جلسة 11 من أبريل سنة 1976
برياسة السيد المستشار
جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الأسيوطي،
ومحمد عادل مرزوق، ومحمد وهبة، وأحمد موسى.
--------------
(90)
الطعن رقم 43 لسنة 46
القضائية
إثبات. "بوجه عام.
شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
وجوب إقامة الأحكام على
الأدلة المطروحة في الدعوى. التعويل على أقوال شاهد سمع في قضية أخرى غير مطروحة.
يعيب الحكم.
-------------
من المقرر وفق المادة 302
من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أن القاضي الجنائي
يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته، إلا أنه محظور عليه أن
يبنى حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة... يستوى في ذلك أن يكون دليلا على
الادانة أو للبراءة، وذلك كي يتسنى للخصوم الاطلاع عليه والإدلاء برأيهم فيه. ومن
ثم فليس يجوز للمحكمة أن تستند إلى شهادة شاهد في قضية أخرى دون أن تسمعها هي
بنفسها، أو تكون هذه القضية - بما فيها تلك الشهادة - مطروحة على بساط البحث
بالجلسة ولو كانت بين نفس الخصوم.
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق
المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة الرمل الجزئية ضد المتهمين بوصف أنهم في
يوم أول يونية سنة 1972 ارتكبوا ضد الطالب الأفعال الواردة بعريضة الدعوى وطلب
معاقبتهم بالمواد 296 و298 و300 من قانون العقوبات، مع إلزامهم متضامنين بأن يؤديا
له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة الرمل الجزئية قضت حضوريا للمتهمين الثاني
والثالثة والرابع وغيابيا للأول ببراءة جميع المتهمين من التهمة المسندة إليهم
وبرفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بمصاريفها. فاستأنف المدعى بالحقوق المدنية
هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول
الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الاستاذ .... المحامي
بصفته وكيلا عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه المدعى
بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده الأول من
تهمة الشهادة الزور والمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين من تهمة تحريضه على أدائها
وبرفض الدعوى المدنية قد شابه قصور وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه طلب إلى محكمة أول
درجة ضم ملف الجنحة رقم 3463 سنة 1972 قسم الرمل (1166 سنة 1973 س الإسكندرية)
الذى تضمن أقوال المطعون ضده الأول في محضر الضبط والتي على أساسها أدين المطعون
ضده الرابع غيابيا بجريمة ضرب الطاعن وسرقة حافظة نقوده كما تضمن عدوله عن تلك
الأقوال لدى محكمة المعارضة الابتدائية مما أدى بها إلى إلغاء الحكم المعارض فيه
والقضاء بالبراءة. وقد كان ذلك الطلب من الطاعن لتوكيد ما تضمنه إقرار المطعون ضده
الأول نفسه - الذى قدمه الطاعن إلى المحكمة في الدعوى الماثلة - من أن الشهادة
الزور إنما كانت بتحريض باقي المطعون ضدهم لتبرئة المطعون ضده الرابع بغير حق -
غير أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب أو ترد عليه على الرغم من أهميته لتعلقه
بتحقيق الدعوى لإظهار الحقيقة فيها، وأقامت قضاها على أن محكمة المعارضة
الابتدائية قد أجرت تحقيقا في الجنحة المطلوب ضمها واستمعت إلى المطعون ضده الأول
باعتباره شاهدا في الاتهام الذى سبق أن وجهه الطاعن إلى المطعون ضدهما الثالثة
والرابع واطمأنت إلى صدق أقواله فقضت بالبراءة، وقد عاود إلى الإصرار على طلبه لدى
محكمة ثاني درجة ، بيد أنها قضت بحكمها المطعون فيه - بتأييد الحكم المستأنف،
لأسبابه ذاتها، مغفلة، ذلك الطلب.
وحيث إنه يبين من الأوراق
أن المدافع عن الطاعن طلب إلى كل من محكمتي أول وثاني درجة ضم ملف الجنحة رقم 3463
سنة 1972 قسم الرمل (1166 سنة 1973 س الإسكندرية) حيث جرى الإدلاء بالشهادة الأولى
والعدول عنها غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب وأقام الحكم المستأنف - المؤيد
لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قضاءه على أن محكمة المعارضة الابتدائية - قد أجرت
تحقيقا في الجنحة المطلوب ضمها، واستمعت إلى المتهم الأول الماثل - المطعون ضده
الأول - باعتباره شاهدا في الاتهام الذى سبق أن وجهه المدعى بالحقوق المدنية -
الطاعن - للمتهمين الثالثة والرابع - المطعون ضدهما الثالثة والرابع - والذى أشار
إليه المدعى في صحيفة اتهامه وقد اطمأنت إلى صدق أقوال هذا الشاهد وأصدرت على هذا
الأساس حكمها ببراءة هذين المتهمين فلو كان هناك أي إكراه على هذا الشاهد وقتئذ
وقبل سماعه ومناقشته أمام المحكمة لبادر إلى القول به سيما وأنه كان حر الإرادة أمام
المحكمة والمتهمين الثالثة والرابع ماثلين في موقف الاتهام، إلا أنه لم يفعل ذلك ولم
يقدم المدعى المدني الدليل على وجود هذا الإكراه.. بالإضافة إلى أن المحكمة لا
تطمئن إلى ما قرره المتهم الأول في محضر الشرطة المؤرخ 10/ 4/ 1973 والذي قدم
صورته المدعى بالحق المدني ... وإضافة إلى ما سبق فلم يمثل المتهم الأول بجلسة
المحاكمة رغم إعلانه قانونا لكي يدلى أمام المحكمة عن صحة هذا الإقرار ويوضح ماهية
الإكراه والرهبة التي كان واقعا تحتها أثناء ادلائه بشهادته أمام المحكمة. لما كان
ذلك، ولئن كان من المقرر وفق المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة
بالقانون رقم 37 لسنة 1972 أن القاضي الجنائي يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي
تكونت لديه بكامل حريته، إلا أنه محظور عليه أن يبنى حكمه على أي دليل لم يطرح
أمامه في الجلسة ... يستوى في ذلك أن يكون دليلا على الإدانة أو للبراءة، وذلك كي
يتسنى للخصوم الاطلاع عليه والإدلاء برأيهم فيه، ومن ثم فليس يجوز للمحكمة أن
تستند إلى شهادة شاهد في قضية أخرى دون أن تسمعها هي بنفسها، أو تكون هذه القضية -
بما فيها تلك الشهادة - مطروحة على بساط البحث بالجلسة ولو كانت بين نفس الخصوم.
لما كان ذلك، وكانت الحال في الدعوى الماثلة أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه
على شهادة المطعون ضده الأول في دعوى أخرى - هي دعوى السرقة والضرب - الذى استمسك
الطاعن بضم ملفها ولم تستجب له المحكمة، ولا هي سمعت بنفسها شهادة الشاهد مفسحة
السبيل لطرفي الدعوى لمناقشنها، وما كان يجوز لها الاستغناء عن سماع شهادته بذريعة
عدم مثوله بين يديها على الرغم من إعلانه، وقد كان عليها سلوك سبيل القانون لهذا
المثول ما دام ممكنا، أما وإنها لم تستجب لطلب الضم سالف الذكر ولم تستمع إلى
شهادة ذلك الشاهد بنفسها، وعولت في قضائها على قضاء في شأن تلك الشهادة في الدعوى
الأخرى المطلوب ضمها فإن قضاءها يكون معيبا مستوجب النقض والإعادة في شأن الدعوى
المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق