جلسة 26 من مايو سنة 1959
برياسة السيد محمود
ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسي جندي,
وعباس حلمي سلطان, وعادل يونس المستشارين.
--------------
(129)
الطعن رقم 494 لسنة 29
القضائية
نقض. أوجهه.
مخالفة القانون الإجرائي.
مثال.
وصف التهمة. ما لا يتعارض
مع تقيد المحكمة بحدود الدعوى. تغيير الوصف القانوني للفعل المسند إلى المتهم.
مثال في إقامة بناء مخالف للمواصفات القانونية بدون ترخيص من الجهة المختصة.
مخالفة البناء للمواصفات
القانونية وإقامة البناء ذاته بدون ترخيص قرينان ملازمان فعل البناء ومتداخلان في
وصفه القانوني.
-------------
مخالفة البناء لأحكام
القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص, وإنما هما قرينان
ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني - فإذا كان المستفاد مما أثبته
الحكم أن الواقعة التي كانت مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية هي بذاتها التي رفعت
لمحكمة أول درجة, وقد تناولتها المحكمتان في حكميهما, وكان من واجب محكمة ثاني
درجة أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع ما تتحمله من الكيوف والأوصاف وأن
تطبق عليها حكم القانون تطبيقا صحيحا، فإن حكمها بإلغاء تصحيح الأعمال المخالفة استنادا
إلى أن واقعة مخالفة البناء للمواصفات القانونية لم ترفع بها الدعوى الجنائية مخطئ
في تطبيق القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه: أقام البناء الموضح بالمحضر بدون ترخيص من السلطة القائمة على
أعمال التنظيم وطلبت عقابه بالمادة 3 من القانون رقم 656 لسنة 1954 مع توقيع أقصى
العقوبة. ومحكمة جنح زفتى الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم
مائة قرش وتصحيح الأعمال على نفقته وإلزامه بأن يؤدي لمجلس زفتى جنيها و800 مليما.
استأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة جنح طنطا الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا
عملا بالمادتين 1 و3 من القانون رقم 656 لسنة 54 بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائة قرش والزامه برسوم الرخصة. فطعنت الطاعنة في
هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعنة تنعي على
الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن الواقعة - كما أوردها الحكم
المطعون فيه - هي أن المتهم بنى حجرتين بدون رخصة ويطلان على حارة بعرض 4.10 مترا
بدلا من ستة أمتار, واستند الحكم في إلغاء ما قضت به محكمة أول درجة من تصحيح
الأعمال المخالفة إلى أن الدعوى الجنائية مقصورة على إجراء بناء بغير ترخيص, وهذا
منها خطأ في تطبيق القانون, لأن البناء بدون رخصة يتضمن في الوقت ذاته مخالفة
أحكام القانون رقم 656 لسنة 1954 الذي طلبت النيابة إلى المحكمة تطبيق المادة 30
منه, وهى تنص على عقاب من يخالف أحكامه بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة للأوضاع
القانونية, والبناء ليس واقعة أخرى غير واقعة اقامته بدون ترخيص, بل ان الأمرين
داخلان في الوصف اللازم لإقامة البناء, والمحكمة مكلفة بتمحيص الواقعة بجميع
أوصافها لتطبق عليها حكم القانون تطبيقا صحيحا, ومن ثم يكون الحكم إذ قضى بالغرامة
دون تصحيح المخالف من أعمال البناء قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النيابة العامة
رفعت الدعوى على المطعون ضده لأنه في يوم 17 أغسطس سنة 1957 أقام البناء الموضح
بالمحضر بدون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم وطلبت محاكمته بالقانون
رقم 656 لسنة 1954, وقضت محكمة أول درجة بتغريم المتهم 100 قرش وتصحيح الأعمال
المخالفة على نفقته وإلزامه أن يؤدي للمجلس البلدي مبلغ جنيه و800 مليم, وعوّلت
المحكمة في قضائها على ما ثبت من محضر مهندس التنظيم المؤرخ 17 أغسطس سنة 1957.
فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم, فقضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف
وتغريم المتهم مائة قرش والزامه برسوم الرخصة, وأسست قضاءها على ما قالته:
"إن الوقائع تتحصل في أنه بتاريخ 15 أغسطس سنة 1957 ضبط مهندس التنظيم محضرا
للمتهم لبنائه حجرتين بدون رخصة وعلى حارة بعرض 4.10 مترا بدلا من ستة أمتار,
وبسؤال المتهم قرر أنه استخرج رخصة سنة 1950 ونسى تجديدها. وأن النيابة العامة
عندما قدمت المتهم للمحاكمة لم تنسب إليه إلا تهمة البناء بدون رخصة, أي لم توجه
تهمة البناء المخالف للشرائط التي رسمها القانون... وهذه التهمة ثابتة قبله من
محضر ضبط الواقعة واعترافه عند سؤاله وعقابه ينطبق على المادتين 1 و3 من القانون
رقم 656 لسنة 54, ومتى كان ذلك استبان أن الحكم المستأنف قد جانبه الصواب عندما
قضى بتصحيح الأعمال المخالفة على نفقة المتهم, ويتعين لذلك إلغاؤه وإعمال حكم
القانون الصحيح عن التهمة الموصوفة للمتهم, وسلطة الاتهام وشأنها في طلب محاكمته
عما ترى من جرائم أخرى لم تقدم أمام محكمة أول درجة لمحاكمته عنها".
وحيث إن ما انتهى إليه
الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في تطبيق القانون, لأن مخالفة البناء لأحكام
القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص, وإنما هما قرينان
ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني, فإذا كان المستفاد مما أثبته
الحكم المطعون فيه, ومن الاطلاع على المفردات أن الواقعة التي كانت مطروحة أمام
المحكمة الاستئنافية هى بذاتها التي رفعت لمحكمة أول درجة وقد تناولتها المحكمتان
في حكميهما, وكان من واجب محكمة ثاني درجة أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع
ما تتحمله من الكيوف والأوصاف وأن تطبق عليها حكم القانون تطبيقا صحيحا, فإذا كانت
قد قضت بإلغاء تصحيح الأعمال المخالفة استنادا إلى أن واقعة مخالفة البناء للمواصفات
القانونية لم ترفع بها الدعوى الجنائية فإن حكمها يكون مخطئا في تطبيق القانون
ويتعين نقضه, ولما كانت المحكمة لم تتعرض لما تضمنه وصف التهمة من إقامة البناء
دون أن يلتزم المتهم الأوضاع المقررة بالقانون من ناحية ثبوتها أو عدم ثبوتها, ولم
تسمع دفاع المتهم فيها فإنه يتعين مع نقض الحكم إحالة القضية لنظرها من جديد أمام
دائرة استئنافية أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق