جلسة 8 من يونيه سنة 1959
برياسة السيد محمود
ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي,
وعادل يونس, ورشاد القدسي المستشارين.
--------------
(140)
الطعن رقم 730 لسنة 29
القضائية
(أ, ب) أمر بألا وجه
لإقامة الدعوى.
حجيته ولو لم يعلن به الخصوم. دعوى مباشرة. شروط تحريكها. أثر صدور
قرار بألا وجه لإقامة الدعوى.
الحيلولة دون تحريك
الدعوى الجنائية بالطريق المباشر سواء أتم تحريكها في ظل المادة 232 أ. ج. قبل
تعديلها بالقانون رقم 121 لسنة 1956 أم بعد ذلك. عدم حصول الادعاء المدني أمام
سلطة التحقيق غير مؤثر. المادة 162, 210 أ. ج.
---------------
1 - الأمر الصادر من
النيابة العامة بالحفظ بعد تحقيق أجرته بنفسها هو أمر له بمجرد صدوره حجيته - حتى
ولو لم يعلن به الخصوم - ويمنع من العود إلى رفع الدعوى الجنائية, وما دام هذا
الأمر قائما ولم يلغ قانونا فما كان يجوز رفع الدعوى على المتهم بعد ذلك عن ذات
الواقعة - على ما قال به الحكم المطعون فيه - بحق, ولا يغير من هذا النظر أن
الطاعنة لم تكن مدعية بالحقوق المدنية في تحقيقات النيابة, فإن المادتين 162, 210
من قانون الإجراءات الجنائية صريحتان في أن أحكامهما تنتظم المجني عليه والمدعي
بالحقوق المدنية على السواء.
2 - لم يأت القانون رقم
121 لسنة 1956 الصادر في 21 من مارس بتعديل المادة 232 من قانون الإجراءات
الجنائية بجديد, بل أكد رأيا استقر عليه الفقه والقضاء من قبل صدوره وبعده.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده الأول بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل توفيق منصور سعد وكان
ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم
المجني عليه وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته.
وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات وقد ادعت فريده اثناسيوس بحق مدني قبل
المتهم وطلبت القضاء لها قبله وشركة المنيا والبحيرة بصفتها مسئولة عن الحقوق
المدنية متضامنين بقرش صاغ واحد بصفة تعويض مؤقت... ومحكمة شبرا الجزئية قضت
حضوريا عملا بمواد الاتهام. أولا: بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة
جنيهات مصرية لوقف التنفيذ. ثانيا: إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية
متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض
المؤقت والمصروفات المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم, وأمام محكمة القاهرة
الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لأن تحقيقا
تم بمعرقة النيابة وأصدرت قرارا بأن لا وجه لإقامة الدعوى, ولم يطعن على هذا
القرار أمام غرفة الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بكامل مشتملاته وبعدم قبول الدعويين الجنائية
والمدنية وألزمت المدعية بالحق المدني بالمصاريف المدنية عن الدرجتين. فطعنت
الطاعنة المدعية بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعنة تعيب على
الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف بعدم قبول الدعويين المدنية
والجنائية - قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنها لم تكن قد ادعت مدنيا في التحقيقات
التي انتهت بصدور الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى, فلا يسري في حقها المنع المنصوص
عليه في المادة 232 من قانون الإجراءات, كما لا يسري أيضا القانون رقم 121 لسنة
1956 والصادر في 21/ 3/ 1956, لأن الدعوى المباشرة رفعت منها في 25/ 7/ 1955 أي في
تاريخ سابق على تاريخ العمل به - هذا وقد شاب الحكم البطلان لعدم التوقيع عليه في
بحر الثمانية أيام التالية لتاريخ صدوره.
وحيث إن واقعة الدعوى - هي
أن الطاعنة أقامت دعواه المباشرة ضد الطاعن بتاريخ 25, 27 من يونيه سنة 1955 أمام
محكمة شبرا الجزئية ونسبت إليه بأنه تسبب بإهماله في قتل زوجها توفيق منصور بأن
قاد سيارة ركاب بحالة ينجم عنها الخطر فصدمه ومات - وطلبت الحكم عليه وعلى شركة
سيارات المنيا والبحيرة متضامنين بمبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت مع
المصاريف المدنية - فقضت محكمة أول درجة بمعاقبة المتهم المطعون ضده بالحبس لمدة
ستة شهور وإلزامه والشركة بأن يدفعا لها التعويض المطلوب - فاستأنف المتهم ودفع
بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية وإلزام الطاعنة بالمصروفات على أساس أن
النيابة أجرت في القضية تحقيقا - بعد استخراجها من الحفظ بناء على تظلم رفعته
الطاعنة نفسها إلى المحامي العام - وانتهت النيابة - بعد هذا التحقيق الأخير - إلى
التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة ولم تطعن في هذا الأمر أمام
غرفة الاتهام - كما تقضي بذلك المادة 210 من قانون الإجراءات - فأصبح له قوة الأمر
المقضي, فلا يجوز لها - مع قيامه - الالتجاء إلى طريق الادعاء المباشر - ومحكمة
ثاني درجة - بعد أن استعرضت ما تم في الدعوى من إجراءات - قالت "إنه تبين
للمحكمة من الاطلاع على الجنحة رقم 7855 سنة 1954 شبرا المنضمة أن الحادث حقق
بمعرفة البوليس, وبتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1954 أمر السيد وكيل نيابة شبرا بحفظه
قطعيا لعدم الجناية مؤسسا قراره هذا على أنه لم يستدل على شهود للحادث. وبتاريخ
12/ 10/ 1954 أرسلت المدعية بالحق المجني برقية إلى السيد وكيل نيابة شبرا تتظلم
فيها من قرار الحفظ سالف الذكر, كما أرسلت تظلما مسببا إلى السيد المحامي العام
بتاريخ 23/ 12/ 1954, وبتاريخ 1/ 1/ 1955 أمر السيد المحامي العام بإلغاء قرار
الحفظ المذكور وبإعادة التحقيق بمعرفة النيابة وعمل رسم كروكي لمكان الحادث, وقد
أعيد التحقيق, كما تمت المعاينة, وأجرى رسم كروكي بمعرفة النيابة, وانتهى الأمر
بأن أمر السيد المحامي العام بتاريخ 12/ 5/ 1955 بإعادة الأوراق إلى نيابة شبرا
لإصدار أمر فيها بعدم وجود وجه لعدم كفاية الأدلة. وحيث إن المشرع قد رسم في
المادة 210 من قانون الإجراءات طريقا للطعن على الأمر الصادر من النيابة بعدم وجود
وجه لإقامة الدعوى الجنائية فنص على أنه (للمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية
الطعن في الأمر المذكور في المادة السابقة أمام غرفة الاتهام ويتبع في ذلك أحكام
المادة 162وما بعدها) وحيث إن المدعية بالحقوق المدنية لم تطعن في الأمر الصادر من
النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة أمام غرفة الاتهام
بل رفعت دعواها هذه بطريق الجنحة المباشرة... وأن من شروط تحريك الدعوى الجنائية
بطريق الادعاء المباشر أن تكون الدعوى الجنائية مقبولة فلا يكون هناك محل للادعاء
المباشر إذا كانت الدعوى الجنائية قد انقضت... وأن الأمر الصادر من النيابة بعدم
وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة قد صدر بعد تحقيق باشرته
بنفسها بمقتضى سلطتها المخولة لها في القانون فيكون لذلك الأمر قوة الشيء المحكوم
فيه بحيث لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد صدوره, ومؤدي هذا أنه في حالة
طرح الدعوى الجنائية بالمخالفة لذلك يتعين على المحاكم الحكم بعدم قبول الدعوى
الجنائية لمخالفة ذلك للنظام العام سواء كان تحريك الدعوى الجنائية من النيابة
العامة, أو المضرور بطريق الادعاء المباشر طالما أن ذلك الأمر مازال قائما, وسواء
أكان أعلن للمجني عليه, أم لم يعلن له". لما كان ذلك, وكان الأمر الصادر من
النيابة العامة بالحفظ قد صدر منها بعد تحقيق أجرته بنفسها - فهو أمر له بمجرد
صدوره حجيته حتى ولو لم يعلن به الخصوم - ويمنع من العود إلى رفع الدعوى الجنائية
- مادام هذا الأمر قائما ولم يلغ قانونا - فما كان يجوز رفع الدعوى على المتهم بعد
ذلك عن ذات الواقعة - على ما قال به الحكم المطعون فيه - بحق - ولا يغير من هذا
النظر أن الطاعنة لم تكن مدعية بالحقوق المدنية في تحقيقات النيابة فإن المادتين
162, 210 من قانون الإجراءات الجنائية صريحتان في أن أحكامهما تنتظم المجني عليه
والمدعي بالحقوق المدنية على السواء, وأمر الحفظ في هذه الحالة - لصدوره من سلطة
قضائية - له قوة الأمر المقضي به كما هو الحال في الأحكام ويتعين على المحكمة أن
تقضي بعدم جواز نظر الدعوى في أية حالة كانت عليها الدعوى - ولو من تلقاء نفسها -
وما أشار إليه الحكم بشأن القانون رقم 121 لسنة 1956 الصادر في 21 من مارس سنة
1956 بتعديل المادة 232 من قانون الإجراءات قصد به أن هذا القانون في صراحة نصه
المؤيد لهذا الوجه من النظر لم يأت بجديد, بل أكد رأيا استقر عليه الفقه والقضاء
من قبل صدوره وبعده لما كان ذلك, وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم بأنه لم يختم في
ميعاد الثمانية أيام مردود بأن الشارع في المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية
إنما يوصي فقط بالتوقيع على الحكم في خلال تلك المدة ولم يرتب البطلان على عدم
مراعاتها - لما كان ذلك فإن الطعن برمته لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق