد. كما تدخل ثلاثة عشر شخصًا انضماميًّا، إلى المدعى، في طلباته، وعاد المدعى وأودع صحيفة إدخال خصوم جدد في تلك الدعوى، وأثناء حجز الدعوى للحكم قدمت النقابة العامة للصيادلة طلبًا بفتح باب المرافعة، لزوال صفة النقيب عن المدعى عليه. وبجلسة 13/2/2019، قضت المحكمة بقبول التدخل الانضمامي والإدخال شكلًا، وبعدم اختصاص المحكمة نوعيًّا بحل مجلس إدارة النقابة، وبفرض الحراسة القضائية على النقابة العامة لصيادلة مصر، وتعيين حارس قضائي عليها. وإذ لم يلق هذا الحكم قبولًا لدى المدعى عليه، فقد طعن عليه بطريق الاستئناف. ومن ناحية أخرى، وبتاريخ 16/2/2019، أقام السيد / محى الدين إبراهيم حسن، بصفته نقيب الصيادلة، الدعوى رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل، أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، ضد المدعى عليهم الثالث والخامس والسابع، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 2030 لسنة 2018 مستعجل القاهرة. وبتاريخ 20/2/2019، أقام المدعى، وآخر، الدعوى رقم 31716 لسنة 73 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية)، ضد النقابة العامة للصيادلة والمدعى عليهم في دعوى التنازع المعروضة، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس النقابة المدعى عليها السلبى بالامتناع عن إنهاء الحراسة القضائية المقرر فرضها بموجب حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الصادر في الدعوى رقم 2030 لسنة 2018 مستعجل، وقرار رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بتسمية الحارس القضائي صاحب الدور إعمالًا لمقتضى هذا الحكم، وقرار رئيس قلم كتاب محكمة القاهرة للأمور المستعجلة (المدعى عليه السادس) بمنح ذوى الصفة صورة من الحكم، وقرار مدير إدارة التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (المدعى عليه الثالث) السلبى بالامتناع عن وقف تنفيذ الحكم، وقرار قاضي التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة (المدعى عليه الرابع) بإرجاء تنفيذ الحكم مع ما يترتب على كل ذلك من آثار، أخصها عدم الاعتداد بهذا الحكم. وبجلسة 24/2/2019، ارتأت المحكمة أن حقيقة ما يستهدفه المدعيان من دعواهما وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إدارة التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بالاستمرار في اتخاذ إجراءات تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بجلستها المعقودة في 13/2/2019، في الدعوى رقم 2030 لسنة 2018 مستعجل القاهرة، بفرض الحراسة على نقابة الصيادلة؛ وعلى ضوء هذا التكييف، قضت المحكمة: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأمرت بتنفيذ الحكم في هذا الشق من الدعوى بمسودته، ودون إعلان، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعـداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء. وإذ ارتأى المدعى، أن ثمة تنازعًا إيجابيًّا على الاختصاص، بين كل من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، التي تنظر الإشكال رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل، وبين محكمة القضاء الإداري التي تنظر الدعوى رقم 31716 لسنة 73 قضائية؛ فقد أقام الدعوى المعروضة، بطلباته السابق بيانها.

 

وحيث إنه عن طلب المدعى المبدى بمذكرته المقدمة في فترة حجز الدعوى للحكم، بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 2030 لسنة 2018 مستعجل القاهرة المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 197 لسنة 2019 مستأنف مستعجل القاهرة، والحكم الصادر في الدعوى رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل، والحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 34610 لسنة 73 قضائية المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 74014 لسنة 65 قضائية، والحكم الصادر من المحكمة ذاتها في الدعوى رقم 39888 لسنة 73 قضائية المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 58038 لسنة 65 قضائية، وإذ أبديت تلك الطلبات الجديدة من المدعى، بالمخالفة لنص المادة (123) من قانون المرافعات، التي أوجبت تقديم الطلبات العارضة إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، قبل يوم الجلسة، أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم، يثبت في محضرها، ولا تقبل الطلبات العارضة بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى، كما تضمنت تلك الطلبات تغييرًا في الطلب الأصلي في دعوى تنازع الاختصاص المعروضة، إلى دعوى تناقض أحكام، بالمخالفة لنص المادة (124) من قانون المرافعات، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الطلبات.

وحيث إن المادة (192) من الدستور القائم تنص على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين، واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية، والفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها، وفي تنازع الاختصاص بين جهات القضاء، والهيئات ذات الاختصاص القضائي، والفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، والمنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والقرارات الصادرة منها. ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها". وإعمالاً لذلك، نصت المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي: .......

ثانيًا: الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.....". ونصت المادة (31) منه على أنه "لكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى في الحالة المشار إليها في البند ثانيًا من المادة (25).

ويجب أن يبين في الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التي نظرته وما اتخذته كل منها في شأنه.

ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه". كما تنص المادة (34) من القانون ذاته على أنه "يجب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعا عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو بهيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل حسب الأحوال، وأن يرفق بالطلب المنصوص عليه في المادتين (31، 32) صورة رسمية من الحكمين الذين وقع في شأنهما التنازع أو التناقض وإلا كان الطلب غير مقبول".

وحيث إن المدعى يطلب الحكم بخروج طلب فرض الحراسة القضائية على النقابات المهنية من ولاية القضاء، وقد دفعت هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر هذا الطلب، باعتباره دفاعًا موضوعيًّا كان يتعين طرحه ابتداء على محاكم الموضوع لتفصل فيه، وليس أمام المحكمة الدستورية العليا لأول مرة؛ وكان هذا الدفع غير سديد؛ ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنها بما لها من هيمنة على الدعوى، هي التي تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانوني الصحيح، وذلك في ضوء طلبات رافعها، بعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها، دون التقيد بمبانيها؛ وكان التكييف الصحيح لهذا الطلب، على نحو ما قصده المدعى، القضاء بعدم اختصاص أية محكمة قضائية، أيًّا كانت جهة القضاء التي تتبعها، بنظر طلبات فرض الحراسة على النقابات المهنية؛ ومن ثم، عدم صحة أي قضاء يصدر عنها مقررًا فرض الحراسة على نقابة الصيادلة، بغية الحكم في الدعوى المعروضة، بعدم اختصاص كل من جهتي القضاء العادي والإداري، المنظور أمامهما الدعويين حدى التنازع المدعى به، بالفصل في هذا الطلب. وإذ كان ذلك، وكان الدستور القائم، نزولاً على الطبيعة العامة للنقابات المهنية وأموالها، قد حظر بإطلاق في المادة (77) منه فرض الحراسة عليها، هادفًا بذلك ضمان استمرارها في أداء دورها في خدمة أعضاء النقابة المهنية، والمجتمع ككل، ومؤدى هذا الحكم عدم جواز أن تكون النقابة محلاً لاتخاذ هذا الإجراء، وهو أمر يتصل بشروط صحة فرض الحراسة القضائية، ومدى قابلية محلها لاتخاذ إجراءات فرض الحراسة عليه، ولا صلة له بالاختصاص القضائي بنظر دعوى فرض الحراسة. ومن ثم، فإن ذلك النص لا يفيد منع القضاء من نظر ما يثيره المتنازعون أمامه من طلبات تتعلق بفرض الحراسة، ليُنزل حكم القانون بشأنها، دون مساس بحق هؤلاء في مباشرة حقهم في التقاضي، وفي اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا؛ حال قيام تنازع قضائي على الاختصاص على النحو الذي حدده القانون. وبالتالي، يكون الوضع متصلاً بالضرورة بتحديد قواعد الاختصاص الولائي التي تحكم هذه المسألة، والتحقق من توافر شروط قبول التنازع، وقيامه من عدمه، وكلها أمور تستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا، عند قيام إحدى حالات تنازع الاختصاص القضائي الإيجابي أو السلبي، لتتولى، انفرادًا، حسمها على سند من الولاية الحصرية الممنوحة لها بنص المادة (192) من الدستور، والمادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه؛ وبالتالي يضحى الدفع المطروح فاقدًا للسند، وهو ما يتعين معه القضاء برفضه.


  وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقًا للبند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة للتنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كل منهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المـادة (31) من قانـون المحكمة المشـار إليه، على أن يترتب على تقديم الطلب، وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه، ومن ثَمَّ يتحدد وضع دعوى تنازع الاختصاص أمام المحكمة الدستورية العليا بالحالة التي تكون عليها الخصومة أمام كل من جهتي القضاء المدعى بتنازعهما على الاختصاص، في تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة، ولا اعتداد بما تكون أي من جهتي القضاء، قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ.

 

  وحيث إن جوهر التنازع في الاختصاص موضوع الدعوى المعروضة، وأيًّا كان وجه الرأي في شأن وحدة الموضوع، ينصب على تحديد جهة القضاء المختصة ولائيًّا بفرض الحراسة القضائية على نقابة الصيادلة، وتعيين حارس قضائي عليها؛ وكان المدعى قد قدم ضمن المستندات المؤيدة لدعواه – وقت رفع الدعوى - صورة طبق الأصل من حكم محكمة القضاء الإداري، الصادر بجلسة 24/2/2019، في الشق العاجل من الدعوى رقم 31716 لسنة 73 قضائية، الذى قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، والأمر بتنفيذ الحكم في هذا الشق بموجب مسودته، ودون إعلان، مع الأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء، وهو ما يفيد تمسك جهة القضاء الإداري باختصاصها بنظر النزاع، إلا أن المدعى، وإن قدم أيضًا ما يفيد إقامة الإشكال رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل، أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، فإنه لم يقدم ما يفيد تمسك هذه المحكمة باختصاصها الولائى بنظر الدعوى، أو مضيها في نظرها بما يفيد عدم تخليها عنها، في تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع المعروض إلى المحكمة الدستورية العليا، ولا يكشف ما قدمه من مستندات أخرى عن تمسك جهة القضاء العادى، في هذا التاريخ، باختصاصها الولائى بنظر الدعوى. ومن ثم، فلا اعتداد بما عاد المدعى وقدمه من مستندات بعد هذا التاريخ؛ ولا اعتداد كذلك بما اتخذته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة من إجراءات في الدعوى رقم 445 لسنة 2019 تنفيذ قصر النيل، بعد رفع الدعوى المعروضة، الأمر الذى تنتفى بوجوده – في تاريخ رفع الدعوى - حالة التنازع الإيجابى على الاختصاص القضائى بالوضع الذى يلزم قانونًا طرحه على المحكمة الدستورية العليا لتتولى حسمه؛ مما يلزم معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه عن طلب المدعى القضاء بعدم دستورية نص المادة (730) من القانون المدنى؛ فلما كان من المقرر أن دستور سنة 1971 بنص المادة (175) منه، المقابلة لنص المادة (192) من الدستور الحالى، بعد أن وسد للمحكمة الدستورية العليا وحدها سلطة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، حرص على أن يفوض السلطة التشريعية في أن تنظم كيفية مباشرة المحكمة الدستورية العليا لرقابتها هذه، دون أن تنال من محتواها، وفى حدود هذا التفويض، صدر قانون المحكمة الدستورية العليا بالقرار بقانون رقم 48 لسنة 1979، مفصلاً القواعد الإجرائية التى تباشر من خلالها، وعلى ضوئها، رقابتها علي الشرعية الدستورية، فرسم لاتصال الخصومة الدستورية بها طرائق بذاتها حددتها المادتان (27) و(29) من هذا القانون، باعتبار أن ولوجها من الأشكال الجوهرية التى ينبغى اتباعها حتى ينتظم التداعى في المسائل الدستورية في إطارها وبمراعاة أحكامها، فلا يتحلل أحد منها . وباستقراء هاتين المادتين يتبين أن أولاهما تخول المحكمة الدستورية العليا أن تُعْمل بنفسها نظرها في شأن دستورية النصوص القانونية التى تعرض لها بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية، بينما لا تثار دستورية النصوص القانونية، عملًا بثانيتهما، إلا من أحد مدخلين: فإما أن تمنح محكمة الموضوع خصمًا، أثار أمامها دفعًا بعدم دستورية نص قانونى لازم للفصل في النزاع المعروض عليها، وبعد تقديرها لجدية مناعيه، أجلاً لا يجاوز ثلاثة أشهر، يقيم خلالها الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وإما أن تحيل بنفسها إلى المحكمة الدستوريـة العليا نصوص قانونية يثور لديها شبهة مخالفتها للدستور. ولا يتصور في المنطق السديد، ولوج المحكمة الدستورية العليا إلا أحد المدخلين المنصوص عليهما في المادة (29) من قانونها، لتمارس اختصاصها المنفرد برقابة دستورية ما يعرض لها من نصوص بمناسبة مباشرة عملها القضائى، ذلك أن علة ما ورد بهذه المادة هو امتناع الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على أى من جهات القضاء خلا المحكمة الدستورية العليا، فكان لزامًا، إذا ما عرض لأى من محاكم هذه الجهات، بمناسبة مباشرتها لعملها، شبهة عدم دستورية نص قانونى، أن تسعى لاستنهاض ولاية المحكمة الدستورية العليا؛ إما إحالة وإما تصريحًا للخصوم بإقامة الدعوى الدستورية، ثم توقف، من بعد، الدعوى المعروضة عليها، حتى يأتيها قول المحكمة الدستورية العليا الفصل في شأن ما ارتأته من مظنة عدم الدستورية، وهو ما لا يسوغ القول به في شأن المحكمة الدستورية العليا، إذ تملك ممارسة اختصاصاتها بالرقابة الدستورية مباشرة أثناء نظرها أى من الدعاوى المعروضة عليها، لتفصل في دستورية ما عُرض لها من نصوص وفى موضوع الدعوى بحكم واحد. ومن ثم؛ تكون رخصة التصدى هى الوسيلة الوحيدة لممارسة المحكمة الدستورية العليا اختصاصها بالفصل في دستورية النصوص التى تعرض لها أثناء نظرها للدعاوى المعروضة عليها، وينحل الدفع المبدى بعدم الدستورية في الدعوى المعروضة، في حقيقته، طلبًا من المدعى يتغيا حث المحكمة الدستورية العليا على استعمال رخصة التصدى، المخولة لها بمقتضى المادة (27) من قانونها، في شأن نص المادة (730) من القانون المدنى.

  وحيث إن إعمال المحكمة الدستورية العليا الرخصة المقررة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها، منوط بأن يكون النص الذى يرد عليه التصدى متصلاً بالنزاع المطروح عليها، وترتبط ممارسة هذه الرخصة في مجال الفصل في تنازع الاختصاص - المقرر لهذه المحكمة طبقًا لنص البند "ثالثًا" من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - بطبيعة ذلك الاختصاص، القائم حسمه على قواعد الاختصاص الولائى، والنصوص الحاكمة له، والتي يتحدد بها إطار ممارسة هذه الرخصة في هذا الشأن، وإذ انتهت المحكمـة فيما تقدم إلى انتفاء قيام التنازع الإيجابي على الاختصاص، وعدم قبول الدعوى، وبالتالي فإنه لا يكون هناك مسوغ لإعمال سلطتها في التصدي .

  وحيث إنه عن طلب التدخل الانضمامي ، فلما كانت الخصومة في هذا الطلب – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا تتمتع بذاتية مستقلة عن الدعوى الأصلية، بل تعتبر تابعة لها، فلا تقبل إلا بقبولها، وتزول بزوالها؛ وكان قضاء هذه المحكمة قد انتهى فيما تقدم إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن مقتضى ذلك، بحكم اللزوم، القضاء بعدم قبول طلب التدخل المشار إليه.

فلهـذه الأسبـاب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق