جلسة 6 من يوليه سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا وطه سيد قاسم وعبد الرحمن فهمي نواب رئيس المحكمة وفؤاد حسن.
-----------------
(95)
الطعن رقم 62464 لسنة 59 القضائية
(1) قتل خطأ. خطأ. مسئولية جنائية.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) قتل خطأ. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الخطأ". نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "الطعن للمرة الثانية". دعوى مدنية.
السرعة الموجبة للمسئولية الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ. هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه.
تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد. موضوعي.
مثال لحكم صادر في دعوى مدنية بالتعويض من محكمة النقض حال نظرها الدعوى في جريمة قتل خطأ.
2 - إن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح، وأن تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد هو مما يتعلق بموضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من ماديات الدعوى أن المتهم قاد السيارة بحالة ينجم عنها الخطر وكان يتعين عليه تهدئة سرعة السيارة عند قيامه بالدوران إلى الحد الذي يضمن معه الأمان أما وقد استمر في السرعة الزائدة رغم ذلك فهذا هو الخطأ بعينه، وكان الثابت مما سلف بيانه أو خطأ المتهم متصل بالحادث اتصال السبب بالمسبب بحيث لم يكن من المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ ومن ثم تتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي وقع. ومن حيث إنه بشأن الدعوى المدنية، فإنه متى كانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت الخطأ في حق المتهم، وكان هذا الخطأ قد سبب ضرراً للمدعيين بالحقوق المدعية يتمثل في فقدانهما ابنتهما المجني عليها مما يلتزم معه بتعويض هذا الضرر عملاً بنص المادة 163 من القانون المدني. ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن السيارة مرتكبة الحادث مملوكة لمحافظة....... وأن المتهم يعمل سائقاً عليها، وقد وقع الحادث حال تأديته وظيفته وبسببها، فإن المحافظة المذكورة تكون مسئولة عن الضرر الذي أحدثه تابعها بعمله غير المشروع وهو القتل الخطأ عملاً بنص المادة 174/ 2 من القانون المدني، وهو ما يتعين معه إلزام محافظ...... بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ التعويض المؤقت، مع إلزامه المصاريف المدنية عملاً بنص المادتين 320/ 1، 321 من قانون الإجراءات الجنائية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة السائق..... بمحافظة الشرقية بأنه (1) تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه وعدم إتباعه اللوائح والقرارات بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليها وأحدث إصابتها التي أودت بحياتها. 2 - قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. وادعى كل من...... و..... مدنياً قبل المتهم ومحافظ الشرقية بصفته بإلزامهما بأداء مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وأدخل محافظ الشرقية بصفته في الدعوى رئيس مجلس "إدارة شركة الشرق للتأمين بصفته للحكم عليه بما عسى أن يحكم به في الدعوى المدنية. ومحكمة جنح مركز..... قضت حضورياً اعتبارياً بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وفي الدعوى المدنية بإلزام المسئول عن الحقوق المدنية ورئيس مجلس إدارة الشرق للتأمين بصفته بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الأستاذ/ ....... بهيئة قضايا الدولة عن محافظ الشرقية بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة...... الابتدائية لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة بهيئة استئنافية أخرى قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد احكم المستأنف فطعن الأستاذ/ ..... بهيئة قضايا الدولة عن محافظ الشرقية بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية. في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وقضت تلك المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وحددت جلسة..... لنظر الموضوع.
المحكمة
من حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى المدنية بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية - وحددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الاستئناف المقام من المسئول عن الحقوق المدنية سبق الحكم بقبوله شكلاً.
وحيث إن الواقعة - على ما يبين من الاطلاع على أوراقها وما تم فيها من تحقيقات - تتحصل في أنه في حوالي الساعة الحادية عشر من صباح يوم...... وأثناء وقوف المجني عليها (....) مع والدتها (.....) أمام مستشفى....... بالزقازيق فوجئت بالسيارة (الميكروباص) قيادة المتهم (......) قادمة نحوها بسرعة كبيرة واستمر في ذات السرعة حال دورانه أمام المستشفى ولم يستعمل آلة التنبيه فصدم المجني عليها وأصيبت بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها.
ومن حيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد ثبت وقوعها وتوافر الأدلة على صحتها من أقوال.......، والتقرير الطبي الموقع على المجني عليها فقد قررت الشاهدة...... بتحقيقات الشرطة أنها في حوالي الساعة الحادية عشر من صباح يوم..... وأثناء وقوفها ومعها ابنتها المجني عليها أمام مستشفى........ بالزقازيق فوجئت بالمتهم قادماً نحوهما بالسيارة (الميكروباص) قيادته بسرعة كبيرة ولم يهدى من سرعته عند الدوران بها بل ظل مندفعاً بسرعته العالية صوب المجني عليها دون أن يستعمل آلة التنبيه فصدم المجني عليها صدمة أحدثت بها الإصابات التي أودت بحياتها. وبين التقرير الطبي الموقع على المجني عليها أنها مصابة بكسر في قاع الجمجمة مع نزيف بالمخ، وكسر بالضلوع والفك السفلي، وجرح قطعي أسفل الشفة اليمنى وكدمة بالظهر وبجدار البطن، وسبب الإصابات الاصطدام بجلسة صلب وسبب الوفاة صدمة عصبية شديدة ونزيف من المخ والأعضاء الداخلية أدى إلى هبوط حاد بالقلب والدورة الدموية.
ومن حيث إن...... و...... ادعيا مدنياً أمام محكمة أول درجة قبل المتهم ومحافظ الشرقية بصفته طالبين إلزامهما بدفع مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار التي أصابتهما من جراء قتل ابنتهما مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. كما قام محافظ الشرقية بصفته بإدخال رئيس مجلس إدارة شركة الشرق للتأمين بصفته في الدعوى - المؤمن على السيارة مرتكبة الحادث لديها - للحكم عليه بما عسى أن يقضى به في الدعوى المدنية.
ومن حيث إن المحكمة تطمئن إلى ما قررته...... من تصوير للواقعة قوامه أن المتهم كان يقود السيارة بسرعة كبيرة لم يخفضها عند قيامه بالدوران مما أدى إلى اصطدامه بالمجني عليها ونتج عن ذلك وفاتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، وأن السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ ليست لها حدود ثابتة وإنما هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح، وأن تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد هو مما يتعلق بموضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من ماديات الدعوى أن المتهم قاد السيارة بحالة ينجم عنها الخطر وكان يتعين عليه تهدئة سرعة السيارة عند قيامه بالدوران إلى الحد الذي يضمن معه الأمان أما وقد استمر في السرعة الزائدة رغم ذلك فهذا هو الخطأ بعينه، وكان الثابت مما سلف بيانه أن خطأ المتهم متصل بالحادث اتصال السبب بالمسبب بحيث لم يكن من المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ ومن ثم تتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي وقع.
ومن حيث إنه بشأن الدعوى المدنية، فإنه متى كانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت الخطأ في حق المتهم، وكان هذا الخطأ قد سبب ضرراً للمدعين بالحقوق المدعية يتمثل في فقدانها ابنتهما المجني عليها مما يلتزم معه بتعويض هذا الضرر عملاً بنص المادة 163 من القانون المدني.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن السيارة مرتكبة الحادث مملوكة لمحافظة الشرقية، وأن المتهم يعمل سائقاً عليها، وقد وقع الحادث حال تأديته وظيفته وبسببها، فإن المحافظة المذكورة تكون مسئولة عن الضرر الذي أحدثه تابعها بعمله غير المشروع وهو القتل الخطأ عملاً بنص المادة 174/ 2 من القانون المدني، وهو ما يتعين معه إلزام محافظ الشرقية بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ التعويض المؤقت، مع إلزامه المصاريف المدنية عملاً بنص المادتين 320/ 1، 321 من قانون الإجراءات الجنائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق