جلسة 22 من سبتمبر سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(107)
الطعن رقم 18750 لسنة 67 القضائية
(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. شرط ذلك؟
(2) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تجزئة اعتراف المتهم. حق لمحكمة الموضوع. حد ذلك: ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حالة الدفاع الشرعي لا يشترط لقيامها حصول اعتداء بالفعل على النفس أو المال. كفاية صدور فعل من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي.
الفعل المتخوف منه. لا يلزم فيه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته. كفاية أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره. ما دام للتخوف أسباب معقولة.
تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري. مناطه؟
إغفال الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن والمؤيد بمناظرة النيابة العامة لإصابته والتي ترشح لقيام حالة الدفاع الشرعي وإعراضه عن دلالة هذه الوقائع وإقساطها حقها إيراداً لها ورداً عليها. قصور.
(4) نقض "الطعن للمرة الثانية".
النقض لثاني مرة. يوجب تحديد جلسة لنظر الموضوع. أساس ذلك؟
2 - من حق محكمة الموضوع تجزئة اعتراف المتهم، إلا أن ذلك حده ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها.
3 - لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال، بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره، بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع الثابتة في التحقيق ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيراداً لها ورداً عليها، فإنه يكون قاصر البيان.
4 - إذ كان النقض لثاني مرة، فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها وأعد لذلك أداة راضة "منقرة" واستدرجها لحظيرة الماشية وما أن انفرد بها حتى انهال عليها ضرباً في رأسها مستخدماً الأداة سالفة البيان قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وأحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة الأداة المضبوطة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة.... قضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات شبين الكوم لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة الأداة المضبوطة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وألزمه بالتعويض قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لرد الاعتداء الواقع عليه من المجني عليهما بدلالة ما بجسمه من إصابة، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه، مغفلاً الإشارة إلى ظروف الواقعة واستمرار المجني عليها في الاعتداء بيديها على الطاعن وإصابتها له، بعد نزعه "المنقرة" منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض إلى الدفع الذي أبداه الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس ورد عليه بما نصه: "وأن ما أثاره الدفاع من أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي حين بادل المجني عليها الاعتداء فهو قول غير صحيح، ذلك أن الثابت للمحكمة من أقوال المتهم نفسه بتحقيقات النيابة العامة أن المجني عليها بعد أن أمسكت بالمنقرة ما لبثت أن تخلت عنها وأن تعتدي بها عليه وأن ما فعلته من ذلك هو تهديدها إياه بفضح أمره. ومن ثم فإن حالة الدفاع الشرعي المقال بها لا سند لها في الأوراق، وبذا تطرح المحكمة أوجه دفاع محامي المتهم ولا تعول عليها"، ولما كان الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه، ويؤدي منطقياً إلى ما انتهى إليه، كما أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع تجزئة اعتراف المتهم، إلا أن ذلك حده ألاَّ تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اعتمد في نفي حالة الدفاع الشرعي عن النفس على ما قرر به المتهم في تحقيق النيابة من أن المجني عليها تخلت عن "المنقرة" بعد إمساكها بها واقتصر اعتداؤها على تهديدها له بفضح علاقتهما غير المشروعة، في حين أن الثابت من أقوال الطاعن - في التحقيق المنوه عنه - أن المجني عليها أمسكت بشعره ووجه وخربشته فأحدث إصابة به - بعد أخذه المنقرة منها -، وقد أثبت وكيل النيابة المحقق - مصداقاً لما قال به الطاعن - أنه ناظره فوجد في أيسر وجهه سحجة طولية 3 سم تقريباً. وكان الحكم المطعون فيه قد اقتطع هذا الجزء الثابت من قول الطاعن وأهدر مناظرة النيابة لإصابته، برغم أنه جعل منها ركيزة لدفاعه، وكان لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال، بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره، بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق - حسبما تقدم البيان - ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيراداً لها ورداً عليها، فإنه يكون قاصر البيان واجب النقض دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن. ولما كان النقض لثاني مرة، فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق